عرض وزير المالية محمد العسعس، في جلسة تشريعية الأربعاء أمام مجلس النواب، ملامح مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024، مشيرا إلى أن الحكومة ستتمكن من الوصول إلى "نقطة انعطاف في العجز الأولي وتحقيق أول فائض في عام 2028".

وقال العسعس إن الإصلاحات في النظام الضريبي والإدارة الضريبية شكلت في بعدها الاقتصادي القاعدة الرئيسية للحفاظ على الاستقرار النقدي لتحفيز النمو وزيادة الاعتماد على الموارد الذاتية لتغطية النفقات العامة.

وأضاف أن مشروع موازنة عام 2024 يحمل في ثناياه الاستمرار بنهج الإصلاح المالي واستدامة الأداء الاستثنائي للأردن في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مجال المالية العامة بشكل تصاعدي وعادل، والتي حمت الأردن خلال السنوات الماضية من ويلات أطاحت باقتصادات دول أخرى.

وأوضح العسعس أن الحكومة ستواصل إجراءاتها الهادفة إلى توسيع القاعدة الضريبية وترشيد الإعفاءات الضريبية مقابل تعزيز الحوافز والمزايا وخلق البيئة الجاذبة للمستثمرين، وتطبيق الإصلاحات التشريعية التي أقرها مجلس النواب في الأعوام الماضية، والتطبيق الكامل لنظام الفوترة الإلكتروني ونظام التتبع، وفرض رقابة صارمة على التهريب عبر الحدود.


وأكد على أن إيرادات ضريبة الدخل سترتفع في عام 2024 بنحو 325 مليون دينار أو ما نسبته 20% في ضوء الجهود الهادفة للتركيز على رفع الإيرادات الضريبية بدون رفع الشرائح الضريبية، وسترتفع إيرادات ضريبة المبيعات بنحو 286 مليون دينار أو ما نسبته 6.4% مدفوعة بالنمو الإسمي للناتج البالغ 5.1%.

وأضاف العسعس أن مساهمة ضريبة الدخل في الإيرادات الضريبية سترتفع في عام 2024 إلى 27% مقارنة بنحو 22.3% في عام 2020، في حين ستتراجع مساهمة إيرادات ضريبة المبيعات إلى نحو 66% في عام 2024 مقابل 71% في عام 2020.

وأكد الوزير أن ذلك يأتي تحقيقا للتوجيهات الملكية السامية بـ " تحسين الإيرادات عبر مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي دون مغالاة على المواطن والقطاع الخاص، وهذا يتطلب الاستمرار في تطوير المنظومتين الضريبية والجمركية وأدواتهما، بشكل يضمن حقوق الخزينة العامة، ويمكنها من تقديم الخدمات المثلى التي يستحقها المواطن".

وأضاف أنه التزاما بالتوجيهات الملكية السامية للحكومة لتعزيز تقدم سير العمل في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام وبناء القدرات في الجهات الحكومية المعنية، جرى رصد 348 مليون دينار للمشاريع ذات العلاقة في موازنة عام 2024.

وأكد العسعس أنه "لأن توفير مصادر أردنية مستدامة للمياه يعتبر أولوية استراتيجية أردنية، وتحقيقا للاستقلال المائي للأردن، والتزاما بالتوجيهات الملكية السامية، ستستمر الحكومة في إيلاء مشروع تحلية ونقل المياه (الناقل الوطني) أولوية خاصة تم عكسها في موازنة عام 2024 باعتباره من أهم المشروعات الاستراتيجية في رؤية التحديث الاقتصادي".

وأشار إلى أن موازنة عام 2024 توخت توفير المخصصات المالية لتعزيز الحماية الاجتماعية في مختلف مجالاتها، حيث رفعت مخصصات صندوق المعونة الوطنية / الدعم النقدي الموحد لتصل إلى 262 مليون دينار لدعم الأسر ذات الدخل المحدود.

"لأن صدمات جانب العرض في الأسواق العالمية قد تمتد لفترات طويلة، وحرصا من الحكومة على ضمان استقرار أسعار السلع وخاصة الغذائية الأساسية في السوق المحلي، فستواصل الحكومة العمل على تعزيز الرصيد الاستراتيجي من القمح والشعير لفترات زمنية كافية، وزيادة السعة التخزينية لمستوعبات الحبوب، وتسريع الإنجاز في محاور الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي"، وفق الوزير.

