أطلقت وزارة التربية والتعليم الثلاثاء، البرنامج التدريبي للمعلمين " للتعليم عن بعد " عبر منصة (www.Teachers.gov.jo).
وأكد وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، أن صلابة أي نظام تعليمي وتماسك عناصره تظهر في الأزمات الاستثنائية غير المتوقعة، مبينا أن صمود الأنظمة الحيوية، ومنها التعليم، أمام مثل هذه الأزمات يعتمد، على المرونة في الإجراءات والقرارات التي تجنبها الاستكانة والجمود.
وقال النعيمي في رسالة وجهها للمعلمين بمناسبة إطلاق البرنامج،" إن الأسابيع الماضية وما شهدته من انتشار كبير لأدوات تكنولوجيا التعليم بأنواعها ومستويات تفاعلها، جسدت عنوانا حتميا هو التشاركية الحقيقية التي يكون فيها للمعلم ومدير المدرسة والوالدين دور محوري لاستمرارية التعليم".
وبين أن الوزارة قدمت، بعد قرار تعليق دوام المؤسسات التعليمية في ظل هذه الأزمة، محتوى تعليميا مطورا بخبرات وجهود أردنية، يوفر الحد المناسب من المعرفة والمهارات في ظل ظروف استثنائية، وعملت بشعار "التعليم مستمر". واعتبر وزير التربية والتعليم أن التماسك المجتمعي في الأردن، الذي نفخر به، يشكل المعلم جزءًا أساسيًّا منه، ويضعه أمام مسؤولية تربوية، واجتماعية تجاه طلبته وذويهم.
وقال، إن المعلم، ولغايات تمكينه من القيام بهذا الدور على أكمل وجه، يحتاج إلى منظومة من المعارف والمهارات اللازمة لإنتاج المعرفة، ونقلها، وتوظيفها في التعليم والتقييم والتواصل، مبينا أن التكنولوجيا التي تعاظم دورها في التعليم والقطاعات الأخرى في ظل الأزمة الراهنة لم تغير فقط أساليب التعليم، وإنما حفزت المعلمين على التحول في أدوارهم من نقل المعرفة إلى إنتاجها، ومن التلقين إلى التنظيم والدعم والتوجيه والتقييم.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم، عملت بمشاركة فاعلة مع شركائها في الوطن على تصميم هذا البرنامج التدريبي، إيمانًا منها بأن جوهر التعليم ليس التكنولوجيا، وإنما التدريس وحالة التملك والمشاركة في التفاعل مع تعلم طلبتنا في هذه المرحلة الاستثنائية عن طريق التواصل والإجابة عن استفساراتهم، وإعداد المحتوى الإلكتروني لتعليمهم، وتقييم تعلمهم لأجل التعلم.
وقال، إن البرنامج استثمر خبرات معلمينا ومدربينا لضمان نجاح عملية التعليم عن بعد، من خلال ما يركز عليه من جملة من المهارات والكفايات.
ويشمل البرنامج الذي يتكون من 90 ساعة تدريبية، بحسب النعيمي، محاور أساسية هي أدوات التعليم وغيرها من أدوات التكنولوجيا الحديثة، ومبادئ واستراتيجيات وتطبيقات تكنولوجيا التعليم، والتعليم المتمازج، والصف المعكوس، وعلم بثقة، والتدريس التأملي.
وأوضح النعيمي، أن المعلم الأردني كان على الدوام مبادرًا في التواصل الأكاديمي والإنساني مع طلبته وذويهم، كما كان للمبادرات الفردية أثر عظيم على الصعيد التربوي التعليمي والمجتمعي.
واستذكر النعيمي في رسالته، المعلمة الفاضلة المرحومة "فاطمة مسلم"، وما قدمته من أنموذج في العطاء سيبقى حيًّا وخالدًا، مؤكدا أنها حرصت على تحفيز معلماتها والتواصل مع طلبتها وذويهم، وهي تصارع المرض إلى أن أسلمت الروح، مؤمنة باستدامة رسالتها التعليمية، ومتمثلة أخلاق مهنتها قولًا وفعلًا، مشيرا كذلك إلى المعلمة روان حمودة من مدرسة الأمل للتربية الخاصة /تربية الزرقاء الأولى، التي بادرت إلى إنشاء قناة عبر يوتيوب لبث الحصص لطلبتها في مادة الرياضيات، وغيرهن الكثير من المعلمات والمعلمين.
وقال، إن الرسالة الدولية للتربويين اليوم في كل مراحل التعليم وفروعه، لا تختلف عن رسالتنا الوطنية، وعلينا جميعًا أن نكون شركاء إيجابيين وحقيقيين وفاعلين في هذه الأزمة مستفيدين من المزايا العديدة التي تمنحها التكنولوجيا لكل القطاعات الحيوية ومنها التعليم.
