أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تقرير "المعرفة قوة" بعنوان "الأردن وأهداف التنمية المستدامة: خطوات صغيرة ومسار طويل".

ويهدف التقرير إلى تحليل مدى تقدم الأردن في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 منذ تبنيها في العام 2015، والوقوف على مساهمة الأمم المتحدة في دعم تنفيذه لتلك الأهداف. كما قدم التقرير تحليلاً للمنتدى يتضمن الربط ما بين أهداف التنمية المستدامة، وركائز رؤية التحديث الاقتصادي الثلاثة، وتقديم بعض الاستنتاجات والتوصيات المبنية على نتائج التحليل.

وأكد المنتدى في ورقته أنه، وبعد مرور قرابة تسعة أعوام على بدء دول العالم بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، فإن التقدم العالمي نحو تحقيق تلك الأهداف يعد بطيئًا جدًّا. إذ يشير تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة لعام 2024، إلى أن العالم لم يحقق سوى 17% فقط من هذه الأهداف، وعزا السبب في ذلك إلى تواتر الأحداث والاضطرابات السياسية والاقتصادية.

وأشار المنتدى في تقريره إلى أن الأردن قد سعى جاهدًا لتبني أهداف التنمية المستدامة 2030، والعمل على تنفيذها ضمن الإمكانات والموارد المتاحة، وبمساعدةٍ من منظمات الأمم المتحدة لتحقيق تلك الأهداف.

وبين المنتدى، أن منظمات الأمم المتحدة قد أنفقت، من خلال برامجها، قرابة 917.7 مليون دولار منذ العام 2018، وحتى عام 2022 دعمًا للأردن لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة. فيما خصصت قرابة 714.9 مليون دولار استكمالًا لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الأردن للفترة (2023-2027)، وفق البيانات المتاحة على موقع برنامج الأمم المتحدة في الأردن.

كما أشار المنتدى إلى التركيز الواضح لبرامج الأمم المتحدة على تنفيذ هدف "جودة التعليم" في الأردن خلال السنوات الخمسة القادمة، إذ تم تخصيص ما يقارب 534.2 مليون دولار (74.7%) من إجمالي التمويل المرصود ضمن أهداف التنمية المستدامة لتحقيق هذا الهدف، وقد يعزى ذلك التركيز الى التراجع الواضح لأداء الأردن في العديد من المؤشرات العالمية المتعلقة بالتعليم.

ووفق بيانات لوحة مؤشرات شبكة حلول التنمية المستدامة وهي مبادرة عالمية تخدم الأمم المتحدة؛ بين منتدى الاستراتيجيات الأردني بأن أداء الأردن قد راوح مكانه من حيث تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للفترة (2015 - 2023). إذ سجل الأردن خلال السنوات التسعة الماضية تقدمًا بسيطًا بمعدل 0.3% سنويًّا. وخلال تلك الفترة جاء الأداء الأفضل للأردن عام 2020 (المرتبة 78 من أصل 167 دولة)، بينما كان الأداء الأضعف عام 2017 (86 من أصل 167 دولة)، وهذا يؤكد تواضع أدائه في تحقيق أهداف التنمية المستدامة منذ أنْ أطلَقَتْها الأمم المتحدة، وتبنّاها الأردن.

وعلى مستوى أداء الأردن في أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر لعام 2023، بين المنتدى أن الأردن قد حقق أفضل أداء في الهدف السابع "الطاقة النظيفة" (المرتبة 53 من 167 دولة). بينما جاء الأداء الأضعف للأردن في الهدف الثامن "العمل اللائق ونمو الاقتصاد" (المرتبة 151 من بين 167 دولة).

أما بالنسبة لأداء الأردن في تحقيق الأهداف السبعة عشرة خلال الفترة (2015 - 2023)، فقد أشار تقرير المنتدى إلى تحقيق الأردن تقدمًا في 8 أهداف؛ كان أبرزها الهدف الثالث عشر "العمل المناخي" بمقدار 16 مرتبة. بينما سجل الأردن تراجعًا في 7 أهداف؛ وكان التراجع الأعلى في الهدف السابع عشر "عقد الشراكات لتحقيق الأهداف" وبقرابة 21 مرتبة، في حين سجل الأردن ثباتًا في الهدف الثامن "العمل اللائق ونمو الاقتصاد".

وبين المنتدى أن تقييم أداء الأردن في تحقيق أهداف التنمية المستدامة يظهر أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق الأهداف المنشودة، خاصة في ظل التحديات القائمة العالمية والإقليمية والمحلية، وانعكاسات آثارها على الفقر والبطالة ومحدودية الموارد.

وفي هذا السياق، أكد المنتدى ضرورة تكاتف الجهود لتحقيق تقدم ملموس في أهداف التنمية المستدامة، التي تعد داعمًا أساسيًّا لتحقيق ركائز رؤية التحديث الاقتصادي: "النمو الاقتصادي"، و"جودة الحياة"، و"الاستدامة". مبيناً أنه كلما تحسنت مستويات التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية، زادت قدرة الأردن على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتحسين جودة حياة المواطنين.

