وصل جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ألمانيا الثلاثاء، في زيارة عمل، التقى خلالها الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، بعد زيارته للنرويج.
وعقد جلالة الملك مباحثات مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في أول لقاء منذ توليه منصبه، بشأن آليات تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في المجالات كافة، فضلا عن بحث آخر المستجدات إقليميا ودوليا.
ويرتبط الأردن بعلاقات صداقة تاريخية ووثيقة مع ألمانيا، إذ أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1965، ومنذ ذلك الحين تتطور العلاقات بشكل إيجابي في العديد من المجالات، حتى أصبحت شريكا استراتيجيا مهما للأردن.
ويجري البلدان مشاورات ثنائية بشكل منتظم، لبحث التطورات في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك، إذ تتمتع ألمانيا بدور مؤثر ومهم على مستوى الاتحاد الأوروبي والعالم، وفق الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين.
ويتبادل البلدان العديد من الزيارات الثنائية على جميع المستويات، فضلا عن التعاون على المستوى البرلماني من خلال لجنة الصداقة البرلمانية الأردنية الألمانية، إذ يحرص أعضاء البرلمانين الأردني والألماني على التواصل المستمر في ما بينهم.
وتُعد ألمانيا من أكثر الدول التي تسهم في دعم اللاجئين السوريين، فيما تحتل المرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي من حيث تقديم التمويل اللازم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وثمة تعاون وثيق بين البلدين في المجال العسكري وفي مكافحة الإرهاب، فضلاً عن أن ألمانيا من الدول الأكثر تقديما للمساعدات والمنح للأردن، حيث يتم توجيه جزء كبير من المساعدات لتمويل العديد من المشاريع، بخاصة في مجالات الطاقة والمياه وتكنولوجيا المعلومات.
- تعزيز الشراكة المتجذرة -
نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، شدّد خلال مؤتمر صحفي مع وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك في شباط/ فبراير الماضي، في عمّان، على أهمية لقاء القمة الذي سيجمع جلالة الملك عبدالله الثاني والمستشار الألماني أولاف شولتس في إعطاء المزيد من الزخم لمسار تعزيز الشراكة المتجذرة بين البلدين.
وقال: "علاقاتنا قوية، والتواصل بيننا مستمر على مستوى الملك والمستشار الألماني، ونحن نثمن عاليا الشراكة التي تجمعنا بألمانيا، ونشكر الدعم الذي تقدمه".
وأكدَت الوزيرة الألمانية أهمية الأردن كشريك رئيس لألمانيا في المنطقة، وقالت، إن ألمانيا ستبقى شريكا موثوقا يعتمد عليه الأردن.
وأشار الصفدي إلى أن ألمانيا أقرت العام الماضي دعما للأردن بنحو 483 مليون يورو، لافتا النظر إلى أن هذا الدعم سيسهم بالمساعدة في مواجهة التحديات التي جاء الكثير منها "انعكاسا للأزمات الإقليمية التي عانى الأردن من تبعاتها".
- تنسيق لدعم اللاجئين -
الصفدي، أكّد أن "ألمانيا لها دور رئيس في دعم وكالة أونروا. وهي من أكبر 3 دول داعمة ومانحة لموازنة الوكالة"، مضيفا أن "ألمانيا لم تغب عن أي من المؤتمرات التي نظمناها سابقا، بالتعاون مع السويد، لدعم الوكالة وتوفير الأموال لسد العجز الذي عانت منه لفترات طويلة".
وبلغ دعم ألمانيا للوكالة في عام 2020 نحو 70 مليون دولار، وفي عام 2021 نحو 40 مليون دولار، حيث يستضيف الأردن نحو 2.4 مليون فلسطيني، بحسب "أونروا".
وقالت بيربوك "نكنّ للأردن عظيم الاحترام لجهودكم في استقبال وتأمين عيش اللاجئين، سواء الفلسطينيين أو السوريين، الذين لجأوا إلى الأردن في الأعوام والعقود السابقة"، مضيفة أن بلادها التي تمثل ثاني أكبر شريك تنموي مستمرة في تقديم المساعدة وإيجاد الآفاق للاجئين أيضا. وأكدت "سنبقى إلى جانبكم شريكا يعتمد عليه".
وعن دعمها لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية؛ فقد تصدّرت ألمانيا قائمة الدول والمنظمات المانحة للخطة بتمويل بنحو 178 مليون دولار من متطلبات العام 2021، بحسب بيانات اطلعت عليها "المملكة".
وفي العام الذي سبقه، كانت ألمانيا في المرتبة الثانية، بعد الولايات المتحدة الأميركية، في تصدرها قائمة الدول والمنظمات المانحة للخطة بتمويل بلغ نحو 204 ملايين دولار.
وتراجع تمويل الدول والمنظمات المانحة لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للعامين الماضيين، حيث جرى تمويل 30.6% من إجمال الخطة في العام الماضي، و49% فقط من إجمالي الخطة في عام 2020.
الصفدي، عبر عن قله من "تراجع الدعم الدولي للاجئين وللدول المستضيفة للاجئين" موضحا أن هذا "سيضع المزيد من الضغوط على الأردن، وسينعكس سلبا على القدرة في توفير احتياجات اللاجئين".
