قال المجلس الأعلى للسكان، إن الرضاعة الطبيعية تعدّ أحد أهم التدخلات الصحية ذات التأثير طويل المدى على صحة الطفل والأم والمجتمع، خاصة في الأسر الفقيرة التي لا يسمح لها دخلها شراء حليب الرضع المصنع المستورد والمرتفع الثمن، إضافة إلى نفقات علاج اعتلال صحة أطفالهم الذين لا يتغذون على حليب أمهاتهم.
وأضاف الملجس في بيان صحفي بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية لعام 2025 أن منظمة الصحة العالمية واليونيسف توصيان بالرضاعة الطبيعية المطلقة خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل، يليها إدخال الأطعمة التكميلية مع الاستمرار في الرضاعة حتى عمر السنتين أو أكثر.
يحتفل العالم كل عام بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية في الأسبوع الأول من آب، وذلك بتنفيذ أنشطة متنوعة. ويحمل عام 2025 شعار "دعم الرضاعة الطبيعية: مسؤولية المنظومة الصحية والمجتمع - ضمن حملة البدايات الصحية، مستقبل مليء بالأمل"، في إطار الدعوة لتعزيز أنظمة دعم الرضاعة الطبيعية على مستوى السياسات والممارسات المجتمعية.
وبحسب المجلس فإن الأدلة العلمية تؤكد أن الرضاعة الطبيعية استثمار ذو عوائد صحية واقتصادية ومجتمعية بعيدة المدى. ولتحقيق الأهداف الوطنية والدولية المتعلقة بصحة الطفل والأم، يتطلب الأمر تعاونا تكامليا بين النظام الصحي والمجتمع والأسرة، مع توفير بيئة داعمة للأمهات لتمكينهن من ممارسة الرضاعة الطبيعية بنجاح.
العوائد الاقتصادية والصحية للرضاعة الطبيعية
من الناحية الاقتصادية، يمثل الحليب الصناعي عبئا ماليا على الأسر الأردنية، إذ يبلغ متوسط تكلفته نحو 55 دينارا شهريا، مما يشكل تحديا خاصا للأسر ذات الدخل المحدود، وفق المجلس الأعلى للسكان.
ووفق المجلس يشير البنك الدولي إلى أن كل دينار واحد يُستثمر في تعزيز الرضاعة الطبيعية يحقق عوائد اقتصادية تُقدّر بـ35 دينارا نتيجة تقليل تكاليف الرعاية الصحية، وخفض معدلات الإصابة بالأمراض، وتحسين القدرات الإدراكية والإنتاجية على المدى البعيد.
أما من حيث مناعة الجسم وتطوره، فيعد حليب الأم هو اللقاح الأول، والغذاء الأمثل، والحضن الآمن، إذ يوفر جميع العناصر الغذائية اللازمة للنمو والتطور خلال الأشهر الستة الأولى. كما يحتوي على عوامل مناعية تقلل خطر الإصابة بالأمراض المعدية والمزمنة. وللأم، تسهم الرضاعة الطبيعية في تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، والحماية من هشاشة العظام، وتسريع توقف النزيف بعد الولادة.
كما تساعد الرضاعة على تأخير عودة الدورة الشهرية، مما يوفر وسيلة طبيعية لتنظيم الحمل (رغم أن استخدام هذه الوسيلة في الأردن منخفض جدا ونسبته 0.4%.
رغم أهمية الرضاعة الطبيعية، تشير آخر الإحصائيات الأردنية إلى أن 24% فقط من الأطفال دون سن 6 أشهر يعتمدون على الرضاعة الطبيعية المطلقة. وتشير الاتجاهات إلى تراجع مقلق خلال العقود الثلاثة الأخيرة، من 39% إلى 24%. وتعود هذه النسب المنخفضة إلى فصل المواليد عن أمهاتهم عقب الولادة في مستشفيات القطاع الخاص، والاعتقاد الخاطئ أن الأم التي تلد بولادة قيصرية لا يمكنها إرضاع مولودها. كما أن هناك حاجة لاستقصاء وجود ممارسة في بعض المرافق تتمثل في إعطاء الأمهات عينات من حليب الرضع الجاف المصنع عند خروجهن من أقسام الولادة.
وبحسب المجلس فإن هذه المعدلات المنخفضة تعكس وجود تحديات عدة، أهمها نقص في الممارسات الداعمة للرضاعة الطبيعية في مرافق الولادة، خاصة بعد العمليات القيصرية، وعدم التزام جميع المرافق بمعايير "المستشفيات الصديقة للمولود".
ما المطلوب فعله؟
وقال المجلس إنه لتحسين ممارسة الرضاعة الطبيعية في الأردن، هناك حاجة إلى تدخلات شاملة على مستويات السياسات الصحية والممارسات المجتمعية، تشمل: تعزيز تدريب الكوادر الصحية على ممارسات الدعم الفعّال للأمهات قبل الولادة وبعدها، وتشجيعهن على الرضاعة الطبيعية وشرح فوائدها على الأم والطفل والأسرة، وتوسيع نطاق برنامج المستشفيات الصديقة للمواليد ليشمل جميع المحافظات، بالإضافة إلى تطبيق صارم للمدونة الدولية التي تحظر تسويق حليب الرضع المصنع ومنع الإعلانات المضللة عنه، وبالمقابل تعزيز المشورة للأمهات خلال فترات الحمل والولادة، وتشجيع بدء الرضاعة الفورية عقب الولادة بإبقاء المواليد مع أمهاتهم فور الولادة بما فيها الولادة القيصرية.
المملكة