طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر المساعدة في توفير "الطعام" و"العلاج الطبي" للمحتجزين الإسرائيليين في غزة، فيما طالبت حماس في المقابل بفتح "ممرات إنسانية" في القطاع المنكوب الذي شهد استشهاد 31 شخصا.

وأظهرت ثلاثة فيديوهات بثتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي لروم براسلافسكي وإفياتار دافيد، نحيلين ومتعبين، الأمر الذي أثار ضجّة في الشارع الإسرائيلي وأجّج الدعوات لضرورة التوصّل إلى اتفاق في أسرع وقت للإفراج عن المحتجزين.

وأكدت الحركتان في مقاطع الفيديو أن الغرض منها تسليط الضوء على الوضع الإنساني الحالي في غزة المهدّدة بـ"مجاعة معمّمة" بحسب الأمم المتحدة.

واحتشد عشرات آلاف الأشخاص مساء السبت، في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين ودعما لعائلاتهم.

وأعرب نتنياهو في بيان عن "صدمة عميقة" من المشاهد الأخيرة للمحتجزين.

كما أفادت رئاسة الوزراء في بيان بأن "نتنياهو تحدث مع رئيس بعثة اللجنة الدولية (للصليب الأحمر) في منطقتنا (إسرائيل والأراضي الفلسطينية) جوليان لاريسون" و"طلب منه تأمين الطعام لرهائننا وتأمين علاج طبي فوري لهم".

وأعربت بعثة الصليب الأحمر عبر منصة إكس عن "انزعاجها" من المقاطع الأخيرة، مؤكدة أن "هذا الوضع الكارثي يجب أن ينتهي". ورفضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التعليق على الفور.

من جانبها، أبدت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس "استعدادها للتعامل بإيجابية التجاوب مع أيّ طلب للصليب الأحمر بإدخال أطعمة وأدوية لأسرى العدو" ولكن شرط "فتح الممرات الإنسانية بشكل طبيعي ودائم لمرور الغذاء والدواء لعموم أبناء شعبنا" في القطاع.

"لن يحصلوا على امتياز خاص"

وشدد المتحدث باسم الكتائب أبو عبيدة على أن القسام "لا تتعمد تجويع الأسرى (الإسرائيليين)"، لافتا الى أن المحتجزين الإسرائيليين الأحياء "يأكلون مما يأكل منه مجاهدونا وعموم أبناء شعبنا، ولن يحصلوا على امتياز خاص في ظل جريمة التجويع والحصار".

وكانت مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس نددت الأحد بـ"الصور المروعة" للمحتجزين، مطالبة بالإفراج "الفوري" عن الجميع في غزة، مع تشديدها على ضرورة "السماح بوصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع للمحتاجين" في القطاع الفلسطيني.

كما ندد المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالمشاهد "المروعة"، داعيا في الآن نفسه إسرائيل إلى مواصلة السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وسلّطت الصحف الإسرائيلية الضوء على وضع المحتجزين على صفحاتها الأولى الأحد.

ووصفت صحيفة معاريف الوضع بـ"الجحيم في غزة"، فيما نشرت يديعوت أحرونوت صورة لإفياتار دافيد مع تعليق "هزيل، نحيل، ويائس"، بينما قالت صحيفة هآرتس اليسارية إن "نتنياهو لا يستعجل" إنقاذ المحتجزين.

ويُعد بريسلافسكي ودافيد من بين 49 ما زالوا محتجزين في غزة منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023.

ضحايا النيران والجوع

في الأثناء، استشهد 31 فلسطينيا على الأقل وأصيب العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في القطاع الأحد، بينهم 20 أثناء انتظار المساعدات، على ما أعلن الدفاع المدني في غزة.

وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل إنه أحصى "تسعة شهداء وعشرات المصابين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز المساعدات في شمال غرب رفح" وقد نقلوا إلى مستشفى ناصر في خان يونس. كما تمّ نقل "خمسة شهداء قرب مركز المساعدات قرب جسر وادي غزة" في وسط القطاع.

كما استشهد ستة أشخاص من منتظري المساعدات بنيران الجيش قرب مفترق موراغ في رفح (جنوب) حيث كانوا ينتظرون مع مئات آخرين وصول شاحنات تدخل القطاع من معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، بحسب المصدر ذاته.

واستشهد 11 شخصا على الأقل في ضربات إسرائيلية على أنحاء عدة من القطاع.

من بين الشهداء موظف في الهلال الأحمر الفلسطيني الذي أعلن تعرض مقره في خان يونس لغارة إسرائيلية، وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها "شعرت بالفزع" وطالبت بـ"احترام" و"حماية" العاملين في المجال الإنساني.

وبحسب شهود عيان، أطلق جنود إسرائيليون النار باتجاه مئات الأشخاص الذين اقتربوا من نقطة حراسة عسكرية قرب بوابة مركز مساعدات في شمال غرب رفح بجنوب القطاع.

وقال جبر الشاعر (31 عاما) إن الجنود أطلقوا النار "على الناس، أنا كنت هناك. لم يشكل أحد أي خطر على الجنود. إنهم فقط يريدون القتل، هم (الجنود) يعرفون أننا نريد مساعدات غذائية لنطعم أطفالنا".

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على ذلك.

وأعلن مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الجمعة، أن 1373 فلسطينيا استشهدوا منذ 27 مايو، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء انتظارهم المساعدات.

على صعيد متصل، أفادت وزارة الصحة في غزة عن تسجيل 6 حالات وفاة جديدة "نتيجة المجاعة وسوء التغذية، جميعهم من البالغين"، لافتة الى أن ذلك يرفع الى "175 بينهم 93 طفلا" عدد الذين لقوا حتفهم بسبب الجوع.

وتفيد وكالات تابعة للأمم المتحدة وهيئات إغاثة ومحللون بأن معظم المساعدات التي تسمح إسرائيل بدخولها يتم نهبها من قبل عصابات أو الاستيلاء عليها بطرق أخرى وسط الفوضى، بدون أن تصل إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.

بن غفير في الأقصى

من جانبه، دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى احتلال "كامل" غزة وإعلان السيادة الإسرائيلية على القطاع ردّا على فيديوهات المحتجزين الاسرائيليين.

وقال بن غفير الذي دخل باحات المسجد الأقصى بمعية مستوطنين "يجب أن نوجه رسالة واضحة: يجب احتلال كامل قطاع غزة، إعلان السيادة الإسرائيلية على كامل القطاع".

وفي سياق متّصل، شدد مكتب نتنياهو في بيان على أن "سياسة إسرائيل في الحفاظ على الوضع القائم" في الحرم القدسي "لم تتغير وستظل كما هي".

أ ف ب