وبين أن الحكومة ستستمر في تثبيت سعر مادة الخبز وأسطوانة الغاز، حيث بلغت مخصصات دعم السلع الاستراتيجية في موازنة عام 2024 نحو 289 مليون دينار، منها 63 مليون دينار لدعم أسطوانة الغاز.

وأضاف العسعس أن الحكومة أولت اهتماما كبيرا لرفع مستوى التعليم، حيث زادت مخصصات التعليم في عام 2024 بارتفاع مقداره نحو 91 مليون دينار عن عام 2023 لتبلغ نحو 1436 مليون دينار، مؤكدا في هذا السياق على أنه تم مضاعفة مخصصات دعم التعليم الجامعي للطلاب غير المقتدرين (صندوق الطالب المحتاج) والاستمرار في دعم الجامعات الحكومية والمكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين والمعلمين، ودعم مخصصات التغذية المدرسية.

وأشار إلى أن التطوير النوعي لخدمات الرعاية الصحية يعتبر رافدا للتوسع الكمي في هذه الخدمات لجميع المواطنين في شتى بقاع الوطن، موضحا أن موازنة عام 2024 تضمنت قرابة 1275 مليون دينار لمخصصات الصحة متضمنة وزارة الصحة ومستشفى الأمير حمزة والخدمات الطبية الملكية بارتفاع مقداره 156 مليون دينار أو ما نسبته 14% عن عام 2023.

وبين أن مخصصات الحماية الاجتماعية بلغت في عام 2024 نحو 2349 مليون دينار بزيادة قدرها 128 مليون دينار عن عام 2023 أو ما نسبته 6%.

وأكد العسعس رصد مبلغ 40 مليون دينار لصندوق دعم الصناعات، ونحو 9 ملايين دينار لتزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي لخفض كلف الطاقة في عمليات الإنتاج، ورصد المخصصات المالية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصدير، بهدف توفير الدعم للقطاعات الرئيسية في الاقتصاد الوطني وتحفيز الأنشطة الاقتصادية الداعمة للنمو وخاصة القطاعات الصناعية والتصدير.

وأكد الوزير رصد مبلغ 74 مليون دينار ضمن موازنة وزارة السياحة لتحفيز وتنشيط السياحة، ولإتمام جاهزيتها لانطلاقة جديدة بعد التعافي من الظروف الإقليمية التي ألقت بظلالها على هذا القطاع، نظرا لما تتمتع به المملكة من إمكانيات سياحية جاذبة، ولأهمية هذا القطاع كصناعة رئيسية في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

وأكد ألعسعس أن النفقات الجارية لعام 2024 قدرت بمبلغ 10642 مليون دينار لترتفع بنحو 854 مليون دينار أو ما نسبته 8.7% مقارنة بعام 2023، ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة على مخصصات الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة العامة بنحو 143 مليون دينار، وزيادة رواتب الجهاز المدني بنحو 109 مليون دينار، وزيادة رواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بنحو 78 مليون دينار.

وأضاف أن الارتفاع في النفقات الجارية يعزى إلى زيادة مخصصات فوائد الدين العام في عام 2024 بنحو 277 مليون دينار مقارنة بعام 2023 في ضوء استمرار الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية جراء السياسات الهادفة إلى احتواء التضخم عالميا.

وشدد على أن الحكومة خصصت 100 مليون دينار للنفقات الطارئة في موازنة عام 2024، حيث سيتم التعامل مع المتطلبات المالية في حال حدوث أي تطورات أو مستجدات في حينه.

العسعس، أكد أن مخصصات رواتب الجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والسلامة ومخصصات التقاعد المدني والعسكري شكلت ما نسبته 61% من إجمالي النفقات الجارية. وفي حال إضافة مخصصات فوائد الدين العام تصبح النسبة 80% من إجمالي النفقات الجارية.

