تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حربها على قطاع غزة لأكثر من عام، مستهدفة البشر والشجر والحجر، إذ انتهكت قوات الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في كل فرصة سنحت لها بدء حربها على القطاع، واستخدمت الجوع سلاحا إضافة إلى طائراتها الحربية وسفنها ودباباتها ومدرعاتها المتطورة.
ولم تستطع الأمم المتحدة حماية المدنيين في منشآتها المحصنة وفق القانون، بل قتل عدد من كوادرها بالحرب، كما لم تمنع الحماية الدولية للمستشفيات من حماية المرضى في حرب وصفت بـ"حرب إبادة جماعية"، في ما وصفته الأونروا بـ"كابوس لا نهاية له".
وتقترب حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من 42 ألف شهيد، و98 ألف مصاب، إضافة إلى قرابة 10 آلاف مفقود.
-ولدوا واستشهدوا في الحرب-
وبحسب إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي، بلغ عدد الشهداء من الأطفال قرابة 17 ألف شهيد، منهم 710 أعمارهم تقل عن عام، و171 طفلا رضيعا وُلِدوا واستشهدوا في حرب "الإبادة الجماعية"، إضافة إلى أكثر من 11 ألف شهيدة من النساء.
وأشارت إلى أن أكثر من 35 فلسطينيا استشهدوا نتيجة المجاعة.
وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل ثوابتة، في ردّه على استفسارات "المملكة"، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف 15 قطاعا من القطاعات الحيوية في قطاع غزة، مبينا أن الخسائر "فادحة جدا".
وبيّن أن قوات الاحتلال تستهدف تدمير القطاع الصحي بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية ومخازن الأدوية إضافة إلى قتل أطباء وممرضين.
وأضاف أن قوات الاحتلال اعتقلت 310 من الكوادر الصحية الذين يتعرضون إلى "تعذيب شديد" داخل سجون الاحتلال.
وبيّن أن قوات الاحتلال تستهدف أيضا القطاع التعليمي عبر 3 مسارات، الأول عبر تدمير المباني والمؤسسات التعليمية، والثاني بقتل وإعدام الكوادر التعليمية ونظار المدارس ومن مدراء المؤسسات التعليمية والمعلمين والهيئات التدريسية في كل المراحل التعليمية، إضافة إلى إعدام العلماء وأساتذة الجامعة والباحثين العملين في الجامعات الفلسطينية.
أما عن المسار الثالث أوضح ثوابتة أنه بالقضاء على الطلاب، مبينا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت الأماكن السكنية والقطاعات الصناعية والتجارية والحكومية، إضافة إلى القطاع الزراعي سواء قطاع الدواجن أو العجول أو الأسماك أو الخضروات والفواكه.
وأشار إلى أن "قطاعا كبيرا جدا وحقولا كبيرة جدا دمرها الاحتلال"، موضحا أن قوات الاحتلال دمرت القطاع الإعلامي أيضا ودمر العشرات من المؤسسات الإعلامية بما تحتويه من كاميرات وأجهزة بث ومعدات وغيرها.
وتابع أن الاحتلال دمر القطاعات الترفيهية والفندقية والاتصالات والمواصلات والنقل.
وبين أنه مع استهداف هذه القطاعات الحيوية "تتشكل جريمة الإبادة الجماعية" التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تحقيقها في قطاع غزة.
وقال إن "جيش الاحتلال ووزراء في حكومة الاحتلال أعلنوا بشكل رسمي 3 أهداف لهذه الحرب وهي القتل والإبادة، والتدمير الشامل، والتهجير من قطاع غزة إلى مصر واحتلال قطاع غزة".
وأدان ثوابتة، الجرائم المتواصلة على الفلسطينيين محملا الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية المسؤولية عن استمرار "الإبادة الجماعية" وقتل المدنيين والأطفال والنساء.
-902 عائلة مسحت من السجل-
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أباد 902 عائلة فلسطينية ومسحها من السجل المدني بقتل كامل أفرادها خلال سنة من "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة.
