- في محور وزارة التربية والتعليم، قالت اللجنة إن غياب الدور الرقابي لوزارة التربية والتعليم على الرحلات المدرسيّة، وتبيّن ذلك من خلال ارتكاب مخالفات مثل: ممارسة رحلات التحدّي والمغامرة، عدم الالتزام بما تنصّ عليه التشريعات من حيث المدّة الزمنيّة، وعدم وضوح وجهة الرحلة، وعدم الحصول على تصريح سير بالاتجاه المطلوب، وعدم الالتزام بمعايير السلامة والتواجد بالقرب من المياه والأماكن الخطرة، ووجود مرافقين من غير موظفي المدرسة، وطلبة دون السنّ المثبت في التعليمات.
كما أظهر التقرير قصور المنظومة التشريعيّة التي تحكم عمل وزارة التربية والتعليم والتي تتجسّد في قصور التشريعات من الناحية التنظيميّة والهيكليّة، وعدم ملاءمة التشريعات للواقع العملي وللعلاقة بين المدرسة والوزارة، وعدم كفاية التشريعات إذ إنّها لا تعالج قضايا مثل: تنظيم آليّة مراقبة الرحلات المدرسيّة، كما أنّ التشريعات لم يتمّ تطويرها منذ فترة طويلة إذ يعود آخر تعديل على تعليمات الرحلات المدرسيّة إلى عام 2008م.
بالإضافة إلى غياب المؤسّسيّة في العمل، إذ كشفت المقابلات التي أجرتها اللجنة مع عدد من المعنيين في الوزارة عدم معرفتهم بالإجراءات أو خطط العمل أو القرارات السابقة، غضّ الطرف عن مخالفات المدارس من جانب الوزارة، الأمر الذي يعزّز من عدم احترام التشريعات ويفاقم من حالة عدم الالتزام بها، وانعدام التنسيق مع الجهات الأخرى المعنيّة، كوزارة السياحة والآثار، والأجهزة الأمنيّة لضمان سلامة الرحلات على الطرقات.
- في محور وزارة السياحة والآثار، أظهرت قصور المنظومة التشريعيّة، ويتجلّى ذلك في عدم إصدار الوزارة لتشريع ينظّم سياحة المغامرة رغم أنّ المجلس الوطني للسياحة أصدر أسساً لها منذ عام 2016م، وكذلك عدم تصنيف بعض المواقع السياحيّة على أنّها كذلك استناداً لأحكام قانون السياحة لسنة 1988م، وعدم إفراد تصنيف خاصّ لمكاتب السياحة والسفر المخوّلة بتسيير رحلات المغامرة.
بالإضافة إلى غياب الرقابة الحقيقيّة والسياسة العقابيّة الفاعلة، إذ إنّ إحدى الشركتين المنظّمتين للرحلة المدرسيّة كانت تمارس سياحة المغامرة دون ترخيص، بمعنى أن ليس من غاياتها ممارسة الأنشطة السياحيّة، وكذلك غياب الرقابة على زيارة المواقع الخطرة، ما يؤكّد وجود قصور في المنظومة الرقابيّة والردع للمخالفات المتعلّقة بقطاع السياحة.
وضعف التنسيق مع الجهات الأخرى المعنيّة، فرغم صدور عدد من التعاميم في سنوات سابقة للجهات ذات العلاقة فيما يتعلّق بسياحة المغامرات والمواقع الخطرة إلّا أنّ وزارة السياحة والآثار لم تلحق هذه التعاميم بمتابعة ومراقبة فاعلة وحقيقيّة لمدى التقيّد بها وضمان تطبيق مضامينها، ويتّضح ذلك من خلال عدم معرفة المسؤولين ذوي الاختصاص بأنّ السياحة في موقع زرقاء – ماعين ممنوعة.
- في محور وزارة الداخليّة، أظهر التقرير تداخل الاختصاصات الإداريّة والأمنيّة في المحافظات، إذ يتبع موقع حادثة البحر الميّت إداريّاً لمحافظة مأدبا، بينما يتبع أمنيّاً إلى محافظة البلقاء، وقد تبيّن للجنة أنّ عدم تأمين المنطقة قبل وقوع الحادث كان بسبب تداخل الاختصاصات، حيث اعتبرت محافظة البلقاء هذا الإجراء إداريّاً احترازيّاً لا بدّ وأن يتمّ من محافظة مأدبا، في حين اعتبرته محافظة مأدبا أمنيّاً ولا بدّ وأن يتمّ من خلال شرطة غرب البلقاء بإيعاز من محافظها.
بالإضافة إلى عدم تفعيل دور المجلس الأعلى للدفاع المدني، حيث إنّ المجلس لم ينعقد لمواجهة الحادثة رغم أهميّة دوره في وضع السياسة العامّة، وإقرار الخطط، واتخاذ الإجراءات لمواجهة حالات الطوارئ والكوارث، وضعف التنسيق بين الجهات المعنيّة.
تبيّن وجود ضعف في ممارسة بعض الحكّام الإداريين للأدوار المناطة بهم، كغياب دور لجنة السلامة العامّة في المحافظات، وعدم تفعيلها، بالإضافة إلى عدم تفعيل دور المحافظين كرؤساء للمجالس التنفيذيّة.
