أثار ارتفاع معدلات الطلبة الأوائل في امتحان الثانوية العامة، التي بلغت إحداها 100% في سابقة أولى من نوعها، تساؤلا فيما إذا كانت هذه النتائج مرتبطة بنظام "التوجيهي" الجديد، الذي بدأ تطبيقه العام الدراسي 2018/2019.
وزير التربية والتعليم، وليد المعاني، وصف نتائج امتحان هذا العام بأنها "استثنائية"، معلنا نسبة نجاح عامة بلغت 58.3% -- في ثاني أعلى نسبة نجاح في السنوات الـ 3 الأخيرة -- وبعدد ناجحين 77124 طالبا وطالبة، من أصل 195134، من بينهم طالب حصل على معدل 100% في الفرع العلمي، وبطبيعة الحال، كان الأول على مستوى الأردن.
إضافة إلى ذلك، حصل 9 طلاب على معدل 99.9% في الفرع العلمي، وحصلت الأولى على الفرع الأدبي على معدل 99.6%.
وبلغت نسب النجاح في الدورة الشتوية لسنة 2019 نسبة 52.4%، و 55% في الدورة الصيفية لسنة 2018، و 66.1% في الدورة الصيفية لسنة 2018، و 54.9% في دورة 2017 الصيفية، و 50% في الدورة الشتوية لسنة 2017.
المختص التربوي ذوقان عبيدات ربط ارتفاع معدلات الطلبة الأوائل بالتغيرات التي طرأت على النظام، وترشيد أسئلة الامتحان وجعلها مقبولة، قائلاً لـ "المملكة" إن أي إصلاح في نظام التوجيهي ينعكس إيجابا على النظام التعليمي، معتبراً أن النظام الجديد ونتائجه أعادت الثقة في نظام التوجيهي.
وأضاف: "نتائج العام الحالي ستؤدي إلى زيادة ثقة المجتمع في النظام التعليمي".
امتحان "تحصيلي"
لكن وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي اختلف مع عبيدات، ورأى أن نتائج الامتحان تتنافى مع التقييم الحقيقي لذكاء الطلبة، داعيا إلى إيجاد "امتحان كفاءات وقدرات ومهارات، وستكون النتائج حقيقية".
وتابع السعودي بأن رصد جميع كفاءات الطلبة يحتاج تغييراً في مضمون الامتحان، والاعتماد على نسبة من علامات الطالب في المدرسة.
ويعتقد السعودي أن ارتفاع المعدلات سببه "أن مستوى الأسئلة أقل من السنوات السابقة ... ونظام التوجيهي حديث"، ووصف طبيعة الامتحان بأنه "تحصيلي، ويركز على الحفظ ... ويكتشف قدرة الطالب على التحصيل وتخزين المعلومات واسترجاعها فقط".
عبيدات قال، إن ارتفاع المعدلات لا يشكل "خطورة" ولن يؤثر على القبول الجامعي، معتبراً أنه "نتاج جهد الطلبة"، إضافة إلى "وعي جديد" لدى وزارة التربية والتعليم.
عضو المجلس الأعلى للمناهج، نوال الفاعوري، قالت لـ "المملكة" إن الحكم على المعدلات المرتفعة سابق لأوانه.
وأضافت: "ارتفاع المعدلات يعود إلى أسباب منها، طبيعة الأسئلة، ومدى مطابقتها للمنهاج، ومحاولة تحسين النتائج على حساب التحصيل العلمي".
الفاعوري انتقدت العلامات "المكتملة والقريبة من الكمال" قائلة، إن ذلك لا يصب في مصلحة الامتحان، بل هو مؤشر على "رتابة الأسئلة وتكرارها، وعدم وجود تنويع حقيقي للأسئلة التي تقيس قدرات الطلبة بطريقة علمية".
