أجرى سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، لقاءً عبر شاشة التلفزيون الأردني، بمناسبة ذكرى تعريب قيادة الجيش العربي.

وتحدث سموه، خلال اللقاء الذي بُث اليوم الجمعة، عن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، معرباً عن فخر جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، برفاق السلاح.

ولفت سمو ولي العهد، خلال اللقاء، إلى الدور الكبير للمغفور له، بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، في اتخاذ قرار تعريب قيادة الجيش التاريخي، وما تركه الملك الحسين من إرث كبير.

وتطرق سموه في لقائه إلى مواضيع عدة، منها مئوية الدولة الأردنية، وتداعيات أزمة كورونا.

وفيما يلي النص الكامل للقاء، الذي أجراه الإعلامي أنس المجالي:
 
التلفزيون الأردني: في هذا اللقاء الخاص، مع صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، نعرج على العديد من المناسبات: ذكرى تعريب قيادة الجيش العربي، ومئوية الدولة، إضافة إلى العديد من المواضيع.

صاحب السمو الملكي أهلاً ومرحباً بك سيدي!
 
سمو ولي العهد: شكراً سيدي على هذا اللقاء، وتحياتي من خلالكم للمشاهدين، وإذا سمحت لي قبل كل شيء، أن أوجه تحية اعتزاز لجميع العاملين في مكافحة وباء كورونا، ورحم الله الذين توفّوا من أهلنا، وحمى الله الجميع. (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
 
التلفزيون الأردني: سمو الأمير هذا اللقاء يتزامن مع ذكرى عزيزة وغالية على قلوبنا جميعاً، ذكرى تعريب قيادة الجيش، وللقوات المسلحة كما نعلم جميعاً الدور الأكبر والأبرز في حماية وطننا، سيدي كوليٍ للعهد أنت ترتبط بعلاقة مميزة بالقوات المسلحة، نتحدث بشكلٍ أكبر عن هذه العلاقة؟
 
سمو ولي العهد: أولاً سيدي، في الجيش أنا لست ولياً للعهد، أنا ملازم أول شأني شأن بقية الضباط، والقوات المسلحة مدرسة تعلم الالتزام والتضحية والانضباط. وبصراحة الزمالة التي لمستها بالجيش لم أرَ مثلها بأي مكان آخر.

وكما تفضلت نحن نحتفل بيوم تاريخي في مسيرة الدولة، وهذا إنجاز يحسب لجدي الحسين رحمه الله، الذي ورّثنا حب العسكرية.

وكما تعلم والدي، جلالة سيدنا، عسكري قبل كل شيء، وخدم فترة طويلة في الجيش العربي وتسلسل بالرتب والمواقع القيادية حتى أصبح قائداً للعمليات الخاصة برتبة لواء.

لغاية اليوم، عندما أرافق سيدنا، أرى كيف تتغيّر ملامحه عندما يلتقي الذين خدموا معه وأشعر بمدى سعادته عندما يسترجع ذكرياته معهم.
 
التلفزيون الأردني: سمو الأمير هذا إرث جميل وراقٍ، والعلاقة بين العائلة الهاشمية والقوات المسلحة مميزة تاريخياً. وقبل فترة وجيزة شهدنا إطلاق برنامج رفاق السلاح، لدعم المتقاعدين العسكريين وهذا إن دل على شيء فيدل على الإيمان العميق بالقوات المسلحة عاملين ومتقاعدين، أليس كذلك سمو الأمير؟
 
سمو ولي العهد: حجم سعادتي لا يمكن وصفه عند إطلاق هذا البرنامج، لأنه يلامس حياة إخواننا الذين خدموا. وهذا البرنامج أولوية لدى سيدنا، بحكم معرفته بهم وقربه الدائم منهم يعلم مدى عطائهم للبلد. وإن شاء الله يلبي هذا البرنامج تطلعات المتقاعدين العسكريين.
 
التلفزيون الأردني: سمو الأمير في بداية الحديث ذكرت الراحل الكبير، الراحل الباني، الملك الحسين، طيب الله ثراه، وأنت تحمل اسم الحسين، والناس تشبهك به، هل من كلمات محددة بهذا الخصوص؟
 
سمو ولي العهد: هذا شرف كبير لي، لكن الموضوع ليس الشبه بالشكل، الأهم أن أحمل مبادئه.

