قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الاثنين، إن الأردن وصل إلى الحد الأقصى من قدرته على تحمل اللجوء، وقام بكل ما يستطيع من أجل أن يحصل اللاجئون على متطلبات العيش الكريم، لأن هؤلاء ضحايا صراعات ولا يجب أن يكونوا ضحايا إهمال أو عدم توفير ما يستحقونه من الحياة الكريمة.
وأشار الصفدي إلى أن برنامج الغذاء العالمي، سيقلص الخدمات التي يقدمها إلى حوالي عشرة آلاف لاجئ سوري في الأردن، والمفوضية العليا للاجئين بدأت بتقليص خدماتها أيضاً نتيجة عدم توفر الدعم المالي الكامل، وحذر الصفدي من أن توقف المنظمتان عن تقديم خدماتها سيفاقم معاناة اللاجئين، وستكون الدول المستضيفة في مكان تحمل العبء الذي لا تستطيع أن تتحمل أكثر مما تحمله.
ودعا الصفدي المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية لتوفير الدعم اللازم لمساعدة الدول المستضيفة على توفير العيش الكريم للاجئين، وذلك خلال مؤتمر صحفي في بودابست جمعه بوزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو.
وقال الصفدي إن "الاستثمار في اللاجئين هو استثمار في أمننا المشترك، لأنه إذا مُنح اللاجئون الأمل وأعطيناهم التعليم وأشعرناهم بأننا نقف معهم في معاناتهم سيكونون قادرين على أن يسهموا في المجتمعات التي يعيشون فيها، وسيكونون قادرين على إعادة البناء في بلدهم عندما يعودون إليه، لكن إذا تخلينا عنهم وجعلناهم ضحايا اليأس والجهل والحرمان سنكون في مواجهة تحدٍّ كبير في المستقبل".
وأضاف الصفدي "بعد أيام ستستضيف بروكسل مؤتمر دعم سوريا ودول الجوار، نأمل أن يثمروا هذا المؤتمر بخطوات عملية لتوجيه الدعم اللازم للاجئين والمنظمات الأممية المعنية باللاجئين وللدول المستضيفة للاجئين حتى نستمر في تمكين قدرتنا على توفير العيش الكريم لهم، وتلبية احتياجاتهم".
وأشار إلى أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعاني من نقص حاد في تمويلها، وهذا ينعكس سلباً على قدرتها على توفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، مؤكداً بأن أونروا منظمة لا يمكن استبدال دورها الحيوي الهام في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
وفي إجابة على سؤال، قال الصفدي "تربط المملكة علاقات شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي ومع دول الاتحاد، ونثمن عالياً الدعم الذي يقدموه لمساعدتنا على القيام بما نستطيع من أجل توفير العيش الكريم للاجئين".
وأضاف أن الأردن أكبر دولة مستضيفة للاجئين نسبة إلى عدد السكان في العالم، وتثمن الدعم الذي تتلقاه لكن لا بد أيضاً من الإشارة لحقيقة أن الدعم يتراجع، ليس فقط إلى اللاجئين وإلى المجتمعات المضيفة ولكن إلى المنظمات الأممية المعنية في تقديم الدعم للاجئين.
وأكد الصفدي أن الاتصالات بين الأردن وهنغاريا مستمرة، وقال "التقينا أكثر من سبع مرات على مدى السنوات الماضية، وآمل أن تكون هذه الزيارة بداية للمزيد من التعاون والتنسيق بين بلدينا"، لافتاً إلى الزيارة التي كان قد قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى بودابست، واستقبال المملكة للرئيس الهنغاري.
وأكد الصفدي بأن العلاقات بين البلدين وطيدة والحوار، الذي أجراه الاثنين مع الوزير الهنغاري، عكس الحرص المشترك على المضي في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن المباحثات تطرقت إلى العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها لتعزيز التعاون بين البلدين.
وقال الصفدي: "نتطلع الشهر المقبل لانعقاد اللجنة الاقتصادية الأردنية-الهنغارية المشتركة والتي سيرافقها أيضاً حضور للقطاع الخاص من البلدين لتبادل المعلومات والأفكار حول كيفية زيادة التعاون في قطاعات رئيسة تشمل المياه، والأمن الغذائي، والمعدات الطبية، وغيرها".
وأشاد الصفدي بالمنح المقدمة من قبل الحكومة الهنغارية إلى الطلبة الأردنيين، ويوجد حوالي أكثر من ألف طالب أردني على المقاعد الدراسية في هنغاريا، ممن يستفيدون من القدرات التعليمية للمؤسسة التعليمية الهنغارية، وهم يمثلون كذلك استثماراً في العلاقات الإنسانية بين البلدين.
ولفت الصفدي إلى أن المباحثات تناولت بحث التعاون في مجال التعليم المهني والذي يشكل أولوية بالنسبة للأردن.
وبشأن الشؤون الإقليمية أكد الصفدي أن الدور الأردني كان دوماً يستهدف حل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها.
