أكّد وزير الصحة إبراهيم أهمية تعزيز الجاهزية الوطنية للأوبئة في المملكة، بوصفها التزاماً وطنياً راسخاً يهدف إلى حماية الصحة العامة وتعزيز الأمن الصحي وبناء منظومة صحية متكاملة قادرة على الاستجابة بكفاءة وفاعلية للتحديات الصحية الراهنة والمستقبلية.

جاء ذلك خلال رعايته الأحد حفل إطلاق وزارة الصحة برنامج تعزيز الجاهزية للأوبئة في الأردن، الذي يُنفّذ بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). ويُعدّ البرنامج مبادرة وطنية استراتيجية تهدف إلى رفع قدرات المملكة في مجالات الوقاية والاستعداد والاستجابة للأوبئة المستقبلية، انسجاماً مع نهج "الصحة الواحدة" الذي يعزز التكامل بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة.

وأوضح الوزير أن إطلاق البرنامج يجسّد نهجاً تشاركياً يقوم على التكامل المؤسسي بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبالتعاون مع المؤسسات الدولية الداعمة، مؤكداً أن توحيد الجهود الوطنية والدولية يشكّل ركيزة أساسية في مواجهة المخاطر الصحية العابرة للحدود، وترسيخ مفاهيم التأهب والاستعداد المبكر.

وأشار إلى أن التحولات الصحية المتسارعة التي يشهدها العالم تفرض تعزيز الجاهزية المسبقة باعتبارها ضرورة وطنية ومسؤولية سيادية مشتركة، لافتاً إلى أن التجارب الحديثة على المستويات المختلفة أثبتت أن الاكتشاف المبكر للأخطار الصحية، والاستجابة السريعة والمنسقة لها، يشكلان الأساس في حماية الأمن الصحي الوطني وضمان استدامة الأنظمة الصحية.

وبيّن البدور أن البرنامج يمثل نقلة نوعية في تعزيز منظومة الجاهزية الوطنية للأوبئة في الأردن، من خلال سد الفجوات القائمة، وتعزيز التكامل بين القطاعات المعنية، والارتقاء بقدرات الوقاية والترصد والاستجابة، بالاستناد إلى ثلاثة محاور رئيسة تشمل تطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز القدرات المخبرية البشرية والبيطرية، والاستثمار في رأس المال البشري ضمن إطار نهج "الصحة الواحدة".

وثمّن الوزير الشراكة الاستراتيجية مع المنظمات الدولية، مؤكداً في الوقت ذاته الدور المحوري الذي تضطلع به الجهات الوطنية في تنفيذ البرنامج. وشدد على أن تحقيق أهدافه يتطلب التزاماً مؤسسياً واضحاً، وتنسيقاً عالياً بين مختلف الأطراف، ضمن إطار من الحوكمة الرشيدة، وبما ينسجم مع الأولويات الوطنية.

من جهتها، أعربت ممثلة مكتب منظمة الصحة العالمية في الأردن إيمان الشنقيطي عن أهمية الشراكة للوصول إلى أنظمة صحية أكثر منعة وقوة، وقالت: "يعدّ مشروع صندوق الجوائح أحد أمثلة العمل الجماعي الذي يعبر عن التزامنا المشترك بحماية الأرواح وسبل العيش حيث تسهم هذه الأنشطة في تعزيز قوة أنظمتنا الصحية مما يجعلها أكثر استدامة وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية. هذا المشروع ينسجم مع الرؤية العالمية بضرورة تحفيز الاستثمار والتنسيق بين الشركاء لدعم آليات الوقاية والاستجابة للطوارئ الصحية مما يجعلنا أكثر قدرة على الاستجابة للطوارئ الصحية وتقليل التداعيات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية".

وقال ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الأردن، نبيل عساف "إن تعزيز الجاهزية للأوبئة يستند إلى نهج تشاركي فعّال يجمع القطاعات الصحية والزراعية والبيطرية والبيئية ضمن إطار الصحة الواحدة. وتؤمن الفاو بأن الشراكة الوثيقة بين المؤسسات الوطنية والشركاء الدوليين والمجتمعات المحلية تشكّل حجر الأساس لبناء نظم ترصد واستجابة أكثر تكاملًا واستدامة. ومن خلال هذا البرنامج، تلتزم الفاو بدعم الأردن في تعزيز القدرات الوطنية، وحماية صحة الإنسان والحيوان والبيئة، وتعزيز صمود النظم الوطنية في مواجهة المخاطر الصحية المستقبلية لاستدامة النظم الغذائية في الأردن".

وقال ممثل اليونيسف في الأردن مارك روبن: "تعمل اليونيسف من كثب مع الحكومة والشركاء الوطنيين من خلال هذا البرنامج لضمان حصول الأسر على المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب، والاستماع إلى المجتمعات المحلية، وحماية الأطفال والفئات الأكثر ضعفاً. فالنظم الصحية القوية تُبنى على الثقة، وعندما يكون الناس مطّلعين ومشاركين ومسموعين، نكون أكثر استعداداً لمنع التهديدات الصحية من التحول إلى حالات طوارئ".

ويُموَّل البرنامج من صندوق الجوائح العالمي، وهو آلية تمويل أُنشئت لمساعدة الدول على سد الفجوات في الجاهزية للأوبئة من خلال الاستثمار في النظم الصحية والموارد البشرية، وتعزيز صمود المجتمعات المحلية قبل تصاعد التهديدات الصحية وتحولها إلى أزمات. كما يجمع البرنامج المؤسسات الوطنية، والجهات المانحة، ووكالات الأمم المتحدة، وشركاء المجتمع المدني ضمن إطار شراكة شاملة تعكس التزاماً جماعياً بحماية الصحة العامة في الأردن.

ويُنفَّذ البرنامج من قبل وزارة الصحة بالتنسيق الوثيق مع وزارة الزراعة والمركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، ويركّز على تعزيز نظم الترصد والإنذار المبكر، وتطوير شبكة المختبرات الوطنية، وبناء قدرات القوى العاملة الصحية والمجتمعية. وتُعدّ هذه الاستثمارات ركائز أساسية لتعزيز الأمن الصحي، وترسيخ ثقة المجتمع، وزيادة مرونة النظام الصحي وقدرته على الصمود.

ويمثل البرنامج استثماراً بقيمة 4.02 مليون دولار أميركي مقدّماً من صندوق الجوائح العالمي لصالح الأردن، إضافة إلى 1.04 مليون دولار أميركي كتمويل مشترك من الشركاء المنفذين، بما يعكس أهمية التعاون متعدّد القطاعات في تعزيز جاهزية المملكة لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية.

المملكة