وأضاف أن جيش الاحتلال أباد 1,364 أسرة فلسطينية وقتل جميع أفرادها ولم يتبق منها سوى فرد واحد في الأسرة الواحدة، ومسح كذلك 3,472 أسرة فلسطينية بقتل جميع أفرادها ولم يتبق منها سوى فردين اثنين في الأسرة الواحدة.
-محرومون من التعليم-
وحسب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، فإن 124 مدرسة حكومية تعرضت لأضرار بالغة نتيجة الحرب على قطاع غزة، ودمّر الاحتلال أكثر من 62 مدرسة حكومية بشكل كامل، و126 مدرسة حكومية تعرضت لقصف وتخريب، و65 مدرسة تابعة لوكالة "الأونروا" تعرضت لقصف وتخريب، فيما تعرضت 20 مؤسسة تعليم عالٍ لأضرار بالغة، وجرى تدمير أكثر من 35 مبنى تابعا للجامعات بشكل كامل، وتدمير 57 مبنى تابعا للجامعات بشكل جزئي.
وحرمت الحرب، 39 ألف طالب وطالبة من التقدم لامتحانات "التوجيهي"، إما بسبب ارتقاء المئات منهم ضحايا في العدوان، أو لانقطاعهم عن التعليم بفعل الحرب وما تسببت فيه من تدمير شامل لبنية العملية التربوية.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، يعاني 630 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة الحرمان من حقهم في التعليم منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يتوزعون بين مدارس الحكومة ومدارس وكالة الغوث والمدارس الخاصة، فضلا عن 88 ألفا من طلبة الجامعات، و80 ألف طفل بلغوا سن الالتحاق برياض الأطفال.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أكد 19 خبيرا ومقررا أمميا أن التدمير الذي طال أكثر من 80% يؤكد تعمد الاحتلال تدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو ما يُعرف باسم "الإبادة التعليمية" التي تشير إلى المحو المنهجي للتعليم، من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلبة والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.
وأكد الخبراء في بيان مشترك أن تلك الهجمات لا تمثل حوادث معزولة، وإنما تعبر عن نمط ممنهج من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني، وقالوا: "عندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك".
وجاء في البيان أن "الهجمات القاسية المستمرة" على البنية التحتية التعليمية في غزة، لها تأثير مدمر طويل الأمد في حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية، ما يحرم جيلا آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم".
-المياه والصرف الصحي-
تؤكد التقييمات الأولية للأضرار من خلال سلطة المياه الفلسطينية، أن أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي قد خرجت عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي، وتحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة، (يتضمن ذلك محطات معالجة الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، ومحطات الضخ، والآبار، وخزانات المياه، وخطوط النقل الرئيسية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وغير ذلك)، علما بأن معظم المرافق التي تتم استعادة تشغيلها بعد تنفيذ أعمال صيانة طارئة لها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة نتيجة للأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنظومة ككل، حسب ما أفاد به القائم بأعمال رئيس سلطة المياه زياد الفقهاء.
وقال الفقهاء إن "قطاع غزة يعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية للمياه، وتشير التقديرات الأولية إلى أنه جراء العدوان الحالي انخفض إنتاج هذه المصادر إلى ما يقارب 30-35% مما كان عليه قبل العدوان".
وأوضح أن هذه المصادر تشمل المياه الجوفية؛ من خلال 300 بئر موزّعة في جميع أنحاء القطاع، بإجمالي تزويد لجميع الأغراض 262000 م3/يوم لجميع الأغراض، تكبدت أغلبيتها أضرارا بالغة، وجراء التدخلات التي تمت، تصل حاليا كمية المياه المنتجة منها إلى ما يقارب 93,000 م3/يوم، إضافة إلى محطات التحلية؛ وتشمل محطة شمال غزة (بطاقة إنتاجية 10000 م3/يوم)، ومحطة الوسطى (بطاقة إنتاجية 5500 م3/يوم)، ومحطة الجنوب (بطاقة إنتاجية 20000 م3/يوم)، وحاليا محطة الشمال متوقفة تماما عن العمل، فيما تعمل محطتا الوسط والجنوب (بطاقة إنتاجية 5000 م3/يوم).
