تُحاول الحكومة عبر مشروعي قانون الموازنة العامة، وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020، الذي يبدأ مجلس النواب في مناقشته الأحد، العمل على "تحفيز النمو الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار"، لكنها تواجه إمكانية ارتفاع الدين العام بعد تجاوز العجز المالي المقدر عتبة المليار دينار.
واختتمت اللجنة المالية المالية في مجلس النواب، الخميس، مناقشات مشروعي القانونين التي استمرت 6 أسابيع، موصية بخفض نفقات الموازنة بقيمة 231 مليون دينار، بعد أن قدرت الحكومة مجموع النفقات العامة بنحو 9.808 مليار دينار.
"تحفيز وتشجيع"
وزير المالية محمد العسعس قال نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إن الموازنة "اعتمدت على تحفيز النمو الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار"، مشيراً إلى تخصيص 108 ملايين دينار في الموازنة لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المشاريع الرأسمالية".
مدير دائرة الموازنة العامة الأسبق محمد الهزايمة، ربط بين ضرورة تنفيذ الحكومة مشاريع استثمارية كبيرة مع القطاع الخاص، دون قيامها بنقل تلك المخصصات لمشاريع أخرى، وبين تحقيق المأمول من تخصيص تلك الأموال.
المحلل المالي خالد الربابعة رأى أن تركيز الحكومة في 2020 على تحسين الاستثمار المحلي، وجذب استثمارات عربية وأجنبية مباشرة وغير مباشرة، سوف يؤدي إلى زيادة التدفقات الاستثمارية والنقدية؛ مما ينعكس إيجابا عبر تحسين المؤشرات الاقتصادية، وتخفيض نسبة البطالة.
الموازنة تضمنت ارتفاعاً في الإنفاق الرأسمالي بنسبة 33.1%، مقارنة بالإنفاق المعاد تقديره في 2019، لكن الحكومة سبق وأن قدرت النفقات الرأسمالية لسنة 2019 بنحو 1.243 مليار دينار، قبل أن تعيد التقدير بانخفاض قدره 172.272 مليون دينار.
العسعس أكد "توجه الحكومة بأن تكون المشاريع الرأسمالية مشاريع شراكة، والإسهام في تعظيم كفاءة الإنفاق على هذه المشاريع".
الهزايمة رأى أن رفع الإنفاق الرأسمالي يؤدي إلى تشجيع النمو وتهيئة البيئة والبنية التحتية لاستثمارات القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، ومن ثم تحسين النشاط الاقتصادي، وزيادة النمو، بشرط ألا تُنفق تلك المخصصات على مشاريع استثمارية "ذات أثر محدود".
وأكد ضرورة أن تكون تلك المشاريع حيوية ومولدة لفرص عمل.
وتعرف النفقات الرأسمالية بأنها نفقات مخصصة لمشاريع تخدم العملية الاقتصادية التنموية، وتؤدي لإحداث نمو اقتصادي، وتشمل مشاريع مستمرة ومشاريع قيد التنفيذ ومشاريع جديدة.
"مبالغة في تقدير الإيرادات"
ووصف الهزايمة تقدير الإيرادات في مشروع الموازنة بأنه "مبالغ به" وتحديداً الإيرادات المحلية، مضيفاً "إن تحسنت الإيرادات ستكون بشكل طفيف"، لكن العسعس قال،ـ إن الموازنة "استندت إلى الواقعية في تقدير الإيرادات والنفقات".
الحكومة قدرت إيرادات 2020 العامة بنحو 8.561 مليار دينار، أي بارتفاع قيمته 736.228 مليون دينار عن الإيرادات المحلية المعاد تقديرها لسنة 2019.
الربابعة قال، إن توقع الحكومة بزيادة إيراداتها في موازنة 2020 بنسبة 9.41% مبني على زيادة النمو الاقتصادي من جهة، وزيادة إيراداتها الضريبية وغير الضريبية من جهة أخرى.
"سوف تبقى احتمالية تحقيق الزيادة في الإيرادات الحكومية رهن تحسن النمو الاقتصادي في العام الحالي"، وفق الربابعة.
وتوقع العسعس، نمو الإيرادات مع ضريبة الدخل بنحو 207 ملايين دينار، أي ما نسبته 19.5%، لتعكس النمو في الناتج المحلي الإجمالي من جهة، وتعكس أثر تطبيق قانون ضريبة الدخل من جهة أخرى، إضافة إلى نمو الإيرادات في ضريبة المبيعات بنحو 591 مليون دينار، بنسبة 17.6%.
