تتسبب السرعة الزائدة بـ 45% من حوادث الطريق الصحراوي، الذي يربط العاصمة عمّان بمحافظة العقبة، وفقا لإحصاءات إدارة السير المركزية، التي بيّنت أن الطريق حصد أرواح 52 شخصا منذ بداية العام.
وأشارت الإحصاءات إلى أن 22% من حوادث الطريق سببها التجاوز الخاطئ، في حين تسبب فقدان السيطرة بـ 20% من الحوادث، والتتابع القريب بـ 10%، فيما كانت أسباب 3% من الحوادث تتعلق بجاهزية المركبات أو الطريق.
الناطق باسم المديرية العامة للدفاع المدني، إياد العمرو، قال، إن سجلات المديرية "لا تخلو يوميا من الحوادث المرورية على الطريق الصحراوي" لافتا النظر إلى أن "معظم الحوادث سببها أخطاء بشرية من قبل سائقي المركبات؛ نتيجة السرعة العالية أو التجاوز الخاطئ".
مواطنون وسالكو الطريق الصحراوي، طالبوا بضرورة الإسراع في تأهيل الطريق، موضحين أن "تهالك البنية التحتية" والتحويلات المرورية، وبطء إعادة تأهيل الطريق، عوامل أسهمت في إزهاق أرواح مواطنين، خاصة أن 11 شخصا توفوا الشهر الحالي في حوادث على الطريق ذاته.
وليد محمد، سائق شاحنة من سالكي الطريق الصحراوي، قال، إن أرقام الوفيات الناجمة عن حوادث الطريق "صادمة وخطيرة" داعيا إلى بيان أسبابها، ومرجحا أن "تكون أعمال إعادة التأهيل والتحويلات سببا في زيادتها".
ووصف محمد، الطريق الصحراوي بـ "طريق الموت"، لافتا النظر إلى أن الحوادث التي شاهدها على الطريق "وقعت غالبيتها داخل التحويلات، أو بالقرب منها".
أمّا عبيدة الجرايشة، وهو من قاطني محافظة الطفيلة المحاذية للطريق الصحراوي، فقال، إن الموت على هذا الطريق "أصبح بالجملة، وعائلات بأكملها تتوفى في الحوادث؛ نتيجة تردي بنية الطريق، وفقدانه لعناصر السلامة".
الجرايشة، قال، إن التحويلات المرورية "تفتقد إلى إشارات تحذيرية مناسبة" مطالبا بتصميم "إشارات قبل موقع التحويلة بمسافة كافية لأخذ الحيطة والحذر".
"غالبية حوادث السير وقعت في مناطق القطرانة، وسواقة، والأبيض ... عبور الطريق مغامرة قد يدفع الإنسان حياته خلالها" وفق الجرايشة، الذي قال، إن الطريق "يشكل خطرا على حياة المواطنين، حتى قبل البدء بعمليات إعادة التأهيل".
إعادة تأهيل الطريق
مشروع إعادة تأهيل الطريق بدأ من تقاطع مطار الملكة علياء الدولي، ولغاية منطقة رأس النقب، بطول 217 كيلومترا، وبكلفة تنفيذ 224 مليون دولار، وفق وزارة الأشغال العامة والإسكان، التي وصفت الطريق بـ "شريان الحياة" الواصل بين شمال الأردن وجنوبه.
وزير الأشغال العامة والإسكان فلاح العموش، أكّد أن نسبة الإنجاز في مشروع تأهيل الطريق الصحراوي، الذي بدأت أعمال تأهيله في أيلول/سبتمبر 2017، بلغت نحو 61%، مضيفا أنه من المتوقع استكمال المشروع منتصف عام 2020.
وتبلغ كلفة إعادة تأهيل الطريق 324 مليون دولار، ممولة من صندوق التنمية السعودي، وخزينة الدولة، وتبلغ مدة التنفيذ 36 شهرا.
وزارة الأشغال العامة لجأت في تنفيذ المشروع إلى نظام تحويلات متقطعة تبدأ بحواجز إسمنتية لضمان عدم إغلاق الطرق، ولعدم وجود طريق بديل لتحويل السير عليه.
العموش قال، إن هناك "فجوة تمويلية بقيمة 81 مليون دولار، ستلتزم الحكومة بتغطيتها" مشيرا إلى أنه "لا عقبات مالية تعوق إتمام الصحراوي".
الوزير أوضح أن كل تحويلة لا يزيد طولها عن 7 كم، وذلك لعدم إرهاق مستخدمي الطريق، ولا تقل المسافة بين التحويلة والأخرى عن 8 كم، بالإضافة إلى تجهيز كل تحويلة في بدايتها بحواجز إسمنتية وأبراج للإنارة على مداخل ومخارج التحويلة، وتوفير الإشارات المرورية المضيئة والعاكسات الفسفورية الأرضية واللوحات المضيئة.
مدير مشروع الطريق الصحراوي، ثروت مصالحة، قال، إن المشروع قسّم إلى 3 أجزاء، يحتوي كل جزء على 3 مقاولين، أردنيين اثنين وسعودي، إضافة إلى استشاري أردني وسعودي، موضحا أن "الجزء الأول بدأ من مطار الملكة علياء لغاية القطرانة، والجزء الثاني بدأ من القطرانة لغاية الهاشمية، والجزء الثالث من الهاشمية وينتهي في المريغة".
مصالحة، أشار إلى أن إيقاف حركة السير على الطريق الصحراوي وإغلاقه لإنشاء طرق خدمات على جانبيه سيكلف نحو 150 مليون دينار إضافي على الكلفة الإجمالية للمشروع.
