قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الأربعاء، إن الأردن ليس من يقرر حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وليس وحده المسؤول عن منع تدهور الأوضاع في المنطقة إلى ما هو أسوأ والتقدم إلى ما هو أفضل.
وأوضح عبر برنامج "العاشرة" أن الأردن يبذل كل جهد ممكن، مع الإشارة إلى المسؤولية العربية الإسلامية الدولية.
"نحن نقوم بدورنا كاملاً، وإسرائيل هي من تتحمل مسؤولية ما ينتج عن قرار ضم أراض فلسطينية من تداعيات صعبة ومؤلمة للجميع".
وتخطط إسرائيل إلى ضم منطقة غور الأردن الاستراتيجية التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية، التي يوجد فيها نحو 450 ألف إسرائيلي في مستوطنات وسط 2.7 مليون فلسطيني، وتشمل الخطة ضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة والغور الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت.
وبموجب اتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو، ووزير الجيش بيني غانتس، على الحكومة الإسرائيلية أن تعرض اعتبارا من الأول تموز/يوليو، مبادراتها لترجمة صفقة القرن.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في 28 كانون الثاني/يناير من واشنطن صفقة القرن التي تنص على أن تضمّ إسرائيل مستوطناتها في الضفة الغربية التي احتلتها بعد حرب 1967.
وجدد الصفدي التأكيد على أن قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.
"القضية الفلسطينية دائما كانت القضية المركزية للأردن والأولوية له ... وهي أساس الصراع في المنطقة وحلها على أسس عادلة تقبلها الشعوب هو الطريق لتكريس الأمن والاستقرار".
ورأى أن تداعيات ضم إسرائيل لأراض فلسطينية ستكون "كبيرة" وهو يقلق الأردن، وتداعياته على العملية السلمية كبيرة وتقلق الأردن، وقتل الأمل بالسلام سيكون له انعكاسات تقلق الأردن أيضاً.
وجدد التأكيد على وقوف الأردن إلى جانب الفلسطينيين والسلام العادل والشامل.
"نقوم بكل ما نستطيعه لضمان سير المنطقة نحو مستقبل أكثر أمنا واستقرارا وسلاما، وليس مستقبلا يملأه الصراع والفوضى (...) ونبذل كل ما نستطيعه من جهد لإيجاد أفق سياسي للتقدم للأمام، ونحمي مصالح الأردن، ونتخذ كل ما هو ضروري لحماية المصلحة الأردنية".
وقال، إن "الأردن له مصلحة وطنية في حل الصراع، وفي تحقيق السلام الشامل الذي تقبله الشعوب".
"قتل" لحل الدولتين
الوزير الصفدي الذي زار رام الله الأسبوع الماضي، قال، إن تنفيذ الضم "قتل" لحل الدولتين، ونسف لكل الأسس التي قامت عليها العملية السلمية، وفي ذلك حرمان لكل شعوب المنطقة من حقها في العيش بأمن وسلام.
"بشكل واضح إن قتل حل الدولتين سيجعل خيار الدولة الواحدة حتميا ... سيكون هناك تكريس لنظام التمييز العنصري وهو ما لا يقبل به العالم"، وفق الوزير.
ورأى أن تكريس نظام "التمييز العنصري" سيضر بإسرائيل ويجعلها في مواجهة رأي عام دولي رافض، وسيكون له تداعيات بشكل طبيعي على الأرض في فلسطين المحتلة.
وأعاد التأكيد على رؤية الأردن في أن حل الدولتين الذي يضمن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام، الذي يشكل ضرورة للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
سلام أو صراع
"نحن نقف على مفترق حاسم، فإما سلام يعيد الحقوق أو صراع طويل أليم، وضرر على كل دول المنطقة، وفق الصفدي الذي أوضح أن تنفيذ الضم يعني أن إسرائيل اختارت الصراع بدل السلام العادل والشامل.
وأشار إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني "يقود جهودا لم تنقطع من أجل بلورة موقف دولي رافض للضم ويعمل على الحيلولة دون تنفيذه".
