أكدت إسرائيل الثلاثاء، أنها اغتالت هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل لزعيم حزب الله حسن نصر الله الذي اغتيل في هجوم إسرائيلي الشهر الماضي، على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

وقال الجيش إن صفي الدين اغتيل في ضربة نُفذت قبل ثلاثة أسابيع في الضاحية الجنوبية لبيروت، في أول تأكيد لموته. وأثارت إسرائيل في وقت سابق هذا الشهر احتمال اغتياله.

ولم يعلق حزب الله بعد على بيان إسرائيل بأنها اغتالت صفي الدين.

وتنفذ إسرائيل هجوما متصاعدا بعد اشتباكات حدودية على مدى عام مع حزب الله، الذي يعاني جراء موجة من عمليات اغتيال كبار قادته في ضربات جوية إسرائيلية. وهو أكثر الجماعات تسليحا من تلك المتحالفة مع إيران في الشرق الأوسط وتعمل دعما للفلسطينيين الذين يقاتلون إسرائيل في غزة.

صفي الدين هو ابن خالة نصر الله، وعين في مجلس الجهاد في حزب الله، الهيئة المسؤولة عن عملياته العسكرية، وفي مجلسه التنفيذي، للإشراف على شؤونه المالية والإدارية.

اضطلع صفي الدين بدور كبير سمح له بالتحدث باسم حزب الله خلال الأعمال القتالية مع إسرائيل على مدار العام الماضي، إذ كان يلقي خطابات في الجنازات وغيرها من الفعاليات التي لم يتمكن نصر الله من حضورها لفترة طويلة لأسباب أمنية.

وتستهدف الضربات الإسرائيلية جنوب لبنان وسهل البقاع الشرقي والضاحية الجنوبية لبيروت، وجميعها معاقل لحزب الله. ويحاول مقاتلو الجماعة صد التوغل البري الإسرائيلي.

ولم تظهر إسرائيل حتى الآن أي علامة على التراجع في حملتيها على غزة ولبنان حتى بعد اغتيال العديد من قادة حماس وحزب الله، الذي فقد نصر الله، أمينه العام القوي، في غارة جوية في 27 أيلول.

ويقول دبلوماسيون إن إسرائيل تهدف إلى تأمين موقف قوي قبل تولي إدارة أميركية جديدة السلطة بعد انتخابات الخامس من تشرين الثاني بين نائبة الرئيس كاملا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب.

بلينكن في جولة شرق أوسطية

جاء تأكيد إسرائيل على موت صفي الدين بينما حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء، على استغلال اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يحيى السنوار لإطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة وإنهاء الحرب هناك.

وبعد أن فشل محاولات متكررة للتوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أجرى بلينكن الزيارة الحادية عشرة له إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب غزة. وهي آخر محاولة قبل انتخابات رئاسية قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة.

ويبحث بلينكن أيضا سبل تهدئة الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، حيث استشهد ما لا يقل عن 18 شخصا، بينهم أربعة أطفال، وأصيب 60 آخرون في غارة جوية إسرائيلية قرب المستشفى الحكومي الرئيسي في بيروت الليلة الماضية.

وواجه بلينكن مهمة شاقة على الجبهتين.

وعبر بلينكن عن آمال الولايات المتحدة في أن يتيح اغتيال السنوار فرصة جديدة للسلام. وواجه السنوار اتهامات بتدبير هجوم السابع من أكتوبر 2023، على بلدات إسرائيلية والذي اندلعت على أثره الحرب في غزة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان "شدد الوزير على ضرورة استغلال التحرك الإسرائيلي الناجح بالاقتصاص من يحيى السنوار لإطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الصراع في غزة بطريقة توفر الأمن الدائم للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".

وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه إن القضاء على السنوار "قد يكون له تأثير إيجابي على عودة المحتجزين وتحقيق جميع أهداف الحرب واليوم التالي لها".

لكن لم ترد أي إشارة حتى الآن على وقف محتمل لإطلاق النار بعد مرور عام على الحرب تضررت خلاله قدرات حماس العسكرية إلى حد بعيد وتحولت غزة إلى أنقاض مع نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

ويرى حلفاء إسرائيل الغربيون أن اغتيال السنوار الأسبوع الماضي، يمثل انفراجة محتملة إذ إنه يسهّل على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة القول إن أهدافها قد تحققت في غزة.

