ترأس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ووزيرة الخارجية السويدية ماريا ستينرجارد، الاجتماع الوزاري الذي نظمه الأردن والسويد، الخميس، لحشد الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، وذلك على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال الصفدي خلال كلمة له في الاجتماع "لا يمكن التشكيك في أهمية دور الأنروا، ولا يمكن إنكار أنه لا يمكن استبدالها، لأن ذلك يعني التشكيك في حق الأطفال الفلسطينيين في الغذاء، والمأوى، والتعليم، والأمل، ولم يسبق أن كانت هناك حاجة للأنروا أكثر من الكارثة الواقعة في غزة التي تتكشف يومًا بعد يوم".

وأشار الصفدي إلى أن الأنروا قدمت التضحية الأكبر، إذ قُتل 224 من موظفيها على يد إسرائيل في هذه الحرب، واستضافت ملاجئها 1.9 مليون فلسطيني ممن فقدوا منازلهم وأحيائهم جراء العدوان الإسرائيلي، إضافة إلى أن معظم المدارس التابعة للأنروا تعرضت للتدمير، كما أن المدارس التي لا تزال قائمة تأوي أطفالًا ونساءً فلسطينيين قُتلوا جراء قنابل إسرائيل وحرموا من المياه، والغذاء، والأدوية.

كما قال الصفدي" نحتاج إلى الأنروا، لأنه لا أحد يمكنه مساعدة الفلسطينيين في غزة أكثر من الأنروا الآن"، مؤكداً الحاجة للدعم الذي تقدمه الأنروا للمنتفعين من خدماتها الحيوية للحصول على قطرة ماء، أو حبة دواء.

وأضاف الصفدي أن الأنروا كانت هدفًا للاغتيال السياسي من قبل إسرائيل منذ فترة طويلة قبل 7 من تشرين الأول الماضي، مبيناً أن "مأساة اللاجئين الفلسطينيين بدأت قبل عقود، وطوال تلك السنوات، كانت الأنروا موجودة لدعم اللاجئين الفلسطينيين الذين يحتاجونها، وهي قصة من التضحية الإنسانية والدعم الذي تحمله الفلسطينيون على مدى أكثر من 70 عامًا من المعاناة".

وشدد الصفدي على أن إسرائيل لا تريد للأنروا أن تستمر ليس فقط بسبب ما يحدث في غزة الآن، بل لأنها تريد قتل أمل الشعب الفلسطيني في معالجة قضية اللاجئين، مؤكداً أن الأنروا مرتبطة بالحق غير القابل للتصرف للاجئين الفلسطينيين المنصوص عليه في القانون الدولي، وفي قرارات الجمعية العامة، لتحقيق العدالة لهم من خلال تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن حقهم في العودة والتعويض.

وطالب الصفدي بأن تتحول إرادة المجتمع الدولي التي جددت تفويض الأنروا بأغلبية عظمى إلى إجراءات عملية ودعم عملي لحمايتها، ودعمها سياسيًا وماليًا، قائلاً " كل دولار يُرسل إلى الأنروا يعني إنقاذ حياة".

واختتم الصفدي كلمته بالقول "يجب الوقوف إلى جانب العدالة، ودعم الأنروا، ودعم ملايين الفلسطينيين الذين لن يحصلوا بدون الأنروا على فرصة للحياة الكريمة فحسب، بل قد لا يحصل العديد منهم على فرصة للحياة في هذه الظروف المروعة حيث يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة بلا هوادة".

بدروها، أكدت وزيرة الخارجية السويدية ماريا ستينرجارد أهمية أن يبذل المجتمع الدولي المزيد لتحسين الأمن للعاملين في المجال الإنساني، وزيادة الوصول الإنساني لضمان وصول المساعدات إلى جميع مناطق غزة، مع التأكيد على ضرورة الاستمرار في الدعوة إلى تنفيذ خارطة طريق شاملة لوقف إطلاق النار بشكل فوري في غزة، والتي تزداد الحاجة إليه بشكل ملح.

وقالت ستينرجارد "في ضوء الوضع الصعب الذي يعاني منه اللاجئون الفلسطينيون، يبقى النقص في تمويل الأنروا مصدر قلق كبير، ونرحب بالدعم من العديد من المانحين الجدد والمتكررين منذ تشرين الأول من العام الماضي، كما يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لتحقيق تمويل كافٍ وقابل للتنبؤ ومستدام للوكالة، بما في ذلك توسيع قاعدة المانحين."

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إن الأنروا تواصل عملها رغم الظروف الكارثية، الأمر الذي يُعبر عن صمود النساء والرجال العاملين في الوكالة، مشيراً إلى أن جميع المانحين قد عاودوا تقديم تمويلهم للأنروا، و123 دولة وقعت على الإعلان المشترك لدعمها، مما يؤكد على الإجماع حول أهمية دور الأنروا في الضفة الغربية المحتلة والمنطقة بأكملها.

وأكد غوتيرش أن الأنروا ليست حلاً طويل الأمد لمحنة اللاجئين الفلسطينيين، ويجب الاستمرار في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتنفيذ صفقة تبادل، وإطلاق حل سياسي طويل الأمد ينهي الاحتلال، ويؤدي إلى قيام دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمن.

وطالب المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) فيليب لازاريني بحماية دور الأنروا في غزة، ووقف إطلاق النار في القطاع، مؤكداً رفضه للمحاولات الرامية إلى تشويه سمعة الأنروا وإنهاء عملياتها، التي لا تهدد اللاجئين الفلسطينيين فقط، بل تهدد النظام متعدد الأطراف، وتهدد الحل السياسي في المستقبل.

وأشار لازاريني إلى أن الأنروا تحتاج إلى نموذج تمويل مستدام، إذ أن عملياتها مؤمّنة حتى نهاية الشهر المقبل مع عجز يبلغ 80 مليون دولار لعامي 2024 و2025، مؤكداً أن مستقبل الوكالة يبقى غير مؤكد بشكل كبير، في ظل تعليق تمويل كبير من بعض الدول المانحة الرئيسية.

وشارك في الاجتماع وزراء خارجية 42 دولة و 8 رؤوساء لمنظمات أممية، أكدوا في مداخلاتهم على مواقف دولهم الداعمة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، في استمرار تقديم خدماتها الحيوية وفق تكليفها الأممي.

وشددوا على ضرورة تقديم الدعم المالي والسياسي للأنروا، لتمكينها من القيام بمهامها، وعبروا عن رفضهم للإجراءات الإسرائيلية التي تقوض عمل الوكالة وتستهدف استمرارها في تقديم خدماتها لأكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس.

المملكة