عززت دول العالم قيود السفر على الواصلين من الصين، الجمعة، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن "حالة طوارئ" على الصعيد الدولي على خلفية فيروس كورونا المستجد الذي أسفر عن وفاة 213 شخصًا في الصين.
وأصيب نحو عشرة آلاف شخص في الصين بالفيروس المستجد بينما تم الكشف عن حالات جديدة خارج البلاد ليرتفع عدد الدول التي وصل الوباء إليها إلى أكثر من 20.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الخميس، أن الفيروس أصبح يشكّل "حالة طوارئ" على الصعيد العالمي، لكنها أشارت إلى أنها لا توصي بأي قيود على السفر وحضّت الدول الكثيرة التي اتّخذت إجراءات من هذا القبيل بإعادة النظر في الأمر.
بدوره، أكد مندوب الصين في جنيف شين شو للصحافيين أن "لا حاجة لأي ذعر غير ضروري. لا حاجة لاتّخاذ تدابير مفرطة"، مشدداً على أن بكين تعمل بشكل حازم لاحتواء المرض.
ومع ذلك، كثّفت دول عديدة قيودها على السفر.
ورفعت وزارة الخارجية الأميركية مستوى التحذير إلى أعلى درجة، داعية الأميركيين إلى "عدم السفر" إلى الصين بينما حضّت الموجودين فيها على المغادرة.
وذهبت كل من سنغافورة وفيتنام ومنغوليا أبعد من ذلك.
وفي إشارة إلى أنها ترجّح "ارتفاعًا أكبر" في انتشار الفيروس، حظرت الحكومة السنغافورية دخول الركاب القادمين وأولئك العابرين منها الذين زاروا الصين خلال الأيام الـ14 الماضية، وأوقفت إصدار جميع أشكال التأشيرات الجديدة لحملة جوازات السفر الصينية.
بدورها، أعلنت منغوليا أنها لن تستقبل المواطنين الصينيين والأجانب القادمين من البلد المجاور جواً أو بالقطارات أو السيارات اعتباراً من السبت وحتى الثاني من آذار/مارس. وسيُمنع المنغوليون كذلك من السفر إلى الصين خلال الفترة ذاتها.
وأما في فيتنام، فأمر رئيس الوزراء نغوين شوان فوك بتعليق إصدار أي تأشيرات سياحية جديدة للمواطنين الصينيين والأجانب الذين سافروا إلى الصين خلال الأسبوعين الماضيين.
وأضاف أن التجارة مع الصين ستكون "غير محبّذة" إلى حين تراجع انتشار الوباء.
وانضمت اليابان بدورها إلى بريطانيا وألمانيا وغيرهما من الدول التي أوصت مواطنيها بتجنّب السفر إلى الصين.
تعليق رحلات
ويذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارئ على الصعيد العالمي خمس مرّات منذ اعتماد ذلك في 2007 --لإنفلونزا الخنازير وشلل الأطفال وزيكا ومرتين لإيبولا.
ويسمح الإعلان للمنظمة الأممية إصدار توصيات يتوقع من المجتمع الدولي اتّباعها.
لكن المنظمة حذّرت، الجمعة، من أن إغلاق الحدود لن يمنع انتقال العدوى بل قد يسرّع انتشار الفيروس.
وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير في جنيف "نعرف من تجارب سابقة، سواء كانت فيروس إيبولا أو في حالات أخرى أراد الناس السفر خلالها (...) إن كانت الممرات الرسمية مغلقة، سيجدون طرقًا غير رسمية".
وتولّت السلطات والشركات والأشخاص الذين يشعرون بالقلق في أنحاء العالم تولّي زمام الأمور.
وعلّقت شركات طيران عديدة كبرى هذا الأسبوع رحلاتها إلى الصين أو خفضت عدد الرحلات.
وعلّقت باكستان الجمعة، بشكل مؤقت جميع الرحلات المباشرة مع الصين.
وأعلنت شركة "لوت" البولندية للطيران الجمعة أنها سترسل طائرة إلى بكين لإجلاء البولنديين وغيرهم من المواطنين الأوروبيين.
بدورها، أغلقت روسيا الحدود في أقصى شرق البلاد.
وذهبت باباوا غينيا الجديدة أبعد من ذلك، فمنعت جميع الزوار القادمين من "المنافذ الآسيوية" من الدخول.
