يعقد الاجتماع الـ14 لمجلس الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، الخميس، في منطقة البحر الميت، حيث ينعقد لأول مرة في دولة شريكة من دول الجوار الجنوبي للاتحاد، ما يعكس عمق ومتانة الشراكة الثنائية الاستراتيجية.
ويترأس الاجتماع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية/ الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، بمشاركة المفوض الأوروبي لسياسة التوسع والجوار أوليفر فارهيلي، وعدد من وزراء خارجية ومسؤولي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين الأردنيين.
وقالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، إن عقد الاجتماع يتزامن مع مرور 20 عاما على دخول اتفاقية الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي حير التنفيذ.
الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير هيثم أبو الفول، قال، إن "الاجتماع سيستعرض الخميس التقدم المحرز في تنفيذ محاور اتفاقية الشراكة، وسبل تعزيز التعاون وتعميق العلاقات الثنائية والخطط المستقبلية وخاصة المشاريع وبرامج الدعم الاقتصادية والتنموية في إطار (وثيقة أولويات الشراكة) التي تغطي الفترة من 2021 – 2027، ومن المتوقع تبنيها خلال الاجتماع".
وأضاف في حديثه لـ "المملكة" الأربعاء، أن الاجتماع "رسمي عالي المستوى بين الاتحاد الأوروبي والمملكة" يستعرض أيضا المستجدات الإقليمية والتنسيق الأردني الأوروبي لمواجهة التحديات المشتركة، حيث سيكون هناك حديث عن تنسيق الجهود حيالها لتحقيق الهدف المشترك لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد أبو الفول أن العلاقات الأردنية الأوروبية متينة راسخة، وهناك فرص عديدة لتوثيق هذه العلاقات للارتقاء بها، والاتحاد الأوروبي شريك رئيسي للأردن، ومن أهم الشركاء الاقتصاديين، وهناك حرص مشترك متبادل على ترجمة الفرص المتاحة إلى تعاون أعمق وأوسع.
العلاقات بين الأردن والاتحاد الأوروبي تأسست في عام 1977 من خلال توقيع اتفاقية تعاون، وحلّت مكانها اتفاقية الشراكة التي وقعت في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من أيار/مايو 2002، بعد اكتمال عملية المصادقة عليها من جميع البرلمانات الأوروبية والبرلمان الأردني.
وجاءت الاتفاقية منسجمة مع توجه الحكومة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع دول الاتحاد الأوروبي، والتوجه نحو الانفتاح الاقتصادي، وتوسيع الأسواق وتشجيع الاستثمار المباشر في الأردن.
ويبحث اجتماع الخميس، أبرز أفاق التعاون والشراكة وسبل تعزيزها، بما في ذلك المشاريع والبرامج المختلفة، والخطط المستقبلية، ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، لا سيما في ضوء وثيقة أولويات الشراكة بين الجانبين للأعوام 2021 -2027، التي سيتم تبنيها خلال اجتماعات المجلس، وفق الوزارة.
ولفتت وزارة الخارجية إلى أن الأردن هو أول دولة شريكة من دول الجوار الجنوبي يتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن الوثيقة، حيث يعقد اجتماع مجلس الشراكة بين المملكة والاتحاد الأوروبي بشكل دوري، وكان آخر اجتماع في لوكسمبورغ عام 2019، وبسبب جائحة كورونا، لم يتم عقد اجتماع منذ ذلك التاريخ، علما بأن الاجتماع الأول لمجلس الشراكة عقد عام 2002.
ومن المقرر أن تعرض الحكومة خلال اجتماع المجلس المشترك برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي للأعوام 2021 – 2023، الذي يركز على التعافي والنمو الاقتصادي من خلال تحفيز القطاع الخاص لخلق مزيد من فرص العمل للأردنيين وبالأخص للشباب والنساء، ودعم القطاعات الأكثر تضرراً من جائحة كورونا، إضافة إلى تحسين تغطية برامج الحماية الاجتماعية الوطنية.
