أظهرت نتائج دراسة استطلاعية حول وجود تأمين وطني لتغطية علاج السرطان في الأردن، أن 94% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون بأهمّية وضرورة وجود تأمين لعلاج السرطان.

وبيّنت نتائج الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بالتعاون مع مؤسسة الحسين للسرطان والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، أن 87% يوافقون على المساهمة بمبلغ بسيط ضمن تأمين وطني تكافلي لتغطية علاج السرطان في الأردن، كما أبدى 84.1% استعدادهم للمساهمة في هذا التأمين، فيما أنّ 60% من المشتركين بتأمين لعلاج السرطان يرون عجزًا في آلية التحويل والتمويل المعمول بها حاليًّا بما يحفظ لهم حقوقهم.

وقال مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة، إن التأمين الصحي هو مشروع وطني جاء استكمالاً لجهودٍ سابقة يتم العمل عليها منذ أكثر من عامين، مؤكداً أن تطبيق التأمين الصحي للمؤمّن عليهم والمتقاعدين يشكل أولوية للمؤسسة، حيث يغطي كل مؤمن عليه ومتقاعد في القطاع الخاص وأفراد عائلاتهم غير المؤمّنين بأي تأمين صحي.

وأشار إلى أن العلاج سيكون داخل مستشفيات القطاع الخاص وأن حالات  علاج مرض السرطان سيتم تغطيتها بالكامل.

الرحاحلة، أكد أن مشروع التأمين الصحي الذي تطرحه مؤسسة الضمان قائم على دراسات اكتوارية مكثفة ومشاورات ميدانية وجهود تنسيقية وتكاملية مع كافة الأطراف المعنية، مبيناً أن نهج الأولويات يحتم علينا التركيز على الفئات غير المشمولة حالياً بأي تأمين صحي، بالإضافة إلى شمول كافة العاملين بالقطاع بتأمين معالجة مرض السرطان، حيث إن التأمين الصحي سيكون مستقلاً عن باقي التأمينات ولن تتداخل إيراداته ونفقاته مع باقي التأمينات، كما أن تصميم البرنامج جاء بعد سلسلة من الاستشارات والدراسات وتدفقاته النقدية واستدامـته المالية مدروسة بعناية.
 
وأضاف الرحاحلة أن التجارب التي انتهجتها المؤسسة في توسعها بمنظومة الحماية الاجتماعية  أثبتت أن التدرج هو النموذج الأنسب والأسلم للتطبيق، وهذا النهج ربما ينطبق بشكل أكبر على التأمين الصحي.

وبين الرحاحلة أن المشروع المعدّل لقانون الضمان الاجتماعي يركز على إعطاء تأمين صحي للمواطنين غير المشمولين في أي تأمين الصحي، مشيراً إلى أن التأمين الصحي اليوم يتعامل مع فجوة قائمة بموضوع التغطية التأمينية الصحية، حيث أن أكثر من ثلث الأردنيين غير مشمولين بالتأمين الصحي حالياً.

ولفت الرحاحلة النظر إلى أن مصادر تمويل التأمين ستكون مشتركة بين المشتركين بالتأمين، وفائض تمويل إصابات العمل إضافة إلى مساهمة الحكومة، مبيناً أن التصور شبه النهائي من قبل الضمان الاجتماعي يتحدث عن  اقتطاع (3%)  كاشتراكات على العاملين في القطاع الخاص والمتقاعدين.

وبيّن الرحاحلة أن فكرة التأمين الصحي الاجتماعي كسائر التأمينات الاجتماعية، تستند إلى مفاهيم اقتصادية واجتماعية، أساسها الادخار الإلزامي لمواجهة كلف ومخاطر غير متوقعة، والتضامن بين أفراد الجيل الواحد والأجيال المتعاقبة، حيث يتضامن الشباب مع كبار السن الأكثر عرضة للأمراض، وغير المرضى يتشاركون الكلف مع المرضى، وأصحاب الدخول المرتفعة يتضامنون مع أصحاب الدخول الأقل.

وأكد أن هناك حقيقة لا يمكن اغفالها، بأن أكثر من ثلث الأردنيين غير مشمولين بأي تأمين صحي، وهم عرضة في أي وقت إلى الانزلاق إلى براثن الفقر والعوز في حال تعرض أي منهم لظرف صحي، فالخيارات أمامهم  محدودة وغير مضمونة أو مستدامة.

