يشارك الأردن العالم، الاثنين، إحياء اليوم العالمي للاجئين، حيث أجبر أكثر من 89 مليون شخص في أنحاء العالم على الفرار من ديارهم جراء الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان بحلول نهاية عام 2021، بزيادة تصل إلى 8% عن العام الذي سبق وأكثر من ضعف الرقم الذي كان عليه قبل 10 سنوات،

ووفقا لتقرير "الاتجاهات العالمية" السنوي الذي تصدره مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي اطلعت عليها "المملكة"، فإن عدد الأشخاص المجبرين على الفرار من ديارهم كل عام ارتفع على مدار العقد الماضي، ليبلغ أعلى مستوى له منذ بدء العمل بالسجلات، وهو منحى لا يمكن عكس اتجاهه إلا من خلال إعطاء دفعة جديدة ومنسقة نحو صنع السلام.

وتُظهر الأرقام الصادرة في التقرير، بأن بين كل 14 شخصا في الأردن، أحدهم لاجئ، وتخطّى عدد النازحين بسبب النزاعات والاضطهاد والحروب في العالم حاجز الـ 100 مليون شخص خلال العام 2022. ويُعدّ هذا أعلى مستوى شهدته المفوضية منذ تأسيسها قبل أكثر من 70 عاماً.

وفي اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف 20 حزيران/يونيو من كل عام، تكرّم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الاثنين، الأردن على كرم الضيافة المستمر ورحابة الصدر في استقبال واستضافة اللاجئين.

ويعرض يوم اللاجئ العالمي العام الحالي، كيف تمكّن اللاجئين من مختلف الجنسيات العثور على ملاذ آمن في الأردن وأعادوا بناء حياتهم وأصبحوا جزءًا فعّالاً من المجتمع المحلّي، وبالتركيز على الحق في التماس الأمان.

- %96 من الأردنيين يشعرون بالتعاطف مع اللاجئين -

وقال ممثل المفوضية في الأردن، دومينيك بارتش "في يوم اللاجئ العالمي، لا نستذكر فقط المشقة والآلام التي مرّ بها اللاجئون عند فرارهم من أوطانهم، بل القوة والشجاعة والإصرار الذي أظهروه عبر السنوات".

وينعكس الدعم المعنوي الهائل للأردنيين تجاه اللاجئين من خلال بيانات صادرة عن المفوضية الأسبوع الحالي والتي توضح بأنه، ووفقاً لاستفتاء رأي عام، إن 96% من الأردنيين يشعرون بالتعاطف مع اللاجئين، وهذا الرقم ارتفع مقارنة باستفتاء أُجري قبل 6 أشهر، والذي بلغ حينها 92%.

إضافةً إلى ذلك، قال غالبية الأردنيين – أي 81% من المشاركين في الاستفتاء هذا – بأنهم يؤيدون "إدراج اللاجئين في الأنظمة الوطنية مثل الصحة والتعليم".

وقال بارتش "إن الشعور العام الإيجابي تجاه اللاجئين حجر أساس لاستمرار تقبّلهم وإدماجهم مع المجتمع المحلي. وفي يوم اللاجئ العالمي، يسعدنا أن نحتفي بالأردن وشعبه الذين أظهروا للعالم أجمع كرمهم وحسن ضيافتهم، في حين وصل أعداد النازحين في العالم إلى مستويات غير مسبوقة".

ويعيش في الأردن، 761.229 لاجئا، 674.710 منهم سوريون، إضافة إلى 66.013 عراقيا، 12.871 يمنيا، 5.598 سودانيا، 656 صوماليا، و1381 من جنسيات أخرى، بحسب آخر تحديث للمفوضية، صدرت في 15 أيار/مايو الماضي.

إضافة إلى 2,463,039 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن، يعيش 18% منهم في مخيمات اللجوء، وفق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويعرّف اللاجئون بأنهم "الأفراد الذين يضطرون لمغادرة ديارهم حفاظا على حرياتهم أو إنقاذا لأرواحهم. فهم لا يتمتعون بحماية دولتهم - لا بل غالباً ما تكون حكومتهم هي مصدر تهديدهم بالاضطهاد".

