أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن العالم "بحاجة ماسة" إلى تكثيف الجهود الجماعية لحل الصراع وإنهاء الاحتلال بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية.

جاء ذلك خلال أول جلسة تعقدها هذا العام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، حيث تمت إعادة انتخاب السفير شيخ نيانغ (السنغال) رئيسا للجنة المعنية بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف.

وقال غوتيريش في مستهل كلمته: "لا تزال الحالة في الأرض الفلسطينية المحتلة – بما فيها القدس الشرقية – تشكل تحديا كبيرا للسلم والأمن الدوليين. ولم يتحقق بعد الوعد باستقلال الدولة الفلسطينية".

وأكد أن الهدف يظل: "دولتان – إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية ومتجاورة وقابلة للحياة وذات سيادة – تعيشان جنبا إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، على أساس حدود ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة مشتركة للدولتين".

"لا توجد خطة بديلة"، وفق الأمين العام، الذي قال: "الوقت يداهمنا. لا يسعنا أن نغفل عن الهدف الذي طال انتظاره المتمثل في إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين". 

ودعا جميع الأطراف إلى اتخاذ خطوات ملموسة من شأنها أن تمكّن من العودة إلى مسار مفاوضات هادفة، وفي نهاية المطاف إلى سلام عادل ودائم.

وانتهز الفرصة للتأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين لحل النزاع، حيث قال: "دعونا نعزز التزامنا المشترك بهذا الهدف".

"تدهور أوضاع"

تأتي كلمة الأمين العام، واجتماع لجنة فلسطين، "في وقت تتدهور فيه الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة"، بحسب غوتيريش، حيث يعاني الفلسطينيون من مستويات عالية من نزع الملكية والعنف وانعدام الأمن.

وقال: "يجب أن تتوقف الخطوات أحادية الجانب والإجراءات غير القانونية التي تحرك الصراع. لن يقود التحريض على العنف إلى شيء ويجب أن يرفضه الجميع."

وشدد على ضرورة أن يعزز الطرفان وقف الأعمال العدائية ويدعما التنمية الاقتصادية في غزة، مؤكدا أن الجهود المتضافرة ضرورية لضمان التهدئة وتقوية المؤسسات الفلسطينية واستعادة الأمل وتجنب تصعيد مميت للعنف.

وقال: "شجعني الانخراط الأخير بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين على أن أحثّ كلا الجانبين على توسيع هذه الاتصالات لتشمل القضايا السياسية الأساسية".

غوتيريش، أعرب عن قلقه من أعمال العنف المستمرة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك عنف المستوطنين والعمليات العسكرية "التي أدت إلى سقوط العديد من الوفيات".

الأنشطة الاستيطانية "يجب أن تتوقف"

وأضاف: تتواصل الأنشطة الاستيطانية غير القانونية، والهدم والإخلاء، بما في ذلك في القدس الشرقية، "مما يقوّض القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان – ويغذي اليأس والعداء وتضاؤل احتمالات التوصل إلى حل تفاوضي."

وشدد على أن جميع الأنشطة الاستيطانية غير قانونية، ويجب أن تتوقف.

كما دعا غوتيريش جميع الأطراف إلى الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في البلدة القديمة في القدس المحتلة.

دعوة لزيادة دعم الفلسطينيين 

وأشار الأمين العام إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين "مما يعيق بشكل كبير قدرتهم على العيش بأمان وتنمية مجتمعاتهم واقتصاداتهم".

وقال: "مع عمل المجتمع الدولي على إحياء العملية السياسية، يجب علينا دعم الجهود المبذولة لتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة".

وأعرب عن قلقه إزاء الوضع المالي المتردي الذي تواجهه السلطة الفلسطينية، والذي يقوّض استقرارها المؤسسي وقدرتها على تقديم المساعدات لشعبها.

وفي الوقت نفسه، تؤثر الأزمة المالية الوجودية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على حقوق لاجئي فلسطين ورفاههم في جميع أنحاء المنطقة.