"الملك يكرس كل إمكانات وعلاقات المملكة من أجل إسناد الفلسطينيين، وضمان التقدم نحو السلام الذي يشكل خياراً استراتيجيا، فلسطينيا وعربياً وإسلاميا ودوليا"، وفق الصفدي الذي أضاف "يعرف الفلسطينيون حجم العمل الذي يقوم به الملك من أجل إسنادهم والخروج من هذا المأزق الذي ستدفعنا إسرائيل إليه ... قرار الضم تصعيد غير مقبول".
واعتبر أن العالم يعرف موقف الأردن من الملف الفلسطيني، وأن صوت الأردن "مسموع".
"العالم يعرف مدى التزام الأردن بالسلام العادل الذي تقبله الشعوب، وتحقيق الأمن والاستقرار".
وأكد دور الأردن في حشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية وبلورة موقف رافض للضم ومتمسك بحل الدولتين وفاعل في إعادة إحياء لمفاوضات جادة تفضي إلى حل، معتبراً أنه "دور كبير".
ويتأثر الأردن بشكل واضح وكبير، بالمجريات في دولة فلسطين، والأردن معني بإسناد الفلسطينيين وضمان وصولهم إلى حقوقهم المشروعة الكاملة، وفق الوزير.
"سابقة لا يمكن للعالم التعامل معها"
ورأى الصفدي أن الموقف الدولي رافض برمته لقرار الضم، كونه يشكل خرقاً واضحا لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، في عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، كما سيشكل تنفيذه سابقة لا يمكن للعالم التعامل معها.
وتحدث عن الانعكاسات "الكارثية" لتنفيذ الضم على فرص تحقيق السلام، مما سيضع المنطقة أمام تجدد الصراع، خصوصا في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون وظروفهم الاقتصادية الصعبة نتيجة عدم استلامهم عوائد الضرائب ونتيجة ظروف كورونا.
"إذا اجتمعت هذه العوامل من فقدان الأمل والظروف الاقتصادية الصعبة وتجذر لليأس، فالمنطقة كلها ستواجه احتمالات صعبة للأمن والاستقرار في المنطقة".
رفض الضم الجزئي والكلي
وزير الخارجية قال، إن الضم إذا تم بشكل كلي فهو مرفوض، وإذا تم بالشكل الجزئي الذي يطرحه البعض بضم الكتل الاستيطانية الأكبر أيضا سيكون مرفوضا، وسيكون أثره على الأرض كارثيا؛ لأنه سيفصل القدس المحتلة عن باقي أراضي الضفة الغربية، وشمال الضفة عن جنوبها.
وتابع "سيجعل من قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرا غير قابل للتطبيق".
صعوبات كبيرة
الصفدي قال، إن السلام الأردني الإسرائيلي واجه صعوبات كبيرة في الماضي؛ بسبب السياسات الإسرائيلية، مضيفاً أن إسرائيل تعرف مواقف الأردن بشكل جيد، والأردن أرسل رسالته بشكل واضح وصريح.
"الأردن اتخذ دائما المواقف المنسجمة مع ثوابته ومصالحه والمساندة للاشقاء، وسيقوم بكل ما ضروري من أجل التعامل مع أي واقع جديد تحاول إسرائيل فرضه".
وذكر أن إسرائيل تحاول بث معلومات مغلوطة للتشويش على الموقف الأردني، مضيفا أن "ما يقوله الأردن خلف الأبواب المغلقة ذاته الذي يقوله في العلن".
أونروا
وعقد الثلاثاء، مؤتمر افتراضي استثنائي لمانحين تنظمه الأمم المتحدة، لحشد الدعم المالي والسياسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بتنظيم مشترك بين الأردن والسويد، نتج عنه تعهدات بـ 130 مليون دولار لدعم الوكالة الأممية.
ويريد الأردن الوصول إلى تخطيط مالي طويل المدى، بحيث تكون هناك التزامات من الدول لأكثر من سنة (من سنيتن إلى ثلاث) ويكون هناك موازنة معدة لأونروا من سنتين إلى ثلاث سنوات، وفق الصفدي.
وقال، إن "جلالة الملك جعل من إسناد أونروا سياسيا وماليا أولوية للسياسة الأردنية، ووجهنا في وزارة الخارجية لإطلاق جهد مستدام لدعم الوكالة".
