صنّفت منظّمة الصحّة العالميّة الجمعة، المتحوّرة الجديدة لكورونا التي رُصدت أوّل مرّة في جنوب إفريقيا على أنّها "مقلقة" وأطلقت عليها اسم "أوميكرون".
وقالت مجموعة الخبراء المكلّفة متابعة تطوّر الجائحة إنّه "تمّ إبلاغ منظّمة الصحّة العالميّة عن المتحوّرة بي.1.1.529 لأوّل مرّة من جانب جنوب إفريقيا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 (...). تحتوي هذه المتحوّرة على عدد كبير من الطفرات، بعضها مقلق".
ومع ظهور المتحوّرة الجديدة في جنوب إفريقيا، بدأت الحدود تُغلَق، إذ قرّرت دول أوروبية عدّة الجمعة، تعليق الرحلات الجوّية من هذا البلد، بينما فرضت بلدان أخرى بينها اليابان حجرًا صحّيًا.
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة، أيضًا إغلاق حدودها أمام المسافرين الوافدين من ثماني دول في إفريقيا الجنوبيّة، بعد رصد المتحوّرة أوميكرون.
كذلك، أعلنت السعوديّة والإمارات الجمعة، أنّهما ستُعلّقان الرحلات الجوّية من سبع دول إفريقيّة بسبب المتحوّرة الجديدة.
وأعلن اكتشاف هذه المتحوّرة التي قد تكون معدية جدا، في جنوب إفريقيا الخميس. كما أعلِن رصد إصابة أولى بها في أوروبا، تحديدا في بلجيكا، وكذلك في إسرائيل.
ورغم توصيات منظّمة الصحّة العالميّة بعدم فرض قيود على السفر، حظّرت بريطانيا وفرنسا وهولندا الرحلات الجوّية من جنوب إفريقيا وخمس دول مجاورة لها. كما أوصى الاتّحاد الأوروبي الدول الأعضاء بتعليق الرحلات من إفريقيا الجنوبيّة وإليها.
واتّخذت دول أخرى إجراءات مماثلة، بينها البرازيل والمغرب والأردن.
واعتبرت حكومة جنوب إفريقيا القرارات "متسرّعة". وتشكّل هذه الإجراءات ضربة جديدة للسياحة قبل الصيف الجنوبي مباشرة عندما تكون حدائق الحيوانات والفنادق ممتلئة عادة.
وأعلنت وكالة صحّية أوروبية الجمعة أنّ خطر انتشار المتحوّرة الجديدة في أوروبا "مرتفع إلى مرتفع جدّاً".
وفي تقرير لتقييم المخاطر، قال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (إي سي دي سي) إنّ "المستوى العام للمخاطر المرتبط بمتحوّرة سارس-كوف-2 أوميكرون في الاتّحاد الأوروبي/المنطقة الاقتصاديّة الأوروبية، تمّ تقييمه على أنّه مرتفع إلى مرتفع جدّاً".
توازيًا، أعلنت شركة موديرنا الأميركيّة للأدوية الجمعة أنّها ستطوّر جرعة معزّزة ضدّ المتحوّرة أوميكرون.
وردًا على قرارات عدد من الدول فرض قيود على السفر، قالت وزيرة خارجيّة جنوب إفريقيا ناليدي باندور في بيان "قلقنا الفوري هو الضّرر الذي سيُلحقه هذا القرار بالصناعات السياحيّة والشركات".
تراجع حاد في البورصات العالمية
تسبّبت المخاوف المتعلّقة بالمتحوّرة الجديدة في انخفاض أسعار النفط وتراجع حادّ في أسواق الأسهم العالمية.
واكتُشفت المتحوّرة أوميكرون في وقتٍ تُسبّب القيود الصحّية توتّرا اجتماعيا بينما يتواصل لدى البعض عدم الثقة في التطعيم.