وشدد المنتدى على أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يسهم فقط في تحسين أداء الأردن عالميًّا، بل يشكّل أيضًا أساسًا قويًّا لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي. فبحسب تحليل المنتدى لدى مواءمته بين أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وركائز الرؤية، بينت النتائج أن أداء الأردن كان بالمجمل ضعيفًا في مؤشرات التنمية المستدامة المرتبطة بركيزة النمو الاقتصادي، فقد تراجع أداؤه خلال الفترة (2015 - 2023) تراجعًا واضحًا في تنفيذ كل من الهدف العاشر "الحد من أوجه عدم المساواة"، والهدف السابع عشر "عقد الشراكات لتحقيق الأهداف"، وبواقع 13 و21 مرتبة على الترتيب. كما سُجل الأداء الأضعف في الهدف الثامن "العمل اللائق ونمو الاقتصاد" مقارنة بجميع الأهداف الأخرى، حيث جاء الأردن في المرتبة 151 من أصل 167 دولة مشاركة في التقرير. فيما كان أداء الأردن جيدًا في تنفيذ كل من الهدف التاسع "الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية"، والهدف الثاني عشر "الاستهلاك والإنتاج المسؤولان"، بعد أن سجل تقدمًا في تنفيذ تلك الأهداف بواقع 10، و11 مرتبة على التوالي بين عامي 2015 و2023.

أما في ركيزة جودة الحياة، فأوضح المنتدى بأن وضع الأردن في تنفيذ الأهداف المرتبطة بهذه الركيزة خلال الفترة (2015 - 2023) كان ضعيفًا للغاية. فقد سجل الأردن تراجعًا في أربعة أهداف هي: الهدف الأول "القضاء على الفقر" بواقع 8 مراتب، والهدف الثالث "الصحة الجيدة والرفاه" بواقع 11 مرتبة، والهدف الرابع "جودة التعليم" بواقع مرتبة واحدة، والهدف الخامس "المساواة بين الجنسين" بـواقع 5 مراتب. في حين سجل الأردن ضمن ركيزة جودة الحياة تقدمًا بواقع 6 مراتب في الهدف الثاني "القضاء التام على الجوع"، وبواقع مرتبتين في الهدف السادس "المياه النظيفة والنظافة الصحية". وسجَّل أيضًا تقدمًا بمرتبة واحدة في الهدف السادس عشر "السلام والعدل والمؤسسات القوية".

وفيما يتعلق بركيزة الاستدامة، أشار المنتدى إلى أن أداء الأردن في تنفيذ الأهداف المرتبطة بها أفضل نسبيًّا. إذ استطاع أن يحقق تقدمًا ملحوظًا خلال الفترة (2015 - 2023) في الأهداف الآتية: الهدف السابع "طاقة نظيفة وبأسعار معقولة" بواقع 14 مرتبة، والهدف الحادي عشر "مدن ومجتمعات محلية مستدامة" بواقع مرتبة واحدة فقط، والهدف الثالث عشر "العمل المناخي" بواقع 16 مرتبة. في حين كان التراجع الوحيد في تنفيذ الهدف الخامس عشر "الحياة في البر" بواقع 4 مراتب.

واختتم المنتدى تقريره، بالإشارة إلى أن الأردن يعتبر بعيداً عن تحقيق مساعيه في التنمية المستدامة، نتيجة تراجع أدائه أو ثباته في بعض أهداف التنمية المستدامة وبالأخص الاقتصادية والاجتماعية منها، مشيراً إلى عدم قدرة الأردن على مواكبة تقدم دول العالم المشاركة في التقرير. وبين المنتدى أنه وبكلتا الحالتين، فإن هذا التأخر أو الثبات ستنعكس تداعياته، عامًا تلو الآخر، على نمو الاقتصاد، وقدرته على تحقيق التقدم والازدهار للأجيال القادمة.
وفي هذا السياق، أوصى المنتدى بضرورة العمل على متابعة نتائج تقرير أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة؛ لأنّها ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالعديد من مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.

وأشار المنتدى إلى ضرورة النظر في الرصد والتحديث المستمرين للبيانات والإحصاءات الخاصة بالمؤشرات الفرعية لأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ونشرها للعموم، من أجل إظهار الصورة الواقعية لأداء الأردن في تلك المؤشرات. حيث يلاحظ أن التأخر في رصد البيانات، وإصدارها حول بعض المؤشرات كان سببًا رئيسًا في تراجع أداء الأردن أو ثباته عبر السنوات. فعادة ما تلجأ الجهات الدولية المتتبعة أداء الأردن إلى استخدام البيانات القديمة المتوافرة، والمتاحة للسنوات السابقة.

المملكة