قال رئيس الوزراء عمر الرزاز، الاثنين، إن الدول التي تستقبل اللاجئين لفترات طويلة، تساهم بحجم كبير من مواردها الذاتية لتغطية تكاليف استضافتهم على أراضيها، مؤكدا أن الأردن ملتزم بالوفاء بالتزاماته الإنسانية، وخاصة تجاه اللاجئين السوريين مثلما فعل دائماً مع أولئك الذين لجأوا إليه منذ عقود طويلة.
جاء هذا خلال اجتماع إطار دعم الاستجابة الأردنية للأزمة السورية الذي عقد برعاية الرزاز، وحضور وزير التخطيط والتعاون الدولي وسام الربضي، ووزيري التربية والتعليم تيسير النعيمي، والصحة الدكتور سعد جابر، وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية، والممثل المقيم للأمم المتحدة، وممثلي منظمات الأمم المتحدة، في حين شارك في الاجتماع عدد من المسؤولين والمعنيين عبر تقنية الاتصال المرئي.
الحكومة والمجتمع الدولي، أقرت الاثنين، خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام 2020-2022 التي تم إعدادها بجهد تشاركي بين ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، ومنظمات الأمم المتحدة، والدول المانحة، والمنظمات غير الحكومية بحجم إجمالي بلغ نحو 6.6 مليار دولار.
وجرى خلال الاجتماع التأكيد على اعتماد خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية كمرجعية وحيدة لتحديد الاحتياجات اللازمة للحد من أثر استضافة اللاجئين السوريين، ودعم المجتمعات المستضيفة، ودعم الخزينة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الأردن تحمل القسط الأكبر من هذه الأعباء نيابة عن المجتمع الدولي؛ الأمر الذي يستدعي استمرار المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم لتخفيف هذه الأعباء.
وأثنى على الشراكة التي تربط الأردن مع الدول والمنظمات المانحة التي كان لها دور في مساعدة المملكة على التعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تداعيات أزمة اللجوء مذكرا بأن الأردن يستضيف نحو 3.6 مليون لاجئ، وليس فقط 1.3 مليون لاجئ سوري.
وبين رئيس الوزراء أن الأردن يهدف بالتنسيق مع الشركاء الدوليين إلى اتخاذ خطوات كبيرة لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة وبشكل عام أجندة التنمية في الأردن، لافتا النظر إلى أن الأردن يعاني من العجز في الموازنة.
وتابع: نريد تذكير الجميع بأنه رغم ما لدينا من مشكلات جديدة ضاغطة على مستوى العالم، ومنها تداعيات جائحة كورونا، ولكن في الوقت نفسه فإن المشكلات والتحديات القديمة ما زالت موجودة، ولم تختفِ وتحتاج إلى معالجات.
وعرض رئيس الوزراء لنهج الدولة الأردنية في التعامل مع التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا. وقال: ركزنا على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المجتمع من انتشار الوباء ومساعدة الفئات الأكثر تضررا وخاصة أولئك الذين فقدوا أعمالهم".
وقال الرزاز، إن الأردن يقاتل والعالم أجمع من أجل مكافحة تفشي وباء كورونا، مما يحتم علينا الوقوف معاً جنباً إلى جنب لمواجهة هذا الوضع المأساوي الذي أثر على الاقتصاد، وفاقم الديون، ورفع معدلات البطالة بين الأردنيين والسوريين، وبشكل رئيس بين أولئك العمال الذين عانوا بسبب الإغلاق من أجل الحد من انتشار الفيروس.
ولفت إلى تأكيد جلالة الملك عبد الله الثاني أخيرا، بأن الأشهر الماضية أظهرت خلال التعامل مع الفيروس الحاجة إلى بعضنا البعض من أجل البقاء والاستمرار، وأهمية الاستفادة من الدروس التي نتعلمها في السعي لتحقيق تكامل أفضل على المستوى العالمي.
وأكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية أندرس بيدرسن، أن العمل الجاد في التخطيط والتنفيذ والمتابعة لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية على مدى السنوات الست الماضية أثبت بأنها أساساً للشراكة المتينة القائمة بين المجتمع الدولي والحكومة الأردنية، ومع دخول الأزمة السورية عامها العاشر، ولا يزال الأردن يعدّ مثالاً عالميا لحسن الضيافة باستضافته لأكثر من 657 الف لاجئ سوري مسجلين في الامم المتحدة.