"طريق الموت"
ووفقا لإحصائيات صادرة عن الوزارة، بلغ عدد الحوادث على أجزاء الطريق خلال الفترة من أيلول/سبتمر 2017، ولغاية أيلول/سبتمر من العام الحالي، (602 )، نتج عنها 85 وفاة،و 658 إصابة، وبمعدل 301 حادث، و43 وفاة سنويا .
وسجّل الجزء الأول من مرحلة التأهيل 409 حوادث، نتج عنها 60 وفاة، و426 إصابة، في حين سجّل الجزء الثاني 102 حادث، نتج عنه 16 وفاة، و133 إصابة، أما الجزء الثالث، فسجل 91 حادثا، نتج عنها 9 وفيات، و99 إصابة، وفق الإحصائية.
فيما بلغ عدد الحوادث على الطريق قبل البدء بإعادة تأهيله خلال الفترة 2010-2015" ما مجموعه 2013 حادثا، نتج عنها 410 وفيات، في حين أن المعدل السنوي للحوادث في ذلك الحين بلغ 336 حادثا سنويا، والمعدل السنوي للوفيات 68 وفاة سنويا، وفق تقرير لوزارة الأشغال العامة.
ووفق الإحصائيات، انخفض عدد الحوادث بنسبة 11% سنويا، وانخفض عدد الوفيات بنسبة 37% سنويا في الفترة التي تلت العمل في مشروع تأهيل الطريق، وفق التقرير.
مقاول الجزء الأول من المشروع، أحمد الطراونة، قال إن "إنشاء التحويلات تم بتوافق وتنسيق مع دائرة السير، ووزارة الأشغال العامة، ومكتب الاستشارات الهندسية" موضحا أن إنشاء التحويلات يتطلب موافقة جميع الأطراف بعد اكتمال تطبيق قواعد السلامة التي تشمل الإشارات التحذيرية والإنارة.
مصدر مسؤول في إدارة الدوريات الخارجية، التابعة لمديرية الأمن العام، قال، إن "75% من الحوادث المرورية على الطريق سببها أخطاء بشرية داخل التحويلات تندرج في إطار مخالفات متحركة خطرة مثل تجاوز السرعة المقررة والتجاوز الخاطئ" موضحا أن السرعة المقررة للمركبات داخل التحويلات 60 كلم/ساعة.
وأضاف المصدر لـ "المملكة" أن أبرز التحويلات التي يقع عليها حوادث بشكل متكرر، هي " تحويلة جرف الدراويش والحسا والقطرانة".
"الدويات الخارجية تسجل يوميا ما يقارب 6 آلاف مخالفة متحركة على الطرق التابعة لها، وهي مخالفات وقائية، وليست جباية هدفها تحقيق غاية السلامة المرورية للجميع" وفق المصدر.
الخبير في شؤون النقل مالك حداد، دعا إلى "تطبيق نظام التُل (P.O.T) بمواصفات عالمية حديثة، بعد إنشاء خط سريع على الطريق الصحراوي للطريق، حيث يدفع سالكو الطريق مبالغ نقدية لقاء استخدامه؛ توفيرا للوقت والجهد، وتقليلا لحوادث السير".
"في حال تطبيق نظام التُل وإيجاد مسارات خاصة تستخدمها شاحنات وحافلات كبيرة، سيوفر لخزينة الدولة عوائد مالية تسهم في ديمومة صيانة الطريق، وتحسين مستوى خدماته" وفق حداد.
توصيات نيابية
أوصت لجنة الخدمات العامة والنقل النيابية بإنارة جميع التحويلات على الطريق الصحراوي بشكل كامل وعمودي لكشف عملية الدخول لتصبح أكثر وضوحاً للسائقين بما يمنع تأثير الضوء بشكل سلبي على السائقين.
رئيس لجنة النقل النيابية خالد أبو حسان قال في تصريح صحفي الأربعاء، إن اللجنة أوصت بفصل التحويلات وأماكن تداخل السير بمسار واحد، باستخدام العواكس البلاستيكية، بالإضافة إلى توسيع مداخل ومخارج التحويلات وعملها بشكل مكشوف لتسهيل عملية الدخول والخروج منها.
وأوصت اللجنة بتكثيف الشواخص التحذيرية تحدد السرعة فيها، وأن تكون لكل 100 متر، وعلى بُعد 1500 متر من التحويلة بشكل ينبه إلى خطر التحويلة، إضافة إلى دهن الحواجز باللون الفسفوري، وإنارتها لتكون مكشوفة للسائقين بشكل واضح.
اللجنة طالبت أيضا بوضع "عواكس إلكترونية" عند مداخل التحويلات وشواخص تحذيرية بضرورة تخفيف السرعة لكل 300 متر قبل التحويلات، وعمل صيانة مستمرة لمداخل ومخارج التحويلات وضرورة ضمان أن تكون مستوية وخالية من المطبات والحفر.
ودعت اللجنة لتكثيف دوريات الأمن العام عند التحويلات وتفعيل كاميرات السرعة عند التحويلات وفي الأماكن التي يكون فيها السير بمسار واحد.
وأوصت اللجنة، وفق أبو حسان، بفصل المسار الواحد فصلاً مستمراً من بداية الطريق إلى آخره بوسائل السلامة العامة عمل برامج توعوية تُبث على جميع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي للسائقين وأصحاب المركبات؛ للتخفيف من حوادث السير على الطرق، وخصوصاً الطريق الصحراوي لتحقيق أمن وسلامة الطرق والأشخاص.
المملكة + بترا