وأشار الفقهاء إلى أن كميات المياه المزودة من وصلات "ميكروت" التي تعدّ المصدر الثالث؛ وتشمل وصلة الشمال (المنطار)، ووصلة الوسط (بني سعيد)، ووصلة (بني سهيلة) في الجنوب، كانت ما قبل العدوان تصل إلى 52,000م3/يوم، وحاليا تعمل بشكل جزئي وتنتج ما مجمله 37,500 م3/يوم، إذ توقفت بشكل تام مع بداية العدوان.
وحول تداعيات العدوان على أنظمة الصرف الصحي، فقد أوضح أن نظام الصرف الصحي القائم يشمل مرافق وبنى تحتية متكاملة (من مرحلة التجميع والضخ وحتى النقل والمعالجة)، حيث يغطي النظام حوالي 73% من سكان القطاع، ببنية تحتية تشمل شبكة مختلفة الأقطار تقدّر طوليا بحوالي 2,250كم، و79 محطة ضخ، و29 حوض تجميع مياه أمطار مرتبطة بـ8 محطات ضخ لمياه الأمطار، إضافة إلى 5 محطات معالجة بقدرة تصميمية تصل إلى 154,600م3 يوميا.
وجراء العدوان توقفت جميع خدمات الصرف الصحي، ما أدى إلى تصريف المياه العادمة إلى البحر وتسرّب جزء آخر إلى المناطق المأهولة بالسكان، بالإضافة إلى امتلاء معظم برك تجميع الأمطار بالمياه العادمة، ما كان له انعكاسات خطيرة على الصحة والبيئة.
-"حرب إبادة"-
وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس منير نسيبة لـ"المملكة"، إن الانتهاكات الإسرائيلية "الجسيمة" على الفلسطينيين في قطاع غزة تعددت منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وأوضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت العدوان بقرار "خطير"، وهو تجويع قطاع غزة وإطباق الحصار عليه، في المدنية، وذلك بمنع الطعام والماء والوقود والكهرباء من الوصول إلى غزة.
وأضاف نسيبة أنه "منذ تلك اللحظة فقد ظهر أن الاحتلال ذهب إلى الإبادة الجماعية في نيته".
وأشار إلى أن تلك النية اتبعت بأفعال كثيرة كان من شأنها "ذبح أهل غزة على نطاق واسع جدا".
وبين أن من تلك الأعمال العمل على تهجير السكان بشكل جماعي وسريع جدا دون النظر إلى المأوى الذي سيهجر إليه الناس بداية من شمال قطاع غزة ثم من جنوبه.
ولفت نسبة إلى أن الغالبية العظمة من سكان غزة أصبحوا مهجرين قصريا داخليا في القطاع عن ديارهم في القطاع.
وأضاف أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت المدنيين على نطاق واسع واستخدام القنابل ذات الأوزان الثقيلة على مربعات سكنية وأحياء مدنية وأهلية، وبالتالي يتم تدمير البنية التحتية وقتل الناس دون أي حساب ولا أي رقابة.
وأوضح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي علمت على استهداف الأطباء بشكل واضح والطواقم الطبية، إضافة إلى مركبات الإسعاف والدفاع المدني.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مستشفيات ومنعتها من الاستمرار في تقديم الخدمة الطبية بالرغم من الحاجة الماسة والمتزايدة إلى الخدمة الطبية بسبب عدد الجرحى والمصابين بالحرب.
ولفت نسيبة النظر إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي حرقت العديد من المنازل التي لم تقصفها، دون أي حاجة أو ضرورة عسكرية بحرقها وحرق محتوياتها، مشيرا إلى أن ذلك من أجل أذية السكان المدنيين فقط وحتى ولا يجدوا أي مكان يعودون إليه من بعد "النزوح القصري".
-"أساليب حاطة بالكرامة"-
وتابع أن قوات الاحتلال الإسرائيلي عمدت على اعتقال أعداد كبيرة من الناس من غزة أغلبهم ليس لهم أي علاقة بـ"العمل العسكري أو حتى التنظيمي"، مبينا أن الكثير منهم كانوا من الأطقم الصحية أو الطبية أو غيرها.
وتحدث نسيبة عن أساليب تعذيب متبعة في السجون والمعتقلات، قائلا إن قوات الاحتلال استخدمت أساليب تعذيب ومعاملة حاطة بالكرامة لا يمكن وصفها، وشملت الضرب المبرح والحرمان من الطعام والاغتصاب والجرائم الجنسية التي ثبتت فعلا.
