تجمّع مئات الفلسطينيين وهم يحملون أمتعة قرب مفترق نتساريم على طريق الرشيد الساحلي غربي مدينة غزة، ينتظرون تراجع آليات الاحتلال الإسرائيلي العسكرية وفتح الطريق للعودة إلى مناطق سكنهم في شمال قطاع غزة.
ورغم إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لن يُسمح بعبور سكان غزة إلى الجزء الشمالي من القطاع حتى يتم ترتيب الإفراج عن المحتجزة أربيل يهود، افترش فلسطينيون الأرض على المفترقات قرب مدينة الزهراء ومخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، وعلى جانبي الطريق الساحلي المؤدي إلى مفترق نتساريم، ينتظرون.
وتقول رفيقة صبح النازحة من بلدة بيت لاهيا في شمال القطاع: "حتى لو نمنا قرب الحاجز (نتساريم) نريد الرجوع، ولو أن البيوت مهدّمة، نحن مشتاقون كثيرا لبيوتنا".
وتضيف "ننتظر رحمة الله بالعودة إلى بيوتنا"، مشيرة إلى أنها فكّكت الخيمة التي كانت تقيم فيها استعدادا للعودة.
وانتشر عشرات من عناصر الشرطة الفلسطينيين في هذه النقاط القريبة من محور نتساريم الذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله والذي لا يزال ينتشر فيه جنود الاحتلال الإسرائيلي.
ومنع عناصر الشرطة مئات النازحين من الوصول إلى مفترق نتساريم نفسه، بسبب استمرار وجود دبابات ومدرعات إسرائيلية تغلق الطريق.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الأحد الماضي، كرّرت حركة حماس تأكيدها بأن المرحلة الأولى من الاتفاق الممتدة على 6 أسابيع تشمل في اليوم السابع من بدء تطبيقه، عودة سكان غزة النازحين من الجنوب إلى الشمال.
لكن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري صرّح السبت أن حماس "لم تلتزم بالاتفاق بشأن إعادة النساء المدنيات أولا"، وذلك بعد الإفراج عن 4 مجندات إسرائيليات في إطار الدفعة الثانية من تبادل الأسرى.
وقالت حماس لاحقا إن المحتجزة إربيل يهود "على قيد الحياة وبصحة جيدة"، و"سيفرج عنها السبت المقبل ضمن الدفعة الثالثة".
"الاتصال مقطوع"
جلس مئات النازحين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، إلى جانب الطريق وفي محيط منازل مدمّرة بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال 15 شهرا من الحرب على القطاع.
كما شوهد نازحون آخرون يجلسون قرب شاطئ البحر في انتظار فتح حاجز نتساريم.
وتقول صبح إن زوجها هاني صبح وعمره 45 عاما اعتقله جيش الاحتلال في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 عندما حاول اجتياز حاجز عسكري قرب مفترق نتساريم.
وتقول سامية حلس (26 عاما) إنها وصلت مع أطفالها الثلاثة (رانية وأحمد وعبد الله) إلى شارع الرشيد صباحا لتكون بين طليعة العائدين إلى مدينة غزة.
وتضيف "حتى الآن لا أعرف هل بيتي موجود أم مدمر، لا أعرف هل أمي على قيد الحياة أم شهيدة، الاتصال مقطوع معها منذ شهر".
وتشير إلى أن جيش الاحتلال اعتقل زوجها من مدرسة للنازحين كانوا يقيمون فيها في حي الشجاعية شرقيّ مدينة غزة قبل سبعة شهور، "وقاموا بعدها بترحيلي مع أطفالي إلى جنوب غزة مشيا".
وتضيف "الأهم عندي أن أرجع إلى بيتي، وأتمنى من الله أن تنتهي الحرب".
كذلك يقول جبريل الجملة (39 عاما) "أنتظر لحظة بلحظة فتح حاجز نتساريم حتى أعود إلى منزلي في حي الصبرة" في مدينة غزة.
ويلفت إلى أنه سيقيم مع زوجته وأطفاله السبعة في بقايا منزله الذي دمر جزئيا إثر قصف الاحتلال.
وكان الجملة قد نزح مع عائلته قبل 14 شهرا إلى خان يونس في الجنوب، ثم إلى أماكن أخرى.
ويقول "عشنا حياة الذلّ والجوع والخوف والرعب".
وأعلن الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أن الجهاز سيعمل على تحييد الألغام وبقايا المتفجرات في المناطق التي يسلكها النازحون.
وقال مدير الدفاع المدني رائد الدهشان "نحن موجودون في طريق الرشيد (...) ونعمل مع البلديات لتمهيد الطرق وتأمينها".
وقبل الغروب، كانت جرافات تابعة لبلدية غزة تقوم بتسوية شارع الرشيد (الكورنيش) وتمهيده استعدادا لمرور النازحين، لكن العبور لم يبدأ بعد.
أ ف ب + المملكة