بحث رئيس الوزراء عمر الرزاز الأحد، خلال استقباله رئيسة وزراء النرويج إرنا سولبيرغ في رئاسة الوزراء، سبل تعزيز آفاق التعاون بين الأردن والنرويج في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وأكد الرزاز، خلال لقاء ثنائي تبعته جلسة مباحثات موسعة مع رئيسة وزراء النرويج التي تقوم بزيارة رسمية إلى الأردن تستمر يومين، حرص الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، على النهوض بعلاقات الصداقة التي تجمع البلدين، خصوصا وأنهما يشهدان مرور خمسين عاماً على العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وتم استعراض أوجه التعاون المشترك، والمجالات التي يمكن البناء عليها في تعزيز العلاقات الثنائية.

وجرى التركيز على الفرص التي يقدمها الاقتصاد الأردني، وما تتمتع به المملكة من موقع جغرافي متميز، وترتبط به من اتفاقيات تجارية مع مختلف الدول وكبريات الأسواق الاقتصادية العالمية، ولا سيما اتفاقيات التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وإمكانية استفادة الأردن والنرويج منها، وبما يخدم مصالحهما المشتركة.

وعلى الصعيد السياسي، تم تناول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والجهود الداعمة لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين.

وأكد رئيس الوزراء موقف الأردن الداعم والمتمسك بحل القضية الفلسطينية، وتحقيق السلام العادل والدائم والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأعرب الرزاز عن تقدير الأردن للدعم والجهود الكبيرة التي قامت بها النرويج إلى جانب العديد من الدول في المجتمع الدولي لتعزيز قدرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا)، لتتمكن من الاستمرار بأداء دورها والخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين في قطاعات التعليم والصحة والمعونات الإغاثية.

وفيما يتصل بالأزمة السورية، تم التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي لها يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ويضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين.

واستعراض الرئيس الجهود التي يبذلها الأردن في التعامل مع أزمة اللجوء، وما يترتب عليها من تحديات اقتصادية وضغوط متفاقمة على قطاعات خدماتية حيوية.

50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية 

وأعرب الرزاز ، خلال المباحثات الموسعة التي حضرها عدد من الوزراء والمسؤولين في كلا البلدين، عن تقدير الأردن للدعم الذي تقدمه النرويج للعديد من البرامج والمشاريع، خصوصا المتعلقة بتعزيز قدرات المجتمعات المحلية في التعامل مع أزمة اللجوء السوري.

ورحب رئيس الوزراء خلال تصريحات مشتركة بزيارة رئيسة وزراء النرويج والوفد المرافق للأردن، مؤكدا العلاقات المتميزة التي تربط البلدين اللذين يحتفلان هذا العام بمرور 50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما " ونحن نتطلع إلى 50 سنة أخرى من العلاقات الدبلوماسية البناءة بين البلدين الصديقين .

وقال: " أجرينا مباحثات مثمرة وبناءة للغاية، ونحن نتشارك برؤية موحدة تجاه الأوضاع في الأردن والمنطقة والعالم وآليات التعامل معها " مؤكدا أن زيارة رئيسة وزراء النرويج "تشكل فرصة عظيمة للحديث حول ما أنجزناه معا، وما علينا تحقيقه مستقبلا" .

وأكد الرزاز أن النرويج كانت على الدوام شريكا مهما للأردن خاصة خلال العقد الأخير؛فقد ساعدت الأردن على تحمل تبعات أزمات المنطقة والأعباء التي يتحملها الأردن نتيجة لذلك ولا سيما ما يتعلق بأزمة اللجوء السوري، ومساعدة المجتمعات المستضيفة للتأقلم مع حجم الضغوطات على الخدمات خاصة التعليم والصحة والمياه وغيرها .

كما لفت النظر إلى وقوف النرويج إلى جانب الأردن في المحافل الدولية ودعوتها للمجتمع الدولي لتحمل هذه الأعباء .