جدي الحسين كان شخصية فريدة، وتعلمنا منه أن يكون لدينا فكر ونهج مستقلان، ضمن الثوابت التي تربينا عليها، رحمه الله. كان قيادياً ومُلهماً وقريباً من الناس. وبما أنني أحمل اسمه فهذا يجعلني أشعر بمسؤولية كبيرة، وبارتباط قوي به.

لغاية اليوم، كلما أرى صوري معه أتذكر طفولتي واهتمامه بي، وبصراحة أتأثر بشكل كبير.

عندما يتذكر الناس جدي الحسين، يتذكرون خطاباته ومواقفه، لكن عندما أرى صمود الأردن رغم كل شيء، أقول هذا هو الإرث الذي تركه جدي رحمة الله عليه. 
 
التلفزيون الأردني: هذا إرث جميل سمو الأمير. أيضاً دوماً نراك على يمين جلالة الملك عبدالله الثاني، وبالتأكيد هذا القرب يترك أثراً في خبرتك اليومية، أليس كذلك؟
 
سمو ولي العهد: بالطبع وكما يُقال "المجالس مدارس"، وأنا أعتبر نفسي محظوظاً لأني أتعلّم منه. أرى دائماً كيف جلالة سيدنا يكون حازماً بالظروف الصعبة لكنه عطوفٌ بالمواقف الإنسانية، وكيف يحافظ دائما على هدوئه ويتّخذ القرارات اللازمة بالوقت المناسب.

حجم المسؤولية التي تقع على عاتق جلالة الملك، من الصعب وصفها. على سبيل المثال، البعض لديهم التزامات بسيطة ولا ينامون الليل، فما بالك بالذي تكون مسؤوليته بلداً بأكمله. حفظه الله ووفقنا لنكون عند حسن ظنه، ونخدم البلد كما ربانا.
 
التلفزيون الأردني: سمو الأمير نتحدث عن تداعيات أزمة كورونا بعد مرور أكثر من عام على ظهور هذه الجائحة التي غيرت الكثير في العالم، هل سنشهد بداية للانفراج؟
 
سمو ولي العهد: هذا الموضوع جديد على العالم، ولم يعلم أحد شكل العدو الذي نواجهه. وللأسف الكثير من العائلات فقدت أشخاصاً أعزاء عليهم، بالإضافة إلى أن الإغلاقات والإصابات أثرت على أرزاق الناس وأثرت على الاقتصاد. لكن، إن شاء الله مع وجود اللَّقاح سنتمكن من التعافي تدريجياً من أثر الأزمة.
 
التلفزيون الأردني: سمو الأمير إن شاء الله بهمة الجميع نستطيع أن نتعافى قريباً.
 
سمو ولي العهد: الأردن من أوائل الدول التي حصلت على المطعوم في المنطقة، لكن سبب تأخير عملية التطعيم هو الشركات المصنعة للقاحات، والأردن بصدد توفير كميات كبيرة من المطعوم إن شاء الله. فمن الضروري أن يأخذ الجميع بالأسباب، والتسجيل لأخذ اللقاح. لذلك الصبر مطلوب و"إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً".
 
التلفزيون الأردني: سيدي، أيضاً لا بد أن نتحدث عن الوضع الاقتصادي، هذا الوضع الذي لا يخفى على أحد، سؤالي بشكل مباشر سمو الأمير، كيف لنا أن نعزّز اقتصادنا المحلي في ظل التحديات التي تواجهنا؟
 
سمو ولي العهد: جوهر تحدينا هو الاقتصاد. والأردن مر بأزمات متتالية: من حرب العراق إلى انقطاع إمدادات الغاز إلى الأزمة السورية، وحالياً أزمة كورونا، وجميع هذه الأزمات أثرت على مسار الإصلاح الاقتصادي. 

وكغيرنا من الدول حصلت بعض الأخطاء، التي يجب مراجعتها والتعلم منها، لذلك؛ لا بد من وجود هدف واضح ومأسسة العمل وجرأة في اتخاذ القرار، في نهج الدولة بالتعامل مع الملفات الاقتصادية، وألّا تتغير سياسة المؤسسات بتغيّر المسؤول عنها، حتى لا تتأخر المشاريع.
 
وفي المحصلة، الشيء الأهم، هو أن نلمس نتائج على أرض الواقع، وأن يكون الاعتبار الوحيد أمام أي مسؤول هو المواطن. وبصراحة، لا يوجد لدينا الوقت والصبر لأي اعتبارات ثانية.
 