وقال المنسق الأممي، إنه تم التحقق من خطة الاستجابة في ظل ظروف غير مسبوقة مع انتشار وباء كوفيد 19، حيث ان الأردن اتخذ منذ بداية الأزمة إجراءات حاسمة لحماية كل من يعيش في البلاد من الآثار المباشرة لهذا الوباء على الصحة العامة.
ودعا بيدرسن المجتمع الدولي لدعم الجهود الأردنية للحفاظ على الأمن الإقليمي والحفاظ على الصالح العالمي، وليكن عام 2020 عامًا يمكن من خلاله العمل معًا، حيث نظهر مرة أخرى ما يمكن أن تحققه الشراكة العالمية القوية.
وأكد ضرورة التعافي بشكل أفضل من خلال تطبيق أفضل الممارسات، بما في ذلك الابتكارات التي تلبي الاحتياجات الإنسانية والاستفادة من فرص التعافي والتنمية لتحسين حياة اللاجئين والأردنيين على حد سواء.
وأوضح ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن دومينيك بارتش، أن على العالم ألا يعتبر سخاء الأردن مع اللاجئين أمرا مفروغا منه، فقد كانت المملكة ولا تزال "دولة مضيفة مثالية"، تقدم للاجئين حياة كريمة وآمنة، وفرصا للانخراط بشكل منتج في الاقتصاد المحلي، كما أن الأمر الملحوظ هو حقيقة أن الشعب الأردني مازال يدعم اللاجئين بنسبة ثلاثة من كل أربعة أردنيين لا يزالون ينظرون إلى وجود اللاجئين كأمر إيجابي، وفقًا لبحث أجراه مركز "بيو" للأبحاث.
وقال "نحن ممتنون للغاية لأن الحكومة الاردنية أدرجت في خطة الاستجابة الوطنية لفيروس كورونا جميع السكان داخل حدودها، وكان موقف السياسة الواضح هذا حاسمًا في احتواء انتشار الفيروس وحماية الأردنيين واللاجئين على حدٍ سواء، بينما لا نزال نكافح في جميع أنحاء العالم مع الخسائر البشرية المدمرة لفيروس كورونا وتأثيرها الاقتصادي الساحق، فإن التحقق من صحة البرنامج المشترك في أوقات هذه الأزمة العالمية غير المسبوقة يظهر بوضوح أن الاستجابة يجب أن تتبع نهجًا متكاملًا، إذا أردنا مساعدة المواطنين الأردنيين واللاجئين على حد سواء على استعادة سبل عيشهم".
وأضاف بارتش أن الاستجابة الصارمة من قبل حكومة الأردن لأزمة كورونا تحمل دروسًا مهمة حول كيفية عملنا معًا لتلبية الاحتياجات على المدى المتوسط والطويل للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، خاصة في الوقت الذي تكون فيه احتمالات العودة إلى سوريا لا تبدو وشيكة، وان الحوار المستمر والتنسيق الأوثق بين منظمات العمل الإنساني والإنمائي والشركاء أمر ضروري، إذا أردنا فتح فرص نمو إضافية واستثمارات دولية، وهذا سيحول ما هو اليوم أزمة إنسانية إلى فرصة إنمائية للجميع.
وحول الخطوات الجديدة في تحديث خطة الاستجابة بالنسبة للعام 2020 وما يليه، بين أن الحكومة الأردنية مع المنظمات الدولية أعدت ملحقا للخطة خاصا للاستجابة لجائحة كورونا تضمن عددا من التدخلات الطارئة للحد من أثر الجائحة.
وعلى صعيد متصل، أشاد سفراء الدول العربية والأجنبية بدور الأردن المتميز بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه اللاجئين، وتوفير سُبيل العيش الكريم لهم بالرغم من شح الموارد المتاحة، مؤكدين أنهم سيستمرون ببذل الجهود اللازمة لتوفير الدعم للحكومة الأردنية في مكافحة تفشي وباء فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
وقدمت مستشارة وزير التخطيط والتعاون الدولي فداء غرايبة عرضاً مرئياً وايجازا للخطة تضمن الخطوات التي اتخذت لإعدادها، والوضع التمويلي للخطة موزعا حسب القطاعات، مستعرضة الخطوات المستقبلية التي سيتم السير بها.
المملكة + بترا