توقع البنك الدولي في تقريره "المرصد الاقتصادي الأردني" والذي اطلعت عليه "المملكة"، أن يظل الانتعاش الاقتصادي في الأردن مستقرا على نطاق واسع العام الحالي مع تأثر طفيف بسبب المخاطر العالمية المتزايدة.
وقال البنك إن النمو الاقتصادي في الأردن قد يصل إلى 2.1٪ في عام 2022 مدفوعا بالانتعاش في الطلب المحلي وسط إعادة الانفتاح الكامل للاقتصاد واستئناف السفر والسياحة محركات النمو الرئيسية.
وبين، أنه من شأن تحسين آفاق السفر أن يساعد في تسريع الانتعاش في قطاع الخدمات، الذي تضرر بشدة من صدمة فيروس كورونا.
وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي برنامج الأولويات الاقتصادية الأخير للحكومة للفترة 2021-2023 إلى تحفيز الاقتصاد من خلال الدعم المباشر للقطاعات ذات الأولوية إلى جانب زيادة الإنفاق الرأسمالي وبرامج التوظيف.
لكن هذه التوقعات عرضة لمخاطر سلبية ملحوظة، تنبثق إلى حد كبير من التطورات العالمية الأخيرة.
حيث بين التقرير، أن من المرجح أن تؤدي اختناقات سلسلة التوريد الناشئة عن مخاوف فيروس كورونا في الصين وكذلك الرياح المعاكسة من الحرب في أوكرانيا والارتفاع الذي أعقب ذلك في أسعار السلع العالمية إلى خلق ضغوط خارجية ومحلية كبيرة على الأردن، على غرار العديد من الاقتصادات الأخرى المعتمدة على الاستيراد.
وعلاوة على ذلك، فإن التشديد الأخير للأوضاع المالية العالمية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، وخاصة من قبل البنوك المركزية الكبرى، سيكون له تأثير على تكلفة اقتراض الأردن في أسواق رأس المال الدولية.
التضخم في الأردن
من المتوقع أن يتسارع التضخم بشكل معتدل هذا العام، ويرجع ذلك أساسًا إلى عوامل جانب العرض وسط توقعات غير مواتية لأسعار الغذاء والطاقة العالمية.
من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم العام في مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3.3٪ في عام 2022 مقارنة بنسبة 1.4٪ في العام الماضي.
وتعكس هذه الزيادة المتتابعة في أسعار المستهلك بشكل أساسي ارتفاعًا نسبيًا متوقعًا لتمرير أسعار النفط الدولية والسلع الأخرى المرتفعة إلى الأسعار المحلية.
ومع ذلك، فإن التأثير العام للتغيرات الحالية والمتوقعة في أسعار السلع الأساسية العالمية على الأسعار المحلية من المرجح أن يتم تعويضه جزئيًا من خلال الإجراءات المالية والإدارية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لمراقبة الزيادة في أسعار المستهلك بالتجزئة.
ومن المتوقع أن تهدأ تدابير مراقبة الأسعار هذه خلال العام، على الرغم من أن هذه التدابير تلقي بظلال من عدم اليقين على جزء من توقعات التضخم المستقبلية، فإن الموقف النقدي الحكيم من قبل البنك المركزي الأردني من شأنه أن يساعد في وقف مثل هذه المخاطر من خلال إدارة الطلب.
عجز الحساب الجاري للأردن
من المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري بشكل هامشي، حيث من المتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري (بما في ذلك المنح) إلى 8.2 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 مقارنة بـ 8.8% في عام 2021.
ويُفسر هذا الاعتدال في عجز الحساب الجاري بشكل أساسي من خلال تحسن التوقعات لإيرادات السفر، والتي من المتوقع أن تصل إلى مستويات قريبة من توقعات عام 2018.
هذه التوقعات مدعومة بشكل أكبر بالإزالة الكاملة للقيود المفروضة على السفر في الأردن وحملة التطعيم العالمية المتسارعة.
وعلى الرغم من الزيادات المتوقعة في إيصالات السفر، إلا أن حالة عدم اليقين التي ظهرت والناجمة عن الحرب في أوكرانيا من المرجح أن تبقي عجز الحساب الجاري مرتفعًا لمدة عام آخر.
قد يؤثر التباطؤ المتوقع في الطلب الخارجي في البلدان الشريكة أيضًا على توقعات التصدير، هذا بالإضافة إلى أسعار الواردات غير المواتية خاصة أسعار الغذاء والطاقة، من المرجح أن يبقي عجز تجارة البضائع في الأردن في الجانب الأعلى.
على الجانب الإيجابي، فإن التوقعات الإيجابية للأسعار للأسمدة والكيماويات من أهم السلع التصديرية للأردن من شأنها أن تساعد في وقف بعض هذا الاتساع.
ارتفاع في احتياجات التمويل
من المرجح أن يؤدي ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى زيادة احتياجات التمويل الخارجي الإجمالية للأردن.
قد يكون هذا أمرًا صعبًا بالنظر إلى التكلفة المتزايدة للاقتراض في أسواق الدين العالمية وانخفاض التوقعات بتدفقات الاستثمار الأجنبي نحو الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الأردن.