لكن إسرائيل تؤكد أنها لن تتوقف عن القتال لحين القضاء تماما على قدرات حماس العسكرية والإدارية في غزة.

من جانبها، ترفض حماس إطلاق سراح عشرات المحتجزين، وذلك دون تعهد إسرائيلي بوقف الحرب والانسحاب من غزة.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية للصحفيين إن بلينكن أبلغ نتنياهو أيضا بأن على إسرائيل بذل مزيد من الجهود لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، مشيرا إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تعهدوا بتنفيذ ذلك.

لكن البيان الإسرائيلي عن الاجتماع لم يذكر أي شيء عن المساعدات الإنسانية.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، كتب بلينكن ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن رسالة إلى الزعماء الإسرائيليين طالبا فيها باتخاذ المزيد من الخطوات لتحسين الوضع الإنساني في غزة وإلا ستواجه إسرائيل قيودا محتملة على المساعدات العسكرية الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن ونتنياهو ناقشا أيضا سبل تنفيذ قرار أصدرته الأمم المتحدة في عام 2006 بعد حرب بين إسرائيل وحزب الله، والذي من شأنه استعادة الأمن والهدوء على امتداد الحدود الإسرائيلية اللبنانية والسماح للمدنيين على الجانبين بالعودة إلى منازلهم.

وبينما كان بلينكن يجتمع مع الزعماء الإسرائيليين، قال حزب الله إنه لن يجري مفاوضات في ظل استمرار القتال مع إسرائيل وأعلن مسؤوليته عن هجوم بطائرة مسيرة استهدف المنزل الذي يقضي فيه نتنياهو عطلاته السبت.

وقال نتنياهو في بيانه أيضا إن هناك حاجة لإحداث تغيير أمني ​​وسياسي في لبنان للسماح للإسرائيليين بالعودة بأمان إلى منازلهم بعد فراراهم منها بسبب صواريخ حزب الله.

وقال حزب الله إنه شن عشرات الهجمات على أهداف إسرائيلية الثلاثاء، منها مواقع تابعة للجيش الإسرائيلي بالقرب من حيفا وتل أبيب، مما يشير إلى أنه لا يزال يحتفظ بقدراته بعد أكبر هجوم إسرائيلي منذ عقود.

غارات جوية على بيروت

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء، إنه شعر "بالفزع" جراء الهجوم الإسرائيلي بالقرب من مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت الليلة الماضية.

وقال مدير المستشفى جهاد سعادة إن المنشأة تعرضت لأضرار بسبب تطاير حطام الصواريخ على الأرجح. وأضاف أن الجهود مستمرة لإنقاذ الأشخاص أمام المستشفى، مشيرا إلى عدم وقوع إصابات بين العاملين.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم يستهدف المستشفى خلال هجومه العنيف الليلة الماضية على الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان.

واستمرت الضربات الإسرائيلية على أنحاء لبنان الثلاثاء، وتسببت إحداها في انهيار مبنى متعدد الطوابق بالقرب من وسط بيروت.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نائب قائد كتيبة في الجيش الإسرائيلي قُتل في معركة بجنوب لبنان.

وقالت الحكومة اللبنانية الثلاثاء، إن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى نزوح ما لا يقل عن 1.2 مليون لبناني واستشهاد 2530 شخصا، من بينهم 63 على الأقل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضي.

وقال ناصر ياسين، وزير البيئة ورئيس اللجنة الوطنية للطوارئ في لبنان، لرويترز الثلاثاء، إن بلده يحتاج إلى 250 مليون دولار شهريا على الأقل لدعم النازحين.

وامتد الصراع من غزة إلى لبنان الشهر الماضي، بعد أن شنت إسرائيل حملة برية وكثفت غاراتها الجوية على جماعة حزب الله التي تطلق النار عبر الحدود منذ عام دعما لحماس.

وتأتي زيارة بلينكن إلى إسرائيل في مستهل جولة بالشرق الأوسط تستغرق أسبوعا وتتضمن السعودية وقطر.

وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية تأجيل زيارة بلينكن التي كانت مقررة للمملكة الأربعاء دون إبداء أسباب.

رويترز