وأوضح أن العالم يحاول أن يتجاوز تحديات هذه الأزمة بسد الفجوات، ومنها الفجوات التدريبية في فترة إغلاق المؤسسات التعليمية، مؤكدا في هذا الإطار، أنه لا بد من التأكيد على أن مفتاح نجاح التعليم ليس في التكنولوجيا بحد ذاتها، وإنما في البيداغوجيا المقترنة بقدرة التربوي على تملك أدواتها ومزاياها وقوتها وانتشارها في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
وقال:" وفي خضم ذلك يبقى التحدي ماثلا في كيفية تعزيز العلاقة والتفاعل بين المعلم والمتعلم وليس في توفير المحتوى الإلكتروني فقط" وبين النعيمي، أن التكنولوجيا تساعد على توسيع نطاق التعاون، وتبادل الخبرات بين المعلمين والإدارات المدرسية المنتشرة في مساحات جغرافية واسعة، بحيث تصبح هذه المجموعات المهنية والاجتماعية أكثر قربًا، ويسير التعلم بصورة أفضل في بيئات تفاعلية ينعم بها الجميع بصحة نفسية وجسدية.
وأضاف " أنه وفي هذه الأزمات المشابهة لأزمة كورونا غالبًا ما تظهر على الأطفال والشباب مظاهر القلق والاضطراب الناتجة عن التغير المفاجئ في نمط الحياة، وانقطاع الفرد عن الجماعة من الأصدقاء والزملاء والمعلمين والمدرسة، بالإضافة إلى القلق الناتج عن التحول في أسلوب التعليم والتقييم، وهنا تظهر إيجابيات منهجية التعليم عن بعد، وتوظيف أدوات التكنولوجيا للتفاعل مع الطلبة والتقليل من انعكاسات الأزمة وتبعاتها عليهم" واعتبر أن جائحة فيروس كورونا المستجد عالميا وتداعياتها على النظم التعليمية أعادت تذكيرنا جميعا بالوظيفة الإنسانية للمدرسة.
كما أكد وزير التربية والتعليم أن النمو المهني المستمر للمعلم يعد ضرورة تقتضيها طبيعة عمله والظروف المحيطة به، مبينا أنه مهما بلغ ما يملكه من معارف ومهارات وتنوعت أساليب التدريس التي يوظفها في العملية التعليمية، تبقى حاجة المعلم للنمو المهني سواء أكان بالجهد الذاتي الذي يبذله أم بالبرامج التدريبية التي تقدمها الوزارة.
وقال، إن الوزارة تتطلع إلى مشاركة الزملاء المعلمين والمعلمات كافة في البرنامج التدريبي لضمان نجاح عملية (التعليم عن بعد) بكافة عناصرها، مشيرا إلى أن نجاح أي برنامج تدريبي يعتمد على رغبة المعلم في المشاركة فيه ودافعيته نحوه. وأضاف" وفي الوقت الذي يوصف فيه تعامل المملكة مع هذه الجائحة المفاجئة، بأنه تعامل احترافي وعلى مستوى عال من المسؤولية واتخاذ التدابير وتأمين البدائل المناسبة لانسيابية الحياة، والتعاطي مع المعطيات الصعبة، فإن أملنا كبير بالزملاء المعلمين والمعلمات وهم القدوة ومربو أجيال المستقبل".
كما دعا المعلمين ليكونوا على أتم استعداد للمحافظة على أن يبقى التعليم في وطننا أولوية لا تقل عن أولوية الصحة والسلامة المنشودة في أرجاء الوطن، وأن يقبل المعلمون والمعلمات حاملو الرسالة السامية على إتقان مهارات التعليم عن بعد بالتدريب المخصص لذلك؛ لما يمتاز به من ميزات إيجابية تسهم في مواجهة التحديات ومواكبة التطورات الحديثة في تقنيات التعلم والتعليم التي ستصبح في العاجل القريب من بديهيات الحياة التعليمية، وتسهم في بناء مدرسة المستقبل القائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية. وقال،إن الأنظمة التعليمية لم تطور بعد نموذجًا مثاليًّا لمواجهة هذه الأزمة التي اجتاحت العالم بشكل مفاجئ وسريع في ظل ضبابية مداها الزمني، ما يتطلب إضافة إلى التشاركية، درجة عالية من المرونة والقدرة على التكيف بحيث يبقى زخم التعليم مستمرًّا، والحالة الصحية والنفسية للطلبة والشباب مستقرة.
وقال: " مهما طالت الأزمة أو قصرت، سيبقى المعلم مكرسًا حياته لمساعدة الجيل القادم على تحقيق أحلامهم، وصناعة مستقبلهم".
وخاطب النعيمي المعلمين قائلا" أنتم أساس نجاح العملية التعليمية، بعزمكم تسير وبهمتكم ترتقي، وكلنا أمل بمشاركة فاعلة في هذا البرنامج التدريبي".
المملكة