وتُشكل الإيرادات الضريبية المقدرة في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2020 نسبة 66.01% من مجموع الإيرادات العامة البالغة 8.56089 مليار دينار.
العسعس قال في خطاب الموازنة، إن موازنة 2020 "بنيت على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.2%، ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4%".
الهزايمة رأى أن النمو الاسمي (4%) " وكذلك الإيرادات المتأتية من قانون ضريبة الدخل لا يحقق هذه الإيرادات".
"قد يكون من الصعب تحقيق الإيرادات المقدرة إلا إذا حدث نوع من المعجزة، وتحسن النشاط الاقتصادي وارتفعت معدلات النمو الاقتصادي بصورة ملموسة"، بحسب الهزايمة.
الربابعة، أوضح أن توقعات الحكومة لنمو الاقتصاد الوطني في 2020، جاءت متوافقة مع توقعات البنك الدولي.
وتوقع البنك الدولي في تقرير له صدر الأربعاء، نمو الاقتصاد الأردني (الناتج المحلي الإجمالي) في 2020 بنسبة 2.2%.
وأضاف أن الحكومة انتهجت في تقديراتها للوصول إلى نسبة النمو المنشودة عدة فرضيات منها، ارتفاع نسبة النفقات الرأسمالية في الموازنة (33.1%)، وإطلاق مجموعة من الحزم الاقتصادية لتحفيز النشاط الاقتصادي، و "كذلك تحفيز القطاع الخاص، وإشراكه مع القطاع العام وهو الأهم" .
1.247 عجز مالي
وحذر الهزايمة من ارتفاع قيمة العجز في الموازنة عمّا هو مقدر في حال عدم تحقق الإيرادات المتوقعة، الأمر الذي سيضطر الحكومة إلى الاقتراض، ومن ثم ارتفاع إجمالي الدين العام، وفق الهزايمة الذي توقع وصوله إلى 32 مليارا.
وقُدر العجز (بعد المنح) في مشروع الموازنة العامة بـ 1.247066 مليار دينار، في حين بلغ إجمالي الدين العام 30.194 مليار دينار حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مشكلة نسبة 96.9% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين توقع العسعس في خطاب الموازنة بلوغ الدين العام في نهاية 2019 "نحو 30.1 مليارا".
الربابعة اتفق بشكل كبير مع الهزايمة، قائلاً، إن "عدم كفاية الإيرادات المتوقعة لتغطية النفقات الحكومية يبقي حالة العجز في الموازنة بعد المنح"، مضيفاً أن ما سبق "يعني لجوء الحكومة إلى الاقتراض لتغطية نفقاتها، وبالتالي احتمالية ارتفاع الدين العام وكذلك أعبائه".
وتوقع الهزايمة ارتفاع نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، قائلاً، إن ذلك سيترتب عليه ارتفاع في فوائد الدين العام.
وقالت الحكومة في أولويات عملها لعامي 2019-2020، " تخطط الحكومة حتى نهاية 2020، للوصول إلى خفض نسبة العجز في الموازنة من الناتج المحلي الإجمالي 0.5% سنوياً، وتخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 96.3% إلى 92.4%".
مشروع الموازنة لسنة 2020، أظهر أن فوائد الدين العام قُدرت بـ 1.254 مليار دينار، مشكلةً 12.79% من مجموع النفقات العامة المقدرة، كما أنها تتجاوز قيمة عجز الموازنة (بعد المنح).
إعادة هيكلة الرواتب من دون ضرائب جديدة
ورصدت الحكومة في مشروع قانون الموازنة، 130 مليون دينار، كمخصصات لإعادة هيكلة الرواتب للعام المقبل، بعد أن تعهدت بإجراء تحسينات على بنود الرواتب والأجور الواردة في الموازنة العامة.
وأكد رئيس الوزراء عمر الرزاز، عدم وجود ضرائب جديدة في عام 2020، كما قال العسعس، إن الحكومة تهدف في موازنة 2020 إلى عدم رفع ضرائب، ومكافحة التهرب الضريبي، وإدخال تعديلات على سلم رواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري.
الهزايمة اعتبر أن الزيادات في رواتب الموظفين، ستؤدي إلى تحسين مستوى دخلهم، وبالتالي تحسين "طفيف" في مستوى معيشة الموظفين، مما سيؤدي إلى زيادة الإنفاق في السوق، ثم تحسين النشاط الاقتصادي كونه سيزيد الطلب ولو بصورة "طفيفة".
المملكة