قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، في تقرير نتائج الجولة الثامنة من “مسح ثقة المستثمرين في الأردن”، إن أكثر من 50% من المستثمرين في الأردن يحتاجون لسنة أو أكثر للتعافي من أثر جائحة كورونا.
وارتكز المسح في منهجيته لعام 2021 على 5 محاور رئيسية؛ يشمل المحور الأول تقييم عام للوضع الاقتصادي في الأردن، ويغطي المحور الثاني البيئة الاستثمارية ومدى جاذبيتها للاستثمار، فيما يغطي المحور الثالث الآثار المترتبة عن جائحة كورونا على قطاع الأعمال في الأردن، وأما المحور الرابع، فيغطي مستوى رضى المستثمرين حول الإجراءات الحكومية الاقتصادية خلال الأزمة؛ وأخيراً المحور الخامس، الذي يشمل العوامل الجاذبة والطاردة للمستثمرين.
وأظهرت نتائج المسح الصادر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني تراجعاً ملموساً في ثقة المستثمرين في البيئة الاستثمارية في الأردن، إذ ارتفعت نسبة المستثمرين الذين يرون أن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ من (55%) في الجولة السابقة إلى (69%) في هذه الجولة، فيما لم تتجاوز نسبة المستثمرين الذين يرون بأن الأمور التي تسير بالاتجاه الصحيح (19%) من إجمالي حجم العينة.
وفي سياق النشاط الاقتصادي؛ كان المستثمرون في قطاع التجارة هم أكثر من يرون أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ بنسبة (86%) ؛وهو ما يفسر مدى الضرر الذي لحق بالقطاع نتيجة لتوقف عملية الإنتاج، وانقطاع سلاسل التوريد على مستوى العالمي والمحلي. من جهة أخرى، فقد كانت الشركات الصغيرة (10 موظفين فأقل) والمتوسطة (11-50 موظفا) من أكثر الشركات التي تعتقد أن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ بنسب تتراوح بين (70%-71%).
وحول الأسباب الذي دفعت المستثمرين إلى القول بأن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ، أظهرت النتائج أن (33%) من المستثمرين يرجعون السبب في ذلك إلى سوء الوضع الاقتصادي، فيما عزا (22%) من المستثمرين ذلك إلى سوء إدارة ملف كورونا، وسوء القرارات والإجراءات الحكومية، وغياب التخطيط بعيد المدى، وقال قرابة (11%) منهم، إن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ؛ بسبب الحظر والإغلاقات المفروضة.
أما فيما يتعلق برؤية المستثمرين للأوضاع الاقتصادية خلال العام 2021 مقارنة بالعام 2020، فأظهرت نتائج المسح أن (56%) من المستثمرين يرون أن الأوضاع الاقتصادية في العام 2021 كانت أسوأ مقارنةً بالعام الذي سبقه، في حين يرى (16%) من المستثمرين أن الوضع الاقتصادي كان أفضل في العام 2021 مقارنة بالعام 2020. وبالنسبة للنظرة المستقبلية، أظهر (50%) من المستثمرين تفاؤلهم حيال المستقبل، ويرون أن الوضع الاقتصادي سيكون أفضل؛ في حين أشار نحو (30%) من المستثمرين إلى أن الوضع الاقتصادي للأردن سيكون أسوأ خلال العام المقبل.
وبالنسبة للمحور الثاني، الذي يغطي البيئة الاستثمارية في الأردن، ومدى جاذبيتها للاستثمار، أظهرت النتائج أن نسبة المستثمرين الذين يرون أن البيئة الاستثمارية غير مشجعة قد ارتفعت من (63%) إلى (71%)، فيما انخفضت نسبة المستثمرين الذين يرون أن البيئة الاستثمارية مشجعة إلى 27% (في نيسان/أبريل 2021) مقارنةً بـ 34% في المسح الذي أجري (في آب/أغسطس 2020).
وحول الأسباب التي دفعت المستثمرين للقول بأن البيئة الاستثمارية في الأردن غير مشجعة للاستثمار، أظهرت نتائج التقرير أن (21%) من المستثمرين يرجعون السبب في ذلك إلى ارتفاع الأسعار والضرائب والرسوم. فيما عزا (20%) من المستثمرين ذلك إلى تعقيد الإجراءات والقوانين، وعدم استقرارها، وبالمثل أشار (20%) من المستثمرين إلى أن ذلك يعود إلى سوء الوضع الاقتصادي بشكل عام.
