اتهمت وزارة الخارجية السودانية الجمعة قوات الدعم السريع بالتسبّب بمقتل 120 مدنيا في ولاية الجزيرة خلال يومين، قتلا أو بسبب الحصار الذي تفرضه على مدينة الهلالية في الولاية منذ أسبوعين.

وكانت هذه الولاية الخاضعة للجيش شهدت الشهر الماضي مقتل 200 شخص على الأقل حسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر طبية وناشطين إضافة إلى نزوح 135 ألفا بحسب الأمم المتحدة.

صعّدت قوات الدعم السريع في الفترة الأخيرة هجماتها على المدنيين في ولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه إلى الجيش.

وقالت الخارجية السودانية في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه الجمعة "ارتكبت ميليشيا الجنجويد في اليومين الماضيين مذبحة جديدة في مدينة الهلالية، ولاية الجزيرة، بلغ ضحاياها حتى الآن 120 (مدنيا)، قتلا بالرصاص، أو نتيجة للتسمم الغذائي وافتقاد الرعاية الطبية لمئات المدنيين من رجال ونساء وأطفال تحتجزهم الميليشيا رهائن في مواقع مختلفة من المدينة".

وتشير الحكومة السودانية في كثير من الأحيان لقوات الدعم السريع التي تحاربها منذ أكثر من عام ونصف باسم "ميليشيا الجنجويد" المتهمة بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي في منطقة دارفور قبل أكثر من 20 عاما.

بدورها، أفادت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أنه "بعد أن تم نهب وسرقة جميع ممتلكات المواطنين في الهلالية، قامت الميليشيا باحتجاز السكان في المساجد ولا تسمح لهم بالخروج إلا بعد دفع مبالغ طائلة يتعذر الحصول عليها بعدما مارسته من سلب ونهب".

وتابعت أن عدد الوفيات "يرتفع بوتيرة سريعة".

وأوضحت أنّ "بعض المحتجزين فقدوا أرواحهم جراء اضطرارهم تناول حبوب قمح ملوثة بالأسمدة الكيميائية تُستخدم تقاوي ولا تصلح للاستهلاك الآدمي، كما اضطر آخرون إلى شرب مياه غير صالحة من بئر قديم مغلق لم يُستخدم منذ فترة طويلة جدا".

وتابعت أنّ "هناك عددا كبيرا من المواطنين يعانون من إسهالات مائية ويُشتبه بإصابتهم بوباء الكوليرا، ولا تتوافر لهم أي رعاية طبية".

وأفاد شهود عيان أنّ قوات الدعم السريع تضرب حصارا على البلدة منذ أسبوعين وتمنع مواطنيها من المغادرة.

- عنف متواصل -

اندلعت المعارك في السودان منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص من بينهم 3,1 ملايين نزحوا خارج البلاد، بحسب المنظمة الدوليّة للهجرة. وتسبّبت، وفقا للأمم المتحدة، بأحد أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.

واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمدا ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

والإثنين، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوشوا) في بيان عن "نزوح قرابة 135,400 شخصا (27,081 أسرة) من مناطق مختلفة بولاية الجزيرة إثر موجة من العنف المسلح والهجمات على أكثر من 30 قرية وبلدة في أجزاء من الولاية منذ 20 تشرين الأول/أكتوبر".

كما أفاد الإثنين شهود عيان عن وقوع اشتباكات بين قوات يقودها القائد المنشق عن الدعم السريع أبوعاقلة كيكل والميلشيا شبه العسكرية في بعض قرى شرق الجزيرة. وهي أول اشتباكات بين الطرفين منذ 22 تشرين الأول/أكتوبر.

بالإضافة إلى ولاية الجزيرة، تصاعد العنف أيضا في ولاية شمال دارفور في غرب البلاد، حيث قتل السبت 12 شخصا بقصف مدفعي لقوات الدعم السريع، على ما أفادت لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديمقراطية.

يخضع القسم الأكبر من إقليم دارفور الذي شهد نزاعا داميا وتطهيرا عرقيا قبل قرابة 20 عاما، لسيطرة قوات الدعم السريع ما عدا أجزاء من ولاية شمال دارفور.

وذكرت الخارجية السودانية الجمعة أنّ "المذبحة الشنيعة" لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة تتزامن مع "حملة انتقامية وحشية مشابهة ضد القرويين العزل في شمال دارفور".

وأوضحت أنها "أحرقت أكثر من 40 قرية في الولاية (شمال دارفور) بعد فشل هجماتها المتكررة على الفاشر".

ولا يلوح في الأفق حلّ لهذا النزاع الدامي.

وسبق لطرفي النزاع أن أجريا جولات من المباحثات في مدينة جدة السعودية تمّ الاتفاق خلالها على السماح بدخول المساعدات، من دون الاتفاق على وقف لإطلاق النار.

أ ف ب