وقال إن "هذه الجرائم تعدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفعلا وصل الاحتلال الإسرائيلي بالقناعة الأولية على الأقل من محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بالإبادة الجماعية في قطاع غزة".
وأوضح أن الإبادة الجماعية هي أغلظ جريمة في جرائم القانون الدولي وأخطر جريمة من جرائم القانون الدولي، مضيفا "فعلا الاحتلال الإسرائيلي ارتكبها خلال هذا العدوان في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر حتى الآن".
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد قال إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم معتقلين مدنيين فلسطينيين دروعا بشرية وأجبرهم على استكشاف مناطق قتال خطيرة، وهو نموذج لسياسة منهجية ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المرصد، أنه "وثق عشرات الحالات لاستخدام مدنيين دروعا بشرية ولإضفاء الحصانة على عمل القوات بما يشكل جريمة حرب".
-"غير صالح للعيش"-
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازاريني قال إن حرب غزة أصبحت بعد عام "كابوسا لا نهاية له"، مضيفا أن القطاع أصبح "غير صالح للعيش".
وفي مؤتمر صحفي عقد في جنيف، قال لازاريني إن سكان غزة يواجهون الأمراض والموت والجوع، حيث تملأ "جبال القمامة" ومياه الصرف الصحي الشوارع، وهم الآن "محاصرون في 10% من الأرض" بعد أن كانوا في حالة تنقل دائم "بحثا عن الأمان الذي لم يجدوه أبدا".
وأبرز محنة الأطفال، الذين يمثلون نصف سكان غزة، إذ إنهم يتحملون وطأة الحرب، ويمرون "بتجربة مؤلمة وعميقة ومستمرة، ويفقدون الأمل في مستقبل أفضل".
-ثلثا المنشآت-
كما أثار المفوض العام أيضا مع الدول الأعضاء "الهجوم المستمر الذي تتعرض له الوكالة"، مشيرا إلى أن 223 من موظفي الأونروا "قتلوا" وتضرر أو دمر ثلثا منشآتها في غزة.
وقال إنه "لا يوجد سوى الأونروا التي يمكنها توفير التعليم على نطاق واسع لمئات الآلاف من الفتيات والفتيان في قطاع غزة".
-تراجع تعليم الأطفال-
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" نشرت دراسة من تقرير أعده فريق من الأكاديميين الذين يعملون بالشراكة مع الأونروا، حذر فيه من أن الحرب المستمرة في غزة ستؤدي إلى تراجع تعليم الأطفال واليافعين بما يصل إلى 5 سنوات إلى الوراء وتهدد بخلق جيل ضائع من الشباب الفلسطيني الذي يعاني من صدمة دائمة.
وفصلت الدراسة الأثر المدمر على الأطفال واليافعين والمعلمين، مدعوما بشهادات جديدة من العاملين في الخطوط الأمامية وعمال الإغاثة.
وقالت الأونروا إنه تم الإبلاغ عن 464 حادثة أثرت على المباني التابعة لها وعلى الأشخاص الموجودين داخلها منذ بدء الحرب، بعضها شهد حوادث متعددة أثرت على نفس الموقع، بما في ذلك ما لا يقل عن 74 حادثة استخدام عسكري و/أو تدخل في منشآت الأونروا.
وأضافت أن 190منشأة مختلفة تابعة للأونروا تأثرت بسبب الذخائر أو بسبب تعرضها لتدخل فاعل مسلح من خلال هذه الحوادث.
وقالت إنه وفقا لمجموعة الصحة، فقد وقعت 492 هجمة على منشآت الرعاية الصحية في غزة منذ 7 تشرين الأول 2023 وحتى 19 أيلول 2024، ما أسفر عن استشهاد 747 شخصا.
وأضافت أن كل مستشفيات غزة تضررت ولم يبق أي مستشفى يعمل بكامل طاقته.
وبينت أنه حتى 11 أيلول 2024، كان هناك 17 مستشفى تعمل بشكل جزئي (ثلاثة في شمال غزة، وسبعة في مدينة غزة، وثلاثة في دير البلح، وأربعة في خان يونس) فيما كان 19 مستشفى من أصل 36 مستشفى خارج الخدمة.
