قالت نائبة المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، جوهانا هيل، إن تجارة الخدمات ستشهد نمواً متسارعاً خلال العام الحالي والسنوات المقبلة، مدفوعة بالتحول الرقمي وانتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأوضحت، خلال مؤتمر "التجارة في الخدمات من أجل التنمية" TS4D، أن أحدث توقعات المنظمة تشير إلى نمو تجارة الخدمات التجارية عالمياً بنسبة 4.6% في العام 2025، و4.4% في عام 2026، مقابل نمو أبطأ بكثير لتجارة السلع عند 2.4% و0.5% للفترتين ذاتهما.
وأكدت هيل أن الخدمات الرقمية تحديداً أصبحت المحرك الأسرع لنمو التجارة، مع توقعات بارتفاعها بنسبة 6.1% في 2025 و5.6% في 2026، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي "يعيد تشكيل طبيعة تجارة الخدمات" ويعزز اندماجها في عمليات التصنيع. وأضافت أن تقرير التجارة العالمية الصادر عن المنظمة يقدّر أن الذكاء الاصطناعي وحده قد يرفع تدفقات التجارة بنحو 40% بحلول 2040.
وقالت هيل إن تعاظم دور الخدمات يجعل دمجها في استراتيجيات التنمية الوطنية "ضرورة وليست ترفاً"، نظراً لارتباطها بالتنويع والإنتاجية والمرونة الاقتصادية. لكنها شددت على أن تحويل إمكانات تجارة الخدمات إلى محرك فعلي للنمو "ليس أمراً تلقائياً"، ما دفع المنظمة والبنك الدولي إلى تأسيس مبادرة "التجارة في الخدمات من أجل التنمية" TS4D لتقديم أدوات عملية للدول النامية.
وقدمت هيل مجموعة أدوات جديدة تحت مظلة المبادرة، أبرزها "لوحة تنافسية تجارة الخدمات" التي تمكّن الحكومات من تشخيص نقاط القوة والضعف ووضع أولويات السياسات، ودليل للممارسات التنظيمية الجيدة، وأداة للتشخيص والتخطيط للإصلاح، إضافة إلى توسيع قاعدة بيانات سياسات تجارة الخدمات ومؤشر قيود تجارة الخدمات، فضلاً عن عرض نتائج أولية لدراسة مشتركة حول ترويج صادرات الخدمات في الدول النامية، موضحة أن الهدف المشترك لهذه الأدوات هو "جعل تجارة الخدمات تعمل بفاعليّة أكبر لصالح حياة الناس وسبل عيشهم".
وانتقل المؤتمر إلى عرض رؤية البنك الدولي، حيث قال دينيس مِدفيدِف، المدير القادم لقطاع التجارة والمنافسة والأعمال، إن حالة عدم اليقين التجاري العالمية واستقرار مستويات التجارة تفتح في الوقت ذاته فرصاً للدول في إزالة الحواجز غير الجمركية وتعميق التكامل الإقليمي، مؤكداً أن تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية بالكامل يمكن أن يضاعف الصادرات البينية بحلول 2035، وأن الشراكة الاقتصادية الإقليمية لشرق آسيا قادرة على رفع التجارة بين أعضائها بنسبة 12%.
وأشار مِدفيديف إلى أن الخدمات أصبحت "الجزء الأكثر ديناميكية" في التجارة العالمية، وأنها تمثل أكثر من نصف القيمة المضافة في التجارة، فيما يستحوذ قطاع الخدمات على 72% من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر. وأكد أن التعاون بين المنظمة والبنك الدولي يركز على دعم البلدان في تنفيذ إصلاحات قطاع الخدمات، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول تجارة الخدمات في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
وفي مداخلاتها، أوضحت وزيرة الصناعة والتجارة والاستثمار في نيجيريا، جوموكي أودوالِه، أن الخدمات تشكل 58% من الاقتصاد النيجيري، وتوفر أكثر من 45% من الوظائف الرسمية، وأن نيجيريا تُعدّ من الدول الإفريقية الرائدة في الخدمات المالية والإبداعية والتكنولوجية.
لكنها أشارت إلى أن مساهمة القارة الإفريقية في تجارة الخدمات العالمية ما تزال عند حدود 2% فقط، مؤكدة حاجة إفريقيا إلى تعزيز القيمة المضافة في الخدمات وتوسيع التجارة الرقمية.
وقدّمت أودوالِه تفاصيل جهود بلادها في تحديث سياسات الملكية الفكرية وتطوير البنية التنظيمية للتجارة الرقمية بالتعاون مع أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
أما أمينة الدولة في وزارة التجارة الكمبودية، تيكريث كامرانغ، فأكدت أن تجارة الخدمات تشكل محركاً رئيسياً للاقتصاد الكمبودي، إذ تمثل أكثر من 40% من الناتج المحلي وتوظف 36% من القوى العاملة، لكنها أشارت إلى أن البلاد تواجه تحديات تشمل فجوات المهارات، والبنية التحتية الرقمية، وصعوبات النفاذ إلى الأسواق، مؤكدة أهمية الدعم الفني المستمر من المنظمة لتعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي.
المملكة