تصدير قريب للنفط العراقي للأردن
الصفدي قال بعد إنهائه زيارة إلى العراق إنه جرى الاتفاق في بغداد على تفعيل فرق العمل من أجل البدء بتعاون ملموس في عدة ملفات.
وأشار إلى الملفات تشمل قطاع الطاقة، بشأن تصدير النفط العراقي إلى الأردن أو تصدير الكهرباء الأردنية إلى العراق، وكذلك التجارة والمدينة الصناعية التي اتفق على إقامتها بين البلدين.
وتحدث عن خطوات عملية قريبة للبدء في تفعيل ملفات التعاون الأردنية العراقية، بعد أن تولت الحكومة العراقية مسؤولياتها وبدأت العمل بشأن ذلك، مضيفاً أن "إعادة تصدير النفط العراقي للأردن سيكون قريبا جداً".
ووقع الأردن والعراق في 2 شباط/ فبراير 2019، خلال اجتماعات وزارية في معبر طريبيل-الكرامة، اتفاقيات أبرزها إنشاء منطقة صناعية مشتركة على مساحة 24 كم2.
واتفق الأردن مع العراق على إنشاء منطقة صناعية مشتركة على مساحة 24 كم2 في ديسمبر 2018.
ووافق مجلس الوزراء العراقي في كانون الثاني/ يناير 2019، على تزويد الأردن بـ 10 آلاف برميل يومياً من نفط خام كركوك في منطقة "بيجي صلاح الدين".
مصفاة البترول الأردنية استقبلت منذ بداية تفريغ مادة النفط الخام العراقي لدى موقع المصفاة/ الزرقاء، في الخامس من أيلول/سبتمبر 2019، ولغاية نهاية شهر آذار/مارس 2020، ما مجموعه 2.1 مليون برميل، وبمعدل يومي بلغ نحو 10 آلاف برميل، بحسب وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
الصفدي أجرى مباحثات موسعة مع وزير الخارجية العراقي بشأن أنبوب نفط البصرة-العقبة.
وقال، إن العراق "مر بظروف صعبة وجائحة كورونا وما تبعه من انخفاض في أسعار النفط قلل من وتيرة سرعة العمل لكن ثمة اقتناع راسخ بأهمية المشروع والعمل على تطبيقه، وسيكون مدار بحث بين الوزراء المختصين في الأيام والأسابيع المقبلة.
وذكر الصفدي أن زيارته للعراق كانت لإعادة الزخم لجهود تطوير العلاقة مع العراق، وكانت استئنافا للمحادثات التي بدأتها المملكة مع العراق.
وأكد وقوف الأردن بكل إمكانياته مع العراق في جهود تكريس الأمن والاستقرار وفي مواجهة جائحة كورونا، مع الحرص على استئناف زخم الخطوات التي تصب في مصلحة البلدين.
"خوف وقلق"
بشأن الأزمة الليبية، قال الصفدي إنه لا حل عسكريا للأزمة في ليبيا، والحل يجب أن يكون سياسيا وبإجماع من الأطراف الليبية.
وأشار إلى عمل الأردن مع الأشقاء والمجتمع الدولي، من أجل دعم حل سياسي يستند إلى المرجعيات المعتمدة للتوصل إلى حل للأزمة يحفظ وحدة ليبيا واستقلاليتها واستقرارها، وبما يضمن أمن وجوار ليبيا واستقراره.
وتحدث الوزير عن "خوف وقلق من أقلمة الأزمة الليبية ومن دولنتها"، مضيفا "رأينا الآثار المدمرة لمثل هذه الإجراءات في دول عربية أخرى".
جائحة كورونا
الصفدي قال، إن جائحة كورونا هي تحد دولي، والتعامل معه يجب أن يكون دوليا، والملك يجري اتصالات لا تتوقف مع كل مراكز القرار ومع كل الأصدقاء والأشقاء، من أجل إيجاد آلية تضمن تضامن الجميع في مواجهة الأزمة، وتضمن قدرة الأردن مع تبعات أزمة كورونا الاقتصادية خصوصا الشراكات التي بناها الملك مع الدول والتكتلات الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بهدف تأمين إسناد في التعامل مع تبعات الأزمة اقتصاديا واجتماعيا وصحيا، وهي جهود مستمرة.
المملكة