تعليمات جديدة
الدورة الأخيرة من الامتحان عُقدت وفق نظام من دورة واحدة بحيث يُعقد امتحان الثانوية العامة في نهاية السنة الدراسية، ويشمل 8 أوراق امتحان، بعد أن كان النظام السابق يشمل عدد أوراق يتراوح بين 14 و 18 ورقة امتحان تُعقد على دورتين.
النظام الجديد للامتحان حُدد في تعليمات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة رقم (8) لسنة 2017.
التعليمات حددت علامة 40% كحد أدنى لكل مبحث من مباحث الامتحان، إضافة إلى تحديد المجموع العام بـ 1400 علامة.
عبيدات يرى أن النظام الجديد "أعاد الثقة في التوجيهي".
الوزارة أوضحت أن قرار عقد امتحان التوجيهي في دورة واحدة جاء بعد "الاطلاع على أنظمة الدول المتقدمة فيما يخص امتحان الثانوية العامة، إضافة إلى توصية المؤتمر التربوي الذي عقد في العام 2015".
وبررت الأمر برغبتها في التخفيف من الضغط النفسي "الزائد" الذي يقع على الطالب وأسرته نتيجة عقد الامتحان بدورتين.
إضافةً إلى ذلك، تسعى الوزارة إلى تقليل عدد أوراق الامتحان التي تشكل "عبئًا دراسيًّا كبيرًا" على الطالب؛ معتبرة أن النظام السابق كان "مرهقاً".
ورأت أن النظام الجديد "يُخفف العبء الذي تتحمله أجهزة الدولة خلال فترة الامتحان، في ظل انشغالها بتهيئة الأجواء اللازمة لعقده، إضافةً إلى التخفيف من جهود الوزارة ا في الامتحان طوال العام الدراسي، وتوجيهها نحو خدمة نواحٍ تعليمية أخرى".
وأضافت أنها استندت في تطوير الامتحان على دراسة ثغرات نظام الامتحان السابق والعمل على تجاوزها، وضرورة التطوير في ضوء المستجدات العالمية فيما يخص التقويم.
الفاعوري قالت، إن نظام الدورتين يُخفف "الخوف والرعب" على الطلاب من الامتحان، ويُعطي الطلبة فرصة أكبر لاستيعاب المواد.
"ضعف النظام التعليمي"
وأشارت الفاعوري إلى "رسوب عدد لا بأس به من الطلبة ... يعود إلى ضعف النظام التعليمي من مرحلة رياض الأطفال وحتى التوجيهي".
وأتاحت التعليمات الجديدة لجميع الطلبة المتقدمين في الامتحان العام، فرصة التقدم للامتحان التكميلي سواء لغايات استكمال متطلبات النجاح أو رفع المعدل، والذي سيعقد في 29 يوليو/تموز المقبل.
عبيدات انتقد نظام التوجيهي السابق قائلاً، إنه "أحدث نتائج خطيرة جداً في المجتمع الأردني، وتسبب في سفر طلبة إلى خارج الأردن للدراسة، أو الانتقال إلى أنظمة تعليم أجنبية".
ورأى أن "التوجيهي" كان "سبباً رئيسياً في إعاقة النظام التعليمي في الأردن، إذ إن "كل التدريس والمناهج توظف في خدمة التوجيهي".
وحول كيفية احتساب المعدل في النظام الجديد، قال مدير إدارة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم نواف العجارمة لـ "المملكة" إن العملية لا تحسب بقسمة علامات الطالب على المجموع العام كما كان في الامتحانات السابقة.
وأوضح أن المعدل يُحتسب فقط لأغراض القبول الموحد، وهو ما لا يقبل سوى علامة عشرية واحدة.
وذلك ما ينطبق على الطالب أحمد عثمان الأول على مستوى الأردن، بعد حصوله على درجة 1399، ومن ثم فإن معدله الحقيقي 99.995%.
"لأغراض القبول الموحد جبر المعدل ليصبح 100%"، يُبين العجارمة.
المملكة