اضطرت نجوى محمد إلى اللجوء إلى الأردن في شباط/فبراير 2013، قادمة من مدينة درعا السورية؛ هربا من نزاع مسلح مشتعل في بلادها، بصحبة زوجها وابنتها مخلفة وراءها ابنها الذي قضى نحبه في سوريا.
تروي نجوى (43 عاما) لـ "المملكة"، رحلة لجوئها ووصولها إلى مخيم الزعتري بصحبة زوج يعاني من آثار تعذيب قاساه في سجن سوري، بينما هي تقف الآن بين منتجات مشروع خاص عملت عليه في الأردن لإنتاج الصابون.
ويعد اللاجئون السوريون الأكثر عددا بين الجنسيات المسجلة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بواقع 657287 لاجئا بنسبة 87.9%، ثم العراق بواقع 67088 بنسبة 9%، فاليمن 14789 لاجئا بنسبة 2%، فالسودان 6077 لاجئا بنسبة 0.8%، ثم الصومال 746 لاجئاً بنسبة 0.1%، وباقي الجنسيات 1615 لاجئاً بنسبة 0.2%.
أقامت نجوى في مخيم الزعتري 13 يوماً، ثم خرجت من المخيم لأسباب صحية بعد تأمين بيت لهم في عمّان من قبل إحدى الجمعيات، وسكنته سنة و 8 أشهر.
لتنتقل إلى مدينة الزرقاء، حيث عمل زوجها قبل اضطراره لترك العمل، بسبب معاناته من متاعب صحية ناجمة عن تعرضه للتعذيب في سجن في سوريا، وفق نجوى.
ويسكن في عمّان 36.3% من اللاجئين، و 6.9%، فيما يسكن في مخيم الزعتري 77163 لاجئاً، ومخيم الأزرق 41057 لاجئاً.
لم تجد نجوى التي لم يسبق لها العمل بديلا عن البحث عن فرصة لكسب العيش، لتذهب إلى مركز للسيدات بعد أن خضعت لدورة في صناعة الصابون من مادة الغليسرين، وعرضت عليهم ما تنتجه.
زودتها سيدة في المركز بصفيحة من زيت الزيتون و 20 ديناراً لإحضار مواد بسيطة لإنتاج الصابون، وعرضت بعد ذلك منتجاتها على وفود أجنبية.
اللاجئة السورية نجوى محمد اشتركت مع سيدة أردنية في مشروع لصناعة الصابون في 2016، والآن تبيع منتجاتها في الأردن والصين والولايات المتحدة وكندا، وتقول إن المشروع يؤمن لها ولعائلتها دخلا ماديا "جيداً". (صلاح ملكاوي/ المملكة)
نجوى التي توقف انتظامها في التعليم عند الصف التاسع، اشتركت بعد ذلك مع سيدة أردنية في مشروع لصناعة الصابون في 2016، يضم سيدتين من الأردن وسيدتين من سوريا، والآن تبيع منتجاتها في الأردن والصين والولايات المتحدة وكندا، وتقول، إن المشروع يؤمن لها ولعائلتها دخلا ماديا "جيداً".
"خرجت من ثوب أحزاني واكتئابي وأصبحت أفكر بطموح لتوسيع دائرة أعمالي ... حياتي تغيرت والوضع مشجع"، وفق نجوى التي تقول، إن الأمان الذي وجدته في الأردن تتمناه في سوريا حتى يحيا الجميع بأمان.
يعيش 16.7% من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية في المخيمات، ويشكل الإناث نسبة 49.2% من إجمالي اللاجئينالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين
ويشكل اللاجئون الأطفال من عمر 0 وحتى 17 عاما نسبة 46.9%، أي 315.719 ألف لاجئ، فيما تشكل الفئة العمرية 18-35 نسبة 29.9%.
أكثر من 3 ملايين لاجئ من 53 دولة
يحل اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف السبت، في الوقت الذي يستمر فيه عدد المهجرين قسريا حول العالم في ازدياد والمتزامن مع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي زاد من محنهم وأبطأ الاستجابة لمتطلباتهم، فيما يضم الأردن من بينهم أكثر من 3 ملايين لاجئ من أكثر من 50 بلداً.
ويوجد في الأردن 747.602 ألف لاجئ مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من 52 جنسية.
إضافة إلى 2.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يعيش منهم 400 ألف في مخيمات اللجوء، أي إن الأردن يستضيف أكثر من 3 ملايين لاجئ مسجل رسميا.
"فقر متزايد"
فاقمت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد من أوضاع اللاجئين الصعبة خاصة المادية منها، وأدت إلى توقف مؤقت لبرامج مقدمة لهم، وتغير أشكال خدمات أخرى.
وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة قال لـ "المملكة" بشأن كيفيّة التعامل مع اللاجئين في ظلّ جائحة كورونا، إن "معاملة اللاجئين أو المقيمين من غير الجنسيّات الأردنيّة في المملكة، في حال أصيبوا بفيروس كورونا المستجدّ مماثلة تماماً لمعاملة المواطنين الأردنيين، من حيث المعالجة المجانية في المستشفيات على نفقة الحكومة، وتقديم الرعاية الصحية والطبية الكاملة لهم".
المتحدثة باسم أونروا، تمارا الرفاعي، تحدثت لـ "المملكة" عن رصد 163 حالة إصابة بالفيروس في مخيمات اللاجئين في مناطق عمليات أونروا الخمسة.
الناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، قال لـ "المملكة" إن المفوضية في الأردن بحاجة إلى 356 مليون دولار على امتداد عام كامل للاستجابة لجميع البرامج المخصصة للاجئين، توفر منها أقل من الثلث.
الرفاعي قالت لـ "المملكة"، إن الوكالة الأممية حصلت على نصف التمويل المطلوب للعام الحالي والبالغ 1.5 مليار تشمل القيمة المخصصة للاستجابة لجائحة كورونا.
أكثر من 90% من اللاجئين في الأردن لا توجد لديهم مدخرات مالية بعد أزمة كورونا الناطق باسم المفوضية، محمد الحواري
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، قال في بيان، ، إن اللاجئين في الأردن يعيشون في فقر متزايد خاصة إثر أزمة فيروس كورونا، فقبل تفشي الوباء، كان 79٪ من اللاجئين في الأردن يعيشون بالفعل تحت خط الفقر، لكن دراسات تشير إلى ارتفاع النسبة.
"%35 فقط من اللاجئين في الأردن لديهم وظائف يعودون إليها عند رفع الحظر الخاص بأزمة كورونا" وفق غراندي.
ممثل المفوضية في الأردن دومينيك بارتش طالب في بيان، بجهد جماعي لتلبية احتياجات اللاجئين، قائلاً، إن المجتمعات الدولية والوطنية تلعب دورًا مهمًا في الأمر".
الحكومة، أطلقت الأسبوع الماضي، خطتها للاستجابة للأزمة السورية للأعوام (2020 –2022)، بحجم متطلبات يبلغ نحو 6.6 مليار دولار، 2.249 مليار دولار منها للعام الحالي، موّل منها حتى 15 حزيران/يونيو الحالي 200 مليون دولار فقط، فيما بلغ حجم تمويل خطة العام الماضي، نحو 1.211 مليار دولار، من أصل 2.4 مليار دولار، وبنسبة 50.4%.
ويشارك وزير التخطيط والتعاون الدولي وسام الربضي، الاثنين المقبل، في جلسة عن بُعد على هامش مؤتمر بروكسل 4 حول مستقبل سوريا والمنطقة، الذي يعقد في 30 حزيران/ يونيو الحالي، لحشد الدعم للمساعدات الإنسانية في سوريا وخارجها والمجتمعات المضيفة في الدول المجاورة، حيث تعهد المانحون الدوليون، في مؤتمر بروكسل 3، العام الماضي بتقديم 6.9 مليار دولار.
ويستضيف الأردن والسويد الثلاثاء المقبل مؤتمراً للمانحين، يهدف إلى رصد التمويل اللازم لأونروا.
وتقول أونروا إنها عملت على توفير خدمات أساسية ومنقذة للأرواح للاجئي فلسطين في الشرق الأوسط، ووزعت معدات الوقاية الشخصية على الآلاف من موظفي الصحة، وطبقت أنظمة الفرز في كافة المراكز الصحية لفحص المرضى الذين يعانون من أعراض تنفسية، وتقليل الاتصال بالمرضى الآخرين، وعلقت الخدمات الصحية غير الأساسية وتطبيق خدمة التطبيب عن بُعد، وخدمة إيصال الأدوية والأغذية إلى المنازل بهدف التقليل من تواجد الأفراد في العيادات ومراكز التوزيع.
"اللاجئ لا يملك إلا سلاح العلم"
ورغم الصعوبات والتحديات التي ترافق حياة اللاجئين في الأردن، إلا أن منهم من قرر المضي وعدم الاستسلام لواقع الحال، ليصنع كل منهم قصته الخاصة.
