قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة، الأحد، إن الاستمرار في دعم أسعار الطَّاقة والمشتقَّات النفطيَّة لخمسة شهور، إلى جانب المحافظة على رصيد استراتيجي من القمح والشَّعير لأكثر من 18 شهراً و12 شهراً تباعاً، كلف الخزينة العامة أكثر مليار دينار أردني، وترتب عليه رفع عجز الموازنة.
وأضاف خلال اجتماع للجنة المالية في مجلس الأعيان، أن الحكومة لا تملك القدرة والوسائل المالية لعدم عكس السعر الدولي للمشتقات النفطية صعودا وهبوطا.
ولفت النظر إلى أن عدم عكس أسعار المشتقات النقطية عالميا يترتب عليه محاذير كبرى.
"لا نريد بأي شكل من الأشكال أن نضغط على المساحة النقدية؛ وهي مساحة يجب أن تكون مساحة مقدسة" وفق الخصاونة.
وقال الخصاونة، إن الاستقرار النقدي في الأردن بأفضل أحواله.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنَّ الموازنة بكل وعائها الضَّريبي المرتفع، وبجميع تحصيلاتها وإيراداتها غير الضريبيَّة والمساعدات الخارجيَّة التي تأتي بفعل نشاط جلالة الملك ومكانته الكبيرة على السَّاحة الدوليَّة، تبقى أمام عجز يقترب من ملياريّ دينار نضطرّ إلى اقتراضها سنويَّاً.
وأكَّد الخصاونة أنَّ الحكومة حقَّقت جميع مستهدفاتها ومؤشِّراتها في موازنة 2022 من حيث ارتفاع أرقام الصَّادرات بواقع 20 % حتى بعد استثناء صادرات التَّعدين، وانخفاض عجز الموازنة بالنِّسبة للنَّاتج المحلِّي الإجمالي ومن المتوقَّع أن يستمرّ بالتَّراجع، وارتفاع تحصيلات وإيرادات الدَّولة، وكذلك النَّفقات الجارية توازي الزِّيادة الطبيعيَّة في الرَّواتب والأجور وفوائد الدّين.
وأشار رئيس الوزراء إلى الدَّعم الذي تضمَّنته الموازنة للمواد الأساسيَّة والقمح والشَّعير والذي ارتفع بهدف المحافظة على أسعار هذه السلع وعدم رفع أسعارها على المواطنين، مشيراً كذلك إلى تخصيص الحكومة لمبلغ 355 مليون دينار لبرامج التَّحديث الاقتصادي.
وأكَّد الخصاونة أنَّ الحكومة تأمل أن تقدِّم دائماً ما يريح النَّاس وفق الإمكانات، لكن هناك فارقا بين الرَّغبة الأكيد والقدرة نظراً للتحديات الاقتصادية وانعكاسات المتغيرات الإقليمية والدولية على الاقتصاد الوطني التي تستدعي الحرص على مسارات مالية واقتصادية تراعي كل هذه المتغيرات.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّ الاستقرار المالي في المملكة بأفضل مستوياته؛ بفضل منهجيَّة صارمة كرّست استقلاليَّة البنك المركزي الأردني وإدارته الحصيفة، والتي يعكسها الرَّصيد القياسي من العملات الصَّعبة، في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الدُّول من نسب تضخُّم عالية وأوضاع اقتصاديَّة صعبة.
ولفت إلى أنَّ نسبة التَّغطية المتوقَّعة خلال العام المقبل للاعتماد على الذَّات من إيراداتنا المحليَّة تصل إلى 91 %وهي أفضل من ذي قبل رغم كلِّ التحدِّيات والظُّروف التي أثَّرت على العالم خلال السَّنوات الماضية، وبفضل الانضباط والصَّرامة التي تتَّسم به سياستنا الماليَّة.
وأكَّد رئيس الوزراء إلى أنَّ الحكومة تلتزم بالشَّراكة الأساسيَّة والمركزيَّة مع القطاع الخاص بوصفه شريكاً لا خصماً، والتي تُعتبر ضروريَّة لإيجاد التنمية الحقيقيَّة، مشدِّداً على أنَّه لا فرصة لتحقيق مستهدفاتنا الاقتصاديَّة دون تمكين القطاع الخاص وتهيئة البيئة اللازمة لإنجاح الاستثمار الوطني، وإزالة العثرات القائمة من أمامه، مشيراً في هذا الصَّدد إلى قانون البيئة الاستثماريَّة الذي تمَّ إقراره بالشَّراكة مع مجلس الأمَّة، وإلى المبادرات التي تعمل عليها الحكومة كمبادرة الشَّراكة الصِّناعيَّة التكامليَّة التي تضمُّ الأردن ومصر والإمارات والبحرين، وما ينجم عنها من مشاريع واتفاقيَّات من شأنها تحقيق النَّفع للجميع.
