تتوقع مؤسسات مالية واقتصادية دولية، أن يدخل الاقتصاد العالمي حالة ركود بشكل شبه مؤكد، تتزامن مع إجراءات تتخذها البلدان حول العالم لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد بينها إغلاق الحدود، وتعطل أعمال القطاعين العام والخاص. 

وتتعزز توقعات حالة الركود بمعاناة الاقتصاد العالمي، نهاية العام الماضي، من علامات ضعف في النمو، تزامنت مع ظهور حالات انكماش اقتصادي في دول أوروبية، إضافة إلى حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وتعجز أكبر دول العالم عن معرفة درجة وشدة الركود المحتمل، وخسائر الاقتصاد العالمي ومدته، أو إذا ما كان هنالك تعاون عالمي يستطيع تجنيب العالم الدخول في ركود اقتصادي وشيك. 

التاريخ الحديث شهد حالات ركود للاقتصاد العالمي، كان أهمها الأزمة المالية العالمية عام 2008، التي كانت الأسوأ والأكثر تاثيرا على الاقتصاد العالمي من حيث التكاليف والمدة.

ويعني دخول دولة ما في ركود، انكماش ناتجها المحلي الإجمالي لربعين سنويين متتاليين، ويترافق معه، تراجع كبير في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مثل مؤشرات الإنتاج الصناعي والخدمي والاستهلاكي، العمالة ونسب البطالة.

وفي المقابل، وإذا تباطأ نمو الاقتصاد العالمي لأقل من 2.5%، يعني دخل حالة ركود، وهذا ما أشارت إليه مؤسسات مالية كبيرة مثل مؤسسة جولدمان ساكس، ستاندرد آند بورز، مورجان ستانلي، معهد التمويل الدولي وبنك أوف أميريكا، حيث توقعت تلك المؤسسات وبإعطائها أرقاما مختلفة أن يكون النمو العالمي يتراوح بين 0.4% - 1.50% فقط، مما يشير إلى ركود شبه مؤكد للاقتصاد العالمي.

أزمة كورونا

تحاول دول العالم حاليا وبشكل رئيسي احتواء أزمة كورونا، عبر دعم أنظمة الرعاية الصحية من جهة، وإجراءات اغلاق وايقاف التحركات واختلاط المجتمعات لفترات معينة، وذلك لكبح انتشار الفيروس، خاصة مع تزايد حالات الانتشار، بشكل متسارع عالميا، بعد تلاشي المرض نوعا ما من الصين وانتقاله منها إلى باقي دول العالم.

قام نحو 41 بنكا مركزيا حول العالم هذا العام، بخفض معدلات الفائدة لتقليل تداعيات أزمة كورونا، وتجنب الوقوع في الركود إضافة الى بعض عمليات شراء الأصول لتوفير السيولة في الاقتصاد والنظام المالي في كل دولة، وكان أهمها تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتخفيض أسعار الفائدة إلى نسبة تقارب 0%. وجاء التخفيض في اجتماعين طارئين وبشكل مفاجئ.

وعلى الرغم من إجراءات البنوك المركزية واستخدام أدوات السياسة النقدية التقليدية، إلا أنها لم تجد نفعا في المرحلة الحالية ولم تهدئ من حالة الهلع وموجات البيع الحادة التي شهدتها الأسواق المالية العالمية والتي طالت معظم فئات الأصول المالية عالميا، حيث تركز الأسواق حاليا إلى احتواء الفيروس وتراجع عدد الأصابات وزيادة معدلات الشفاء إضافة إلى الوصول إلى لقاح أو علاج للفيروس المستجد.

ومع إجراءات البنوك المركزية التقليدية تلجأ الدول والحكومات حاليا إلى ابتكار أدوات وحزم اقتصادية وتحفيزية جديدة وتوجيهها بطريقة مباشرة إلى قطاعات متضررة تشمل المستهلكين والمنتجين، وذلك نتيجة توقف النشاط الاستهلاكي والإنتاجي بنفس الوقت والناتج عن إجراءات قاسية تقوم بها الدول لاحتواء تفشي الفيروس وانتشاره.

محلل مالي* 

المملكة