ما أن داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل الفلسطيني أيمن عابد (58 عاما) في كفر دان غرب جنين، حتى انهالوا عليه بالضرب بطريقة وحشية في غرفة منفصلة، كبلوا يديه وعصبوا عينيه، وأخرجوه من المنزل يمشي على قدميه، متوجهين به إلى حاجز سالم العسكري... هناك كانت الجريمة.

كل ما جال في بال العائلة حينها، أنه احتجاز قد يستغرق عدة ساعات، تحقيق تخويف وربما ضرب كما حدث في البيت من أجل الضغط على نجله الجريح أسامة لتسليم نفسه... ثم يعود سالما إلى المنزل إلا أن الصدمة كانت مفجعة

لم يكتف الاحتلال بضربه في البيت، بل قام بالاعتداء عليه مرة أخرى وبطريقة وحشية في مركز الاعتقال بحاجز سالم العسكري، حتى ارتقى شهيدا، وبعد الانتهاء من الجريمة، قام بتسليم جثمانه عند الحاجز إلى الهلال الأحمر.

وبحسب المعاينة الطبيّة الأولية للشهيد عابد، فقد بدت آثار القيود واضحة على يديه، وآثار الضرب والتّعذيب على جسده، الأمر الذي يؤكّد أنّه استشهد نتيجة تعرضه للضرب والتّعذيب، خاصة أنّه وبحسب عائلته لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية خطيرة أو مزمنة.

أيمن شقيق زوجة الشهيد قال إن قوات الاحتلال داهمت منزل الشهيد منتصف الليلة، وقامت بتقييده وحجزه في غرفة منفصلة لساعتين، حيث مارس الاحتلال بحقه صنوفا من التعذيب الجسدي، والضرب بطريقة وحشية، عدا عن الإرهاب النفسي والتهديد باغتيال نجله أسامة، وفيما بعد نُقل إلى حاجز سالم، وهناك استشهد بين يدي مجرمي الحرب.

والشهيد عابد هو أب لاثنين معتقلين لدى الاحتلال، هما: إسلام معتقل منذ نحو شهرين، ولديه إعاقة في قدمه جراء إصابة تعرض لها، والآخر إحسان ومعتقل منذ نحو عام ونصف، والجريح أسامة، ولديه أيضا إباء (14 عاما)، وابنتين (12 عاما)، و(30 عاما)، بحسب نادي الأسير.

وتابع أيمن "اعتقدنا أن الاحتلال سيطلق سراحه بعد التحقيق معه، كما يفعل دائما، لكنه عاد إلينا شهيدا".

بدوره، قال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، إن الاحتلال يحاول إظهار إجرامه وإرهابه بطريقة وحشية وبشكل غير مسبوق، خاصة أنه جرى الاعتداء عليه وهو مكبل اليدين، وهذه جريمة تضاف لجرائم الاحتلال التي تُرتكب بدون أي وجه قانوني، ولا يجب أن تمر كأي جريمة أخرى، وكلها أهداف سياسية لكسر إرادة الفلسطينيين، ومحاولة تعريض الأمن الشخصي للخطر الشديد، وهو ما يشاع هذه الفترة، ويتعمد الاحتلال أن يقوم به بشكل واضح.

وأشار إلى أن هذه الجريمة تأتي ضمن إطار رسمي، وليس سلوك فردي من جندي، وما يجري يأتي في إطار العقوبات الجماعية التي تعد انتهاكا جسيما للقانون الدولي في اتفاقية جنيف، وجنيف الرابعة، وتستوجب المساءلة والملاحقة، مؤكدا أن لا القواعد القانونية، ولا العرفية، أو الأخلاقية تجيز مطلقا معاقبة شخص بشيء ارتكبه شخص آخر، لكن هذا هو الاحتلال، ليس له صلة لا بقانون، ولا بقيم إنسانية.

وأوضح أن الجرائم التي ترتكب في الضفة الغربية المحتلة هي امتداد لما يجري في قطاع غزة من ناحية الإبادة، وما يجري إبادة تدريجية، حيث هناك تهجير واستهداف، وقتل، وتصفية.

وأضاف "من المهم أن تقوم العائلة بتشريح جثمان الشهيد، والاستفادة من التقرير الطبي الصادر حول كيفية الوفاة، وإرسالها لمحكمة الاحتلال، ولكل الجهات الدولية ذات الاختصاص، وملاحقة مجرمي الحرب لمحاكمتهم، وإنصاف الضحايا، وعلامات التعذيب والضرب الذي تعرض له الشهيد مؤشر واضح على ارتقائه جراء ذلك".

وباستشهاد عابد في سجون الاحتلال، فإن عدد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين المعلن عنهم بعد تاريخ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، يرتفع إلى 25 شهيدا، وهم المعلن عنهم فقط والمعروفة هوياتهم، فيما يواصل الاحتلال إخفاء هويات العشرات من الشهداء بين صفوف المعتقلين الذين ارتقوا في السجون والمعسكرات، ولا يوجد رقم نهائي ودقيق لأعدادهم حتى اليوم، هذا عدا عن معتقلين تعرضوا لعمليات إعدام ميدانية.

وفا