ومع ذلك، لا يزال الأردن يستفيد من الدعم الميسّر طويل الأجل من الشركاء متعددي الأطراف والثنائيين والذي وصل إلى5.4٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 (مقارنة بمتوسط السنوات الثلاثة الماضية البالغ 3.9٪ من إجمالي الناتج المحلي).
ومن ثم، فمن المتوقع تلبية معظم هذا التمويل الخارجي المطلوب من خلال تمويل رسمي متعدد الأطراف وثنائي.
وفي هذا السياق، يظل الإنجاز الناجح لأهداف برنامج صندوق النقد الدولي جنبًا إلى جنب مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الأردني في الوقت المناسب أمرًا بالغ الأهمية، وهذا مهم أيضًا من منظور الحفاظ على ارتباط موثوق بالدينار مدعومًا بوضع احتياطيات أجنبية كافية للبنك المركزي الأردني.
من المتوقع أن تساعد الإصلاحات المالية وخاصة في مجالات إدارة الضرائب، في تحسين أداء تحصيل الضرائب في المستقبل.
من المرجح أن يتم دعم تحصيل الإيرادات بشكل أكبر من خلال الانتعاش المتوقع في النشاط الاقتصادي المحلي، وخاصة في قطاع الخدمات.
بشكل عام، من المتوقع أن يصل إجمالي الإيرادات والمنح المالية إلى نحو 25.8% من إجمالي الناتج المحلي في عام2022 مقارنة بنسبة 25.3% في عام 2021.
وسط المخاطر المتطورة، من المرجح أن يتم تقييد الإنفاق المالي مع تخفيف ضغوط الإنفاق المرتبطة بفيروس كورونا، في الوقت نفسه، تهدف الحكومة إلى تقديم دعم هادف من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي للقطاعات ذات الأولوية.
نتيجة لذلك، من المتوقع أن يصل الإنفاق الرأسمالي خلال عام 2022 إلى 3.7 % من إجمالي الناتج المحلي في عام2022، وهو مستوى لم يتم الوصول إليه منذ عام 2015.
ومع ذلك، من المرجح أن تزيد التدابير الإدارية الأخيرة للتحكم في الأسعار من الضغوط المالية على المدى القريب ويمكن أن تؤثر على التوقعات المستقبلية.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يصل العجز المالي للحوكمة العامة (بما في ذلك المنح) خلال عام 2022 إلى 4.1 %من إجمالي الناتج المحلي، أو أقل بنحو 1.7 نقطة مئوية مقارنة بمستوى عام 2021.
وهذا من شأنه أن يساعد في تحقيق توازن أولي شبه متوازن في عام 2022 مقارنة بنسبة 1.3% في عام 2021
الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي
من المتوقع أن يصل إجمالي الدين الحكومي والمضمون في الأردن إلى ذروته عند 114.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 قبل أن ينخفض تدريجياً بعد ذلك.
في المقابل، سيبدأ إجمالي الدين الحكومي والمضمون - بعد حيازات صندوق الضمان الاجتماعي - في الانخفاض بالفعل في عام 2022 ليصل إلى 89.9% من إجمالي الناتج المحلي.
ومع ذلك، لا تزال المخاطر التي تهدد القدرة على تحمل الديون مرتفعة وتشمل نموًا أقل من المتوقع، أو انزلاقات في ضبط أوضاع المالية العامة.
علاوة على ذلك، على المدى المتوسط، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف خدمة الدين في الأردن.
بشكل عام، نظرًا للتطورات الخارجية الأخيرة، فإن حالة عدم اليقين والمخاطر التي تحيط بالتوقعات الاقتصادية، وعلى الرغم من محدودية الروابط التجارية المباشرة للأردن مع كل من أوكرانيا وروسيا، إلا أن التداعيات السلبية من القنوات الأخرى يمكن أن تكون كبيرة.
تسببت الحرب في صدمة كبيرة لأسواق السلع العالمية وتشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي العالمي لأن أوكرانيا وروسيا منتجان عالميان رئيسيان للسلع الزراعية الأساسية (القمح والذرة والبذور الزيتية) والأسمدة والوقود.
تؤثر هذه الديناميكيات أيضًا على قدرة الأردن على مواصلة استيراد الحبوب لتلبية احتياجات الأمن الغذائي، حيث يتنافس صغار المشترين، مثل الأردن، في سوق ضيقة مع مشترين أكبر وعدد أقل من الموردين، يمكن لهذه العوائق وعوامل الخطر العالمية أن تحد من إدارة الحكومة في الوقت المناسب لاحتياطياتها الاستراتيجية من الحبوب باعتبارها الوسيلة الأساسية للتخفيف من النقص أو تقلبات الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، إذا طال أمد الحرب، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تآكل الثقة العالمية، وزيادة تكاليف التمويل للأسواق الناشئة والنامية، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والطاقة، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى جانب الاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد العالمية إلى زيادة الضغوط التضخمية وقد يؤدي إلى تشديد السياسة النقدية العالمية بشكل أسرع مما كان متوقعًا ويسبب تباطؤًا ملحوظًا في النمو العالمي.
بالفعل، يشير تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لصندوق النقد الدولي الصادر إلى هذه الاتجاهات العالمية.
بالتأكيد، تشكل هذه النظرة الاقتصادية تحديات اقتصادية كبيرة للاقتصاد الأردني وسط تحدي البطالة الكبير بالفعل في البلاد.
المملكة