وقال: " يجب أن نذكر الجميع بأن الأردن رحب باللاجئين بناء على وعي المجتمع الدولي بأن اللاجئين القادمين للمملكة لنواح إنسانية يحتاجون لاستضافة وتحمل أعباء هذه الاستضافة بالشراكة مع المجتمع الدولي " مؤكدا أن دعم النرويج بهذا الصدد مقدر.

وثمن رئيس الوزراء موقف النرويج الداعم لـ "أونروا" وضرورة استمرارها للقيام بدورها في دعم اللاجئين الفلسطينيين . وقال " هناك الكثير الذي يمكننا العمل سويا على إنجازه على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فعلى المستوى الاجتماعي تبرز الحاجة لبناء مجتمع مدني يتعايش ويتقبل الآخر ويتجنب نتائج العنف الذي تشهده المنطقة وبناء ثقافة التسامح بين وفي المجتمعات . .وعلى الصعيد السياسي ما زلنا نشهد نزاعات قائمة في المنطقة وخاصة النزاع الذي ما زال من دون حل، وهو النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والوضع في سوريا.

وعلى الصعيد الاقتصادي أكد رئيس الوزراء أن لدى الأردن كفاءات بشرية وشبابا مبدعين وموهوبين كان لهم إسهامات متميزة على المستوى المحلي والإقليمي لافتا النظر إلى أن دعم الصادرات الأردنية لأوروبا يحظى بأولوية .

تأسيس مجلس أعمال أردني نرويجي مشترك

وأكد رئيس الوزراء أن هناك المزيد مما يمكن عمله للبدء بشراكات اقتصادية بين البلدين معربا عن سعادته لتأسيس مجلس أعمال أردني نرويجي مشترك .

وقال الرزاز إن جلالة الملك عبدالله الثاني يؤكد دوما أن الأردن يجب أن ينتهج سياسة تجاه اللاجئين بأن لا يترك أي طفل خارج المدرسة، ونحن ملتزمون بذلك فضلا عن سياسة للتعايش السلمي وإيجاد حل سياسي للأزمات في المنطقة .

وردا على سؤال، أكد رئيس الوزراء أنه لا توجد دولة في العالم بإمكانها أن تستضيف ما يقارب من 20 % من عدد سكانها بالاعتماد على نفسها ومواردها فقط " فهذه مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله، ويجب التشارك في تحملها " لافتا النظر إلى أن المجتمعات المحلية المستضيفة فتحت أبوابها أمام اللاجئين لقناعتهم بأن المجتمع الدولي سيتحمل مسؤولياته في هذا الصدد .

وقال لغايات التاريخ، فإن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية إرساء نموذج للتعامل مع الدول التي تستضيف اللاجئين وتتحمل الأعباء نيابة عن المجتمع الدولي، متسائلا هل يتم معاقبة هذه الدول أم مكافأتها ؟ لافتا إلى أن هذا سيؤثر على ما ستفعله دول أخرى إذا ظهرت أزمات مماثلة والحاجة لاستقبال لاجئين .

وأضاف معلقا على الحالة الأردنية باستقبال اللاجئين " ماذا تفعل عندما يصل مئات الآلاف من الناس على حدودك ، هل تغلق الحدود وتعتذر عن استقبالهم، أو تفتح الحدود وترحب بهم وتتوقع من المجتمع الدولي تقديم الدعم والمساعدة لتحمل أعباء استضافتهم .

وحول العودة البطيئة للاجئين السوريين قال " إذا آمنا بهذه المسؤولية الأخلاقية فلا يمكن أن ندفع الناس للعودة بعكس رغبتهم وإرادتهم " مضيفا نحن نرغب أن نرى مسيرة سلمية تؤدي إلى حل سياسي في سوريا تكفل حل جميع القضايا والمحافظة على وحدة أراضيها وتهيئة الظروف التي تكفل عودة اللاجئين إلى بلدهم للعيش كمواطنين مؤكدا أننا لن نقوم بدفع الناس عبر الحدود .

