يُحيي الأردن والعالم الاثنين يوم الصحة العالمي، والذي يصادف بتاريخ السابع من نيسان من كل عام، حيث سيتم إطلاق حملة تستمر لمدة عام كامل تحت عنوان "بداية صحية لمستقبل واعد"، والتي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية صحة الأمهات والمواليد. وتشدد الحملة على تكثيف الجهود الصحية لإنهاء وفيات الأمهات والمواليد التي يمكن تجنبها، مع إعطاء الأولوية لصحة المرأة ورفاهها على المدى الطويل، وفقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

ويأتي إحياء المجلس الأعلى للسكان لهذا اليوم لتأكيد على أن صحة الأمهات والمواليد تشكل ركيزة أساسية للأسر والمجتمعات الصحية. فمنذ عام 2010 وحتى عام 2023، سجل الأردن نحو 2.9 مليون مولود يشكلون الآن حوالي ربع السكان. كما أظهرت الإحصائيات أن نسبة الجنس عند الولادة كانت 105 مولود ذكر مقابل 100 مولودة أنثى. لذا، فإن تقديم خدمات رعاية الأم والطفل ضمن أنظمة صحية عالية الجودة يساهم في ضمان مستقبل مشرق للجميع. وفي هذا السياق، أعد المجلس ورقة موقف بعنوان "ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاه للجميع في جميع الأعمار"، والتي سيتم تقديمها في الدورة الـ58 للجنة السكان والتنمية في الأمم المتحدة – نيويورك، خلال الفترة 7-11 نيسان 2025.

ويؤكد المجلس على أن لصحة الأمهات والمواليد عدة عناصر أساسية تشمل: تجنب زواج من هن دون سن 18 سنة والتي بلغت نسبتهن نحو 15% من إجمالي عدد الزيجات لأول مرة خلال السنوات 2010-2023، والرعاية الصحية قبل الحمل وأثناء الحمل والولادة وما بعدها. إن الزواج في سن مناسب مؤثر مباشر في صحة الأمهات حيث تشير المؤشرات الصحية أن 4.6% من الأردنيات ينجبن أول طفل لهن قبل إتمام سن 18 سنة، والتخطيط السليم للحمل والتثقيف الصحي عن هذه المرحلة وما قبلها والتغذية السليمة، والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وإدارتها (مثل السكري وارتفاع ضغط الدم) وسرطان الثدي، كلها إجراءات وتوصيات مهمة للحفاظ على صحة الأمهات والمواليد.

كما أن إتباع تعليمات الرعاية أثناء الحمل كالفحوصات الطبية المنتظمة (السونار، تحليل الدم، مراقبة ضغط الدم)، والتغذية السليمة ودعم الصحة النفسية، والوقاية من المضاعفات كتسمم وسكري الحمل، والتأكيد على الولادة الآمنة في بيئة طبية وتحت إشراف مختصين، والتعامل مع المضاعفات الطارئة مثل النزيف أو الولادة المبكرة أو الخضوع لولادة قيصرية غير ضرورية، والتي سجلت نسبة 43% عام 2023 من حالات الولادة في الأردن، وتقديم الدعم النفسي أثناء المخاض من الأمور الهامة في صحة الأمهات والمواليد.

هذا وتعتبر رعاية ما بعد الولادة (فترة النفاس) من شأنها تحسين رعاية صحة الأمهات، كمتابعة صحة الأم والتأكد من التعافي الجسدي والنفسي، والرضاعة الطبيعية المطلقة والتي مدتها قصيرة جداً في الأردن (وسيطها أقل من شهر)، وتوفير وسائل تنظيم الحمل المناسبة للنساء الراغبات في تنظيم الإنجاب، حيث سجلت الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة 11% وعند إضافة نسبة من يستخدمن الوسائل التقليدية لتنظيم الأسرة التقليدية ترتفع نسبة الأزواج الذين هم بحاجة إلى وسيلة حديثة فعالة لتحقيق غرضهم إلى 33%.