وفي هذا السياق، بينت نتائج المسح أن هذه النسب تفتح الباب حول ضرورة العمل على مراجعة السياسات التي شكلت هذا الاعتقاد لدى المستثمرين بأن البيئة الاستثمارية غير مشجعة، حيث أكد المنتدى في تقريره ضرورة أن تتم هذه المراجعة بطريقة مدروسة بحيث تحفز الاستثمار دون الإضرار بالموارد المالية لخزينة الدولة.
أما فيما يخص المحور الثالث الذي ركز على أثر جائحة كورونا على قطاع الأعمال في الأردن، فقد بينت نتائج التقرير أن غالبية المستثمرين (85%) يرون أن حجم تعاملهم التجاري كان (أضعف من الظروف الطبيعية)، بينما يرى نحو (8%) من المستثمرين أن حجم التعامل التجاري منذ بداية الأزمة كان (مشابها للظروف الطبيعية)؛ في حين لم يرَ سوى (5%) فقط من المستثمرين أن حجم تعاملهم التجاري كان (أفضل من الظروف الطبيعية).
وبالنسبة لمدى تأثير جائحة كورونا على حجم الشركات، فيلاحظ أن نسب التأثير كانت متقاربة -بشكل عام-إلا أن الشركات الصغيرة (10 موظفين فأقل) كانت من أكثر الشركات تأثراً بجائحة كورونا بنسبة 67% (أضعف من الظروف الطبيعية إلى حد كبير).
ولقياس الأثر الناجم عن تداعيات جائحة كورونا، قام منتدى الاستراتيجيات الأردني بسؤال المستثمرين عن إمكانية زيادة إيراداتهم المادية لتغطية الالتزامات المترتبة عليهم خلال الأشهر الـ 3 المقبلة، أشار نحو (65%) من المستثمرين إلى أنهم لن يتمكنوا من تغطية التزاماتهم خلال الفترة المقبلة، فيما كانت توقعات نحو (27%) من المستثمرين بأن إيراداتهم المادية ستكون قادرة على تغطية الالتزامات المترتبة على أعمالهم خلال الفترة المقبلة.
أما فيما يتعلق بتوقعات المستثمرين حول المدة التي تحتاجها أعمالهم للتعافي بعد أزمة كورونا، فأشار نحو 44% من المستثمرين أنهم في حاجة لفترة ما بين سنة إلى سنتين للتعافي، فيما أجاب نحو 24% حاجتهم إلى أكثر من سنتين.
ولمعرفة مدى تأثر القطاع الخاص بتداعيات جائحة كورونا، أشار نحو (91%) من المستثمرين إلى تأثرهم بشكل سلبي بعد اتخاذ الإجراءات الحكومية المتعلقة بأزمة كورونا، وهو ما ترتب عليه إغلاق (8%)، وتقليص (41%) من المستثمرين لأعمالهم؛ وفي ذات السياق قام المنتدى بسؤال المستثمرين عما إذا كانت لديهم النية في تسريح عدد من موظفيهم خلال الفترة المقبلة، أظهر نحو (23%) من المستثمرين نيتهم في تسريح موظفيهم.
في المقابل أظهر نحو (77%) من المستثمرين نيتهم بعدم تسريح موظفيهم خلال الفترة المقبلة، حيث كانت هذه النسب مشابهة للمسح الأخير. كما قام المنتدى بسؤال المستثمرين حول قيامهم بتخفيض رواتب موظفيهم خلال العام 2021، أشار نحو 79% من المستثمرين بعدم قيامهم بتخفيض رواتب موظفيهم خلال العام 2021.
وفي المحور الرابع، قام المنتدى بسؤال المستثمرين حول مستوى رضاهم عن الإجراءات الحكومية للتعامل مع أزمة جائحة كورونا؛ حيث أظهرت نتائج المسح تراجعاً كبيراً وواضحاً في مستوى رضا المستثمرين عن الإجراءات الاقتصادية لعام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث انخفض مستوى الرضا من (45%) في المسح السابق إلى (8%) في المسح الأخير؛ كما ارتفعت نسبة المستثمرين الذين أشاروا إلى عدم رضاهم على الإطلاق من (13%) إلى (46%).