وأعلنت الحكومة الإيطالية التي أوقفت جميع الرحلات من وإلى الصين حالة الطوارئ الجمعة لمدة ستة أشهر لتسريع جهود منع انتشار الفيروس بعد تأكيد إصابتين في روما لدى سائحين صينيين.
تزايد الذعر
وأعلنت الصين الجمعة، أنها أرسلت طائرات إلى تايلاند وماليزيا لإعادة سكان هوباي، مشيرة إلى "الصعوبات العملية" التي واجهوها في الخارج.
وفي مؤشر على تزايد القلق العالمي، احتُجز أكثر من 6000 سائح بشكل مؤقت على متن سفينتهم السياحية في ميناء إيطالي بعدما ظهرت عوارض لدى راكبين صينيين. وكشفت الفحوصات لاحقًا أنهما لم يكونا مصابَين بفيروس كورونا المستجد.
وتم عزل أكثر من 40 ألف عامل في مجمّع صناعي تديره الصين في جزيرة سولاوسي الإندونيسية على خلفية القلق من الفيروس.
وأعادت بورما طائرة إلى الصين بعدما تم نقل أحد ركابها إلى المستشفى إثر ظهور عوارض المرض عليه.
وأعلنت الولايات المتحدة عن أول حالة عدوى بالفيروس من شخص لآخر في الأراضي الأميركية عندما انتقل الفيروس إلى رجل في شيكاغو بعد عودة زوجته من ووهان.
وأعلنت كل من بريطانيا وروسيا عن أول إصابتين على أراضي كل منهما.
ارتفاع حصيلة الوفيات
واتّخذت الصين إجراءات مشددة لمنع انتشار الفيروس، شملت فرض حجر صحي على أكثر من 50 مليون شخص في ووهان ومحاصرة مقاطعة هوباي.
لكن عدد الوفيات والإصابات واصل الارتفاع.
بدوره، أشار أمين لجنة الحزب الشيوعى الصيني في ووهان ما قوه تشيانغ إلى أن تأخّر السلطات في الاستجابة لاكتشاف المرض تسبب بتفشيه. وقال "لو أن إجراءات مشددة لضبطه اتّخذت في وقت سابق، لكانت النتيجة أفضل مما هي عليه الآن".
وارتفع عدد الوفيات الجمعة إلى 213 بعد 43 حالة وفاة جديدة، جميعها في هوباي باستثناء واحدة. ويذكر أن جميع الوفيات كانت في الصين.
وأعلنت اللجنة الوطنية الصينية للصحة الجمعة أنه تم التأكد من وجود 1982 حالة إصابة جديدة، ما يرفع مجموع الإصابات إلى 9692.
ويتجاوز العدد بذلك حالات الإصابة بفيروس "سارس" (متلازمة الإلتهاب التنفّسي الحاد) الذي بلغ 8096 عندما انتشر الوباء المشابه في أكثر من عشرين بلداً عامي 2002 و2003، وأسفر عن وفاة 774 شخصًا معظمهم في الصين وهونغ كونغ.
وهناك 102 ألف شخص قيد الرقابة الصحية في الصين حيث يشتبه بأنهم مصابون بعوارض تشبه تلك الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.
ويعتقد أن الفيروس الجديد ظهر في سوق بووهان تباع فيه حيوانات برّية وانتشر في ظل موسم عطلة رأس الصينية الصينية التي يسافر ملايين الصينيين خلالها داخليًا وإلى الخارج.
تواصل عمليات الإجلاء
وسارعت دول عديدة لإجلاء مواطنيها من ووهان، بينما كن مواطنو الولايات المتحدة واليابان أول المغادرين الأربعاء.
وأجلت بريطانيا وفرنسا المئات من رعاياها الجمعة.
وأعلنت وزيرة الصحة الفرنسية أغنيس بوزين أن مواطنًا فرنسيًا كان بين 180 شخصًا تم إجلاؤهم من ووهان نقل إلى المستشفى بعدما ظهرت عليه أعراض الإصابة بالفيروس.
وأعلنت كندا أنها ستعيد نحو مئتين من مواطنيها من ووهان.
وتم التأكد من إصابة ثلاثة أشخاص كانوا على متن أول رحلة تجلي رعايا اليابان بالفيروس بعد وصول الطائرة، لم تظهر أي أعراض على اثنين منهم، وهو ما يؤكد صعوبة الكشف عن الفيروس.
وأعلنت كوريا الجنوبية أن 18 من حوالى 350 شخصًا تمّت إعادتهم من ووهان نقلوا إلى المستشفى بعدما ظهرت أعراض المرض عليهم.
أ ف ب