أما النازحون (اللاجئون داخليا)؛ هم "أشخاص أو جماعات أجبروا على أو اضطروا إلى الفرار - دون أن يعبروا حدودا دولية معترفا بها - من ديارهم أو من أماكن إقامتهم المعتادة، أو تركها بصفة خاصة بسبب تجنب طائلة صراع مسلح، أو حالات لتفشي عنف، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية، أو كوارث من صنع البشر".

- الأردن مثال يحتذى به -

بارتش، قال إن استمرار رحابة صدر الحكومة الأردنية وكرم ضيافة شعبه على مدى العقود الماضية، تعتبر عاملاً أساسياً لحماية حق اللاجئين في التماس الأمن واللجوء. وبالتالي، فإن الأردن يُعرف عالمياً بأنه مثال يُحتذى به لكيفية استقبال اللاجئين والذين أُجبروا على الفرار.

بالرغم من ذلك، لا يزال 64% من اللاجئين في الأردن يعيشون بأقل من 3 دنانير في اليوم، وكما أتُضح في تقرير المفوضية الحديث بشأن مؤثرات الضعف، فإن معظم اللاجئين في الأردن يكسبون دخلهم من خلال العمل ويتمتعون بالاكتفاء الذاتي إلا أن قيمة المبالغ التي يعتمدون عليها للعيش لا تكفي لإخراجهم من فئة الفقر.

وتواصل المفوضية دعوتها للمجتمع الدولي للتضامن وتقاسم المسؤولية، وذلك ليس لأولئك الذين تُعنى المفوضية في حمايتهم فقط، بل للأردن كبلد مستضيف ونظراً للأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير لاستضافة اللاجئين.

واحتفالاً بهذه المناسبة، تقيم المفوضية، الاثنين، حدثا في العاصمة عمّان في هنغر رأس العين، حيث سيقوم عدد من اللاجئين من مختلف الجنسيات بمشاركة قصصهم وفنون وموسيقى ورقص وأطعمة من ثقافاتهم، وستشارك في هذا الحدث فرقة "أوتوستراد" الأردنية.

وبدعم من أمانة عمّان الكبرى، وبحضور كل من وزير الداخلية مازن الفراية ومدير مديرية شؤون اللاجئين السوريين العميد الركن طارق عازر وسفراء الدول المانحة وممثلي هيئات الأمم المتحدة العاملة في الأردن ومنظمات إنسانية شريكة وعامّة الشعب، فإن هذا الحدث يجمع جميع أطياف المجتمع الأردني لإبراز مهارات اللاجئين وكرم ضيافة المجتمع الأردني المستضيف.

- تمويل خطة استجابة الأردن لم يتجاوز 10% -

بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية 226 مليون دولار، من أصل 2.28 مليار دولار، وبنسبة وصلت إلى 9.9%، وفق وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

وبحسب بيانات اطّلعت عليها "المملكة" فإن حجم تمويل الخطة في آخر تحديث صدر السبت، والذي حدد لغاية 22 أيار/مايو الماضي، توزع على؛ 78.527 مليون دولار لتمويل متطلبات بند دعم اللاجئين، إضافة إلى 59.142 مليون دولار لبند دعم المجتمعات المستضيفة.

وموّلت الخطة أيضا، 1.9 مليون دولار لدعم مشاريع الاستجابة لجائحة كورونا ضمن خطة الاستجابة للأزمة السورية، و86.6 مليون دولار لبند يدعم مشاريع البنية التحتية وتنمية القدرات المؤسسية.

فيما تسلمت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، 110 ملايين دولار من مجموع موازنتها السنوية البالغة 408 ملايين دولار للعام الحالي، مخصّصة للاستجابة لاحتياجات لاجئين في الأردن.

وبحسب تقرير صدر عن المفوضية، واطلعت عليه "المملكة"، تمثل القيمة المستلمة ما نسبته 27% من إجمالي موازنة 2022، وذلك حتى 7 حزيران/يونيو الحالي، وبعجز مالي يبلغ 298 ملايين دولار.

والتمويل لا يشمل مساعدات للفلسطينيين في الأردن؛ لأن الأمم المتحدة حددت المساعدات لهم عبر وكالتها الخاصة بغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

- أكبر وأسرع موجة نزوح -

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال: "يحلّ اليوم العالمي للاجئين هذا العام ليؤكد مبدأ أساسيا من مبادئ إنسانيتنا المشتركة: إنه مبدأ حق كل شخص في البحث عن الأمان - أيّا كانت هويته، أو المكان الذي يأتي منه، أو الوجهة التي أُجبر على الفرار إليها".

