في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق والكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أشهر، أشاد حقوقيون فلسطينيون بالدور الأردني المتقدم والداعم لصمود الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن الأردن قدم نموذجا مميزا في الالتزام السياسي والإنساني تجاه القطاع، رغم تعقيدات وقيود الاحتلال.
رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، مصطفى إبراهيم أكد في حديثه لـ "المملكة" أن الدور الأردني منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة كان واضحا ومؤثرا، لا سيما في رفض مخططات الاحتلال الرامية إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع.
وشدد إبراهيم على أن الدعم الأردني لم يتوقف منذ اللحظة الأولى للعدوان، سواء من خلال الدولة أو المؤسسات غير الحكومية، مشيرا إلى أن المساعدات التي أدخلها الأردن شملت أدوية ومستلزمات طبية وأغذية ضرورية، رغم محاولات الاحتلال منع وصولها.
وأشار إلى أن المستشفى الأردني في منطقة تل الهوى كان الأسبق بين المستشفيات العربية، ومنذ إنشائه عام 2009 أدى دورا كبيرا، إضافة إلى المستشفى الميداني في خان يونس الذي يواصل تقديم العلاج رغم ظروف الحرب.
وأضاف أن الموقف الأردني من دخول المساعدات كان حاسما، ورفض الخضوع للشروط الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بإدخال المساعدات عبر ما يسمى "جمعية غزة الإنسانية الأميركية".
بدوره، اعتبر رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا في غزة خلال حديثه لـ "المملكة" أن الموقف الأردني يعكس التزاما قوميا وإنسانيا متجذرا، ويحظى بتقدير واسع من كل مكونات الشعب الفلسطيني.
وقال، إن الدور الأردني ليس جديدا، بل هو امتداد لتاريخ طويل في إسناد القضية الفلسطينية، وإن وقوفه بجانب الشعب الفلسطيني اليوم في ظل العدوان يعكس نبلا وصدقا في الموقف.
ولفت إلى أن مجرد تمكن الأردن من إيصال المساعدات رغم تعقيدات الاحتلال يعد إنجازا كبيرا، خاصة مع انسداد المسارات الإنسانية الأخرى.
وانتقد الشوا تقاعس المجتمع الدولي في الاستجابة لكارثة غزة، مؤكدًا أن في مقابل صمت العالم، برز الأردن بدوره الثابت والفاعل، حيث أرسل قوافل برية وجوية رغم القيود.
وفيما يخص الجانب الطبي، أكد الشوا أن الكوادر الأردنية تعمل على مدار الساعة في المستشفيات الميدانية، وتقدم خدماتها رغم مخاطر القصف ونقص الموارد.
وأضاف: "نثمن عاليا هذا الجهد المهني والإنساني الذي لم ينقطع منذ سنوات".
ودعا إلى تسريع إرسال مساعدات خاصة بالتغذية والأدوية للأطفال الذين يعانون من المجاعة وسوء التغذية، مشيرا إلى أن ما يدخل القطاع حاليا لا يلبّي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
وفي ظل تدهور الوضع الإنساني في غزة، يجد الفلسطينيون في الموقف الأردني حائط صد ومصدر دعم حقيقي، يتجاوز حدود المساعدات إلى موقف سياسي ثابت رافض للحصار والتهجير.
ووسط محاولات الاحتلال لفرض شروطه على دخول الإغاثة، يواصل الأردن إمداد غزة بما يستطيع، في صورة التزام قومي وإنساني يتجلى في زمن عز فيه الموقف، وندر فيه الدعم الحقيقي.
وكانت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي نفذت الأحد 3 إنزالات جوية على قطاع غزة تحمل مساعدات إنسانية وغذائية، إحداها مع دولة الأمارات العربية الشقيقة.
وتمت الإنزالات بواسطة طائرات من طراز C130 تابعات لسلاح الجو الملكي الأردني والقوات الجوية لدولة الإمارات، كانت محملةً بـ 25 طناً من المساعدات الغذائية والاحتياجات الإنسانية.
كما تستمر القوات المسلحة الأردنية بتسيير القوافل البرية بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وبرنامج الغذاء العالمي، والمطبخ المركزي العالمي؛ إذ وصل عدد القوافل البرية 181 قافلة بواقع 7932 شاحنة منذ بدء الحرب هناك.
ووصل عدد الإنزالات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية منذ بدء الحرب على غزة 127 إنزالاً جوياً أردنياً، إضافة إلى 267 إنزالاً جوياً بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.
وفي السياق نفسه، تواصل المستشفيات الميدانية الأردنية في شمال وجنوب قطاع غزة تقديم خدماتها الطبية والعلاجية والإنسانية، إلى جانب استمرار عمل المستشفى الميداني الأردني في نابلس، والمحطات الجراحية الأردنية في جنين ورام الله، التي تستقبل المراجعين من خلال مختلف العيادات والتخصصات، حيث قدّمت المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة خدمات علاجية لأكثر من (120,588) حالة في المستشفى الميداني شمال القطاع، و(362,389) حالة في المستشفى الميداني جنوب القطاع، إضافةً إلى إجراء أكثر من (36,000) عملية جراحية كبرى وصغرى، وتركيب 532 طرفاً صناعياً علوياً وسفلياً ضمن مبادرة استعادة الأمل.
كما تم إجلاء 112 طفلاً من المصابين والمرضى برفقة 241 مرافقاً من ذويهم للعلاج في الأردن، ضمن مبادرة الممر الطبي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني، بهدف علاج 2,000 طفل مريض من غزة.
المملكة