-"أقل بكثير"-
وقالت الأونروا إنه فقا للمجلس النرويجي للاجئين، فإنه مع كمية المساعدات التي تسمح إسرائيل بإدخالها حاليا إلى غزة، فإن الأمر سيستغرق أكثر من عامين من الوكالات الإنسانية لإيصال الأدوات اللازمة لتجهيز الخيام والملاجئ المؤقتة والمنازل المتضررة جنوب وادي غزة لفصل الشتاء المقبل.
وأشارت إلى أنه يجب تسليم ما لا يقل عن 25,000 مجموعة من مستلزمات العزل التي تشمل المواد الأساسية لإغلاق وتحديث الملاجئ قصيرة الأمد، مثل المباني المهجورة/ المتضررة، لحماية العائلات من الظروف الجوية وتحسين الخصوصية والكرامة، أسبوعيا إلى جنوب غزة قبل نهاية شهر تشرين الثاني، لتلبية الاحتياجات الهائلة، وهذا يعادل 25 شاحنة محملة أسبوعيا.
وأوضحت أنه في شهر آب، عبرت شاحنتان فقط في المتوسط أسبوعيا إلى الجنوب محملة بمواد الإيواء، أي ما يعادل 8% فقط من الاحتياجات الأسبوعية.
وبينت أن العديد من التحديات تقف في طريق جمع الإمدادات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة، وتشمل انعدام الأمن والبنية التحتية المتضررة ونقص الوقود والقيود المفروضة على الوصول.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لم يدخل قطاع غزة بين 1-15 أيلول 2024 سوى 67 شاحنة مساعدات إنسانية في المتوسط في اليوم الواحد، مشيرا إلى أنه يقل كثيرا عن المتوسط الذي كان سائدا قبل الأزمة والبالغ 500 شاحنة في اليوم الواحد.
- منهكة وجائعة-
قالت الأونروا إنه "في ظل التهجير القسري، والظروف الصعبة، والحرارة الشديدة، فإن الأسر بقطاع غزة منهكة وجائعة ولا تملك ما تحتاج إليه للبقاء".
وأكدت مسؤولة الاتصالات في الأونروا لويز ووتردج، في تصريح صحفي أن "هناك الكثير من اليائسين، والجياع، والمتعبين" جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وأضافت أنه "في ظل التهجير القسري والظروف المعيشية القاسية والحرارة الشديدة، فإن الأسر في غزة منهكة ولا تملك ما تحتاج إليه للبقاء على قيد الحياة".
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، "أن "إصدار (الاحتلال) أوامر الإخلاء الجماعي في قطاع غزة من دون ضمان وجود أماكن آمنة للنازحين، يفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل لمئات آلاف الأشخاص".
وقال التقرير إن نحو 96% من سكان غزة (2.1 مليون شخص) يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، متوقعا استمرار هذا الوضع حتى أيلول/ سبتمبر 2024.
وذكر تقرير "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، أن كل قطاع غزة يُصنف بأنه في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف التي تسبق المجاعة (المرحلة الخامسة).
وأفاد التقرير بأن أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصا شديدا للغذاء والتضور جوعا واستنفاد القدرة على المواجهة.
ونتيجة هذه الظروف التي نجم عنها سوء تغذية وجفاف ونقص في الإمدادات الطبية، فقد استشهد أكثر من 36 طفلا، ولا يزال العشرات من الأطفال يعانون من سوء التغذية والمجاعة، خاصة في شمال القطاع.
-البنية التحتية المادية-
وفي تقرير مشترك للبنك الدولي والأمم المتحدة، أُعدّ بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، فقد قُدّرت تكلفة الأضرار التي لحقت بالمباني والبنى التحتية الحيوية في قطاع غزة، بنحو 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97% من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معًا لعام 2022.
وقال البنك الدولي إن تقرير "التقييم المؤقت للأضرار" استخدم مصادرَ جمع البيانات عن بعد لتقدير الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية في القطاعات الحيوية بين تشرين الأول 2023 ونهاية كانون الثاني 2024".