وأضاف في هذه المناسبة: "إن اليوم العالمي للاجئين مناسبة نُمعن فيها التفكير في مدى شجاعة وصمود الأشخاص الفارين من الحرب والعنف والاضطهاد – ونعترف فيها بقيمة التعاطف الذي تُبديه المجتمعات التي ترحب بهم، واليوم، بلغت أعداد اللاجئين في العالم مستويات قياسية".

"تسبّبت الحرب في أوكرانيا في أكبر وأسرع موجة نزوح تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، زِد على ذلك أعداد النساء والأطفال والرجال الفارين من النزاعات الدائرة في أماكن أخرى من العالم، ليبلغ العدد الإجمالي للنازحين قسرا 100 مليون شخص - وهو رقم يشكّل إدانة قاتمة لعصرنا"، وفق غوتيريش.

وأضاف أن القانون الدولي واضح إذ ينص على أن: "الحق في طلب اللجوء هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ويجب أن يكون بمقدور الأشخاص الهاربين من العنف أو الاضطهاد عبور الحدود بأمان، ويجب ألا يواجهوا التمييز عند الحدود أو يتعرضوا للحرمان ظلما من صفة اللاجئ أو اللجوء بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسهم أو بلدهم الأصلي، ولا يمكن إجبارهم على العودة إذا كانت حياتهم أو حريتهم معرضة للخطر، شأنهم شأن كل إنسان، ينبغي معاملتهم باحترام، لكن ضمان سلامتهم ليست سوى الخطوة الأولى".

تقرير "الاتجاهات العالمية"، الذي أصدرته المفوضية، قال "منذ ذلك الحين، أدى القصف الروسي على أوكرانيا - والذي تسبب في نشوء أسرع وأكبر أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية – إضافة إلى حالات طوارئ أخرى من إفريقيا إلى أفغانستان وما أبعد من ذلك، إلى رفع أعداد اللاجئين ليتجاوز حاجز الـ 100 مليون شخص".

- تقرير "الاتجاهات العالمية" باختصار -

بحلول شهر أيار/مايو 2022، تعرض أكثر من 100 مليون شخص للنزوح قسراً في جميع أنحاء العالم بسبب الاضطهاد أو الصراعات أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الأحداث التي تؤدي إلى حدوث إخلال جسيم بالنظام العام.

في نهاية عام 2021، بلغ العدد 89.3 مليون شخص، وهو يشتمل على: 27.1 مليون لاجئ، 21.3 مليون لاجئ تحت ولاية المفوضية، 5.8 مليون لاجئ فلسطيني تحت ولاية أونروا، 53.2 مليون نازح داخليا، 4.6 مليون طالب لجوء، و4.4 مليون فنزويلي من المهجرين خارج وطنهم.

ومن بين اللاجئين والفنزويليين المهجرين في الخارج عام 2021؛ استضافت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 83% منهم، منحت أقل البلدان نمواً اللجوء لـ 27% من المجموع العام، و72% يعيشون في بلدان مجاورة لبلدانهم الأصلية.

واستضافت تركيا ما يقرب من 3.8 مليون لاجئ، وهو أكبر عدد من جموع اللاجئين في جميع أنحاء العالم، تليها أوغندا (1.5 مليون)، وباكستان (1.5 مليون) وألمانيا (1.3 مليون). واستضافت كولومبيا 1.8 مليون من الفنزويليين المهجرين خارج وطنهم.

واستضاف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبة لكل فرد (1 من 8)، يليه الأردن (1 من 14) وتركيا (1 من 23). ونسبة لعدد مواطنيها، استضافت جزيرة أروبا أكبر عدد من الفنزويليين المهجرين (1 من كل 6) تليها جزيرة كوراساو (1 من كل 10)، مقارنة بعدد سكانها.

وجاء أكثر من ثلثي اللاجئين (69 في المئة) من خمسة بلدان فقط، وهي: سوريا (6.8 مليون)، فنزويلا (4.6 مليون)، أفغانستان (2.7 مليون)، جنوب السودان (2.4 مليون) وميانمار (1.2 مليون).