وختم رئيس الوزراء حديثه بالتأكيد على مواقف الأردن المشرِّفة تجاه القضيَّة الفلسطينيَّة، مؤكِّداً أنَّ الأردن يدفع ثمن مواقفه تجاهها، وهو باعتبارها خط أحمر يؤشّر إليها جلالة الملك عبدالله الثَّاني في إطار وصايته على المقدَّسات الإسلاميَّة والمسيحيَّة في القدس، وفي إطار دفاعه عنها وعن المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشَّريف التي يقوم بها جلالته بكل أمانة ومسؤولية واقتدار مؤكِّداً أنَّ "هذا ثمن ومسؤوليَّة وشرف لا يخضع لأيِّ حسابات تتعلَّق باقتصاد أو مال بل يخضع إلى مبدأ وعقيدة وموروث لن نساوم عليه في يوم من الأيَّام.
رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز دعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جدية للحد من ظاهرتي الفقر والبطالة، والتنفيذ السليم للقانون، فضلاً عن انتهاج سياسة الاعتماد على الذات من خلال الأمن الغذائي والزراعات الحديثة والتصنيع الغذائي، ومعالجة تراجع الإدارة العامة.
وقال، إن ما يجري على الأراضي الفلسطينية المحتلة، يستدعي تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات المقبلة، وتوفير البيئة اللازمة للسير قدما في مسيرة التحديث الوطني الشامل التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني في المسارات السياسية والاقتصادية والإدارية.
وأشار إلى أهمية التعامل مع تجاوزات بعض وسائل الإعلام خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، وما نشهده من تنمر وهو ما يتطلب تعزيز مفهوم سيادة القانون عبر إجراءات فعالة بالتعامل مع التجاوزات، خاصة في مجال السير وإطلاق العيارات النارية وغيرها، لافتاً إلى أن تكلفة حوادث السير على الدولة الأردنية تتجاوز الـ300 مليون دينار.
وأكد بذات الوقت على محاربة الجهوية والمناطقية والاهتمام بالتربية الوطنية، إذا ما اردنا تحقيق التنمية السياسية المنشودة.
وشدد الفايز على أهمية قيام شركات أردنية ذات مساهمة عامة لإقامة المشاريع الاستراتيجية الكبيرة في الأردن كمشاريع الأمن الغذائي، في إطار اعتمادنا على الذات.
ودعا رئيس مجلس الأعيان إلى أهمية الأخذ بتوصيات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأعيان المتعلقة بموازنة الدولة، ومواجهة التحديات الاقتصادية والتهرب الضريبي.
الإصلاح السياسي
وفيما يخص الإصلاح السياسي، أشار الخصاونة إلى أن الحديث لا يجب أن يكون عن الإصلاح، بقدر ما يجب أن يكون عن تحديث شامل بما فيها التحديث السياسي.
ولفت النظر إلى أن "فلسفة لجنة التحديث السياسي تركز على الشق المرتبط بالانتظام الحزبي مع كسر المحظور الذي التصق بالممارسة الحزبية عبر التاريخ المعاصر للدولة الأردنية؛ لكون أغلب الأحزاب التي كانت تعمل عبر الساحة الأردنية هي أحزاب عقائدية ذات امتدادات خارجية، وليست أحزابا داخلية ذات مشروع وطني أردني".
وفيما يتعلَّق بالتَّحديث السِّياسي، أشار الخصاونة إلى ضرورة تكريس فكر الدَّولة المدنيَّة بكلِّ تجلِّياتها بحيث لا تتعامل الدَّولة مع مواطنيها لا على قاعدة دينيَّة ولا على قاعدة شموليَّة؛ باعتبارها الأرضيَّة الأمثل للانتظام في بناء المشروع الوطني للدَّولة الأردنيَّة الذي يجب أن يقوم في إطار حزبي برامجي.
وأكد أنَّ التَّنظيم الحزبي البرامجي أمر أساسي لحماية الدَّولة ومستقبلها، وللالتزام في سياق برامجي تُساءل عنه الحكومات عندما تنضج هذه التَّجربة بعد عشر سنوات وتتشكَّل أغلبيَّات برلمانيَّة حزبيَّة تمكِّن جلالة الملك من تكليف من يمثِّل الحزب الأكبر أو الائتلاف الأكبر من تشكيل حكومة.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّ مشروع التَّحديث السِّياسي أساسي ويوازي في أهميَّته رؤية التَّحديث الاقتصادي التي شارك عدد من أعضاء مجلس الأعيان فيها إلى جانب الحكومة كطرف، وتبنَّى الحوار الوطني بشأنها الدِّيوان الملكي الهاشمي العامر، وتضمَّنت مستهدفات طموحة من قبيل زيادة نسبة النموّ الاقتصادي ليصل إلى 5.5 بالمئة وتوفير مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات، في خضمِّ توقُّعات تتحدَّث عن تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع معدَّلات النموّ عالميَّاً؛ ما يُشكِّل تحدِّياً مركزيَّاً في تحقيق مستهدفات هذه الرُّؤية؛ لأنَّ اقتصادنا الوطني لا يعمل بانعزاليَّة عن محيطه الإقليمي والدَّولي ويتأثَّر كثيراً بأوضاع الاقتصاد العالمي.
المملكة