بدأ الرئيس الصيني شي جينبينغ الأربعاء، زيارة للسعودية هي الأولى له منذ 2016 إلى أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، ويُتوقّع أن تتركّز على تعزيز التقارب الاقتصادي والدبلوماسي بين العملاق الآسيوي والدول العربية.
وأعلن الإعلام الرسمي الصيني ثم السعودي وصول شي إلى الرياض. وكان في استقباله في مطار الملك خالد الدولي، بحسب وكالة الأنباء السعودية، أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله.
وسيعقد الرئيس الصيني خلال الزيارة التي تستمر حتى الجمعة، لقاءات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على أن يشارك أيضا في قمتين خليجية-صينية وعربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية الأربعاء، إن البرنامج يمثّل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
ورُفعت الأعلام الصينية والسعودية على الطرق في العاصمة الرياض، وكذلك أعلام الدول العربية خارج مركز المؤتمرات، حيث من المتوقع عقد بعض الاجتماعات. كما نشرت صور الرئيس الصيني في الصفحات الأولى من الصحف السعودية والتي سلطت الضوء على الفوائد الاقتصادية المحتملة للزيارة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن المملكة العربية استحوذت على أكثر من 20% من الاستثمارات الصينية في العالم العربي بين عامي 2005 و2020، مما يجعلها أكبر دولة عربية تستقبل استثمارات صينية خلال تلك الفترة.
ويقول المحلّل السعودي علي الشهابي، إن الزيارة تعكس "علاقات أعمق تطوّرت في السنوات الأخيرة" بين البلدين. ويتابع "الصين بصفتها أكبر مستورد للنفط السعودي، شريك مهم للغاية والعلاقات العسكرية تتطوّر بقوة"، مضيفا أنه يتوقع "توقيع عدد من الاتفاقات".
تعزيز العلاقات
بحسب وكالة الأنباء السعودية، تأتي الزيارة بدعوةٍ من الملك سلمان، "وتعزيزاً للعلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين الشعبية".
وخلال القمتين مع الزعماء العرب، ستُناقش "سبل تعزيز العلاقات المشتركة في كافة المجالات، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي"، وذلك "انطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية" مع الصين، وفقا للوكالة.
وأعلنت الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن القمة الخليجية-الصينية ستعقد الجمعة، فيما أكدّ الأمين العام للمجلس نايف الحجرف في بيان على "أهمية العلاقات الخليجية - الصينية، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون".
والسعودية هي أكبر مصدّر للنفط في العالم والصين هي أكبر مستورد للخام، وتشتري ما يقرب من ربع الشحنات السعودية.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في آذار/مارس، أن الرياض تدرس تسعير بعض عقودها النفطية باليوان بعد تداولها حصريًا بالدولار لعقود. لكن رئيس شركة "أرامكو" وصف التقرير بأنه عبارة عن "تكهنات".
وكان الرئيس الصيني الذي ثبّته الحزب الشيوعي الصيني في تشرين الأول/أكتوبر الماضي في منصبه لفترة ثالثة كأمين عام له، زار السعودية عام 2016. وزار ولي العهد السعودي الصين والتقى الرئيس الصيني في جولة آسيوية في عام 2019، قبل عام من انتشار جائحة كورونا.
توترات مع واشنطن
وتأتي الزيارة بينما تشهد العلاقات السعودية الأميركية توترا إثر قرار المملكة العربية خفض إنتاج النفط من خلال تحالف "أوبك بلاس". واعتبر البيت الأبيض قرار الكارتل النفطي الذي تقوده السعودية اصطفافا إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو أمر رفضته السعودية، معتبرة أن ما يمليه هو حركة السوق فقط.
واختارت المجموعة التي تضمّ السعودية وروسيا الأحد، الإبقاء على مستويات خفض الإنتاج نفسها.
واتفقت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي الجمعة، على حدّ أقصى لسعر برميل النفط الروسي قدره 60 دولارًا في محاولة لحرمان الكرملين من موارد حرب، ما أثار مزيدًا من عدم اليقين.
ويقول توربورن سولتفات من مؤسسة "فيريسك مابليكروفت" الاستشارية، إنه "من المحتمل أن يكون النفط على رأس جدول الأعمال أكثر مما كان عليه عندما زار بايدن" المملكة، مضيفا "هذان هما اللاعبان الأكثر أهمية في سوق النفط".
وبعيدًا عن الطاقة، يتوقّع محللون أن يناقش قادة البلدين الصفقات المحتملة التي يمكن أن تشهد انخراط الشركات الصينية بشكل أعمق في المشاريع الضخمة التي تعتبر محورية في رؤية الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط.
وتشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية بقيمة 500 مليار دولار.
مع ذلك، فإنّ تبني علاقات أوثق مع الصين لا يعني أن المملكة العربية السعودية تريد خفض مستوى شراكتها مع الولايات المتحدة.
فحتى في ذروة التصريحات الصاخبة حول خفض إنتاج النفط في تشرين الأول/أكتوبر، حين تحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن عن "عواقب"، شدّد المسؤولون السعوديون على أهمية علاقاتهم مع واشنطن.
ويقول المحللون إنه في الوقت الذي تتعاون فيه الصين والسعودية في مبيعات الأسلحة وإنتاجها، لا تستطيع بكين توفير الضمانات الأمنية التي دعمت الشراكة الأميركية السعودية منذ بدايتها في نهاية الحرب العالمية الثانية.
أ ف ب