وتتضمن أولويات برنامج عمل الحكومة مكونا يتعلق بالمشاريع الكبرى والشراكة بين القطاعين العام والخاص التي يتوخى منها تحفيز الاستثمار والنمو في قطاعات ذات أولوية كالنقل والبنية التحتية من مياه وطاقة متجددة ومدارس.
ويشمل مشروع تحلية ونقل المياه العقبة-عمان (الناقل الوطني) وبرنامج التشغيل الوطني، حيث تمت مناشدة الجانب الأوروبي بتوفير الدعم لهذه الأولويات من خلال المنح والتمويل الميسر.
مساعدات الاتحاد الأوروبي للأردن للفترة بين عامي 2014 و 2020، بلغت أكثر من ملياري يورو.
- ارتفاع الصادرات والمستوردات -
ووفق تقرير التجارة الخارجية الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، بلغت صادرات الأردن الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من العام الحالي 63 مليون دولار، مقارنة بـ 43.7 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي، وبنسبة ارتفاع بلغت 44.2%.
وبلغت المستوردات من الاتحاد الأوروبي 681.9 مليون دولار للربع الأول من العام الحالي، مقارنة مع 625.1 مليون دولار للفترة ذاتها للعام الماضي، وبنسبة ارتفاع بلغت 9.1%.
وبهذا، فإن العجز في الميزان التجاري، الذي يمثل الفرق بين قيمة المستوردات وقيمة الصادرات الكلية قد بلغ 618 مليون دينار، وبارتفاع نسبته 6.29%.
ووفقا للبيانات، تصدرت هولندا سلم الصادرات الأردنية إلى دول الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من العام الحالي، لتبلغ نحو 12 مليون دينار، في حين تصدرت ألمانيا قائمة الدول التي تستورد منها الأردن، حيث بلغت مستوردات المملكة من ألمانيا نحو 146 مليون دينار.
- دعم وتعاون مستمران -
الاتحاد الأوروبي، أعلن في 10 أيار/مايو عبر مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع أوليفر فارهيلي، دعمه للأردن في إجراءاته للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم من جراء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال فارهيلي، في تغريدة عبر تويتر بعد لقائه وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، على هامش مؤتمر بروكسل 6 لمستقبل سوريا والمنطقة، إنه "ناقش مع الوزير أيضا الأولويات الجديدة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والأردن للأعوام 2021-27 للمساهمة بدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المدى البعيد".
وأعلن الاتحاد مسبقا أنه سيقدم 25 مليون يورو، للأردن، لدعم استجابته لارتفاع أسعار المواد الغذائية وسط الحرب الدائرة في أوكرانيا، حيث يعدّ التمويل جزءا من مبادرة "مرفق الغذاء والقدرة على الصمود" التي تبلغ قيمتها 225 مليون يورو لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بحث الصفدي وفارهيلي، سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والاتحاد الأوروبي، وآخر المستجدات الإقليمية، واستعرضا برامج الشراكة والدعم المقدمة من الاتحاد الأوروبي إلى المملكة، وأكّدا عمق الشراكة ورحابة آفاق تطويرها في المجالات كافة.
واتفقا على استمرار التواصل والتشاور لتحديد أولويات الشراكة وخصوصا في الجانبين الاقتصادي والاستثماري، لتجاوز التحديات الاقتصادية وإسناد برامج النمو اللذين يشكلان أولويةً في سياسات المملكة الاقتصادية.
فارهيلي، أشاد بدور المملكة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، في تكريس الأمن والاستقرار في المنطقة، لافتاً إلى أن المملكة شريك استراتيجي مهم للاتحاد الأوروبي. مُؤكداً وقوف الاتحاد إلى جانب المملكة لمواجهة التحديات الاقتصادية، مُثمناً دور المملكة الإنساني إزاء اللاجئين السوريين، ومؤكداً التزام الاتحاد الأوروبي في دعم المملكة لمواجهة أعباء استضافتهم.
