سادت الفوضى في محيط مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في وسط قطاع غزة بعد تبلّغ مرضى ومرافقيهم وآلاف النازحين أمرا إسرائيليا بالإخلاء... وسألت سيدة مسنة من فوق سريرها بيأس "إلى أين سنذهب؟".

ووصلت رسائل نصية من جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى آلاف الموجودين في محيط مستشفى الأقصى تطالبهم بالإخلاء فورا.

وجاء فيها "إلى كل السكان والنازحين المتواجدين في حارة دير البلح في بلوك 128... جيش (الاحتلال) سوف يعمل بقوة ضد حماس ... في منطقتكم".

ويقع المستشفى الذي يعتبر واحدا من 16 مستشفى لا تزال تعمل في قطاع غزة في قلب البلوك رقم 128.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في ردّه على سؤال حول الموضوع "جهود الإخلاء لم تشمل إخلاء المستشفيات والمرافق الطبية في المنطقة".

خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من آب/أغسطس، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي 11 أمر إخلاء عبر منشورات أسقطتها طائرات أو رسائل نصية قصيرة عبر الهاتف أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حضّت 250 ألف شخص على مغادرة أماكن وجودهم، أي 12% من سكان قطاع غزة، بحسب الأمم المتحدة.

وفي محيط المستشفى بدا الناس تائهين، بعضهم بدأوا يبتعدون عن المستشفى يحملون أقرباءهم المرضى، ومحاليل الدواء تتدلى من أجسادهم، والبعض الآخر حملوا بعض أغراضهم على عربات تجرّها حمير، فيما خرج آخرون من المكان على كراس متحركة.

وخارج المستشفى، قالت تمام الراعي، وهي امرأة مسنة كانت مستلقية على سرير وإلى جانبها أغراضها ومروحة: "لدي إصابة حرب، كسور وبتر في الساق" مضيفة "قالوا لنا اخلوا الأقصى... أين سنذهب؟ أين سنتعالج؟".

بالقرب منها، ينقل أحدهم طفله من على كرسي متحرك إلى داخل مركبة، ويساعد آخر قريبه الشاب الذي بدت رجله اليسرى مضمّدة.

ورغم الأوامر بالإخلاء، أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة الاثنين استمرار العمل في المستشفى الذي كان قبل الحرب يتسّع لـ200 سرير، وقالت، إن هناك ما يقرب من 100 مريض لا زالوا في المستشفى بينهم سبعة في العناية المكثفة.

ومن بين هؤلاء مها الشامي التي قالت إنها "مصابة بالشلل".

وتضيف "أنا خائفة، خائفة أن يتم قصفنا ونحن في المبنى ولا أستطيع تحمل إصابة أخرى".

وتستدرك "أُفضل الموت".

وطالبت الوزارة بحماية المستشفى والمرضى والكوادر الصحية فيه.

ويؤكد المدير الطبي للمستشفى إياد الجبري أن المستشفى مستمر في تقديم خدماته، قائلا "باقون في تقديم الخدمات الطبية لمرضانا رغم التحديات ورغم تهديدات الاحتلال".

واضطرت المستشفيات في قطاع غزة منذ تشرين الأول/اكتوبر، إلى التعامل مع النقص في كل المجالات لا سيما انقطاع الكهرباء ونقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء.

ويدخل الوقود بكميات ضئيلة إلى القطاع كما المساعدات الإنسانية.

"لا ملجأ"

في تموز/يوليو الماضي، تسبّبت أوامر الإخلاء التي عممها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى عدم التمكن من الوصول إلى "10 مستشفيات و16 مستوصفا طبيا وأربع نقاط دعم طبي" في قطاع غزة، وفقا للأمم المتحدة.

وجاءت أوامر الإخلاء الأخيرة وسط الإعلان عن اكتشاف حالة إصابة بشلل الأطفال في القطاع المحاصر.

مساء الأحد، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة وصول أكثر من مليون و260 ألف لقاح للتطعيم ضد شلل الأطفال.

والأسبوع الماضي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى هدنة لمدة سبعة أيام للتمكّن من تطعيم الأطفال.

وأكدت وزارة الصحة في غزة الجمعة على ضرورة وقف إطلاق النار لإنجاح حملة التطعيم التي لن تكون مجدية "في ظل عدم توفر المياه الصحية، ومستلزمات النظافة الشخصية وانتشار مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين، وفي ظل عدم توفر بيئة صحية سليمة".

وفي محيط مستشفى الأقصى، تقول مها التي غادرت منزلها في حي الشجاعية في شمال قطاع غزة قبل تسعة أشهر تنقلت خلالها بين رفح وخان يونس في الجنوب، قبل أن تنزح إلى المستشفى بحثا عن الأمان: "لا يوجد أي مكان ولا ملجأ سوى أن نذهب إلى مدينة غزة، افتحوا لنا غزة. علينا أن نخرج، لكن إلى أين سنذهب؟".

أ ف ب