- صندوق النقد يتوقع انخفاض معدل التضخم العام إلى 3.5% بنهاية العام المقبل
- صندوق النقد يتوقع استقرار النمو الاقتصادي العالمي عند 3.2% للعامين المقبلين
- صندوق النقد: تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط تهدد بمخاطر كبيرة على أسواق السلع
كشف تقرير جديد لصندوق النقد الدولي، أن العالم انتصر إلى كبير في معركته ضد التضخم، حتى وإن استمرت ضغوط الأسعار في بعض الدول، وذلك بعد أن وصلت إلى ذروتها عند 9.4% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022.
وتوقع صندوق النقد في تقريره، الذي ترجمته "المملكة" أن ينخفض معدل التضخم العام إلى 3.5% بحلول نهاية العام المقبل، وهو أقل قليلاً من المتوسط خلال العقدين اللذين سبقا جائحة كورونا، مبينا أن التضخم في معظم الدول يتأرجح قرب أهداف البنوك المركزية، مما يمهد الطريق لتخفيف السياسة النقدية عبر البنوك المركزية الكبرى.
التقرير، أشار إلى أن الاقتصاد العالمي بقي صامداً بشكل غير عادي طوال عملية تراجع التضخم، ومن المتوقع أن يستقر النمو عند 3.2% في عامي 2024 و2025، ولكنه قد يشهد في بعض الدول ذات الدخل المنخفض والاقتصادات النامية مراجعات سلبية كبيرة، وغالبًا بسبب ارتباطها بتصاعد النزاعات.
في الاقتصادات المتقدمة، يشهد النمو في الولايات المتحدة قوة، إذ يبلغ 2.8% هذا العام، لكنه سيعود إلى مستوياته الطبيعية بحلول عام 2025. أما بالنسبة للاقتصادات الأوروبية المتقدمة، فمن المتوقع حدوث تعافي طفيف في النمو العام المقبل، مع اقتراب الإنتاج من إمكاناته.
وتبدو توقعات النمو مستقرة جدًا في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، إذ تصل إلى قرابة 4.2% خلال العامين الحالي والمقبل، مع استمرار الأداء القوي في آسيا الناشئة.
واعتبر الصندوق انخفاض التضخم دون حدوث ركود عالمي "إنجازًا كبيرًا"، موضحا أن الارتفاع والانخفاض اللاحق في التضخم يعكس مزيجًا فريدًا من الصدمات: اضطرابات واسعة في العرض مقترنة بضغوط طلب قوية في أعقاب جائحة كورونا، تلتها ارتفاعات حادة في أسعار السلع بسبب الحرب في أوكرانيا.
التقرير، أوضح أن هذه الصدمات أدت إلى تحول تصاعدي وانحدار أكبر في العلاقة بين النشاط الاقتصادي والتضخم، ما يُعرف بمنحنى "فيليبس"، ومع تخفيف اضطرابات العرض وبدء السياسة النقدية الصارمة في تقييد الطلب، سمح تطبيع أسواق العمل بانخفاض سريع في التضخم دون تباطؤ كبير في النشاط الاقتصادي.
على الرغم من الأخبار الجيدة بشأن التضخم، إلا أن المخاطر السلبية تتزايد في الفترة الحالية وتسيطر على التوقعات، وقد يشكل تصاعد الصراعات الإقليمية، خاصة في الشرق الأوسط، مخاطر كبيرة على أسواق السلع.
وبين التقرير أن التحولات نحو سياسات تجارية وصناعية غير مرغوبة يمكن أن تقلل بشكل كبير من الناتج مقارنة بتوقعات الصندوق الأساسية. وقد تظل السياسة النقدية متشددة لفترة طويلة جدًا، وقد تزداد الأوضاع المالية العالمية تشددًا بشكل مفاجئ.
وبين التقرير أن عودة التضخم بشكل يقترب من أهداف البنوك المركزية تمهد الطريق لتحول ثلاثي في السياسات، إذ سيوفر هذا التحول مجالا ضروريا للتنفس على الصعيد الاقتصادي الكلي، في وقت لا تزال فيه المخاطر والتحديات مرتفعة.
وأشار إلى أن التحول الأول في السياسة النقدية جارٍ بالفعل، فمنذ حزيران الماضي، بدأت البنوك المركزية الكبرى في الاقتصادات المتقدمة بخفض أسعار الفائدة، متجهة نحو موقف محايد، وسيسهم ذلك في دعم النشاط الاقتصادي في وقت تظهر فيه أسواق العمل في العديد من الاقتصادات المتقدمة علامات على التباطؤ، مع ارتفاع معدلات البطالة. ومع ذلك، حتى الآن كان ارتفاع البطالة تدريجياً ولا يشير إلى تباطؤ وشيك.
وكشف التقرير أن خفض أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى سيخفف من الضغوط على اقتصادات الأسواق الناشئة، إذ ستتعزز عملاتها مقابل الدولار الأميركي وستتحسن الظروف المالية، وسيساعد ذلك على تقليل التضخم المستورد، مما يمكّن هذه الدول من اتباع مسار خاص بها لخفض التضخم بسهولة أكبر.
أما التحول الثاني هو في السياسة المالية، وفق التقرير، إذ أن الحيز المالي هو حجر الزاوية لاستقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، وبعد سنوات من السياسة المالية المتساهلة في العديد من الدول، حان الوقت الآن لتحقيق استقرار في ديناميكيات الديون وإعادة بناء الاحتياطيات المالية التي تشتد الحاجة إليها.
"في حين أن خفض أسعار الفائدة يوفر بعض الراحة المالية من خلال تخفيض تكاليف التمويل، إلا أن ذلك لن يكون كافيًا، خاصة مع بقاء أسعار الفائدة الحقيقية طويلة الأجل أعلى بكثير من مستويات ما قبل جائحة كورونا"، وفق التقرير.
وأكد التقرير أن النجاح يتطلب تنفيذ تعديلات مالية مستدامة وموثوقة على مدى عدة سنوات بدون تأخير، حيثما كان التوحيد المالي ضروريًا، وكلما كانت التعديلات المالية أكثر مصداقية وانضباطًا، زاد الدور الداعم الذي يمكن أن تلعبه السياسة النقدية من خلال تخفيف أسعار الفائدة مع إبقاء التضخم تحت السيطرة، لكن الرغبة أو القدرة على تحقيق تعديلات مالية منضبطة وموثوقة كانت غائبة.
وبين التقرير أن التحول الثالث هو الأصعب ويظهر نحو الإصلاحات التي تعزز النمو، إذ هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتحسين آفاق النمو وزيادة الإنتاجية، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها مواجهة العديد من التحديات التي نواجهها: إعادة بناء الاحتياطيات المالية، ومواجهة الشيخوخة والانكماش السكاني في العديد من أجزاء العالم، والتعامل مع الانتقال المناخي، وزيادة المرونة، وتحسين حياة الفئات الأكثر ضعفًا، داخل البلدان وعبرها.
وقال التقرير، إنه من المؤسف أن تبقى آفاق النمو خلال الخمس سنوات المقبلة ضعيفة، إذ تبلغ 3.1%، وهو أدنى مستوى لها منذ عقود. لذا، يجب أن يأتي النمو الاقتصادي بدلاً من ذلك من إصلاحات محلية طموحة تعزز التكنولوجيا والابتكار، وتحسن المنافسة وتخصيص الموارد، وتعزز التكامل الاقتصادي، وتحفز الاستثمار الخاص المنتج.
المملكة