وأعاد الصفدي تأكيد حرص المملكة على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في المجالات كافة، وبما يخدم العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي وأيضاً في إطار الشراكة الأورو- متوسطية، كما أشاد بدعم الاتحاد الأوروبي لبرامج الدعم المتنوعة وخصوصا التي تمثلت في مواجهة أعباء جائحة كورونا.
واستعرضا آخر التطورات الإقليمية، وفي مُقدمها القضية الفلسطينية، والجهود المبذولة لحل الأزمات في المنطقة، وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية وتبعاتها.
وبحث اللقاء موضوع اللاجئين الذين تستضيفهم المملكة، وضرورة استمرار المجتمع الدولي بتقديم العون والمساعدة لهم، ولا سيما في ضوء تراجع الاهتمام والدعم الدوليين في قضية اللاجئين. وثمّن الصفدي الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لمساعدة المملكة على تحمل أعباء اللجوء.
في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أعلن الاتحاد الأوروبي، التزامه بتقديم 164 مليون يورو للأردن كمساعدات مالية للعام الحالي 2021، ومليارين ونصف المليار يورو للأعوام السبعة المقبلة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي في عمّان بين وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، مع فارهيلي، حيث اتفقا على إنشاء منصة استثمار جديدة لتحديد مشاريع ذات أولوية، وناقشا جملة موضوعات تنموية، وخاصة ما يتعلق بأولويات الشراكة بين الجانبين للسنين المقبلة لتعزيز وتعميق علاقات الشراكة على الصعيد الثنائي، في ظل تحديات فرضتها الأزمة السورية على اقتصاد الأردن وتبعات جائحة كورونا.
فارهيلي، أعلن خلال المؤتمر الصحفي مع الشريدة، عن تقديم حزمة إجمالية للأردن بـ 2,5 مليار يورو خلال الفترة من عام 2021 إلى 2027.
وبحث الجانبان أيضا، برنامج المساعدات الأوروبية للأردن للفترة 2021 – 2024 ضمن إطار دعم الاتحاد الأوروبي للأعوام 2021 – 2027، حيث قال المفوض الأوروبي خلال المؤتمر الصحفي، إن حزمة المساعدات الأوروبية من المنح التي يلتزم الاتحاد الأوروبي بتوفيرها للأردن للفترة (2021 - 2024) لن تقل سنويا عن 164 مليون يورو.
وأضاف: "سيوفر الاتحاد الأوروبي منحاً إضافية سنوية بقيمة لا تقل عن 80 مليون يورو لدعم الأردن في الاستجابة للأزمة السورية" مشدداً على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل مساعدة الأردن والوقوف إلى جانبه في تحمل عبء استضافة اللاجئين السوريين.
وأكد الشريدة للمسؤول الأوروبي مضي الأردن بتنفيذ الإصلاحات المختلفة، مشيراً إلى مصفوفة الإصلاحات الاقتصادية الوطنية، وكذلك النتائج الإيجابية للمراجعات مع صندوق النقد الدولي، التي تمضي بشكل متوازٍ مع باقي الإصلاحات التي تعمل الحكومة على تنفيذها، وتساهم في مسيرة التنمية والتحديث والتطوير التي يواصل الأردن انتهاجها.
وبين أن الأردن يرتبط بعلاقات متينة تاريخية واستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، التي شهدت نقلة نوعية في السنين الأخيرة بفضل جهود جلالة الملك عبدالله الثاني/ ولقاءاته المتواصلة مع المسؤولين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وخاصة المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.
وقال الشريدة، إن الاتحاد الأوروبي من الجهات المانحة الرئيسة للأردن، حيث أسهمت المساعدات التي قدمها في تنفيذ البرامج الإصلاحية والتنموية للأردن وبرامج ومشاريع في قطاعات حيوية هامة، وتوفير منح للدعم القطاعي من خلال الموازنة العامة، ومنح إضافية للمساهمة في تمكين الأردن من تحمل تبعات استضافة اللاجئين السوريين، ولتلبية احتياجات المجتمعات المستضيفة للاجئين وحسب خطة الاستجابة الأردنية، وذلك إلى جانب القروض المخصصة لدعم الموازنة للمساهمة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي وتغطية الاحتياجات المالية العاجلة من خلال توفير الدعم المباشر للخزينة بشروط ميسرة جداً، وبسعر فائدة منافس وفترة سداد طويلة.