وكانت إيطاليا منعت الجمعة أيّ شخص زار جنوب إفريقيا "في الأيّام الـ14 الماضية" من دخول أراضيها.
في آسيا، أعلنت سنغافورة حظرا مماثلا يبدأ تطبيقه الأحد، باستثناء مواطنيها والمقيمين فيها.
في ألمانيا، حيث تجاوز عدد الوفيات بالفيروس عتبة المئة ألف الخميس، لن يُسمح إلا للمواطنين الألمان بالعودة من جنوب إفريقيا اعتبارا من مساء الجمعة، شرط التزامهم الحجر الصحي لمدة 14 يوما، حتّى لو كانوا ملقّحين.
وأعلن وزير الصحة الألماني المنتهية ولايته ينس شبان أنّ "آخر شيء نريده الآن هو إدخال متحوّرة جديدة تسبّب مزيدا من المشاكل".
وبلغ بعض المستشفيات طاقته الاستيعابيّة القصوى في ألمانيا، بينما يدور جدل حاليا حول جعل اللقاح إلزاميا، على غرار ما تَقرّر في النمسا.
"إمكانية انتشار سريع"
أعلن متحدّث باسم منظمة الصحة العالمية الجمعة أنّ فهم مستوى انتقال وشدّة المتحوّرة الجديدة يحتاج إلى "أسابيع عدة".
حتّى الآن، سُجّلت 22 إصابة بالمتحورة الجديدة لكوفيد، معظمها لدى شباب، حسب المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب إفريقيا.
وسجلت إصابات في بوتسوانا وإصابة في هونغ كونغ لشخص عائد من رحلة إلى جنوب إفريقيا.
وأعلنت إسرائيل عن إصابة بالمتحورة الجديدة "لدى شخص عاد من ملاوي" حسب وزارة الصحة التي تحدثت عن "حالتين أخريين لأشخاص عادوا من الخارج" ووضعوا في الحجر.
وقالت وزارة الصحة في بيان إن هؤلاء الثلاثة تم تطعيمهم ضد كورونا، من دون تحديد عدد الجرعات أو نوع اللقاح.
في هذه المرحلة، يبدو العلماء في جنوب إفريقيا غير متأكدين من فعالية اللقاحات الموجودة ضد الشكل الجديد للفيروس.
وقال عالم الفيروسات توليو دي أوليفييرا في مؤتمر صحافي في وزارة الصحة بجنوب إفريقيا، إنّ المتحورة الجديدة تنطوي على عدد "كبير جدا" من الطفرات "ويمكننا أن نرصد إمكان انتشارها بسرعة كبيرة".
ويفيد علماء بأنّ المتحورة "بي.1.1.529" تحمل ما لا يقل عن 10 نسخ مختلفة، في مقابل نسختين للمتحورة دلتا.
وقال البروفسور ريتشارد ليسيلز إن "ما يقلقنا هو أن هذه المتحورة قد لا تكون لديها قدرة انتقال متزايدة فحسب، بل قد تكون قادرة على اختراق أجزاء من جهاز المناعة لدينا".
وحصل نحو 54% من سكّان العالم على جرعة واحدة على الأقل من لقاح مضاد لكورونا، لكن تلقّى 5.6% فقط في البلدان المنخفضة الدخل اللقاح حسب موقع "اور وورلد إن داتا".
في جنوب إفريقيا، الدولة الأكثر تضررًا في القارة، تم تطعيم 23.8% من السكان بشكل كامل.
وتسبّب كورونا بوفاة أكثر من 1.5 مليون شخص في أوروبا، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسميّة.
في المجموع، أودى الفيروس بأكثر من 5.16 ملايين شخص في أنحاء العالم منذ نهاية 2019. إلا أنّ منظّمة الصحّة العالميّة ترى أنّ حصيلة الجائحة الفعليّة قد تكون أعلى بمرّتين إلى ثلاث مرّات.
أ ف ب