يمكن تعريف الموازنة العامة بأنها مجموعة تقديرات مفصلة مبنية على إحصاءات ومعلومات وأرقام تقوم بها الحكومة لإيراداتها ومصروفاتها خلال فترة محددة، عادة ما تكون سنة مالية قادمة.
تقوم الحكومة بإعداد الموازنة من خلال وزارة المالية، ثم يعرض مشروع الموازنة على مجلس الأمة، الذي يصوت برفض أو قبول المقترح. إن قُبلت الموازنة، تعتمد ويعمل بها في السنة الجديدة.
ولذلك تهدف الحكومة خلال إعداد الموازنة العامة إلى إحداث توازن بين الإيرادات والنفقات الحكومية، اللتان تشكلان العناصر الأساسية للموازنة العامة، وإدارة هذا بكفاءة وفعالية على مدار السنة.
الإيرادات
هي مجموع الأموال التي تدخل خزينة الدولة، والمصاريف تشكل مجموع التزامات الحكومة نحو الاقتصاد والمجتمع والدولة بشكل عام، وتنقسم غالبا إلى قسمين:
إيرادات ضريبة وهي الإيرادات التي تحصل عليها الحكومة من خلال فرض الضرائب. ويمكن للدولة فرض عدة أنواع من الضرائب مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، وغيرها.
الإيرادات غير الضريبية وهي التي تحصل عليها الدولة بوسائل أخرى غير الضرائب، مثل المنح والمساعدات الدولية، إضافة إلى القروض، التي تختلف عن المنح لأنها تسدد مع فوائد.
ومن أمثلة الإيرادات الحكومية، إيرادات الخدمات التي تقدمها المؤسسات الحكومية مثل ترخيص السيارات والبناء، وكذلك الغرامات المخالفات.
ومن أمثلة الإيرادات أرباح وفوائض الشركات والهيئات الربحية المملوكة للحكومة.
النفقات الحكومية
من الإيرادات المذكورة سابقا تقوم الحكومة بتغطية نفقاتها على مدار العام، ومن الأمثلة على أهم النفقات رواتب وأجور العاملين في قطاع الحكومة، مثل المعلمين والموظفين في المدارس الحكومية والأطباء في المستشفيات الحكومية، وجميع العاملين في المؤسسات والهيئات العامة التابعة للدولة، إضافة إلى جميع النفقات الاستهلاكية والتشغيلية المتعلقة بالدوائر والمؤسسات الحكومية.
أيضا، شراء وبناء الأصول، كأن تشتري الحكومة أراض لبناء مدارس، مستشفيات، طرق، أو أنظمة مواصلات، يعد من نفقات الدولة الرأسمالية.
الفوائد التي تدفعها الحكومة مقابل قروض سابقة لم تسدد بعد تسمى مصروفات خدمة الدين العام، وتُدفع على القروض الداخلية والأجنبية.
يضاف إلى ذلك، نفقات متعلقة بالدعم والمنح والمساعدات التي تقدمها الحكومة للفئات الفقيرة في المجتمع.
حالات الموازنة العامة
تواجه الدولة 3 حالات للموازنة العامة:
في الحالة الأولى تكون الإيرادات أعلى من النفقات، وهذا يحقق ما يسمى بفائض الموازنة، ويحدث إذا كان نمو الدولة كبيرًا في وجود موارد استراتيجية، مثل النفط، مما يؤدي إلى ارتفاع العائدات ويمكن الدولة من الاستثمار في مشروعات البنية التحتية، مثل تحسين شبكات النقل والمواصلات العامة، والخدمات الصحية والتعليم.
في الحالة الثانية، تسعى الحكومة خلالها أن تكون نفقاتها متساوية مع إيراداتها.
أما الحالة الثالثة، كما هو الحال في معظم الدول، تكون فيها النفقات أعلى من الإيرادات، وبالتالي يحصل ما يسمى بعجز الموازنة.
عجز الموازنة يشكل الهاجس الأكبر للحكومات، ويدفعها إلى وسائل لتخفيض العجز والوصول من أجل الوصول إلى الحالة الثانية وخلق توازن بين الإيرادات والنفقات.
ماذا تفعل الحكومات لتخفيض عجز الموازنة؟
الطريقة الأولى عبر إجراءات تقشفية أو انكماشية مثل رفع الدعم عن السلع التموينية والأساسية والمحروقات، زيادة نسب الضرائب، والتوقف عن الاستثمار في مشاريع يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص.
ويمكن للحكومة أن تلجأ إلى الخصخصة، بمعنى بيع مشاريع أو جزء منها مملوكة للدولة، من أجل تخفيف العبء المالي والإداري، إضافة إلى وضع حدود عليا للائتمان المصرفي المسموح به للحكومة والقطاع العام، وذلك لتخفيض لجوء القطاع الخاص والعام للاقتراض.
تلك الطرق تؤدي عادة إلى مشاكل اقتصادية، مثل زيادة معدلات البطالة وانخفاض معدلات الأجور، وتدهور أحوال محدودي الدخل والفقراء بسبب خفض أو رفع الدعم عن سلع، ورفع أسعار الطاقة، وزيادة الضرائب، إضافة إلى التأثير على الطبقة الوسطى وتحويلها إلى فقيرة
الطريقة الثانية عب إجراءات تنموية مثل ضبط وترشيد الإنفاق العام، وإزالة البطالة المقنعة.
ترتيب أولويات الإنفاق العام من الأمور المهمة، بحيث يعطى الإنفاق الجاري الذي يؤدي إلى النمو أولية، إضافة إلى الإنفاق الرأسمالي.
يضاف إلى ذلك، العمل على تنمية الموارد والإيرادات غير الضريبية من خلال إصلاح الهياكل التمويلية للمؤسسات العامة الاقتصادية، وتنمية مواردها وإدارة نفقاتها الذاتية بكفاءة.
ويبقى الاقتراض الخارجي والداخلي لمواجهة العجز الطريقة الأكثر استخدامًا والأسوأ أثرًا على الأفراد والاقتصاد، التي تؤثر سلبا على نمو النشاط الاقتصادي للدولة، فينتج عن هذا زيادة في نسب الديون والفوائد، وتراكم القروض على الموازنة العامة، لترتفع نسبة العجز بشكل تراكمي، الأمر الذي يشكل ضغطا مستمرا على الموازنة العامة والأدوات الاقتصادية والتنموية للدولة.
*محلل مالي
المملكة