فارهيلي، أعاد التأكيد على أن "الأردن شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي وسنقدم دعماً كبيراً للبلاد في السنوات المقبلة"، موضحا أن "الهدف من الزيارة مناقشة كيفية المضي قدماً في تنفيذ الأجندة الجديدة مع دول حوض البحر المتوسط والخطة الاقتصادية والاستثمارية للجوار الجنوبي".
"قطعنا خطوة مهمة إلى الأمام بالاتفاق على إنشاء إطار تنسيقي (منصة) للاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والأردن"، حيث سيساعدنا ذلك على حشد الاستثمارات لدعم المشاريع الرئيسة المتفق عليها بشكل مشترك بين الاتحاد الأوروبي والأردن، مثل مشروع تحلية ونقل المياه العقبة - عمان ومشروع تأهيل جسر الملك حسين. كما سيشكل منتدى مهماً لإطلاق المزيد من الاستثمارات للمشاريع المستهدفة المستدامة، ودعم عملية التحديث الاجتماعي والاقتصادي في البلاد"، بحسب فارهيلي.
- اتفاقية شراكة وفق 3 محاور -
وتتكون اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية من عدة بنود تتناول الترتيبات والتنظيمات كافة المتعلقة بمختلف المواضيع التي من أهمها؛ تجارة السلع الصناعية، وتجارة المنتجات الزراعية، وإزالة القيود غير الجمركية، وقواعد المنشأ، وحق تأسيس الشركات والخدمات، وتحرير التجارة في الخدمات، والمدفوعات وحركة رأس المال، والمنافسة، وتحرير العطاءات الحكومية، وحقوق الملكية الفكرية.
التعاون من خلال الاتفاقية تجري وفق 3 محاور رئيسة؛ أولها المحور السياسي والأمني، حيث يتضمن مبادئ وقواعد عامة تحكم التعاون بين الطرفين في المجال السياسي والأمني، وتتوخى الاتفاقية من خلال الحوار السياسي التوصل إلى مجموعة أهداف مشتركة، وبخاصة تلك المتعلقة بالسلام، والأمن، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتنمية الإقليمية.
والمحور الثاني هو الاقتصادي والمالي، حيث هدفت إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين الأردن والاتحاد الأوروبي خلال فترة انتقالية مدتها 12 سنة تبدأ من تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، وفقا لأحكام اتفاقية الشراكة والاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة (GATT)، والاتفاقية العامة للتجارة بالخدمات (GATS).
وفي هذا الإطار، يقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية وفنية للدول الموقعة على اتفاقيات شراكة من خلال برنامج المساعدات ميدا (MEDA)، والذي يهدف بشكل خاص إلى تقديم الدعم المالي والفني للدول المتوسطية لإجراء الإصلاحات الاقتصادية اللازمة والتخفيف من النتائج العكسية المحتملة لعملية للتحول الاقتصادي.
أما المحور الاجتماعي والثقافي:، فيتضمن المبادئ والقواعد العامة التي تحكم التعاون بين الاتحاد الأوروبي والأردن في المجال الاجتماعي والثقافي، وتتوخى الاتفاقية من خلال الحوار المتواصل إلى تحسين شروط العمل للأردنيين العاملين بصفة قانونية في دول الاتحاد، وزيادة الوعي لحضارات وثقافات الطرفين، ومحاربة التمييز.
ويهدف هذا المحور أيضا من خلال البرامج والمشاريع المشتركة إلى إزالة عوامل الهجرة، بإيجاد فرص العمل وتوفير التدريب والتأهيل في الدول المتوسطية، وزيادة دور المرأة في التنمية الاقتصادية، وتحسين النظام الصحي ونظام الضمان الاجتماعي، وتبادل الزيارات الشبابية بقصد زيادة الوعي والتفهم للثقافات المختلفة.
المملكة