تعهد الاتحاد الأوروبي بتخصيص 2.5 مليار يورو لعامي 2025 و2026، للمساهمة في العملية الانتقالية في سوريا وتعزيز التعافي الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة داخل سوريا وفي الدول المجاورة المستضيفة للاجئين.

جاء ذلك خلال النسخة التاسعة من مؤتمر بروكسل "الوقوف مع سوريا: تلبية الاحتياجات من أجل انتقال ناجح" الذي استضافه الاتحاد الأوروبي، بمشاركة الدول الأعضاء، وشركاء إقليميين ودوليين، والسلطات الانتقالية السورية في بروكسل.

وأكد المشاركون في المؤتمر التزامهم بعملية انتقالية شاملة وسلمية بقيادة سورية، مع التركيز على تحقيق العدالة والمصالحة وإعادة الإعمار.

وفي هذا السياق، رفعت المفوضية الأوروبية تعهدها السابق، ليصل الدعم المخصص لعام 2025 إلى 720.5 مليون يورو، بعد أن كان 560 مليون يورو في مؤتمر بروكسل الثامن، وذلك لدعم السوريين داخل البلاد، واللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة الضعيفة في كل من لبنان والأردن والعراق.

كما تعهد الاتحاد بتقديم 600 مليون يورو لعام 2026 لدعم هذه الدول، إلى جانب 1.1 مليار يورو لدعم اللاجئين السوريين في تركيا لعامي 2025 و2026.

وشهد المؤتمر مشاركة نشطة لممثلين عن المجتمع المدني السوري، الذين قدموا رؤى ميدانية حول الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في سوريا.

وأكدت المفوضية الأوروبية أن المجتمع المدني سيظل شريكًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد الأسد، حيث تعهد الاتحاد الأوروبي بضمان دور بارز وشامل للمجتمع المدني بكافة أطيافه في العملية الانتقالية.

وشمل المؤتمر جلسة سياسية ترأستها الممثلة العليا للشؤون الخارجية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايـا كالاس، إلى جانب جلستي تعهدات ترأستهما كل من المفوضة حاجة لحبيب والمفوضة دوبرافكا شويتسا. وركزت النقاشات على تعزيز الكفاءة والتنسيق بين الشركاء الدوليين ووكالات الأمم المتحدة، لضمان استخدام المساعدات بفعالية في دعم التعافي الاجتماعي والاقتصادي لسوريا، ضمن إطار عملية يقودها السوريون أنفسهم.

التزام أوروبي مستمر منذ 2011

أكد الاتحاد الأوروبي استمراره في دعم الشعب السوري منذ اندلاع الأزمة، حيث أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء قدموا ما يقارب 37 مليار يورو منذ عام 2011 في شكل مساعدات إنسانية وتعزيز القدرة على الصمود، لدعم السوريين داخل البلاد وفي المنطقة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "لا تزال طريق المصالحة والتعافي طويلة، لكن للمرة الأولى منذ عقود، يمكن أن تصبح آمال سوريا حقيقة. يمكن أن تصبح سوريا بلداً يستطيع فيه الجميع التعبير عن آرائهم بحرية، مع حقوق متساوية وتمثيل عادل للجميع—رجالاً ونساءً على حد سواء، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الأيديولوجيا. يجب ألا يكون هناك مكان للعنف الطائفي في سوريا المستقبل".

وأضافت أن مستقبل سوريا هو لجميع السوريين ليبنوه، سواء من ناضلوا دوماً من أجل الحرية، أو من اكتشفوا الأمل للتو، سواء من فروا أو من بقوا، وهذه يجب أن تكون وعود سوريا الجديدة. وسنبذل كل ما في وسعنا لتحقيقها".

الممثلة العليا للشؤون الخارجية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايـا كالاس، قالت "اليوم يمثل لحظة فارقة في مسيرة سوريا. هذا المؤتمر ليس مجرد تعهدات مالية، بل هو رسالة دعم جماعي لانتقال سلمي وشامل بقيادة السوريين أنفسهم. إنه تأكيد دولي على الالتزام بمستقبل آمن لجميع السوريين. العدالة والمصالحة وإعادة الإعمار تشكل أجزاء أساسية من هذه العملية. لقد عاش الشعب السوري عقوداً من الرعب، وحان الوقت لأن ينعم جميع السوريين بالسلام والأمان".

دوبرافكا شويتسا، مفوضة شؤون المتوسط، قالت أيضا "اليوم يفتح فصلاً جديداً لسوريا—فصلاً من الشمولية والالتزام والتقدم. الاتحاد الأوروبي يقف بتضامن ثابت مع الشعب السوري، مؤكداً هدفنا المشترك في تحقيق انتقال بقيادة وملكية سورية، يستند إلى حقوق الإنسان والقانون الدولي. تعهداتنا المتزايدة وانخراطنا المتجدد يعكسان التزاماً راسخاً بالاستقرار والتعافي ومستقبل أكثر إشراقاً لجميع السوريين".

فيما صرحت مفوضة المساواة والتأهب وإدارة الأزمات حاجة لحبيب "اليوم، أكدت الأسرة الدولية تضامنها القوي مع الشعب السوري بكل تنوعه. التعهدات التي تم تقديمها في هذا المؤتمر ليست مجرد التزامات مالية، بل هي شريان حياة لملايين الأشخاص. يجب أن يكون مستقبل سوريا قائماً على الكرامة والفرص والسلام، والدعم الذي تعهدنا به اليوم يقربنا من تحقيق هذا الهدف".

وأضافت "سيواصل الاتحاد الأوروبي الوقوف إلى جانب الشعب السوري، ليس فقط في تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، ولكن أيضاً في المساعدة على بناء مستقبل عادل وشامل ومستقر. نحن لا نقدم المساعدة فقط، بل نستثمر في الأمل والصمود وطريق نحو سلام دائم".

المملكة