وردا على سؤال حول رسالته للمستثمرين النرويجيين أكد الرزاز أن الأردن بوابة للمنطقة وهو بلد آمن ومستقر ولديه طاقات وكفاءات بشرية .. ولفت إلى أن قوة النرويج في قطاع الطاقة يمكن الاستفادة منها سواء في مجال الطاقة الشمسية أو تحلية المياه " ونحن لدينا مشروع قيد التحضير ونأمل أن نراه يتقدم في المستقبل القريب".

 

أتمت النرويج تعهداتها في تقديم الدعم للأردن بقيمة 2ر1 مليار دولار

من جهتها، أكدت رئيسة وزراء النرويج علاقات الصداقة الوثيقة التي تربط البلدين والقيادتين، معربة عن تقديرها لجلالة الملك عبدالله الثاني على دوره المهم على المستوى الإقليمي والدولي.

وقالت: "لقد أجرينا اجتماعات بناءة جدا الشهر الماضي، وقمت خلال لقائي اليوم برئيس الوزراء الرزاز بالبناء عليها وبحثنا كيفية الارتقاء في المجالات الثنائية".

"أسجل تقديري بشكل خاص هنا تجاه التزام الأردن بإدماج جميع الأطفال بنظام التعليم المدرسي الرسمي، وهو ما تطلب العمل بمبدأ الفترتين بحيث يتم تدريس الطلاب الأردنيين في الصباح، والطلاب السوريين في المساء، وأتطلع قدما لزيارة مدرسة تعمل على هذا النظام، خاصة أن دعم التعليم هي من أهم الأولويات التي نقدم الدعم تجاهها" وفق رئيسة وزراء النرويج.

وأكدت أن النرويج تدرك بأن ارتفاع عدد اللاجئين يشكل عبئا كبيرا على الأردن، وهذا عبء يجب أن لا يترك الأردن وحيدا في تحمله، ولذلك عبرنا عن التزامنا في دعم الأردن بتحمله تبعات أزمة اللجوء السوري وسنستمر في ذلك.

وقالت: نحن ملتزمون بتنفيذ ما تعهدنا به لدعم اللاجئين والدول المستضيفة، وفي هذا العام أتمت النرويج تعهداتها في تقديم الدعم للأردن بقيمة 2ر1 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية.

وأكدت أن النرويج تدعم جهود الأردن وخططها الإصلاحية خصوصا المرتبطة بتوليد المزيد من فرص العمل وتحسين النمو الاقتصادي.

كما أكدت دعم بلادها للجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز مشاركة النساء في المؤسسات الدفاعية من خلال إنشاء مركز متخصص في تدريب النساء بالأردن، خاصة أن الأردن يتبوأ مكانة قيادية ومتقدمة على مستوى الإقليم في مشاركة النساء بالقوات المسلحة، وأننا ندرك أنه في جميع الدول العصرية لا بد من مشاركة المرأة في جميع القطاعات.

وأشارت إلى وقوف الأردن والنرويج في الحرب ضد عصابة داعش الإرهابية، "وقمنا هذا العام بتوقيع اتفاقية لتمديد التعاون في المجالات الدفاعية، ونحن نقدر عاليا التعاون مع الأردن في هذا المجال على المستوى الإقليمي والدولي، وتجمعنا شراكة قوية على مستوى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام ".

وأكدت أن الأردن والنرويج يعملان بالشراكة معا لمحاربة الفكر المتطرف، ويترأسان بشكل مشترك مبادرة دولية تم إطلاقها في نيويورك لمحاربة الفكر المتطرف، تضم مجموعة من الدول الشريكة والصديقة.