التلفزيون الأردني: سيدي نراك دائما بين الشباب، كيف ترى فرص تمكين الشباب وتأهيلهم لدخول سوق العمل؟
 
سمو ولي العهد: أولاً "شبابنا قد حالهم"، وأنا ألتقي بهم باستمرار. جميعهم يمتلكون الطّاقة، ولكنهم يحتاجون الفرصة، لذلك لا بد من التركيز على تطوير مهاراتهم.

على سبيل المثال مؤسسة ولي العهد من المؤسسات التي تحاول الوصول للشباب في كل المناطق، والمساهمة في مجال التعليم التقني، من خلال مبادرات عديدة مثل جامعة الحسين التّقنية. وهذه المهارات ستساهم في تأهيل الشباب لسوق العمل.
 
التلفزيون الأردني: بالتأكيد سمو الأمير، خصوصاً أن المستقبل للتعليم التقني، والعديد من الدراسات المحلية تؤكد أن هنالك الكثير من التخصصات التي باتت راكدة ومشبعة. هنا سمو الأمير ونحن نتحدث عن الشباب، هل تتابع تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟
 
سمو ولي العهد: في بعض الأحيان عندما يتسنى لي. مواقع التواصل الاجتماعي مهمة جداً، ومن الصعب الاستغناء عنها، لكن هذه المواقع لا تعكس الواقع دائماً، لذلك أُحاول التواصل مع الناس بشكل مُباشر.

وفي كثير من الأحيان للأسف، مواقع التواصل الاجتماعي تعكس أخباراً سلبية وغير صحيحة، والأصل في الأشياء " فَتَبَيَّنُوا". في بعض الأحيان أتصفح المواقع على هاتفي أجد نفسي "خاطبا" أو "متزوجا"، وتوجد قصص كثيرة غير صحيحة نشاهدها، وهذا ما يحصل مع معظم الناس.
 
التلفزيون الأردني: سيدي سمو الأمير أنت درست التاريخ الدولي، ومُطّلع على الشأنين المحلي والخارجي، كيف استطاع الأردن أن يحمي مصالحه ويحافظ على مواقفه الثابتة؟
 
سمو ولي العهد: الجميع يعلم أن الأردن تاريخياً مر بظروف أصعب بكثير من التي نعيشها اليوم. فصمود الأردن حالة تدرس، وبهذا العام نحتفل بمئويّة الدولة، هذه الدولة التي صمدت وازدهرت بمنطقة مُلتهبة وهذا بفضل إيماننا شعباً وقيادة بالبلد.

رؤية الأردن واضحة، وهي حماية مصالحه الاستراتيجية، وفي المقابل، مواقفنا دائماً ثابتة تجاه القضايا العربية، وخصوصاً تجاه القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية. وسيدي، القدس قضية شخصية لدى الهاشميين، وخط أحمر عند كل أردني.
 
التلفزيون الأردني: بكل تأكيد سيدي القدس والمقدسات في وجداننا جميعاً. في الختام سيدي، ما هي تطلعاتك لمستقبل الأردن؟
 
سمو ولي العهد: إذا أردت إجابة على هذا السؤال، أعتقد من الضروري أن نسأل أنفسنا كأردنيين، ما هو شكل المستقبل الذي نريد؟ وما هو دور كل مسؤول وكل مواطن في بناء مجتمع أساسه الإنتاجية والعدالة والكفاءة؟
 
 التلفزيون الأردني: بالضبط سمو الأمير، قد تكون هذه رسالة للجميع، أن علينا العمل لمثل هذا المستقبل.
 
سمو ولي العهد: بلدنا زاخر بالقدرات البشرية، وهو متحف من الشمال للجنوب ولدينا طاقة إبداعية هائلة، ونمتلك جميع المكونات الأساسية للتقدم. المطلوب اليوم أن "نشمّر عن إيدينا" ونعمل مع بعضنا البعض بروح واحدة؛ لأن "يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ".

وهكذا نحن الأردنيين، يدٌ واحدة بإذن الله تعالى، وثابتون تحت أي ظرف. أنا متفائل بالمستقبل، وأدعو الله أن يبقى الجميع بخير والله يحمي البلد.
 
التلفزيون الأردني: آمين، كل الشكر لك سمو الأمير.

المملكة