يتمتع زيت الزيتون الأردني بجودة عالية تجعله منافسا قويا في الأسواق العالمية، لكن حجم تصديره وتسويقه واستثماره قد لا يفي هذا المنتج حقه، بحسب مختصين.
ويقول أولئك المختصون لـ "المملكة"، إن قطاع إنتاج زيت الزيتون الأردني، في حاجة إلى رفد قدرته على المنافسة عالميا، وفتح أسواق جديدة، ودعم كلف الإنتاج، وتحفيز الاستثمار فيه، وزيادة الإنتاج المحلي.
وبالرغم من أن زيت الزيتون الأردني يصدر إلى 15 بلدا، منها عُمان، العراق، قطر، السعودية، الإمارات، هولندا، اليابان، وبريطانيا والولايات المتحدة، بحسب وزارة الزراعة، إلا أن هذه الأسواق تُعد محدودة.
"زيت الزيتون الأردني ذو جودة عالية، لكن الزيوت المنافسة، مثل الإسباني، والإيطالي، يعرفها الناس أكثر عالميا،" يقول نائب رئيس غرفة صناعة عمّان، موسى الساكت، لـ "المملكة".
"هو منتج محلي 100% في كافة مراحل إنتاجه، من زراعة الشجرة، وحتى تصدير الزيت،" يضيف الساكت، الذي ترأس سابقا جمعية مصدري منتوجات الزيتون.
مدير عام المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي، نزار حداد، يقول في ملخص التقرير السنوي للمركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي 2017، إن الأردن يحتل المرتبة 4 عربيا من حيث حجم إنتاج الزيتون، والمرتبة 8 عالميا.
بالرغم من ذلك، يبين الساكت أن منافسة زيت الزيتون الأردني "تراجعت دوليا؛ لأن سعره مرتفع بسبب كلف إنتاجه (القطاف والنقل والعصر والتصدير ... إلخ)، إضافة إلى قرب سعره من زيت الزيتون الإيطالي أو الإسباني".
خصائص "حسية مميزة"
ويبلغ سعر متوسط سعر تنكة (17.4 لتر) زيت الزيتون هذا العام 85-90 دينارا، فيما ينتج الطن الواحد من زيت الزيتون نحو 62.5 تنكة.
ودعا الساكت، الذي يقود حاليا حملة "صُنع في الأردن"، إلى "دعم إنتاج الزيت الأردني رسميا؛ من خلال فتح باب التصدير بشكل أوسع، وبكلف أقل".
وتختلف نكهات زيت الزيتون من منطقة إلى أخرى بسبب عوامل كثيرة، بحسب وزارة الزراعة، التي توضح أن الأردن أوقف استيراد زيت الزيتون منذ عام 2000.
والأردن أحد المواطن الطبيعية لزراعة الزيتون في منطقة الشرق الأوسط، وفيه أشجار زيتون مُعمِّرة تشكل نحو 15% - 20% من المساحة المزروعة بالزيتون.
وتضم البلاد، خاصة إقليم الشمال نحو 10.5 ملايين شجرة زيتون، وأكثر من 20 صنف زيتون، أهمها النبالي البلدي، والرصيعي، والنبالي المحسن، والصوراني، والقنابيسين ونصوح جبع من فلسطين، والشامي، وغيرها.
فيما أشار التقرير إلى أن عدد معاصر الزيتون في الأردن 136 معصرة، منها 131 معصرة عاملة حتى 2017.
وفي الأردن أكثر من 135 معصرة زيت زيتون "تتبع أساليب صحيحة في إنتاج زيت الزيتون، الذي تتوافر فيه خصائص حسية مميزة،" تقول وزارة الزراعة.
معصرة زيتون في إربد شمالي الأردن. صلاح ملكاوي/المملكة
قيمة غذائية عالية
ويتمتع زيت الزيتون الأردني بنكهة ورائحة ثمرية طيبة، ومذاق حلو مع حدة أو مرارة مستساغة، إضافة إلى أنه غني بحمض "أوليك"، وهو مصدر مهم للدهون الصحية، ونسبته المرتفعة تدل على جودة وقيمة غذائية عالية، بحسب المركز الوطني للبحوث الزراعية.
"تتراوح نسبة حمض أوليك في زيت الزيتون الأردني بين 70% و 75% من مجموع الأحماض الدهنية،" يوضح تقرير للمركز.
"يخلو زيت الزيتون الأردني من متبقيات المبيدات؛ لأن معظم زراعات الزيتون في الأردن بعلية (تعتمد بشكل أساسي على مياه الأمطار)، ونادرا ما تستخدم المبيدات الحشرية أو الفطرية،" وفق التقرير.
وتوقع أن يبلغ إنتاج هذا العام نحو 28 ألف طن، مشيرا إلى أن السوق المحلي يحتاج نحو 27 ألف طن، "وما يزيد عن هذا يذهب للتصدير".