ويخلص التقرير إلى أن الأضرار التي لحقت بمرافق ومنشآت البنية التحتية تؤثر في جميع قطاعات الاقتصاد، إذ تشكّل المباني السكنية 72% من التكلفة، في حين تشكّل البنية التحتية للخدمات العامة مثل المياه والصحة والتعليم 19%، أما الأضرار التي لحقت بالمباني التجارية والصناعية فتشكّل 9% من هذه التكلفة.
ويفيد التقرير الأممي بأنه مع تضرر أو تدمير 84% من المستشفيات والمنشآت الصحية، ونقص الكهرباء والمياه لتشغيل المتبقي منها، لا يحصل السكان إلا على الحد الأدنى من الرعاية الصحية أو الأدوية أو العلاجات المنقذة للحياة.
كما تعرض نظام المياه والصرف الصحي تقريبا للانهيار، وفقا للتقرير، وأصبح لا يوفر سوى أقل من 5% من خدماته السابقة، ما دفع السكان إلى الاعتماد على حصص مياه قليلة للغاية للبقاء على قيد الحياة، وبالنسبة إلى نظام التعليم فقد انهار، إذ أصبح 100% من الأطفال خارج المدارس.
ويشير التقرير أيضا إلى التأثير في شبكات الكهرباء وأنظمة إنتاج الطاقة الشمسية، كما يشير إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل منذ الأسبوع الأول من العدوان.
ومع تدمير أو تعطيل 92% من الطرق الرئيسية، وتدهور البنية التحتية للاتصالات، أصبح إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان صعبا للغاية.
ويحدد تقرير "التقييم المؤقت للأضرار" الإجراءات الرئيسية لجهود التعافي المبكر، وعلى رأسها زيادة المساعدات الإنسانية والمعونات الغذائية وإنتاج الغذاء، وتوفير مراكز الإيواء وحلول الإسكان السريعة والشاملة والفعالة من حيث التكلفة لمن تم تهجيرهم، بالإضافة إلى استئناف تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وقال البنك الدولي إن تقرير التقدير المبدئي للأضرار في قطاع غزة يعتمد على مصادر جمع البيانات عن بعد والتحليلات لتقديم تقدير أولي للأضرار التي لحقت بالمباني المادية في غزة جراء الحرب، وفقا لمنهجية التقدير السريع للأضرار والاحتياجات.
وأضاف أنه سيتم إجراء تقييم سريع وشامل للأضرار والاحتياجات لتقدير الخسائر الاقتصادية والاجتماعية بالكامل، فضلا عن الاحتياجات التمويلية للتعافي وإعادة الإعمار، ومن المتوقع أن تكون تكلفة الأضرار والخسائر والاحتياجات المقدّرة من خلال التقييم السريع الشامل أعلى بكثير من تكلفة التقييم المؤقت للأضرار.
وفي أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدر مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، التحديث التاسع لتقييمه للأضرار التي لحقت بالمباني في قطاع غزة الذي يُظهر أن ثلثي إجمالي المباني في القطاع لحقت بها أضرار.
ويستند التحليل إلى صور أقمار صناعية عالية الدقة تم جمعها في الثالث والسادس من أيلول/ سبتمبر 2024، إذ قارن المركز الصور الملتقطة في هذين اليومين بالبيانات السابقة، ما يوفر نظرة شاملة لتطور الدمار.
وذكر المركز أن نسبة 66% من المباني المتضررة في قطاع غزة تشمل 163,778 مبنى في المجموع.
ويشمل ذلك 52,564 مبنى تم تدميرها، و18,913 مبنى تضررت بشدة، و35,591 مبنى ربما تكون قد تضررت، و56,710 مبانٍ تضررت بشكل معتدل.
وأفادت نتائج التحليل بأن المنطقة الأكثر تضررا بشكل عام هي محافظة غزة، حيث تضرر 46,370 مبنى، وتأثرت مدينة غزة بشكل ملحوظ، حيث دُمر 36,611 مبنى.
كما أصدر مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، تحديثا عن صحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة وكثافتها، وجد أن حوالي 68% من حقول المحاصيل الدائمة في القطاع أظهرت انخفاضا كبيرا في الصحة والكثافة في أيلول/ سبتمبر 2024.
المملكة