قرّرت سلطة الانتخابات في الجزائر، السبت، تمديد التصويت ساعة واحدة في انتخابات رئاسية ينتظر أن يفوز فيها الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية ويكمُن رهانها الأكبر في نسبة المشاركة.
ودعي أكثر من 24 مليون جزائري للمشاركة في الانتخابات، وبلغت نسبة المشاركة في الساعة الخامسة عصرا (16:00 ت غ) 26,46%، بانخفاض قدره سبع نقاط مقارنة بالساعة ذاتها في انتخابات 2019 (33,06%)، بحسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وقررت السلطة تمديد فترة فتح مكاتب التصويت إلى الثامنة مساء (19:00 ت غ) بدلا من السابعة كما كان مقررا.
ويتوقع أن تبدأ أولى النتائج بالظهور مساء السبت، وتعلن رسميا الأحد.
وبدأ الاقتراع عند الثامنة صباحا.
ووصلت نسبة المشاركة عند الأولى بعد الظهر (12:00 ت غ)، إلى 13,11%.
وشهدت الانتخابات التي حملت تبون إلى كرسي الرئاسة في 2019 عزوفا قياسيا بلغ 60%، حيث حصل على 58% من الأصوات، في خضم تظاهرات "الحراك" العارمة المطالبة بالديمقراطية، ودعوة الكثير من الأحزاب إلى مقاطعة التصويت.
ولدى افتتاح مراكز الاقتراع كان المسنّون خاصة من الرجال أول الوافدين، مثل سيد علي محمودي وهو تاجر يبلغ 65 عاما جاء "باكرا لأداء واجبه الانتخابي بكل ديمقراطية".
وبداية الظهيرة، بدأت النساء بالخروج للتصويت، ومنهم طاووس زايدي، وهي ربة منزل في السادسة والستين، وليلى بلقرمي، محاسبة تبلغ 42 عاما، واللتان صرحتا أنهما تقترعان للمشاركة في "تطوير البلد" و"المساهمة في الإصلاحات فيها".
ولكن الفائز يبدو "معروفا مسبقا"، وفق ما علّق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد عبر فيسبوك، مشيرا إلى أن ذلك يأتي "بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادي وكذا الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء".
ويخوض الانتخابات 3 مرشحين أبرزهم عبد المجيد تبون (78 عاما).
ويحظى الرئيس المنتهية ولايته بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019؛ ما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيدا.
ولم يشر تبون في تصريحه عقب التصويت في مركز أحمد عروة بالضاحية الغربية للعاصمة، إلى نسبة المشاركة وضرورة التصويت بقوة كما فعل منافساه.
وقال "أتمنى أن تجري الأمور بكل ديمقراطية، هذه الانتخابات مفصلية لأن من يفوز بها عليه مواصلة مسار التنمية الاقتصادية للوصول إلى نقطة اللارجوع وبناء الديمقراطية".
وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد العالي حساني شريف (57 عاما)، وهو مهندس أشغال عمومية، والصحفي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 عاما)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل بوسط شرق البلاد.
وأدلى حساني شريف بصوته في مكتب بحي تيليملي بالعاصمة.
ودعا الجزائريين "للتصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات"، آملا بأن "تكون الانتخابات دون إكراهات كما عرفنا في السابق".
بدوره، وجّه يوسف أوشيش "رسالة إلى الجزائريات والجزائريين الذين لم يصوّتوا للخروج بقوة من أجل المساهمة في صناعة مستقبلكم".
وكانت الانتخابات مقررة عند انتهاء ولاية تبون في كانون الأول/ ديسمبر، لكنه أعلن في آذار/ مارس تنظيم اقتراع رئاسي مبكر في السابع من أيلول/ سبتمبر.
وأكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي بأن تبون يرغب بـ"مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينسَ أنه انتخب عام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ".
وشهدت الانتخابات التي حملته إلى كرسي الرئاسة قبل خمسة أعوام عزوفا قياسيا بلغ 60%، إذ كانت تظاهرات "الحراك" العارمة المطالبة بالديمقراطية لا تزال في أوجها.
وحصل تبون في تلك الانتخابات على 58% من الأصوات.
في مواجهة شبح عزوف مكثف بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، قام تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، بجولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف آب/ أغسطس ليشجعوا على المشاركة القوية.
لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظَ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.
وفي الخارج، بدأ الجزائريون المهاجرون الإدلاء بأصواتهم منذ الاثنين، وعددهم 865490 ناخبا، بحسب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وأوضحت سلطة الانتخابات أن نسبة المشاركة بينهم بلغت 18,31% عند الساعة 16:00.
كذلك، خصصت مراكز اقتراع متنقلة للقاطنين في المناطق النائية داخل البلاد.
"عجز في الديمقراطية"
ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم في أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين بالعمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95% من موارد البلاد بالعملة الصعبة.
وعلى المستوى الخارجي، أجمع المرشحون على الدفاع عن القضية الفلسطينية.
ووعد تبون، مستندا إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلا عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر "ثاني اقتصاد في إفريقيا" بعد جنوب إفريقيا.
وفي ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة، تعهّد الرئيس الذي يلقبه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي "عمي تبون"، بإعطاء الشباب "المكانة التي يستحقونها"، علما بأنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين.
وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع "الجزائر الجديدة"، معتبرا أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كورونا.
في المقابل، تعهّد منافساه بمنح الجزائريين مزيدا من الحريات.
وأعلن أوشيش التزامه بـ"الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة".
أما حساني شريف فدافع عن "الحريات التي تم تقليصها إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة"، بعد تراجع زخم "الحراك" الذي أطاح عام 2019 بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.
واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني من "عجز في الديمقراطية" يمكن أن يشكل عائقا خلال ولايته الجديدة.
من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية ("أمنستي) غير الحكومية في بيان في الثاني من أيلول/ سبتمبر عن قلقها.
وقالت "شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان، ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات".
وتحدثت المنظمة في شباط/ فبراير عن "قمع مروّع للمعارضة السياسية".
أ ف ب