وفيما يتعلق بصحة المواليد، فالرعاية الطبية لحديثي الولادة، كالفحص الطبي الأولي بعد الولادة والتطعيمات الأساسية، ومتابعة النمو والتطور الحركي والعقلي، والتغذية السليمة وأهمية الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى والتي أظهرت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية 2023 أن نحو ربع الأطفال فقط 24% دون سن 6 أشهر يعتمدون على الرضاعة الطبيعية المطلقة، مما يبرز الحاجة لتعزيز هذه الممارسة. كما أن التغذية التكميلية بعد الستة أشهر والكشف عن سوء التغذية وعلاجه، والوقاية من العدوى والحرص على النظافة، والتعامل مع أمراض الطفولة المبكرة مثل الصفار والإسهال والالتهابات التنفسية، تعتبر من الإجراءات السليمة والتي يجب إتباعها لتحسين صحة المواليد.

وفيما يخص التطور في القطاع الصحي بذل الأردن جهوداً كبيرة خلال العقدين الماضيين لتطوير نظامه الصحي، وزيادة كفاءته، وتعزيز الوصول إلى رعاية صحية شاملة وعالية الجودة. فتم اعتماد التكنولوجيا والتحول الرقمي في نظام الرعاية الصحية، من خلال أتمتة سجل وفيات الأمهات وإطلاق نظام إلكتروني للإبلاغ عن الولادات والوفيات، مما يسهم في تحسين الاستجابة الصحية والسياسات المبنية على الأدلة.

كما تضمنت الخطة الاستراتيجية لوزارة الصحة 2023-2025 محوراً خاصاً بالرعاية الصحية الأولية والوقائية والذي يهدف إلى تحسين الوصول والحصول على خدمات الرعاية الصحية بجودة وعدالة وبمشاركة مجتمعية فاعلة تُعنى بصحة الأمهات والأطفال من خلال مجموعة من المبادرات تضمنت تبني نموذج الصحة العامة والطب الوقائي ونموذج صحة الأسرة في الرعاية الصحية الأولية وتحسين جودتها والحد من حدوث وانتشار الأمراض السارية والسيطرة عليها، إضافة إلى الحد من انتشار الأمراض غير السارية، وتعزيز خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وصحة الطفل. وقد انعكست هذه التحسينات في زيادة متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى 75.3 سنة في 2023، وتقليص معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 15 حالة لكل ألف مولود حي في نفس العام، وكذلك انخفاض نسبة وفيات الأمهات إلى نحو 24 حالة لكل 100 ألف ولادة، وخفض نسبة زواج من هم دون سن 18 سنة من 17% عام 2017 إلى 11% عام 2023.

وعلى الرغم من توفر العوامل المساعدة والفرص المتاحة التي ساهمت في دعم جهود الأردن في توفير خدمات صحة الأمهات والمواليد، كوجود تشريعات وأطر استراتيجية وطنية داعمة، تتطلب القضايا المرتبطة بصحة الأمهات والمواليد والصحة الجنسية والإنجابية اهتماماً كبيراً خاصة خلال الأزمات والطوارئ وذلك بسبب زيادة المخاطر والوفيات والمراضة المرتبطة بها مثل زيادة خطر الأحمال غير المخطط لها وضعف متابعة الحمل والولادة والنفاس وسوء التغذية.

وجدير بالذكر أن خدمات الصحة الإنجابية تواجه بعض التحديات من أهمها محدودية التكامل بين برامج الصحة الإنجابية وبرامج الرعاية الصحية الأولية في المراكز الصحية وخدمات النسائية والتوليد في المستشفيات، وضعف البنى التحتية لمؤسسات الرعاية الصحية، كما أن هنـاك تفـاوت في مسـتوى الخدمـات الصحيـة المقدمة في المناطق الجغرافيـة، وتواجـه النسـاء بشـكل خـاص صعوبـة في الوصـول إلى بعـض الخدمـات الصحيـة، بالإضافة إلى انخفاض مسـتوى الوعـي بالخدمـات الاستشارية والإنجابية المتاحة للنساء، علاوة عـلى ذلـك فـإن قـدرات المرأة في المشاركة في قـرارات الأسرة الرئيسـية المتعلقة بصحتهـا ورفاههـا مثـل تنظيـم الأسرة محـدودة.

ويؤكد المجلس على أهمية تبني نموذج "صحة الأسرة" في الرعاية الصحية الأولية، ويشدد على ضرورة ترجمة أهداف الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020-2030 من خلال برامج ومشاريع تتناول مكونات الصحة الإنجابية وتعزز رفاهية جميع أفراد الأسرة.

المملكة