يمثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام القاضي في المحكمة الفيدرالية في ميامي الثلاثاء، التي تنظر في عشرات التهم المتعلقة بإساءة التعامل مع أسرار حكومية، في أخطر تحقيقات جنائية تهدد بعرقلة محاولته الفوز مجددا بمقعد البيت الأبيض.
وقالت وسائل إعلام أميركية، إن ترامب كان رهن الاعتقال بعد وصوله للمحكمة، وأُخذت منه نسخ إلكترونية من بصماته قبل الدخول إلى قاعة المحكمة والمثول أمام القاضي، كما منع القاضي في جلسة محاكمة ترامب استخدام أجهزة الحاسوب والهواتف.
وأشارت وسائل إعلام إلى أن ترامب قال أمام القاضي إنه "غير مذنب".
وعُزِّزت الإجراءات الأمنية حول قاعة المحكمة الفيدرالية في وسط مدينة ميامي حيث من المقرر أن يرد ترامب على التهم الموجهة إليه في أول قضية جنائية فيدرالية تقام على رئيس أميركي سابق.
وأوضح مصدر قضائي أن ترامب سيُحاكم مثلما يحاكم المتهمون الآخرون. ستؤخذ بصماته رقميا وستحمّل صورة له في سجلات المحكمة لكن لن تنشر للجمهور.
كان العشرات من أنصار ترامب تجمعوا قرب قاعة المحكمة مع اقتراب موعد مثوله عند الساعة 15:00 (19:00 ت غ)، من بينهم أشخاص كانوا يضعون قبعات كتب عليها شعار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" وفيما حمل آخر لافتة كتب عليها "إنديكت جاك سميث" وهو المحقق الخاص المكلّف الإشراف على التحقيق.
وكانت الشرطة مستعدة لحدوث احتجاجات واضطرابات محتملة، لكنّ الأجواء كانت احتفالية مع بث محطة إذاعية محلية موسيقى السالسا الكوبية.
وانتقد ترامب الذي سيتوجه إلى مقر المحكمة الفيدرالية ضمن موكب في رحلة تستغرق 25 دقيقة من ملعب الغولف الذي يملكه في ميامي، على منصته "تروث سوشل" صباح الثلاثاء سميث واصفا إياه بأنه "أخرق".
ويواجه ترامب 31 تهمة تتعلق بالاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وجرائم أخرى.
وقال الجمهوري، إنه سيدفع ببراءته، لكنه لن يدلي بأي تصريح من المحكمة بعد انتهاء الجلسة.
وقال ترامب للمذيع المحافظ هوي كار مساء الاثنين "سأقول فقط غير مذنب".
وأضاف "لم أرتكب خطأ. القانون المتعلق بالسجلات الرئاسية ليس حتى حدثا إجراميا. لا يوجد إجرام هنا. إنه أمر سخيف".
عرقلة عمل المحققين
والملياردير الذي سيكمل عامه السابع والسبعين الأربعاء متّهم بالاحتفاظ بأسرار حكومية أخذها معه بشكل غير قانوني إلى دارته في فلوريدا لدى انتهاء ولايته في 2021، وبرفض إعادتها والتآمر لعرقلة عمل المحقّقين الذين كانوا يسعون لاستعادتها.
ويتهم أيضا بكشف أسرار أميركية حساسة لأشخاص لا يحملون تصاريح أمنية، في قضية أكثر خطورة من القضايا الأخرى التي واجهها، ويمكن أن تصل عقوبتها إلى عقود من السجن.
وتعهد المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 2024، البقاء في السباق بغض النظر عن نتيجة القضية، مطلقا للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة حملة تتواجه فيها معركتان، قانونية وانتخابية.
وتتضمّن لائحة الاتهام المكونة من 49 صفحة، صوراً تظهر الصناديق التي كان من المفترض أن تكون في الأرشيف الوطني مكدسة في قاعات رقص وغرف نوم وحمّام في منتجع مارالاغو، مقر سكن ترامب في بالم بيتش. ورفض الرئيس لائحة الاتهام واعتبرها "سخيفة".
وعُززت الإجراءات الأمنية حول "محكمة ويلكي دي فيرغسون جونيور" في ميامي مع إعلان جماعات يمينية عزمها على التظاهر ومن بينها فرع محلي لمنظمة "براود بويز" المتطرفة.
وقال رئيس بلدية ميامي الجمهوري فرانسيس سواريز للصحفيين "نأمل أن يكون الغد سلمياً. نشجّع الناس على أن يكونوا مسالمين في إظهار مشاعرهم".
ومن المتوقع أن يتوجه ترامب بعد الجلسة جوا إلى ناديه للغولف في بيدمنستر بنيوجيرزي ليعيد التأكيد على براءته في كلمة أمام أنصاره.
وليست تلك المتاعب القانونية الوحيدة للرئيس السابق، إذ يتهم بالاحتيال المالي في نيويورك في قضية من المقرر أن تبدأ جلساتها في آذار المقبل.
وينظر المحقق الخاص جاك سميث الذي يقود تحقيقات قضية الوثائق السرية، في دور ترامب في أحداث الكابيتول عام 2021، بينما ينظر محققون فيدراليون وعلى مستوى الولاية في مساع له لقلب نتيجة انتخابات 2020.
العين بالعين
اتحد حلفاء ترامب في الكونغرس ومنافسوه في سباق البيت الأبيض دفاعا عنه بعد توجيه الاتهام الأخير له، فشجبوا استخدام الحكومة القضية "سلاحا" ضد المحافظين.
واجه بعض المشرعين الجمهوريين انتقادات بسبب خطاباتهم التي يمكن أن تحض على العنف، ومن بينهم النائب عن لويزيانا كلاي هيغينز الذي طلب من أنصاره "شد الأحزمة" والنائب عن أريزونا أندي بيغز الذي كتب في تغريدة "بلغنا الآن مرحلة الحرب. العين بالعين".
تُعرف المنطقة الجنوبية لفلوريدا بأنها "محكمة صاروخية" وهو تعبير عامي يستخدم للدلالة على المحاكم التي تضغط من أجل العدالة السريعة أو البتّ بالقضايا بشكل سريع، بحيث لم تستبعد السلطات استكمال المحاكمة قبل انتخابات عام 2024.
وسينصبّ الكثير من التركيز في الإجراءات الأوّلية على القاضية آيلين كانون، وهي من القضاة الذين عيّنهم ترامب وتمّ اختيارها لهذه القضية بشكل عشوائي وسيكون لها تأثير هائل على مدى سرعة تحرّك الأمور.
أصدرت كانون سلسلة من الأحكام لصالح ترامب في وقت سابق في هذه القضية ما أدّى إلى عرقلة التحقيقات لأسابيع، إلى أن قضت محكمة استئناف محافظة بأنّها تصرفت خارج نطاق سلطتها.
وسيشرف قاض آخر على جلسة توجيه الاتهام.
أ ف ب