وقال: "أدعو الدول الأعضاء إلى زيادة دعمها المالي للشعب الفلسطيني ومساهماتها لأونروا، وهي ركيزة حيوية للاستقرار الإقليمي".

وأشار إلى القرارات الإسرائيلية الأخيرة المتمثلة بزيادة حركة البضائع والأشخاص من قطاع غزة وإليه، "في حين أنه تطور مرحب به، من المهم توسيع هذه الخطوات والعمل من أجل الرفع الكامل لعمليات الإغلاق المنهكة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860".

وأعرب عن سروره من الدعم الحيوي للنداء الإنساني العاجل للأمم المتحدة، وجهود إعادة الإعمار الجارية في غزة، وجهود الاستجابة الحاسمة لجائحة كورونا من قبل منظومة الأمم المتحدة في الميدان.

نيانغ: 2021 كان عاما صعبا

وفي كلمته أمام اللجنة، قال الرئيس الذي أعيد انتخابه، شيخ نيانغ، إن وجود الأمين العام في الاجتماع يظهر التزامه الشخصي والتزام الأمم المتحدة بإيجاد حل نهائي للمسألة الفلسطينية على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وأشار إلى أن اللجنة تسعى إلى تحسين عملها وإعادة تشكيل نفسها في إطار يمتاز بعدم اليقين بسبب تعثر مسارات السلام، والتطورات الميدانية الأخيرة، إضافة إلى الوضع الصحي والاقتصادي الذي خلفته جائحة كورونا.

وقال: "كان عام 2021 صعبا بالنسبة للفلسطينيين مع استمرار توسيع المستوطنات غير القانونية، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وحولها وبيت لحم، وحتى خلال الجائحة، مما أدّى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي تعاني أصلا من آثار القيود المفروضة من قبل إسرائيل منذ عقود".

وذكّر شيخ نيانغ بأن المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة، وأن الاحتلال بحد ذاته، غير قانوني بموجب القانون الدولي، كما يرد في قرار مجلس الأمن 2334، وتمثل عائقا إضافيا أمام السلام.

وأضاف: "نحن متمسكون بتسوية سلمية للمسألة الفلسطينية، وندين أشكال العنف كافة وأي دعوة للكراهية أيّا كان مطلقها، ومهما كانت أسبابها. ونحن على قناعة بأن أفضل وسيلة للدفع قدما بالسلم والأمن المستدامين بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو عبر التخلي عن كل أشكال العنف والعودة إلى طاولة المفاوضات".

فلسطين تطالب بالمساءلة

وأعربت السفيرة فداء عبد الهادي، في كلمتها نيابة عن دولة فلسطين، عن شكرها للأمين العام على "الدعم المطلق" للجنة وولايتها المتمثلة بتعزيز الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ويعتبر ذلك أساسا للتمتع بحقوق الإنسان الأخرى والتوصل إلى حل عادل لانعدام العدالة.

وقالت: "للأسف، بدأ عام 2022 تماما كالعام الذي سبقه، مع قلق عميق بشأن الوضع المزري الذي يواجه شعبنا مع تصاعد عذاب الاحتلال، والقمع، والفصل العنصري الذي تحمله كثيرا، مما تسبب بتكثيف احتياجاته وإقصائه ومعاناته على أيدي السلطة القائمة بالاحتلال وقواتها العسكرية والمستوطنين المتطرفين والميليشيات الإرهابية".

وأوضحت أن الوقت قد حان للضغط على الحكومة الإسرائيلية - وهي الطرف الذي يواصل انتهاك القانون وإعاقة السلام – كما ثبت من رئيس وزراء (إسرائيلي) آخر يرفض حق الفلسطينيين تقرير مصيرهم وقيام دولتهم، ويرفض مفاوضات السلام.

ودعت إلى التوقف عن "استثناء إسرائيل من حكم القانون" وحان وقت المساءلة بما في ذلك الجهود القانونية في المحاكم.

المملكة