وافق السوريون الثلاثاء، على تشكيل لجنة لصياغة دستور يمنح العدالة والحرية والمساواة للجميع وفق البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في القصر الرئاسي بدمشق.

واجتمع مئات السوريين في قصر الشعب بالعاصمة السورية لحضور المؤتمر الذي وصفته الحكومة الجديدة بأنه علامة فارقة بعد حكم عائلة الأسد الذي استمر عقودا.

ودعا البيان الختامي للمؤتمر إلى "تعزيز الحرية كقيمة عالية في المجتمع باعتبارها مكسبا غاليا دفع الشعب السوري ثمنه من دمائه، وضمان حرية الرأي والتعبير".

كما دعا إلى "ترسيخ مبدأ المواطنة ونبذ كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب".

ولم يتطرق البيان الختامي إلى دور الدين في الدولة بخلاف الإشارة إلى "تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بعيدا عن المحاصصة العرقية والدينية".

ودعت الأطراف المشاركة إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ونددت بالتوغل الإسرائيلي، وقالت إن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا يتعين إلغاؤها.

وأشاد مؤيدون بالمؤتمر الذي استمر يوما واحدا باعتباره غير مسبوق لكن منتقدين يخشون أن يكون مجرد واجهة لعملية انتقالية يقودها أساسا الزعماء الجدد في سوريا.

وما زالت خريطة الطريق السياسية للبلاد غير محددة المعالم إلى حد بعيد، باستثناء حكومة انتقالية جديدة تتولى السلطة في أول آذار لم يُعلن عن أعضائها بعد.

وقال ثلاثة دبلوماسيين إن المؤتمر حظي بمتابعة وثيقة من عواصم عربية وغربية علقت إقامة علاقات كاملة مع القيادة الجديدة في سوريا، مثل الإلغاء المحتمل للعقوبات، على شرط احتواء العملية السياسية لكل أطياف السكان المتنوعين عرقيا ودينيا.

مخاوف

قال مشاركون إن المناقشات كانت جيدة التنظيم لكنهم ما زالوا يشعرون بالقلق من مدى تأثير مساهماتهم في العملية السياسية التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام بشكل كبير حتى الآن.

وقالت حنين أحمد، وهي ناشطة من محافظة حمص بوسط البلاد، لرويترز "مجرد وجودنا هون هو فيه جزئية لوصول الصوت أكيد. لكن تبقى عينا على نقطتين برأيي، أول شيء ما يكون الحوار هذا آخر نقطة من الحوار، لازم تكون عملية مستمرة، مش هاي (ليس هذا) آخر شيء راح يتحاور فيه السوريون، وإن هذه مرحلة، وشغلة تانية أن نحن نعرف كيف نوظف هذه الحوارات".

وشاركت حنين في الجلسة الخاصة بالحريات الشخصية، وقالت إن هناك إجماعا واسعا على الحفاظ على الحريات المدنية والسياسية والفردية للسوريين.

وقال رجل الأعمال السوري عدنان طرابيشي الذي شارك في الجلسة الاقتصادية لرويترز، إن المنظمين وعدوا المشاركين بأن الحوار ليس إلا خطوة أولى.

وأضاف طرابيشي "نحن في القصر الرئاسي والرجال الذين هنا كانوا في الخارج منذ 54 عاما. هذا شعور لا يصدق. نشعر أننا نحاول إعادة بناء سوريا من الصفر".

وألقى الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، كلمة افتتاحية وصافح مئات الحاضرين في نهاية المؤتمر. ونصب قادة المعارضة الشرع رئيسا مؤقتا للبلاد الشهر الماضي.

وقال الشرع في كلمته "اليوم فرصة استثنائية تاريخية نادرة، علينا استغلال كل لحظة فيها لما يخدم مصالح شعبنا وأمتنا".

وانقسم المشاركون إلى ست مجموعات عمل لمناقشة منظومة العدالة الانتقالية والدستور وبناء مؤسسات الدولة والحريات الشخصية والنموذج الاقتصادي لسوريا في المستقبل والدور الذي سيلعبه المجتمع المدني في البلاد.

وكانت المناقشات سرية بحضور منسق يخصص لكل مشارك دقيقتين للحديث بالإضافة إلى وجود قيود على إزالة أي وثائق من قاعة المؤتمر.

ويقول منظمون إن البيان الختامي سيساعد في تشكيل عملية دستورية تهدف إلى وضع المبادئ الأساسية للنظام الحاكم الجديد في سوريا وستضعه الحكومة الانتقالية في اعتبارها.

ورحبت وزارة الخارجية السعودية في بيان بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري "آملة أن يسهم ذلك في تحقيق تطلعات الشعب السوري... وتعزيز وحدته الوطنية".

وقال ثلاثة مبعوثين أجانب في سوريا إنه لم تتم دعوة الدبلوماسيين المقيمين في البلاد لحضور المؤتمر. كما لم يقبل المنظمون عروضا قدمتها الأمم المتحدة للمساعدة في التحضير.

العقوبات

تفرض الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات على هيئة تحرير الشام كجماعة. كما تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات واسعة النطاق على سوريا لكن الجانبين أصدرا مؤقتا إعفاءات لبعض القطاعات في الأسابيع الماضية.

وفي حديثه بعد الشرع، انتقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني العقوبات الدولية التي لا تزال سارية، وقال إنها تستخدم "كوسيلة للضغط على إرادة الشعب السوري".

وبعد تصريحاته، وقفت إحدى السيدات الحاضرات وصاحت "الحمد لله، عاد قصر الشعب إلى الشعب!".

وللإعداد للفعالية، نظمت لجنة تحضيرية من سبعة أعضاء جلسات استماع للمحافظات، وفي بعض الأحيان كانت تعقد عدة جلسات مدة كل منها ساعتان يوميا لتغطي المحافظات السورية الأربع عشرة في أسبوع.

ومن بين أعضاء اللجنة هناك خمسة أعضاء من هيئة تحرير الشام أو مقربون منها، ولا يوجد ممثلون للدروز أو العلويين وهما من الأقليات الكبيرة في سوريا.

وقال مسؤولون من الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا وكذلك من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لرويترز، إنه لم تتم دعوة أي من أعضاء الهيئتين.

رويترز