سمر نزال (50 عاما) مدرسة العلوم في مدرسة تتبع وكالة (أونروا) في إربد، لجأ جدها الذي تعود أصوله إلى مدينة حيفا الفلسطينية إلى الأردن
لم تخضع سمر لطرق التدريس التقليدية واختارت العمل في أنشطة علمية مع طالباتها تركز على التعامل مع الروبوت رغم قلة الإمكانات والدعم المقدم.
سمر الحاصلة على بكالوريوس فيزياء من جامعة اليرموك ودبلوم تربية من الجامعة ذاتها، حاصلة على عدة جوائز عالمية وإقليمية، من أبرزها جائزة خليفة التربوية 2020 عن فئة المعلم المبدع عربيا، وأفضل ممارسة تعليمية لتعلم الفيزياء في المسابقة العالمية لوما ستارت/فنلندا 2019، وصنفت في 2018 من أفضل 50 معلما في العالم ضمن جائزة (Global Teacher Prize).
وتعبر سمر لـ "المملكة" عن "فخرها وسعادتها كونها مثلت الأردن في تلك الجوائز في ظل الظروف الصعبة".
سمر المولودة في الكويت عملت في مدارس أونروا منذ 1992 كمعلمة علوم وفيزياء، وفي 2008 بدأت تدريب الطالبات على الروبوت وأسست نادي علوم الروبوت في المدرسة.
وتقول إن المدرسة التي تعمل بها كانت مدرسة الإناث الوحيدة من مدارس أونروا التي تدرب على الروبوت.
"بجانب الروبوت عمدت إلى إشراك طالباتي بأي مسابقة علمية ممكنة سواء كانت تابعة لأونروا أو على مستوى الأردن أو الوطن العربي أو حتى عالميا ...كل فوز لطالباتي أعتبره فوزا لي"، وفق سمر التي تقول، إن "جوائز الروبوت هي نتاج عمل جماعي".
سمر ممتعضة من خفض تمويل أونروا، وتقول إن "الصعوبة الكبرى هي التي يواجهها مجتمع اللاجئين"، مضيفة أن قطاع التعليم هو الأكثر تضررا والذي أدى إلى انخفاض أعداد المعلمين.
سمر نزال المولودة في الكويت عملت في مدارس أونروا منذ 1992 كمعلمة علوم وفيزياء، وفي 2008 بدأت تدريب الطالبات على الروبوت وأسست نادي علوم الروبوت في المدرسة. (صلاح ملكاوي/ المملكة)
وتعاني مدارس الوكالة الأممية من "ضغط كبير" كونها تخدم عدداً كبيراً من اللاجئين في ظل قلة عدد المدارس؛ مما أدى إلى اللجوء لنظام الفترتين، ما يحرم الطلبة من أنشطة كثيرة لعدم توافر المرافق اللازمة، وفق المدرسة سمر.
إلا أن سمر ارتأت أن تركز على تحفيز الطالبات في ظل الظروف السابقة قائلة، إن "اللاجئ لا يملك إلا سلاح العلم"، وإتاحة الفرصة لهن للمشاركة في المسابقات العالمية بشكل مجاني.
"منذ 2008 شاركنا تقريبا في كل المسابقات الوطنية، و تأهلنا 3 مرات للبطولة العربية مع ضعف الإمكانات مقارنة بالفرق المختلفة ... أعتبر الأمر إنجازاً رائعا، ويرفع من ثقة الطالبات بأنفسهن".
حازت سمر نزال عدة جوائز محلية وإقليمية، كما فازت طالباتها في نادي علوم الروبوت بعدة جوائز محلية. (صلاح ملكاوي/ المملكة)
"تضاؤل فرص"
المفوضية السامية ناشدت العالم ببذل المزيد من الجهد لتوفير المأوى لملايين اللاجئين وغيرهم ممن هجرتهم النزاعات أو الاضطهاد أو الأحداث التي تُخل بالنظام العام على نحو خطير، بعد أن أظهر تقرير صادر عنها مؤخرا بعنوان الاتجاهات العالمية أن 1 من بين 97 شخصا حول العالم هجر قسريا عن دياره.
ويقول التقرير، إن 79.5 مليون شخص في العالم مهجر قسريا عن دياره مع نهاية عام 2019، وهو أعلى رقم تسجله المفوضية، من بينهم 26 مليون لاجئ بينهم 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى أونروا، و 45.7 نازحا قسريا، و 4.2 مليون طالب لجوء، و3.6 مليون لاجئ فنزويلي.
ويشير التقرير إلى تضاؤل فرص اللاجئين في رؤية نهاية سريعة لمحنتهم.
ويعيش أكثر من 85% من اللاجئين في البلدان النامية، كما أن هناك خمس دول تشكل ثلثي عدد المهجرين عبر الحدود، وهي: سوريا وفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار.
المملكة