رغم تقدّم الدليل السياحي محمد خير دغجوقة في العمر، لم تخذله ذاكرته خلال عمله منذ 45 عاما في الإرشاد السياحي، عن عرض تفاصيل تاريخية ومقتنيات خالدة في الموقع الأثري لمدينة جرش.
وأصبحت زيارة دغجوقة، الذي ولد في محافظة جرش عام 1948، إلى الموقع الأثري عادة يومية، يصف فيها أن وجوده في الموقع ضروري له كما "الهواء والماء" للإنسان، حسب تعبيره.
دغجوقة يقول لـ "المملكة" إن "الحجارة الأثرية وجميع أركان الموقع الأثري" في جرش باتت الصديق الوفي والدائم له، وله معها الكثير من الذكريات والقصص.
ونشأ الدليل السياحي محمد وعاش حياته، بالقرب من الموقع الأثري، الذي يزوره منذ صغره ويحاكي حجارته وارتبط به ارتباطا عميقا، مما دفعه في العام 1978 إلى الالتحاق بدورة الأدلاء السياحيين.
وأنهى دغجوقة، رفقة 30 آخرين، متطلبات الدورة وأصبح يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة، حيث إن حبه وقربه من الموقع الأثري أثرى الكثير من معلوماته، وجعله قارئا جيدا للتاريخ والحضارات التي عاشت في المنطقة.
وقال دغجوقة، إن أول أجر حصل عليه لقاء عمله في الإرشاد السياحي كان دينار و75 قرشا، حيث تستمر جولته مع كل وفد سياحي في الموقع الأثري وجميع أركانه سيرا على الأقدام.
ورغم بلوغه الـ 75 عاما، مازال على رأس عمله يرافق زوار الموقع الاثري لمدة تزيد عن الساعتين في الجولة الواحدة، يطلعهم فيها على تاريخ جرش والحضارات التي عاشت عليها، من الرومانية واليونانية إلى عصر الأمويين وثم العهد العثماني إلى العهد الحالي.
- الترويج للسياحة الأردنية -
ويضيف "الإرشاد السياحي ليست مهنة، وإنما رسالة والمرشد واجهة ومرآة تعكس صورة البلد"، مؤكدا حرصه على عكس صورة الأردن المتسامح المضياف دائما.
في 2019، أنعم جلالة الملك عبدالله الثاني على دغجوقة، بوسام الملك للتميز من الدرجة الثانية، تقديرا لجهوده وعطائه الدؤوب، على مدى عقود، في مجال الترويج للسياحة الأردنية، وإبراز المملكة وجهة سياحية متميزة.
ويعد دغجوقة من "أقدم الأدلاء السياحيين"، وعكس خلال عمله الصورة المشرقة للقيم والعادات الأردنية الأصيلة في التعامل مع السياح وتقديم الخدمة لهم، إضافة إلى ولعه الكبير في حماية المواقع الأثرية.
وفي محافظة جرش، قرابة الـ 50 دليلا سياحيا يعملون في الموقع الأثري، ويجيدون لغات عالمية عدة، هي الإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية والإيطالية والهولندية والتركية والإسبانية والإندونيسية.
وتشكل مهنة الإرشاد السياحي، لدغجوقة، الأب لـ 5 أبناء، مصدر دخل أساسي يعتمد من خلالها على تأمين متطلباته الحياتية، وعلى تعليم أبنائه في الجامعات.
ويروي دغجوقة، الكثير من الذكريات ومرافقته العديد من رؤساء العالم والشخصيات العالمية والمحلية الذين رافقهم داخل الموقع الأثري.
ويقول مدير سياحة جرش فراس الخطاطبة لـ "المملكة"، إن دغجوقة "أيقونة نشاط ومحب للعمل، وما يميزه ابتسامته الدائمة وذاكرته القوية التي جعلته مرجعية للجميع"، موضحا أن "مرآة للأردن وجرى تكريمه في عدة مناسبات لانضباطه في عمله ودوره في ترويج السياحة في الأردن".
الدليل السياحي يوسف زريقات، قال لـ "المملكة"، إن دغجوقة ذاكرة جرش ويمتلك كما هائلا من المعلومات عن جرش وموقعها الأثري، ولديه العديد من القصص والذكريات التي تعتبر كنزا حقيقيا لزملائه في المهنة.
ارتفعت نسبة زوار محافظة جرش بـ 50% في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالعام 2019 بالفترة نفسها قبل جائحة كورنا، وفق الخطاطبة.
وقال لـ "المملكة"، إن محافظة جرش تشهد حركة سياحة نشطة منذ بداية العام الحالي حيث بلغ عدد زوار الموقع الأثري 122,253 ألف زائر منذ بداية العام الحالي ولنهاية شهر آذار مقارنة بعام 2019 حيث بلغ عدد الزوار 98,405 ألف زائر.
المملكة