وأضاف الرحاحلة أن الملف الوحيد الذي لا زال عالقاً أمام استكمال منظومة الحماية الاجتماعية للضمان الاجتماعي، هو التأمين الصحي، الذي لم تثنِ الجائحة المؤسسة عن التخطيط والاعداد له، باعتباره توجهاً استراتيجياً التزمت المؤسسة بتنفيذه، كما أوفت وتمكنت من تحقيق كافة توجهاتها الاستراتيجية التي حددتها للأعوام الثلاث الماضية، موضحاً أن هذا التوجه يلقى دعماً حكومياً كبيراً وتناسقاً استثنائياً في الرؤى مع وزارة الصحة وتناسقاً مع مخرجات اللجـنة الوطنيـة لإصلاح القـطـاع الصحـي التي أنهت أعمـالهـا قبل نحو عامين.

وناقش المشاركون في الجلسة التي حضرها نخبة من السياسيين والأكاديميين والباحثين والخبراء في القطاعات الصحية المختلفة أهم التحديات الصحية التي يعاني منها الأفراد في مختلف مراحلهم العمرية، مشددين على أنّ المخاطر الصحية الكبيرة والتهديد على الحياة يجعلان من السرطان محطّ اهتمام وتركيز عديد من الدول ووزارات الصحة والمؤسسات الصحية ومراكز الأبحاث والعلاج حول العالم.

وتحدث المشاركون حول أعداد الحالات السنوية لمرضى السرطان، وأنواع السرطانات، وترتيبها حسب نسبة انتشارها بين الأردنيين، وأشاروا إلى أن أهمية هذه الدراسة تنبع من ارتفاع كلفة العلاج التي تشكل بدورها عبئا ماليا على المرضى من مختلف شرائح المجتمع.

كما أشاروا إلى موضوع الأعباء الاقتصادية وعلاقتها بنسب الشمول ببرامج تأمين السرطان، حيث بات هناك حاجة إلى برامج تكفل للمرضى تلقّي العلاج الذي يحتاجونه دون إضافة أعباء مالية تزيد عن طاقتهم، ودون زيادة ضغط اقتصادي على الحكومة ووزارة الصحة في الوقت نفسه.

وأوضح المشاركون خلال الجلسة الحوارية أنه رغم وجود آليات للتبرع لمساعدة مرضى السرطان وإعفاءات حكومية للمرضى؛ إلا أن هذه السياسات ليست مُستدامة على المدى البعيد، كما أنها لا تشكل بأي حال بديلا عن بنية تحتية متكاملة: صحية واقتصادية، ووطنية شاملة ودامجة للأردنيين وغيرهم أيضا.

وتطرقوا كذلك إلى أهمية برنامج "رعاية" الذي يندرج تحت مظلة مركز الحسين للسرطان، ويمثل نموذجا تكافليا للأردنيين وغير الأردنيين المقيمين في المملكة؛ إذ يضمن لهم تلقي أعلى مستويات العلاج المتاحة في حالة الإصابة بالسرطان، كما إنه يعتمد على طرح حزم من الاشتراكات السنوية للأفراد والمؤسسات مقابل مبلغ مالي سنوي منخفض.

وجاءت هذه الدراسة لقياس مدى وعي الجمهور وإدراكه وفهمه لسياسات تغطية السرطان الحالية، وتكلفة علاجه، والجهات المسؤولة عن توفير التغطية المالية للمرضى، ومدى معرفتهم ببرنامج "رعاية" وقيمته، ومدى استعدادهم للمساهمة في إنجاح خطة وجود تأمين وطني تكافلي لتغطية علاج مرضى السرطان في الأردن، وغيرها من الأهداف التي توفر حلولا مستدامة من مختلف الاتجاهات.

وأُعلن عن هذه النتائج خلال جلسة حوارية عُقدت في الجامعة الأردنية، ترأسها نائب رئيس الجامعة للشؤون الدولية وشؤون الجودة والاعتماد ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية زيد عيادات، بمشاركة مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة، ومدير عام مؤسسة الحسين للسرطان السيدة نسرين قطامش.

المملكة