وقال الصفدي: "نحن نعيش في منطقة تعاني الكثير من الأزمات، والدور الأردني كان دوماً وسيستمر في أن يكون دوراً يستهدف حل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها."
وأضاف أن "التحديات كثيرة لكن لا يمكن إلا الاستمرار في الجهود من أجل وقف الأزمات الإقليمية، وما تسببه من معاناة لضحاياها، وما تنتجه من أخطار على الأمن المشترك.
وقال: نحن بعيدان جغرافياً لكننا نعيش في جوار واحد، وما يحدث في منطقتنا ينعكس على أصدقائنا في أوروبا، وما يحدث في أوروبا ينعكس أيضاً علينا".
وأضاف الصفدي أن الأردن مستمر في بذل كل جهد ممكن من أجل حل الأزمات الإقليمية، ومعالجة تبعات الأزمات الإنسانية والأمنية والسياسية، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي نحتاجه حتى نستطيع أن نعمل معاً من أجل مواجهة التحديات الأخرى، مثل تحديات البيئة والمناخ، المياه، الطاقة، توفير فرص العمل إلى غير ذلك.
وقال الصفدي، إن القضية المركزية في الأردن هي القضية الفلسطينية، والملك يقود جهوداً مستمرة من أجل وقف التدهور وإيجاد أفق سياسي حقيقي يأخذ نحو إعادة استئناف مفاوضات جادة وفاعلة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، بما فيها قضية القدس التي يجب أن تحل في إطار المفاوضات المباشرة وعلى أساس القانون الدولي، الذي يعتبر القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى نصل إلى السلام العادل والشامل الذي يشكل حاجة وهدف استراتيجياً لنا في المنطقة وفي العالم.
وأضاف الصفدي: "اليوم تصادف الذكرى 56 لحرب 1967 وما نتج عنها من احتلال نعتقد جازمين في الأردن بأنه يجب أن ينتهي وفق حل الدولتين حتى نحصل على السلام الذي يحتاجه الفلسطينيون ويحتاجه الإسرائيليون ونحتاجه نحن جميعاً."
وزاد أن موقف الأردن يشير إلى أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل، وأكد القلق البالغ من استمرار التدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة وقف هذا التدهور ووقف كل الخطوات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، وبالتالي تقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل الذي يجب أن تنعم به المنطقة وينعم به جميع شعوبها.
وقال، إن الأردن دولة صنعت السلام، وتدعو إلى السلام، ومستمرة في القيام بكل ما تستطيع من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967، لتعيش بأمن وسلام مع إسرائيل ولنتعاون جميعاً من أجل تكريس هذا السلام ومواجهة التحديات المشتركة وتوفير العيش الكريم الآمن لكل شعوب المنطقة.
وأشار الصفدي إلى أن مباحثاته مع الوزير الهنغاري تناولت ملف مكافحة الإرهاب، وقال "نحن عانينا من الإرهاب كما عانى الجميع"، مؤكداً التزام المملكة الأردنية الهاشمية في مكافحة الإرهاب. وأشار إلى عملية العقبة التي أطلقها جلالة الملك منبراً يوحد جميع الجهود في التعامل مع جميع جوانب الإرهاب ومحاربته أمنياً وعسكرياً وأيديولوجياً.
ورحب وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو بزيارة الصفدي، مشيداً بقوة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي تعود إلى ستين عاما.
وقال سيارتو "المملكة الأردنية الهاشمية وهنغاريا دولتان مختلفتان عن بعضهما، وبعيدتان جغرافياً عن بعضهما في منطقتين مختلفتين، ولكن رغم كل ذلك فإن المخاطر الأمنية شبيهة للبلدين"، مشيراً إلى الحروب والأزمات الأمنية التي يشهدها جوار البلدين.
وأكد سيارتو أن الأردن "لاعب مهم جداً ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل على المستوى العالمي في مواجهة الإرهاب والتطرف والصراع".
وأشاد سيارتو بدور الأردن في هذا الصدد، ودوره في استضافة اللاجئين الذين تتكفل بهم الأردن، وأشار إلى أنه لولا دور الأردن في ذلك "لكان كل هؤلاء الملايين قد انطلقوا باتجاه أوروبا"، وأضاف "نحن نشجع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية أن تزيد الدعم المالي للأردن من أجل دعم الأردن في أن تتكفل بمئات الآلاف والملايين الذين يقيمون على أراضيها.
وأضاف سيارتو "يأتينا من الأردن أعداد كبيرة من الطلاب، وتقدم هنغاريا 400 منحة دراسية سنوياً للأردن، وقد تقدم هذه السنة أكثر من 1400 طالب أردني بطلبات للحصول على منح دراسية هنغارية.
وزاد "هنغاريا هي وجهة مشهورة للطلاب الأردنيين ويحبون القدوم إلينا، ونحن نشجع بهذه الطريقة تنشيط العلاقات الإنسانية بين الشعبين، وسيؤثر ذلك في النهاية وبالتأكيد على العلاقات الاقتصادية والسياسية في المستقبل وبشكل جيد".
المملكة