وعند سؤال المستثمرين عن الإجراءات والبرامج التي اتخذتها الحكومة للحد من تداعيات جائحة كورونا، فقد كانت نسبة المستثمرين الذين لم يسمعوا عن هذه الإجراءات نحو (68%)، ولمعرفة الاعتقاد السائد لدى المستثمرين فيما إذا كانت الإجراءات والبرامج التي اتخذتها الحكومة بالاتجاه الصحيح؛ أشار نصف المستثمرين تقريباً (49%) إلى أنها في الاتجاه الصحيح، في حين أشار ثلث المستثمرين (36%) أنها في الاتجاه الخاطئ، كما أشار (77%) من المستثمرين إلى أن الإجراءات الحكومية لم تكن كافية للحد من تداعيات أزمة كورونا على أعمالهم.
وعند سؤال المستثمرين عن مدى استفادة شركاتهم من هذه الإجراءات، كانت نسبة المستثمرين الذين قالوا إن هذه الإجراءات والبرامج التي اتخذتها الحكومة عادت بالفائدة على استثماراتهم نحو (13%) فقط، في حين أن (87%) من المستثمرين تقريباً قالوا إنها لم تعد بأي فائدة على أعمالهم.
أما فيما يتعلق برأي المستثمرين حول القطاعات الفرعية أو المنشآت الاقتصادية الأكثر تضرراً بسبب تفشي الوباء، فكانت أجوبتهم تشير إلى أن القطاع السياحي (من مكاتب ومطاعم سياحية) وقطاع (الفنادق وصالات الأفراح ومراكز التجميل)، وقطاع (المدارس والحضانات والجامعات) هم أكثر ثلاثة قطاعات تضرراً نتيجة انتشار كورونا، وبنسب 31 %، 14%، و11% على التوالي.
وفي المحور الأخير حول عوامل جذب وطرد المستثمرين في الأردن، وفيما يتعلق بنية المستثمرين في نقل أعمالهم خارج الأردن، أشار نحو (37%) من المستثمرين إلى نيتهم بنقل أو على أقل تقدير فكروا بنقل أعمالهم خلال الثلاث سنوات الماضية.
وفي ذات السياق، عند تصنيف نتائج المسح حسب القطاع حول الأسباب التي دفعت، أو قد تدفع المستثمرين لنقل أعمالهم خارج الأردن، يتبيّن أن المستثمرين في قطاع التجارة قد أبرزوا ضعف السوق المحلي والوضع الاقتصادي الصعب، وتحسين الوضع المعيشي، وتحقيق أرباح أكثر السببين الرئيسيين للتفكير بنقل الأعمال للخارج، أما القطاع الصناعي فقد أجاب (31%) من مستثمريه بأن عدم وجود تسهيلات، والإجراءات والقوانين الحكومية المعقدة يعتبر السبب الأكثر طرداً لاستثماراتهم.
وبناءً على نتائج مسح ثقة المستثمرين في الأردن، أكد التقرير الصادر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني ضرورة إعادة تقييم الإجراءات الحكومية ووضع خارطة طريق تشاركية مع القطاع الخاص لتشمل مختلف القطاعات، وجميع الشركات بمختلف أحجامها وتحديداً الصغرى منها.
وأوصى التقرير بأهمية التركيز على إطلاق نافذة إلكترونية للتصويت على القرارات الاقتصادية اللاحقة بشكل يصنّف القطاعات وأحجام الشركات فيها، وذلك لرفع مستوى الشفافية، تحقيق التشاركية، وللوصول إلى حل أمثل بأقرب وقت ممكن وبأقل كلفة.
وأوصى التقرير أيضا إلى ضرورة إعادة النظر في الضرائب والجمارك والرسوم، وتقديم وتفعيل تسهيلات تخص الإجراءات الحكومية من شأنها أن تسهل أعمالهم، وتشجع الاستثمار.
المملكة