واعتبرت رئيسة وزراء النرويج أن مبادرة اجتماعات العقبة لمكافحة التطرف والإرهاب، تعد مثالا مميزا للجهود الدولية الضرورية لمكافحة التطرف، ومساء هذا اليوم سنبحث بشكل أكثر تفصيلا هذه الجهود ضمن جلسة نقاشية متخصصة، وأتطلع قدما لتبادل الخبرات والدروس المستفادة.

وقالت: "بصفتي رئيسة وزراء النرويج فإنني أترأس أيضا مجموعة للتوعية بأهمية أهداف التنمية المستدامة وأحرص دائما على التذكير بأهمية أهداف التنمية المستدامة التي تشكل منصة مشتركة لحشد الجهود للعمل من أجل المستقبل، وأقدر عاليا ما تبذلونه في الأردن لتنفيذ هذه الأهداف بشكل ناجح.

وردا على سؤال، أشارت إلى أن النرويج تقدم الدعم فيما يتعلق اللاجئين على مستوين، الأول بتقديم الدعم لـ "أونروا" للمساعدة تجاه اللاجئين، ونحن ملتزمون باستمرار دعمها وفي دعم الفلسطينيين والمسار السلمي رغم أنه لا يبدي مؤشرات إيجابية حاليا، وفيما يتعلق باللاجئين السوريين فنحن مستمرون بالعمل وتقديم الدعم للأردن.

ولفتت إلى أنه في عام 2015 أعلنا بأننا ملتزمون بتقديم الدعم للاجئين في أماكن تواجدهم، ونؤمن بأهمية عودة اللاجئين إلى بلادهم عندما تنتهي الحرب وتسمح الظروف بذلك.

وقالت: نحن نؤمن بشعار أن لا نترك أحدا محروما ووحيدا، والأردن يبذل جهدا استثنائيا في هذا المجال، وسنستمر بدعمه.

وردا على سؤال حول ما يمكن بذله لتحسين قطاعي الأعمال في البلدين، قالت رئيسة وزراء النرويج: لقد نقاشنا الفرص المستقبلية وكما ذكر رئيس الوزراء الرزاز فإن إنشاء مجلس أعمال نرويجي أردني من شأنه تنشيط التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، واستكشاف الفرص والإمكانيات خصوصا وأن لدينا العديد من القطاعات الكبيرة المهتمة بالفرص ومن ضمنها الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية، إضافة إلى قطاع الملاحة والأسمدة، وأعتقد أن النرويج بلد منفتح اقتصاديا، وعندما يتعلق الأمر الدخول إلى السوق النرويجي وبناء علاقات فيه فهذا يتطلب من الشركات الأردنية إرساء شراكات مع نظيراتها في مجتمع الأعمال النرويجي للدخول بقوة في السوق النرويجي.

النرويج تعلن استعدادها لدعم قدرات الأردن

كما أكدت سولبيرغ أهمية زيارتها للأردن في ظل الجهود المشتركة بين البلدين للارتقاء بمستوى العلاقات في مختلف المجالات وحرص بلادها على إدامة وتعزيز التعاون والتنسيق مع الأردن حيال مختلف القضايا، لافتةً إلى الجهود التي تقوم بها النرويج لدعم الأردن وقدراته في التعامل مع التحديات المختلفة، وفي مقدمتها أزمة اللجوء السوري.

وشددت على استعداد بلادها لتقديم الدعم لقدرات الأردن في مختلف المجالات، وبما يساهم في تحقيق تعزيز الاقتصاد الوطني، وتمكينه من تحقيق النمو وتوفير فرص العمل.

وتطرقت المباحثات إلى التحديات والضغوط التي تتسبب بها أزمة اللجوء السوري على قطاعات عديدة، في مقدمتها قطاع التعليم، حيث تم تقديم إيجاز حول الأثار التي يعانيها هذا القطاع ومتطلبات دعمه، إلى جانب خطة استجابة الأردن للأزمة السورية، والتي ما زالت تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لضمان تمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني والإغاثي والخدماتي للاجئين السوريين.

بترا