وخلال المؤتمر مع الوزيرة الألمانية، قال: "اللاجئون مسؤولية دولية، ولا يمكن أن تترك للدول المستضيفة وحدها. الكل عليه أن يتحمل مسؤوليته في هذا الصدد".
ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، بينهم 672952 لاجئا مسجلا لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، من أصل أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري في الأردن، ودول مجاورة.
- شراكة قوية في عهد ميركل -
وكان للمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، جهود مستمرة ودور كبير في تعزيز علاقات الصداقة وتوسيع التعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية ألمانيا الاتحادية.
ومنح جلالة الملك عبدالله الثاني المستشارة ميركل، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسام النهضة المرصع، الذي يمنح للملوك والأمراء ورؤساء الدول، وقال عبر تويتر "ممتنون للقيادة الحكيمة للمستشارة ميركل وجهودها في تعزيز الصداقة والتعاون البلدين. يتطلع الأردن إلى مواصلة العمل عن كثب مع ألمانيا لبناء السلام والاستقرار في الإقليم".
وأشاد جلالة الملك بالعمل مع المستشارة ميركل خلال فترة حكمها على مدى أكثر من 15 عاماً؛ إذ شهد البلدان شراكة قوية بُنيت على الالتزام بالعمل لإحلال السلام العالمي والاستقرار.
واعتبر جلالته أن القيادة المحورية لميركل وجهودها الجادة ساهمتا في تعزيز التفاهم المشترك، وكان لها دور مهم في بناء شراكات متينة، لما تمتعت به من صوت للحكمة.
وأشار إلى أن إنجازات ميركل، خلال الأعوام الماضية، تشهد على قيادتها المتوازنة، وقد ساعدت عالمنا في التصدي للعديد من الأزمات، آخرها جائحة كورونا وتداعياتها، معربا عن امتنانه لجهودها خلال توليها المسؤولية من أجل تعزيز الشراكات لبناء عالم أكثر ازدهارا وسلاما.
ميركل، أشارت وقتها إلى اهتمامها بجهود الإصلاح القائمة حاليا في الأردن في عدة مجالات، معبرة عن امتنانها وشكرها، لتعامل الأردن مع العديد من القضايا السياسية والأمنية؛ نظراً لموقعه الجغرافي، مضيفة "لقد تعلمت الكثير من جلالة الملك خلال سنوات خدمتي".
وتطرقت المستشارة ميركل، وقتها إلى السياسة الخارجية والقضايا المشتركة؛ إذ عبرت عن شكرها لجهود الأردن والتزامه بحل الدولتين، وهو ما أكدته أخيراً خلال زيارتها لإسرائيل، وقالت "نحن لا نريد الاستغناء عن حل الدولتين، بل نريد الاستمرار في العمل على تحقيقه، لأن أفضل ضمان لأمن إسرائيل يكون عبر دولة قابلة للحياة للفلسطينيين".
وأشادت ميركل بدور جلالة الملك في رعاية المقدسات في القدس والوصاية الهاشمية عليها، والتي اعتبرت أنها "مَهمةٌ خاصة ومُهمة جدا".
ووجهت الشكر إلى جلالة الملك لدوره في العمل لإيجاد حلول سلمية لصراعات المنطقة ونشر الاستقرار فيها، في ظل ظروف صعبة، وعلى تعاون جلالته خلال الأعوام الماضية، مشيدة بجهوده في تعزيز الازدهار في الأردن.
- ثاني أكبر مانح -
تُعد ألمانيا ثاني أكبر دولة مانحة للأردن بعد الولايات المتحدة، حيث دعمت البلاد بأكثر من 2.7 مليار يورو منذ عام 1960، إضافة إلى أنها تعمل على مشاريع قيد التنفيذ في الأردن بأكثر من مليار يورو، وفق تصريحات سابقة لبنك الإعمار الألماني.
وتوجّت المساعدات الألمانية في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بتخصيص 483.69 مليون يورو مساعدات جديدة للأردن من منح ومساعدات فنية وقروض ميسرة ستوجه لتمويل مشاريع تنموية قطاعية ذات أولوية، ولدعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.
وتشمل المساعدات: 300 مليون يورو مساعدات مالية لدعم قطاعات مختلفة مثل المياه والصرف الصحي، والتعليم، والتدريب المهني والتعليم التقني للمساهمة في توفير مزيد من فرص العمل، و44.37 مليون يورو منح على شكل مساعدات فنية، إضافة إلى 36.6 مليون يورو تمثل التزامات سابقة كانت قد أعلنت عنها ألمانيا خلال عام 2021.
وتضمنت المساعدات السنوية أيضا، منحا بقيمة 102.72 مليون يورو لدعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، لتمويل مشاريع للمجتمعات المستضيفة ولدعم اللاجئين السوريين.
وتمتاز ألمانيا بخبراتها الكبيرة في القطاعات الصناعية، إذ يستورد الأردن الكثير من المواد منها، وفي عام 2021، بلغ حجم الصادرات الأردنية إلى ألمانيا 18.2 مليون دولار، بينما بلغ حجم الواردات 544.2 مليون دولار.
وهناك العديد من الفرص الاقتصادية التي يجب الاستفادة منها لتنشيط حجم التجارة الأردنية إلى الأسواق الألمانية، إضافة إلى الاتفاقيات الموقَّعة بين البلدين التي يجب تعظيم الاستفادة منها أيضا.
المملكة