وعلى الصعيد العالمي، كان هناك 6.1 مليون لاجئ وطالب لجوء ومهاجر فنزويلي في عام 2021، حيث ورد ذلك من خلال منصة التنسيق للاجئين والمهاجرين من فنزويلا.

وقدم طالبو اللجوء 1.4 مليون طلب جديد، حيث تصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة أكبر الدول المتلقية للطلبات الفردية الجديدة في العالم (188,900)، تليها ألمانيا (148,200)، والمكسيك (132,700)، وكوستاريكا (108,500)، وفرنسا (90,200).

وبالنسبة للحلول، عاد 5.7 مليون شخص بين لاجئ ونازح إلى مناطقهم أو بلدانهم الأصلية في عام 2021، بما في ذلك 5.3 مليون نازح داخلياً و 429,300 لاجئ.

- 23 دولة واجهت صراعات متوسطة أو عالية الشدة -

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: ”في كل عام من أعوام العقد الماضي، أخذت الأرقام بالارتفاع. إما أن يتكاتف المجتمع الدولي معاً للعمل بشكل عاجل من أجل معالجة هذه المأساة الإنسانية، وتسوية النزاعات وإيجاد حلول دائمة لها، أو أن هذا الاتجاه المريع سوف يستمر“.

واتسم العام الماضي بعدد من الصراعات التي تأججت وبصراعات جديدة قد اندلعت. ووفقاً للبنك الدولي، فقد واجهت 23 دولة، يبلغ عدد سكانها مجتمعة 850 مليون نسمة، صراعات متوسطة أو عالية الشدة.

وفي الوقت نفسه، فإن ندرة الغذاء والتضخم وأزمة المناخ كلها أسباب تفاقم معاناة السكان، مما يفرض ضغوطاً على جهود الاستجابة الإنسانية في وقت تبدو فيه آفاق التمويل قاتمة في العديد من العمليات.

وارتفع عدد اللاجئين في عام 2021 إلى 27.1 مليون شخص، كما وارتفع عدد الوافدين إلى أوغندا وتشاد والسودان، إضافة إلى دول أخرى. ومرة أخرى، استضافت الدول المجاورة معظم اللاجئين رغم مواردها المحدودة. وقد بلغ عدد طالبي اللجوء 4.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 11%.

وشهد العام الماضي الارتفاع السنوي الخامس عشر على التوالي من حيث عدد النازحين داخل بلدانهم جراء الصراعات، ليصل إلى 53.2 مليون شخص. وكانت الزيادة مدفوعة بتصاعد العنف أو الصراعات في بعض الأماكن مثل ميانمار. وأدى الصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية ومناطق أخرى إلى فرار الملايين داخل البلاد. كما أدت حركات التمرد في منطقة الساحل إلى حدوث موجات نزوح داخلي جديدة، لا سيما في بوركينا فاسو وتشاد.

ولا تزال سرعة ونطاق النزوح يفوقان توفر الحلول للاجئين والنازحين - مثل العودة الطوعية أو إعادة التوطين أو الاندماج المحلي. ومع ذلك، فقد ظهر في تقرير الاتجاهات العالمية أيضاً بصيص من الأمل، حيث ارتفعت أعداد اللاجئين والنازحين داخلياً في عام 2021، لتعود إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا، رافقتها زيادة في عدد حالات العودة الطوعية إلى الوطن بنسبة 71%، رغم أن الأعداد بقيت متواضعة، وفق التقرير.

وأضاف غراندي: ”بينما نشهد أوضاع لجوء جديدة ومروعة، وعودة نشوب أوضاع لجوء قائمة أو لا تزال بدون تسوية، هناك أيضاً أمثلة لبلدان ومجتمعات تعمل معاً للبحث عن حلول للاجئين والنازحين. ويحدث ذلك في بعض الأماكن - على سبيل المثال التعاون الإقليمي الهادف لعودة الإيغوار إلى وطنهم - لكن هذه القرارات المهمة بحاجة إلى أن يتم تطبيقها أو توسيع نطاقها في أماكن أخرى“.

ورغم أن العدد التقديري للأشخاص عديمي الجنسية ارتفع بنحو طفيف في عام 2021، إلا أن نحو 81,200 شخص قد حصلوا على الجنسية أو تم تأكيدها لهم - وهو أكبر انخفاض في حالات انعدام الجنسية منذ إطلاق المفوضية لحملة ”أنا أنتمي“ في عام 2014.

المملكة