اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء، أن الاجتماع المُزمع عقده بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب يُمثِّل "انتصارًا شخصيًّا" للرئيس الروسي، مشيرًا إلى أن كييف ترفض انسحاب قواتها من شرق أوكرانيا كجزء من أي اتفاق سلام محتمل.

وفي حديثه لصحفيين في أوكرانيا، أورد زيلينسكي أيضا أن "مجموعات" من الجنود الروس تمكَّنت من التقدُّم لمسافة تناهز عشرة كيلومترات في قطاعات مُعيَّنة من الجبهة، لكنه أكَّد أنه سيتم القضاء عليها.

تُثير هذه التطورات مخاوف من حدوث اختراق يصب في مصلحة الكرملين قبل القمة المرتقبة بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي في ألاسكا لمناقشة تسوية محتملة للنزاع.

وكان تبادلٌ للأراضي بين البلدين من بين الحلول التي جرى تداولها، من دون تفاصيل بشأنه، لكنّ هذا الاقتراح رفضته كييف وحلفاؤها الأوروبيون.

اعتبر زيلينسكي الثلاثاء زيارة فلاديمير بوتين للولايات المتحدة، المعزولة بلاده عن العالم الغربي منذ هجومها الشامل لأوكرانيا في شباط 2022، "انتصارًا" للكرملين.

وقال زيلينسكي "سيعقد (بوتين) لقاءً على الأراضي الأميركية، الأمر الذي يُشكِّل بالنسبة إليه انتصارًا شخصيًّا"، مضيفًا أن هذا الاجتماع يُخرج الرئيس الروسي من "عزلته" ويُؤخِّر فرض عقوبات أميركية محتملة على موسكو.

وأجرى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرغي لافروف مكالمة هاتفية الثلاثاء ناقشا فيها "التحضير" للقمة، بحسب موسكو.

وفي وقت سابق، قال روبيو في تصريح لإذاعة أميركية إن هذا اللقاء مع بوتين بالنسبة إلى ترامب "ليس تنازُلًا".

من جهتها، أكَّدت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت أن الهدف من القمة بالنسبة إلى ترامب هو "أن يكون لديه فَهمٌ أفضل لكيفية قيامنا بوضع حد لهذه الحرب".

وأوضحت أن الاجتماع سيتم في أنكوراج، كبرى مدن ألاسكا، وأن الرئيس الأميركي يأمل بعقد اجتماع ثلاثي مع بوتين وزيلينسكي في وقت لاحق لتسوية النزاع.

لا انسحاب من دونباس

استبعد الرئيس الأوكراني أي انسحاب لقواته من شرق أوكرانيا كجزء من اتفاق محتمل مع موسكو بوساطة أميركية.

وقال لصحافيين "لن ننسحب من دونباس (التي تضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين)"، معتبرًا أن سيطرة موسكو على هذه الأراضي ستُشكِّل لاحقًا منصة للكرملين لشن "هجوم مُقبل" على أوكرانيا.

قبل عودته إلى البيت الأبيض، تباهى الرئيس الأميركي بقدرته على إنهاء ثلاث سنوات من الهجوم الروسي في غضون "24 ساعة".

لكن طموحاته تبدَّدت بفشل ثلاث جولات من محادثات السلام بين كييف وموسكو عُقدت أخيرًا في تركيا.

في هذه المرحلة، تُطالب موسكو أوكرانيا بالتنازل عن أربع مناطق محتلة جزئيًّا (دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون)، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمَّتها روسيا لأراضيها عام 2014، والتخلِّي عن إمدادات الأسلحة الغربية ومشروع عضويتها في حلف شمال الأطلسي.

غير أن هذه المطالب غير مقبولة لدى كييف التي تطالب بانسحاب القوات الروسية من أراضيها والحصول على ضمانات أمنية غربية، بما في ذلك استمرار تسليم الأسلحة ونشر قوة أوروبية، وهو ما تُعارضه موسكو.

وأعلن ترامب الاثنين أنه "منزعج بعض الشيء" من رفض كييف التنازل عن الأراضي، "لأنه سيكون هناك تبادلٌ لأراضٍ".

ومن المقرر أن يجري زيلينسكي وقادة أوروبيون مشاورات مع ترامب الأربعاء.

هجمات روسية على الجبهة

لا يزال القتال محتدمًا على الجبهات. وقد تسبَّب هذا النزاع، وهو الأسوأ في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في مقتل وإصابة عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف.

تواصل القوات الروسية، الأكثر عددًا والأفضل تسليحًا، تحقيق مكاسب ميدانية.

وفي الساعات الأخيرة، تقدَّمت كيلومترات عدة في منطقة استراتيجية في منطقة دونيتسك في شمال شرق مدينة بوكروفسك، وفق الجيش الأوكراني ومحللين.

وأكَّد زيلينسكي الثلاثاء أن "مجموعات" الجنود الروس التي تقدَّمت نحو 10 كيلومترات في هذا الجزء من الجبهة "ليست مزوَّدة أسلحة (ثقيلة)، فقط أسلحة خفيفة"، مضيفًا "بعضها تم تدميره وبعضها بات أسيرًا. سنعثر على الآخرين وندمِّرهم قريبًا".

وفقًا لزيلينسكي، تهدف هذه الهجمات إلى تكريس "سردية" مفادها أن "روسيا تتقدَّم" وأن "أوكرانيا تخسر" قبيل اجتماع بوتين وترامب.

كما صرَّح بأن موسكو تستعد "لعمليات هجومية جديدة" في ثلاثة قطاعات من الجبهة هي "زابوريجيا وبوكروفسك ونوفوبافليفكا".

أ ف ب