وقال العسعس إن النفقات التشغيلية للجهاز المدني لعام 2024 بلغت نحو 559 مليون دينار أو ما نسبته 5% فقط من إجمالي النفقات الجارية ترجمة لسياسة الحكومة في ضبط وترشيد النفقات، علما بأن نفقات القطاع الصحي استحوذت على نحو 41% من النفقات التشغيلية التي تشكل الأدوية واللوازم والمستهلكات الطبية نحو 58% منها.

وأكد أن النفقات التشغيلية لباقي الجهاز المدني تبلغ ما قيمته 331 مليون دينار فقط، وهي تعكس كفاءة الحكومة في إدارة المال العام.

وعلى صعيد النفقات الرأسمالية، قالت إنها قدرت بنحو 1729 مليون دينار في عام 2024 بزيادة مقدارها 182 مليون دينار أو ما نسبته 11.8% عن مستواها لعام 2023 وهي القيمة الأعلى في تاريخ الموازنات العامة.

وأضاف أن مخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام شكلت ما نسبته 20.2% من هذه النفقات، في حين شكلت مشاريع الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة 16.9%، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 18%.

وأوضح العسعس أن النفقات العامة قدرت بنحو 12371 مليون دينار بارتفاع مقداره 1035 مليون دينار أو ما نسبته 9.1% عن مستواها لعام 2023.

وعلى صعيد الإيرادات، قال الوزير إن الإيرادات المحلية لعام 2024 قدرت بمبلغ 9579 مليون دينار بزيادة مقدارها 873 مليون دينار أو ما نسبته 10% عن مستواها لعام 2023 حيث سترتفع الإيرادات الضريبية بنحو 673 مليون دينار أو ما نسبته 10.2% دون رفع المعدلات الضريبية.

وبين أن الإيرادات غير الضريبية في عام 2024 سترتفع بنحو 200 مليون دينار أو ما نسبته 9.4%، مؤكدا أنته "لا بد من الإشارة إلى أن الأحداث الإقليمية ألقت بظلالها على تحقق الإيرادات في عام 2023 رغم النجاح في تحقيقها".

وأضاف أن الإيرادات المقدرة لعام 2024 ترتكز إلى عدة فرضيات أبرزها استمرار الوضع الإقليمي على حاله دون حدوث تطورات كبيرة ضمن السياق الجغرافي والزمني، كما جرى تقدير المنح الخارجية في عام 2024 بنحو 724 مليون دينار أو ما نسبته 7% من الإيرادات العامة البالغة 10303 مليون دينار.

وأوضح العسعس أن الإيرادات العامة سترتفع بنحو 844 مليون دينار أو ما نسبته 8.9% عن مستواها لعام 2023، موضحا أن التطورات المتوقعة للإيرادات تظهر حدوث تحسن في مستوى الاعتماد على الذات، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل إلى 90% في عام 2024 مقابل 88.9% في عام 2023 و74.4% في عام 2020.

وأضاف أن البيانات تشير إلى التحسن التدريجي في استدامة المالية العامة والدين العام، حيث سيتراجع وللسنة الرابعة على التوالي، العجز الأولي للموازنة الذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنيا منها خدمة الدين العام إلى نحو 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 مقارنة بـ 5.6% في عام 2020 وبتراجع نسبته 62%.

وبين العسعس أن الحكومة ستتمكن من الوصول إلى نقطة الانعطاف في العجز الأولي وتحقيق أول فائض في عام 2028، وترتيبا على ما سبق، سينخفض إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للسنة الثالثة على التوالي ليصل إلى نحو 88% في عام 2024، وليواصل الهبوط التدريجي في السنوات اللاحقة وصولا إلى 79% في عام 2028.

وفيما يتعلق بالوحدات الحكومية، قال العسعس إن إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية قدرته الموازنة بنحو 852 مليون دينار مقابل 790 مليون دينار في عام 2023.

وأضاف أن إجمالي النفقات للوحدات الحكومية قدر بنحو 1662 مليون دينار موزعا بواقع 1097 مليون دينار للنفقات الجارية و565 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 1408 مليون دينار لعام 2023.

وبين أن صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2024 قدر بحوالي 810 ملايين دينار مقابل 618 مليون دينار في عام 2023، موضحا أنه "إذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 851 مليون دينار، فإن صافي العجز يتحول إلى وفر بنحو 41 مليون دينار".

المملكة