وغياب المؤسّسية في العمل، إذ تبيّن عدم اطّلاع بعض المسؤولين في الوزارة على إجراءات وتعاميم سابقة تتعلّق بموقع الحادث، منها مخاطبة سابقة لوزير الداخليّة عام 2013م إلى وزير السياحة والآثار تطلب عدم اصطحاب المجموعات السياحيّة إلى موقع زرقاء – ماعين.
- دور مديريّة الأمن العام وهيئة تنظيم النقل البرّي في منح تصاريح الرحلات، فقد تبيّن للجنة أنّ هناك حلقة مفقودة بين الجهات المختصّة في مديريّة الأمن العام وهيئة تنظيم قطاع النقل البرّي فيما يتعلّق بإصدار التصريح لخطّ سير الحافلة، إذ يتمّ إصدار هذا التصريح من هيئة تنظيم قطاع النقل البرّي دون علم المسؤولين في وزارة التربية والتعليم الذين يعتقدون أنّ التصريح يصدر عن مديريّة الأمن العام، الأمر الذي يدلّ على عدم وجود تنسيق بين هذه الجهات رغم مسؤوليّتها المشتركة عن أمن وسلامة الرحلات المدرسيّة.
- في محور المديريّة العامّة للدفاع المدني، شملت على الاستجابة الأوليّة، إذ تبيّن عدم كفاية أعداد الغطّاسين المتواجدين في أقرب مركز دفاع مدني للحادث (مركز دفاع مدني البحر الميّت) حيث حضر إلى موقع الحادث عند الاستجابة الأوليّة غطّاسان وضابط وسائق فقط.
بالإضافة إلى نقص في الكوادر والمعدّات، إذ تبيّن وجود نقص في أعداد الغطّاسين في جهاز الدفاع المدني، وكذلك نقص في أعداد الزوارق، وعدم وجود وحدات إنارة برجيّة في مراكز الدفاع المدني القريبة من الحادث، وتضارب الإفادات حول وقت التبليغ عن الحادثة، إذ لاحظت اللجنة وجود تناقض بين روايات شهود العيان والجهات الرسميّة والدفاع المدني حول وقت التبليغ عن الحادث، إضافة إلى عدم تفعيل الخطّة الوطنيّة للتعامل مع الكوارث، وعدم إجراء التمارين اللازمة عليها.
- بالنسبة لوزارة الصحّة، أظهر التقرير ضعف التنسيق بين مديريّات الصحّة والجهات الأخرى، حيث تبيّن وجود ضعف واضح في العلاقة والتواصل في الوقت المناسب بين المراكز الطرفيّة المقدِّمة للخدمة ووزارة الصحّة، بالإضافة إلى عدم وجود خطّة واضحة للتعاون بين مستشفيات القطاعين العام والخاصّ في حال حدوث الكوارث، ووجود تباين في وجهات النظر بين وزارة الصحّة والدفاع المدني فيما يتعلّق بإخلاء الإصابات إلى المستشفيات.
إضافة إلى عدم وجود آليّة واضحة للتعامل مع الضحايا وذويهم، وعدم تنظيم إجراءات التعامل مع الوفيات والاستعراف، وعدم تطبيق الأسس الصحيحة في تسليم جثث الضحايا، وغياب دور وحدة الأزمات والكوارث في وزارة الصحّة، إذ لم تتولّ عمليّة التنسيق وجمع المعلومات من الجهات الأخرى حول أعداد المصابين والضحايا وأماكن تواجدهم والمستشفيات التي ينبغي إرسالهم إليها.
- وبالنسبة لدائرة الأرصاد الجويّة، أظهر التقرير عدم الاكتراث بتحذيرات النشرة الجويّة الصادرة عن دائرة الأرصاد الجويّة، إذ لا تقوم الوزارات بأخذ هذه التحذيرات على محمل الجدّ لاتخاذ الإجراءات الوقائيّة والاحترازيّة، بالإضافة إلى روتينيّة طرح التحذيرات وعدم تطوير اللغة والأسلوب المستخدمين في النشرة.
- أما وزارة المياه والريّ، فأظهر التقرير عدم وجود تحديد واضح للجهة المسؤولة عن منع دخول الأفراد إلى موقع وادي زرقاء – ماعين، وتداخل الاختصاصات فيما يتعلّق بحماية الموقع وتأمينه.
كما تبين للجنة أن سلامة سدّ زرقاء – ماعين، ومن خلال الكشف الميداني على منطقة السدّ وتقارير الخبرة التي أعدّتها نقابتيّ الجيولوجيين والمهندسين أنّ السدّ لم يكن أحد الأسباب التي أدّت إلى وقوع حادثة البحر الميّت بأيّ شكل من الأشكال؛ نظراً لعدم وجود بوّابات في جسم السدّ، وعدم وجود فيضان في المجريين السفلي أو العلوي له، وسلامة المزروعات من حوله الأمر الذي يدلّ على عدم فيضانه، وعدم وجود تصدّعات أو تسرّب غير طبيعي لمياه السدّ، بالإضافة إلى أنّه يبعد مسافة (22) كيلو متراً عن موقع الحادث.
بالإضافة إلى أنه تبيّن أنّ السدّ كان فارغاً تماماً من المياه صبيحة يوم الحادث، في حين بلغت كميّة المياه فيه زهاء (435) ألف متر مكعب بعد وقوع الحادث، علماً بأنّ الطاقة الاستيعابيّة له تبلغ زهاء مليونيّ متر مكعب، وهذا يدلّل على أنّه لم تكن هناك أيّ حالات فيضان أو تسرّب لمياه السدّ.
المملكة + بترا