اجتمع مبرمجون من أنحاء العالم في السعودية هذا الأسبوع للعمل على ابتكار حلول تكنولوجية متقدمة للعوائق التي عادة ما يشهدها موسم الحج، ضمن مسابقة برمجة ماراثونية، "هاكاثون الحج"، نظمت بالتزامن مع بدء توافد الحجاج إلى المملكة.

ويتنافس آلاف المبرمجين المتخصصين والطلاب لساعات طويلة في قاعة في مدينة جدة الساحلية غرب المملكة، ضمن فاعليات أول "هاكاثون" سعودي، قبل نحو أسبوعين من بدء مراسم الحج التي يتوقع أن يشارك فيها أكثر من مليوني شخص.

و"هاكاثون" عادة ما يكون عبارة عن تجمع للمبرمجين لتصميم برامج جديدة أو مناقشة مسائل تتعلق بالبرمجة.

ويمثّل موسم الحج تحديا لوجستيا ضخما للسلطات السعودية، وسبق أن شهد موسم الحج في الماضي حوادث مميتة.

ومن هذا المنطلق، انكبّ المبرمجون في جدة طوال 36 ساعة ومن دون توقف على حل معضلة رئيسية من خلال توظيف التكنولوجيا: كيفية تفادي حوادث مميتة في المستقبل.

وعملت مجموعة مؤلفة من 5 شابات منقبات من السعودية واليمن وإريتريا على تصميم تطبيق يتيح للمسعفين سرعة الوصول إلى الأشخاص الذي يحتاجون إلى مساعدة طبية عبر استخدام تكنولوجيا التعقب الجغرافي.

وتقوم فكرة التطبيق على إعطاء الأولوية للحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية أكثر من الآخرين.

وقام 4 طلاب ببرمجة تطبيق هو عبارة عن "مقود افتراضي" يساعد حامله على تحديد موقع أقربائه المفقودين، مستعينا بسوار يعمل بتقنية "بلوتوث".

كما صمّم 4 رجال سعوديون جهاز استشعار ينذر عمّال النظافة عندما تمتلئ أكياس النفايات.

 كما استخدمت نساء سعوديات رموز برمجة وحلولا حسابية متقدمة من أجل تصميم تطبيق يساعد الحجاج الذين لا يتحدثون اللغة العربية على ترجمة التعليمات إلى عدد من اللغات من دون الحاجة إلى خدمة الإنترنت.

مشاركة قياسية

ومع مشاركة نحو ثلاثة آلاف مبرمج لم يغادروا قاعة المسابقة طوال مدتها، قال المنظمون إن السعودية نجحت في دخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية كصاحبة أكبر عدد من المشاركين في "هاكاثون".

ووزّعت على المشاركين الفائزين جوائز بلغت قيمتها نحو مليوني ريال سعودي (حوالي 533 ألف دولار).

وقالت نوف الراكان المديرة التنفيذية للاتحاد السعودي للأمن السيبراني الذي نظم الفاعلية "هدفنا تطوير تجربة الحجاج من كل أنحاء العالم".

وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس "هذا (التجمع) يغني تجربتهم ويمنحنا الكثير من الأفكار والحلول التي يمكن أن نعتمدها ونستثمر فيها".

وأدّت حوادث وقعت في السنوات الماضية إلى انتقادات وجهت إلى المملكة وخصوصا من إيران، الخصم الأكبر للسعودية في الشرق الأوسط.

ففي سبتمبر 2015، قتل نحو 2300 شخص في حادث تدافع، بينهم مئات الإيرانيين، في أسوأ حادثة في تاريخ مواسم الحج. وفي الشهر ذاته قتل نحو 100 شخص عندما وقعت آلة رافعة في الحرم المكي.

ويقول كريتسيان اولريشسان الباحث في معهد "بيكر" الأميركي إن "السلطات السعودية تواقة لتفادي حوادث الماضي التي قد تؤثر سلبا، لو تكررت، على فكرة ترسيخ مفهوم الحداثة المرتبط بولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

وتهدف "رؤية 2030" التي طرحها الأمير محمد على وقف ارتهان الاقتصاد السعودي، الأكبر في المنطقة العربية، للنفط عبر تنويع مصادره وبينها تعزيز السياحة الدينية عبر استقطاب ستة ملايين حاج خلال موسم الحج و30 مليون معتمر على مدى العام.

وفي أكتوبر الماضي، أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركتين لتطوير البنية التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تمهيدا لاستقطاب أعداد أكبر من الحجاج والمعتمرين.

ومر موسم الحج العام الماضي من دون حوادث كبرى، إلا أن الأزمة مع قطر ألقت بظلالها على الحدث الديني السنوي إذ تبادلت السعودية والإمارة الصغيرة الاتهامات بتسييس المناسك.

والعلاقات مقطوعة بين الدولتين الخليجيتين منذ يونيو 2017 على خلفية اتهام الرياض وعواصم حليفة أخرى لها، الدوحة بدعم "الإرهاب"، وهو ما تنفيه قطر.

وقال اولريشسان إن موسم الحج هذا العام "أكثر حساسية في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة".

المملكة + أ ف ب