يتراوح متوسط استهلاك الفرد في الأردن من زيت الزيتون من 2 إلى 4 لتر سنويا، فيما يرفد قطاع زيت الزيتون الاقتصاد المحلي بـ 135 مليون دينار سنويا وزارة الزراعة
في عام 2017، بلغ إنتاج محصول الزيتون نحو 145332 طنا، فيما وصلت كمية الزيت بعد العصر 20706 أطنان، بحسب الوزارة، التي نظمت الشهر الماضي مهرجان الزيتون الوطني بنسخته الـ 20، واستقبل أكثر من مليون زائر.
وبينت الوزارة لـ "المملكة" أن صادرات العام نفسه كانت 231 طنا، منها نحو 120 طنا للسعودية، ونحو 8 أطنان إلى الولايات المتحدة.
وبحسب تقرير "مسوح الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية 2017"، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، بلغت المساحة الإجمالية المزروعة في محصول الزيتون 562 ألف دونم، أي 72% من إجمالي المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة، فيما بلغ عدد أشجار الزيتون 10.5 ملايين شجرة.
"تركز حاليا حملات توعوية على تصدير زيت الزيتون الأردني إلى الخارج بعبوات أنيقة، ترمز لمكانة الأردن كمصدر لزيت الزيتون، وهو موروث حضاري وديني عمره أكثر من 4 آلاف عام،" يقول الساكت.
"إمكانات ممتازة"
في إربد، يعمل المزارع بكر عبيدات في أرض زراعية، ويقطف الزيتون من شهر تشرين أول/أكتوبر حتى شهر كانون ثاني/يناير، قبل إرسال الثمار إلى المعصرة.
"زيت الزيتون الأردني يحتاج إلى تسويق دولي أفضل من قبل الجهات الرسمية"، يقول عبيدات لـ "المملكة".
ويتابع: "إضافة إلى ذلك، ينبغي بذل جهد أكبر لوقف عمليات الغش، التي تضر بسمعة الزيت الأردني".
ويبلغ المعدل السنوي لإنتاج ثمار الزيتون في الأرض التي يعمل فيها عبيدات نحو 150 طنا، أما الزيت فيبلغ 800-1000 تنكة، بحسب المزارع.
النائب الثاني لنقيب أصحاب معاصر الزيتون، نضال السماعين، دعا إلى تحديث أرقام وبيانات إنتاج زيت الزيتون "لأنه منتج وطني مهم يعيل آلاف الأسر الأردنية، ويسهم برفد الاقتصاد، ويوفر فرص عمل دائمة وموسمية".
"المعدل السنوي لفائض زيت الزيتون لا يزيد عن ألفي طن للتصدير ... يتوجب تحديث آلية الزراعة في القطاف والإنتاج، وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع، ودعم المنتج الأردني، وإيجاد تشريعات مستقرة،" يقول السماعين، وهو أيضا الناطق باسم نقابة أصحاب معاصر الزيتون.
ويضيف أن "كلفة مدخلات الإنتاج المرتفعة، مثل العمالة والقطاف، تحد من قدرة زيت الزيتون الأردني على المنافسة".
في هذا الشهر، وقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) والجمعية الأردنية لمصدري منتوجات الزيتون (جوبيا)، مذكرة تفاهم لإجراء دراسة تقييمية لقطاع الزيتون في الأردن، بما في ذلك نقاط القوة والضعف للأساليب والممارسات المتبعة في قطاف الزيتون، ومدى تأثيرها على جودة الزيت.
وقبل توقيع مذكرة التفاهم، أطلقت فاو والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، مبادرة جديدة تسعى إلى تحسين الإنتاجية والكفاءة والجودة في صناعة زيت الزيتون في الأردن.
"مع ارتفاع الطلب على زيت الزيتون في جميع أنحاء العالم، يتمتع قطاع زيت الزيتون في الأردن بإمكانات ممتازة للنمو والاستفادة من أسواق جديدة، بما في ذلك أسواق التصدير. كل ما أصبحت صناعة زيت الزيتون أقوى وأكثر قدرة على المنافسة يصبح من شأنها خلق فرص عمل للموردين، وخاصة الشباب"، بحسب البنك.
ويتفق مع ذلك علي (50 عاما)، وهو أردني أميركي يعيش في الولايات المتحدة.
"أستهلك أنا وعائلتي كمية كبيرة من زيت الزيتون، ولا نستهلك إلا الزيت الأردني. في كل مرة أزور الأردن، اشتري عدة تنكات من زيت الزيتون، وأرسلها إلى الولايات المتحدة. الأمر مكلف،" يقول علي لـ "المملكة".
"زيت الزيتون الأردني مطلوب جدا في السوق الأميركية، لكنه ينفد من السوق بسرعة. أتمنى أن أجد كميات وافرة منه في الولايات المتحدة".
المملكة