نشرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، الجمعة، مقابلةً مع جلالة الملك عبدالله الثاني، تناولت آخر المستجدات المتعلقة بالشرق الأوسط وجائحة كورونا.
فيما يلي نصّها:
دير شبيغل: صاحب الجلالة، كيف يحكُم ملكٌ خلال فترة الإغلاق؟
جلالة الملك: ألتزم بقواعد التباعد الاجتماعي، لكنني أتنقل من الشمال إلى الجنوب، وأقوم بزيارات للأجهزة الأمنية، وأسعى لرفع معنويات شعبي، ولم تسجل أية حالات جديدة لمدة ثمانية أيام متواصلة الأسبوع الماضي، لقد تمكّنا من السيطرة بسرعة على انتشار الفيروس.
دير شبيغل: ما الذي فعلتموه بطريقة أفضل من الآخرين؟
جلالة الملك: بتقديري، لن تحصل أية دولة في العالم على العلامة الكاملة في إدارة الأزمة، (أما في الأردن) الحكومة قامت بإغلاق البلاد في وقتٍ مبكرٍ، وتم عزل جميع الذين دخلوا إلى الأردن مباشرةً عبر المطار في فنادق، وفي الوقت ذاته، وجدنا أنفسنا في وضع يسمح لنا بمساعدة الآخرين حول العالم.
دير شبيغل: ما هي تداعيات انتشار الفيروس على السياسة العالمية؟
جلالة الملك: التداعيات تجلبُ واقعاَ جديداَ يتسم بعدم اليقين، الصحة والأمن الغذائي أصبحا على رأس الأولويات، فمثلا؛ أوروبا لديها أراض زراعية خصبة، وستعمل على تخزين المؤن الغذائية لديها، وهذا قرار مفهوم، ونحن أيضاً بدأنا بالاستثمار بشكل كبير في تخزين القمح، ولدينا مخزون يكفي لعام ونصف العام بشكل مريح، ولكن ماذا بعد؟ في مناطق كثيرة حول العالم، سيكون خطر الموت جوعاً أكبر من خطر الفيروس نفسه.
دير شبيغل: هناك مليونا لاجئ في الأردن، كما كان العديد من المواطنين يواجهون الفقر قبل الأزمة، هل هناك خشية من احتجاجات ناجمة عن الغلق؟
جلالة الملك: نحن جميعاً في العالم تحت ضغوطات اقتصادية، وفي الأردن يتلقى اللاجئون نفس الخدمات التعليمية والصحية التي يتلقاها المواطنون، وهذا بالطبع تحدٍ.
عمال المياومة هم الأكثر تضرراً، فكيف يمكننا تأمين دخل لهؤلاء الأشخاص إذا ما كان علينا إبقاء الشركات مغلقة في الوقت نفسه؟ الجيش والشرطة يقومان بإيصال الغذاء والدواء للمناطق السكنية، ولكن سيكون لدينا ركود اقتصادي لمدة عامين، إذن، سرعة تعافينا في 2020 و2021 تعتمد على إعادة فتح القطاعات بطريقة ذكية.
دير شبيغل: ما هو المخرج من هذه الأزمة؟
جلالة الملك: العالم الآن ليس مثلما كان عليه قبل جائحة كورونا، علينا جميعاً أن ننظر إلى بعضنا البعض بنظرة مختلفة، فمثلا؛ هناك اتفاقيات للتكامل التجاري بين الساحلين الغربي والشرقي في الولايات المتحدة حتى تمكّن الولايات من تغطية احتياجاتها من السلع، فما نحتاجه هو ترتيب مماثل على المستوى العالمي.
دير شبيغل: يحيط بالأردن، في الواقع، عدد من الدول التي تعادي بعضها بعضاً، كما يخطط الكنيست خلال الأسابيع القليلة المقبلة لمناقشة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط، والتي تتضمن قيام إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، ما الذي قد يترتّب على الأردن إن تم تنفيذ خطة ترمب للشرق الأوسط؟
جلالة الملك: هل التوقيت مناسب فعلاً لمناقشة ما إذا أردنا حلّ الدولة الواحدة أو حل الدولتين لفلسطين وإسرائيل، ونحن في خضمّ المعركة ضد جائحة كورونا؟ أم هل ينبغي علينا أن نناقش كيف بإمكاننا مكافحة هذا الوباء؟ حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيمكننا من المضي قدما.
دير شبيغل: هناك من السياسيين، كرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من يريد استغلال الفرصة التي هيأها ترمب للاستحواذ على أجزاء كبيرة من فلسطين.
جلالة الملك: القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة لا يعلمون تبعاته، ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة. وإذا ما ضمّت إسرائيل بالفعل أجزاءً من الضفة الغربية في تموز، فإن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية.
دير شبيغل: هل ستعلّق العمل بمعاهدة السلام مع إسرائيل؟
جلالة الملك: لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات. ونحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يطبّق في الشرق الأوسط.
دير شبيغل: يبدو أن الحرب على إيران الآن أكثر أهمية لقادة الخليج من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، هل تشعر بالخذلان؟
جلالة الملك: لقد واجه الأردن التحديات من قبل، لكن دعوني أكون منصفاً بحق أخي العزيز سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي وآخرين؛ فإن حلّ الدولة الواحدة ما زال مرفوضاً بشدة في اجتماعات جامعة الدول العربية. وعندما طُرٍحَت خطة حل الدولة الواحدة قبل ستة أو سبعة أشهر، رفضها أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأكدّ وقوف السعودية مع الدولة الفلسطينية.
دير شبيغل: تعد ألمانيا ثاني أكبر دولة داعمة للأردن بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ماذا تتوقع من برلين؟
جلالة الملك: أعرف المستشارة ميركل منذ زمن طويل، والعلاقات الأردنية الألمانية في أعلى مستوياتها الآن، تربطنا علاقة عمل ممتازة، بما في ذلك التعاون العسكري والأمني، إن ألمانيا تدرك تماماً القرار السليم بشأن القضية الفلسطينية، ونحن حلفاء وأصدقاء فيما يتعلق بهذه القضية ونمضي إلى الأمام.
المملكة