يصطلح مفهوم "شركات الزومبي"، على شركات تزاول أنشطة اقتصادية، وتكسب ما يكفيها من المال فقط لمواصلة تشغيل وخدمة ديونها وتغطية نفقاتها التشغيلية من أجور، مصاريف إيجار، ومدفوعات فوائد الديون، من دون تحقيق أرباح للنشاط أو القدرة على النمو والتطور، وتستمر في حالة توصف بـ "الموتى الأحياء" لسنوات فلا تتوقف عن العمل، ولا تحقق أرباحا وعوائد في الوقت ذاته.
إضافة إلى أن الزومبي، هي شركات مثقلة بكميات كبيرة من الديون المتراكمة، ولا تسعى إلى الدخول في إجراءات إعسار أو إفلاس رسمية؛ مثل التصفية الاختيارية، وإذا لم تحصل على مساعدة البنوك وتأجيل أو جدولة سداد قروض متأخرة، سيضطرون إلى الإفلاس.
وتعتمد شركات الزومبي على أسعار الفائدة المتدنية، فأي ارتفاع بمعدلات الفائدة قد يدفع الكثير منها نحو الإفلاس؛ نظرا لأنها تقوم بتسديد فوائد الديون باستمرار دون سداد الأقساط الأصلية، وتستفيد كثيرا بسعي البنوك المركزية عالميا بتخفيض أسعار الفائدة وتحفيز البنوك التجارية على تمويل الشركات.
وظهر مصطلح شركات الزومبي في اليابان في تسعينيات القرن الماضي، مع انفجار فقاعة أسعار الأصول العقارية التي تمت المبالغة في تقييمها، وحرص البنوك والحكومات على دعم وإقراض شركات ضخمة بزعم أنها كيانات عملاقة أكبر من أن تتعرض للانهيار، ولكنها انهارت بالفعل.
وعاد مصطلح شركات "الزومبي" مرة أخرى في عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية، وظهر من جديد مع أزمة فيروس كورونا المستجد الذي يعيشها العالم حاليا.
تأثير "شركات الزومبي" على الاقتصاد
يظهر التأثير الرئيسي لشركات الزومبي على الاقتصاد من خلال إضعاف النمو الاقتصادي، من حيث إنها مستمرة بالتشغيل فقط لسداد الرواتب والأجور وفوائد الديون المتراكمة.
ويرى اقتصاديون أن بقاء شركات الزومبي قد يحافظ على الوظائف فقط، وبالمقابل يعتقد الأغلبية من مؤسسات وخبراء اقتصاديون حول العالم، أن استمرار دعم تلك الشركات مضلل؛ لأنه يعيق النمو في الدولة كون الشركات لا تحقق نموا في الأرباح؛ولذلك فهي لا تساهم في رفد خزينة الدولة بالضرائب، إضافة إلى عدم مساهمتها بتحسين مؤشرات النمو الاقتصادي، ومن ثم يمنع خلق فرص عمل جديدة.
ويخشى العام حاليًا من الدخول في مرحلة اقتصادات "الزومبي" بتنامي عدد الشركات الكبيرة العاجزة عن تحقيق نمو، دون الاعتماد على المساعدات الحكومية، أو الاقتراض المستمر من الأجهزة المصرفية.
وتواجدت تلك النوعية من الشركات قبل انتشار فيروس كورونا، وارتفعت من 1% في نهاية الثمانينيات إلى 12% بنهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وأصبحت تمثل رقما كبيرًا بين الشركات حول العالم.
ويتوقع خبراء اقتصاد أن يتضاعف أعداد شركات الزومبي بالتزامن مع تضرر الاقتصاد العالمي من أزمة كورونا، بسبب انخفاض أسعار الفائدة عالميا، وافتقار الشركات للتخطيط الاستراتيجي السليم، واختيارها خدمات ومنتجات غير مطلوبة بشكل كبير، أو إفراطها في الحصول على قروض للبقاء على قيد الحياة فقط من خلال دفع الرواتب والأجور، وسداد كلفة الديون.
في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت السلطات الصينية أنها تخلصت من 95% من شركات الزومبي، وتعتزم التخلص من الباقي بحلول نهاية عام 2020، ومنعت خطة الإصلاح التي أطلقت في عام 2019 وكالات الحكومة المركزية والحكومات المحلية من تقديم الدعم المالي لتلك الشركات قبل أن تتخذ الدولة حزمة مساعدات بتغيير الإدارة وتطوير العمل فانتقلت إلى الربحية وتعزيز حيوية ونمو الاقتصاد.
ويرى خبراء اقتصاد أيضا أن هناك مصاعب تحول دون التخلص من شركات الزومبي، منها حجة الإبقاء على الوظائف من خلال دعم الحكومات المحلية، إضافة إلى دعم البنوك والمؤسسات المالية والمساهمين والموردين، والذين يساعدون في الإبقاء على تلك الشركات لحماية مصالحهم وارتباطاتهم التشغيلية والتمويلية.
* محلل مالي
المملكة